موناليزا ...
وسِر الابتسامة الغامضة والحزينة …
المقدمَّة التي لا بُدَّ منها ...
كانت الابتسامة الحزينة سِر جمال المرأة منذ القدَّم وَلمَّا يزَّل هذا السِّر يسكن ويُقيم في شِفافها وعلى ثَغْرها.
وبالرغم من أنَّ الابتسامة الحزينة تُخْفِي ألم وأوجاع وهموم المرأة، بقي الشعراء والأدباء والرسامون والنحاتُّون والمؤرخون يَرَوْن أنَّ إبتسامة آلهة الجمال لم تكن يوماً إلَّا ابتسامة غامضة لا بل حزينة، وهذا السِّر حفظته المرأة من بعدها وفي صدرها ولم تكشف عنه إلَّا من خلال ابتسامتها.
وإذا أخذنا الرسَّام ليوناردو دا فينشي الذي برع في رسم المرأة الجميلة التي هي من نسل آلهة الجمال، فإنَّنا نُدرك عندها عظمَّة وسِر ابتسامة الموناليزا …
في المُدونَّة :
لوحة الموناليزا ...
رسمها الفنان الإيطالي ليوناردو دافينشي.
تاريخ رسم اللوحة والمدة التي استغرقتها من العام، ١٥٠٣ إلى ١٥٠٧م.
مكان رسمها إيطاليا …
مكان العرض الآن في متحف اللوفر في باريس ...
نوع الرسم زيتي والإطار خشبي …
طول اللوحة ٨٠ سم وعرضها ٥٠ سم.
الموناليزا … ذلك الاسم الموسيقي …
بالفرنسية Mona Lisa .. موناليزا.
La Gioconda .. الجيوكاندا.
يهمني في هذه المُدونَّة عن الموناليزا أن أبحَث في سِر غموض إبتسامة هذه المرأة، وأتساءل هل قدَر هذه الابتسامة أن تصبح وباءً يضرب ويفتك معظم نساء العرب.
فإن ناديت الحزن صارخاً به …
أين أنت ؟.
فيُجيبك أنا هنا في العراق وسوريا ولبنان.
ها هنا أستوطن وأُقيم …
وإن ناديت المناداة ذاتها للألم وللوجع …
فتسمع الصدى نفسه.
ها أنا أُقيم …
وإن بدَّلت وغيَّرت مناداتك …
وللصمت توجَّهت منادياً …
فلا صوتٌ ولا صدى ولا جواب يأتيك ...
فالعرب نيام ودولهم في سبات عميق تنام.
لمن تُنادي ...
ومن تُنادي …
وإن بقيت تُنادي …
قد تسمعك موناليزا الإيطالية ...
لأنَّ المرأة العربيَّة …
إنْ سمعت لا تُجيب.
لأنَّ المجتمع أثقل أحمالها تحت وطأة تقاليد بالية.
فلا الرجال برعوا ونجحوا …
ولا هم تركوا النساء تُبارزن وتُقارعن في الحياة.
موناليزا الإيطالية صاحبة هذه الابتسامة، يعتبرها خُبراء الرسم والفن، واحدة من أحد أفضل الأعمال الفنيَّة في تاريخ الرسم.
أهمَّ ما يميِّز هذه اللوحة الفنيَّة عن غيرها هي ابتسامة صاحبتها الغامضة.
ويقال أنَّها لسيِّدة إيطالية تدعى مادونا ليزا دي أنطونيو ماريا جيرارديني وهي زوجة تاجر فلورنسي يُدعى فرانشيسكو جوكوندو صديق دا فينشى حيث طلب منه رسم اللوحة لزوجته عام ١٥٠٣.
تقول الرواية عن أنَّ هذه السيدة لم تكن تُحِب زوجها لأنَّه كان متزوجاً من اثنتين قبلها، وإنَّ الرجل الذي أحبَّته تُوفي.
أُعجب بهذه التحفة الفنيَّة ملك فرنسا فرنسيس الأول الذي اشتراها ووضعها في قصر شاتوفونتابلو ثم نُقلَّت إلى قصر فرساي.
بعد الثورة الفرنسية أُعجب باللوحة أيضاً نابليون بونابرت الذي علَّقها في غرفة نومه.
اللوحة تعرض حالياً في متحف اللوفر في باريس في فرنسا.
في عام ١٩١١م إستطاع شاب إيطالي يدعى بيروجي كان يقوم بترميم بعض إطارات الصور في متحف اللوفر أن يسرق الموناليزا ويخفيها لديه ..
وبعد عامين أي في عام ١٩١٣م. باعها لفنان إيطالي يُدعى ألفريدو جيري الذي ما أن رآها حتى تأكد أنَّها اللوحة الأصليَّة للموناليزا التي رسمها دا فينشي.
قام جيري بإبلاغ السلطات الإيطالية التي قبضت على اللص وأودعَّت اللوحة في متحف بوفير جاليري ..
لم يطّل فرح الإيطاليين كثيراً بالحدث السعيد، فما أن علمت فرنسا بالأمر حتى طالبت باللوحة، الأمر الذي تسبَّب بنشوب أزمة دبلوماسيَّة بين فرنسا وإيطاليا كادت أن تؤدِّي إلى قطع العلاقات بين البلدين.
لكن في نهاية المطاف أُجبرت إيطاليا على إعادة اللوحة إلى فرنسا ومعها السارق !
كانت الموناليزا وستبقى لغزاً محيِّراً يُلهم الفنانين على مرَّ الأجيال، فقد كُتب عنها القصائد الشعرية، وأُلِّفت أوبرا كاملة عنها وباسمها أوبرا الموناليزا.
منذ القدم كانت عيون المرأة تتكلَّم.
ومنذ القدم كانت إبتسامة المرأة لا تُفهم.
وهذا سِرُّها الدفين.
واليكم عيِّنة من أقوال الشعراء في عيون وابتسامة الموناليزا.
يقول عنها الشاعر الإيرلندي إدوارد دودن :
أيَّتُها العرَّافة عرِّفيني بنفسك ...
حتى لا أيأس من معرفة كل اليأس ...
وأظلُّ أنتظر الساعات وأُبدِّد روحى ...
يا سراً متناهي الروعة ...
لا تحيِّري الوجدان أكثر مما تفعلين ...
حتى لا أكره طغيانك الرقيق ...
وعن إبتسامة الموناليزا يقول الشاعر التشيكى ياروسلاف فرشليكى :
إبتسامة مُفعمة بسحر السِر ...
فيهما الحنان والجمال ...
أتراها تغوى ضحيتها ...
أم تُهلِّل لانتصارها ...
وعن عيني وأنامل موناليزا يقول الشاعر الألماني برونو ستيفان شيرر :
ينبثق بريق العينين ...
من الأعماق الذهبيَّة ...
نبع الأبديَّة ...
ويغطِّي الشعر قناع ...
إمرأة وعروس وبتول ...
واليد ترتاح على اليد ...
تتنفس فى حرِّ الظهر ...
أفراح الورد ...
والبسمة فوق الشفَة ...
وفوق الخد ...
وكأنَّ هؤلاء الشعراء الأجانب وأنا منهم ..
يُخاطبون إمرأة عربية في إحدى الدُول التي ذكرتها ..
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢ شباط ٢٠٢١م
المرجع :
المُدونَّات الفيصليَّة
كتاب أعلام وحوادث وشخصيَّات تاريخيَّة.
طبعة حزيران ٢٠١٨م
0 comments: