طائر الفينيق.
الأُسطورة.
هدية الى ( لبنان ينتفض )
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
يُعتبر الشعب اللبناني من أكثر شعوب العالم القديم والحديث يعشق الشعارات الزائفة والكاذبة، حتى أصبحت هذه الشعارات في وقتنا الحاضر مهزلةً لا تُطاق.
ويُعتبر الشعب اللبناني العنيد من أكثر شعوب العالم الحديث تسخيفاً وتنكيتاً لأزماته المعيشية عن طريق الغناء والحداء والهوارَّة والزجَّل.
لا بل يُعتبر الشعب اللبناني المُقيم والمُغترب الأكثر تساؤلاً من بين شعوب هذا الكوكب :
عن دور الجيش الوطني في حمايته والذي إقتصر دوره في ( لبنان ينتفض ) على فضِّ الاشتباك بين الثائرين وبين المندَّسين والمنتفعين والمستزلمين والرعاع.
وعن دور القضاء بالرغم من ميزانه الذي يُزيِّن قصور العدل، ولا يتحرك هذا الميزان على أثقالٍ تُملئ إحدى كفتيه من جرائم سرقة ونهب للمال العالم أعلن عنها القاصي والداني إخباراً أو إبلاغاً أو دعاوى ترفع.
وعن دور موظفي الفئات الأولى في نهب خيرات البلد.
وعن دور مصرف لبنان حامي وضامن الودائع.
وعن دور سفرائه القاطنين في القصور.
وعن وعن …
كلُ ذلك …
ويأتيك من يُذكِّرك علناً بعد عدة عقود من الزمن أن تتكرر تجربة تكليف دولة إقليمية الدخول الى لبنان مُجدداً لتسيير دفة حكم هذا الكيان المنفلت عن مداره الصحيح.
ويقول …
آما آن لكم أن تعرفوا كيف تحكموا أنفسكم ؟
هذا ما تردده أوروبا خفيةً.
وما تعلنه روسيا واميركا علناً.
إتَّقوا الله يا ملوك ويا أُمراء هذا الكيان الذي جعلتموه مزرعةً بعد أن كاد على قاب قوسين أو أدنى أن يصبح حديقة غناء للعرب الذين ما زالوا في حروب لن تنتهي من الثأر ولطم الصدور وصيحات الله أكبر من على ساحات القتال بدلاً من على المآذن.
وغداً لناظره قريب.
وأخيراً وليس أخراً …
الشعب اللبناني من أذكى المهاجرين في أقاصي الكون وذلك بفعل الأيادي السحرية في التهجير القسري التي برع فيها ملوك وأمراء الطوائف في التطفيش بعد قطع موارد العيش الكريم.
ولكن من باب الاحترام والتقدير لشباب وشابات ( لبنان ينتفض ) الذين أطلقوا مُسمَّى طائر الفينيق على ثورتهم، رغبت أن أُهدي هذه الثورة مُدونَّة توضح المعنى الحقيقي لطائر الفينيق.
طائر الفينيق حسب الأساطير :
طائر الفينيق كما تشير الأساطير ليس طائراً ( فينيقياً )، بل هذا وصف أطلقه الإغريق على الفينيقيين سكان ساحل سورية الكبرى، ونعت هذا الشعب الفينيقي بطائر الفينيق معناه يتجسَّد في مفهوم :
( المنبعث من الرماد حياً ).
أشارت اليه الأساطير اليونانية القديمة وخرج من أقفاص الفراعنة المذهبَّة وطار في صحاري العرب الأقدمين قبل الإسلام.
هو بحسب هؤلاء يتم إعادة إحيائه من جديد فى كل مرة يموت فيها.
يصف البعض طائر الفينيق بأنه فى حجم النسر والبعض يقول أنه فى حجم النعامة وبعض الأساطير تقول أنه أكبر من أى طائر على وجه الأرض.
عندما يموت طائر الفينيق يتحلل بالكامل وسط النيران ويحترق ليتحول إلى رماد ثم يعود إلى الحياة من جديد وسط هذا الرماد.
ذكرت بعد المصادر معلومات عن طائر الفينيق أنَّ الطائر الأسطوري عاش لمدة 500 عام قبل الميلاد.
الفراعنة القدماء فى هوليوبلس كانو يقدسون طائراً قديماً ورسموا له الصور والنقوشات على المعابد وقد وجد المستكشفون أنه يشبه طائر الفينيق اليوناني كثيراً وقد ربط الفراعنة طائر الفينيق بالخلود واستخدموه كرمز للبعث بعد الموت.
وقد ترجمت الأساطير اليونانية كلمة فينيق إلى فينكس وبعض الروايات اليونانية ترجع أصل تسمية الطائر الأسطوري إلى مدينة يونانية أخذ المصريون عنها تلك الأسطورة.
هذه هي أسطورة طائر الفينيق كما ذكرها المؤرخ هيرودوت،
واختلفت الروايات التي تسرد هذه الأسطورة.
العرب القدامى أطلقوا على هذا الطائر كلمة "عنقاء".
العنقاء أو الرخ في التراث العربي حيث كان بطلاً لكثير من الحكايات والأساطير مثل حكايات السندباد البحري.
ورد في لسان العرب: والعَنْقاء: طائر ضخم ليس بالعُقاب.
هذه الأسطورة الخالدة أصبحت مع مرور الزمن لسان حال الإنسان، وكانت إلهامه الذي يحثه على النهوض ويدفع به إلى الأمام حتى إلى المستحيل.
وهكذا أصبح طائر الفينيق الذي يخرج من رماد الحريق، صورة تستمد منها البشرية دروسا في التحدي والتجدد والاندفاع، ورمزا تتعلق به ( وتميمة ) ترد عنها السوء وتمنحها قوة أسطورية لا حدود لها.
ويمكن القول إن الشاعر الإغريقي هسيود هو أول من ذكر الفينيق بإعتباره طائراً يشتهر بطول العمر، إلا أن هيرودوت تفرد بترك وصف متكامل له حيث أصبح لاحقا جزءً من تفاصيل هذه الأسطورة.
أما أول وصف لخلود طائر الفينيق، فنجده في القرن الأول الميلادي لدى المؤرخ الروماني الشهير بليني في قوله إن طائر الفينيق يعيش في شبه الجزيرة العربية 540 عاما وبعد ذلك يموت في عشه وتنبعث منه رائحة عطرة، ومن نخاع عظامه تخرج دودة صغيرة يظهر منها طائر فينيق جديد.
وكان طائر الفينيق رمزاً لمدينة روما العصيَّة على الموت، وقد ظهر الطائر على عملاتها المعدنية رمزاً للمدينة الأبدية.
وهكذا استكمل طائر الفينيق سيرته، وبدا في التاريخ الإنساني طائرا يعمِّر طويلا، وهو يظهر للناس فقط قبل وقت قليل من موته، وبعد ذلك يولد من جديد ويبقى إلى الأبد لصيقا بالشمس.
طائر الفينيق عرفته الحضارات والثقافات في القرون اللاحقة مثلاً :
في التعاليم المسيحية كان رمزًا لخلود الروح ولخلود المحبة، لأنَّ السيِّد المسيح يموت في عزِّ الشباب ثمَّ يقوم من الموت.
في عصر النهضة بات طائر الفينيق رمزاً للأنظمة الملكية.
أمَّا فناني تلك الحقبة من نهضة أوروبا.
دانتي إستشهد به في الكوميديا الإلهية.
وليم شكسبير ضمَّنه أكثر من عمل مسرحي.
وهكذا أُعطي هذا الطائر حياةً جديدة وخلوداً حقيقياً.
حتى بات يسكن في وجدان الشعوب المقهورة.
وبات رمزاً للحياة بعد الموت.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢ كانون الأول ٢٠١٩م.
0 comments: