ملوك وأُمراء الطوائف في الأندلس.
ملوك وأمراء الطوائف في لبنان.
مُقابل شباب وشابات ( لبنان ينتفض ) من الجيل الجديد.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
أجمع العرب ولأول مرَّة في تاريخهم على القول أنَّ سقوط الأندلس هو مِحنَّة إسلامية عربية بإمتياز.
ما يجري في لبنان اليوم ( لبنان ينتفض ) ما هو إلا بداية محنة سقوط هذا الكيان الذي ما إنفَّك منذ إستقلاله على قهر شعبه وإذلال مُثقفيه والاتفاق على نهب ثروات بلاده
والاختلاف عند تقسيم المغانم، وإدخال الشعب اللبناني في حروب طائفية أو مذهبية وصولاً إلى تفاهمات مُستقبليَّة في توزيع السلطات والوزارات والإدارات الحكومية.
لن أدخل بما تنعم به البلاد العربية من ربيع قال عنه الرئيس الاميركي دونالد ترامب :
Endless wars
بل سأكتفي بالإشارة إلى الشرخ الواسع الذي أحدثه وزير خارجية لبنان جبران باسيل بتاريخ ٣ تشرين الثاني ٢٠١٩ وأعقبه تأييداً رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون حيث أدخلا لبنان مُجددَّا في صراع مع ملوك وأمراء هذا الوطن الذي ورثوه من حُثالة بني عُثمان وإنتداب فرنسي زرع الشقاق والنفاق والجشع قبل إستقلال هذا اللبنان ومِنْ ثُمَّ بعده.
لم يخطر على بال رئيس الجمهورية اللبنانية ووزير خارجيته أنهما أغفلا أنَّ في لبنان الأن ولادة عسيرة جديدة ستتمخَّض عنها من رحم ( لبنان ينتفض ) جيل من الشباب والشابات قاموا بهذه الإنتفاضة من دون تدخُّل أجنبي كالسفارات أو إستزلام لزعامات تقليدية.
هؤلاء الشباب والشابات الجُددّ هُمْ من الجيل الجديد المُثقَّف المتعلِّم الرافض للطائفية والمذهبية، الرافض للتسكُّع على أبواب الزعامات التقليدية، أو على أبواب السفارات.
كنت في مُدونَّة سابقة عنوانها :
في لبنان :
فخامته ينتفض ودولته ينتفض والشعب ينتفض ( ولبنان ينتفض ).
ووصلت إلى قناعة :
( خوفي أن الإنتفاضة سُرقَّت )
وهذه القناعة ما زالت تلازمني بعد ركوب الرئيس اللبناني ووزير خارجيته موجة التصعيد تصويباً على ملوك وأمراء الطوائف التقليدين من أجل إقتتال طائفي بغيض ينجر اليه مَن في شارع ( لبنان ينتفض ) رغم قناعة البعض أنَّ هذه الفئة من ( لبنان ينتفض ) تُنادي بشعار ( كلن يعني كلن ).
في المُدونَّة :
بعد السقوط المُدوِّي للخلافة الأُمويَّة في الأندلس ، نشأ على أنقاضها دول ودويلات، كان الهمّ اليومي لهذه الدويلات التنازع والتخاصم فيما بينها، وقد شهد النصف الأول من القرن الحادي عشر أكثر من ٢٠ دويلة أو مدينة أو مقاطعة تزعَّمها أُمراء وسادة عُرفوا عبر التاريخ عند العرب ب ( ملوك الطوائف ).
ومنهم :
بنو جهور في قرطبة.
بنو عباد في إشبيلية.
إبن زيري في غرناطة.
بني حمود في مالاقه.
بني ذي النون في طليطلة.
بني هود المنذرية في سرقسطة.
بني صمادح في المرية.
بنو الافطس في بطليوس.
بنو برزال في فرمونه.
وفي لبنان منذ استقلاله، بلغ عدد زعمائه الذين تسَلَّموا مقاليد الحكم ما يقارب ملوك وأمراء الأندلس.
في هذه المُدونَّة سأذكر أوجه الشبه ما بين وضع لبنان وتناحر ملوكه وأمرائه في هذا الزمن، مقارنة مع تناحر ملوك وأمراء الأندلس منذ قرون مضَّت والذي أدى في نهاية المطاف الى ضياع الأندلس.
كانت الأندلس كما لبنان يزخران بالمآثر الفكرية والأدبية والشعر والعلوم.
كان البلاط الملكي الإنكليزي، يرسل أميراته الى الأندلس، ليتلقَّين أصول السلوك الأرستقراطي من الأميرات العربيات.
يُراجع بذلك :
ابن خلدون ( ١٣٣٢ - ١٤٠٦ ) الذي دخل وسكن غرناطة وغيره من المؤرخين الذين إستفاضوا في الكتابة عن الأندلس وأخبار ملوكها أخصُّ بالذكر :
الإدريسي ، إبن عذارى ، المقري، إبن خلكان وغيرهم.
كان لبنان في القرن الماضي حتى الأمس القريب مقصدًا للطلاب العرب ليتلقُّوا العلم في الجامعات والمعاهد.
وقد كان لخريجي الجامعات في لبنان من الدول العربيَّة دور فعَّال في إستلام مقاليد الحكم في بلادهم.
كانت الجامعات الأوروبية والاميركية تقبلان إكمال الدراسات العليا في كلياتهم لخريجي الجامعات اللبنانية دون إمتحان دخول.
كان للعرب، مآثر جمَّة وعظيمة في الأندلس، ولهذا السبب كان ضياعها حدثٌ تاريخي لا يُصدَّق، إذ قال أحد المؤرخين ومنهم :
Lane - Poole , Moors in Spain
إنَّ سقوط الأندلس هو شذوذ عن القاعدة التي تذهب الى أنَّ المدنيَّة العربية ترسخ وتعمَّر حينما تحل أقدام العرب ما عدا اسبانيا.
كان للعرب محبَّة جامحة الى لبنان وشعبه، عندما كان منارة مضيئة تجلبهم حيث وسائل الحياة الاساسية من كهرباء وماء وطرقات، ولكن مزاريب النهب والسرقة من قبل حكامه أذهلت العالم في حجم الأرصدة المنهوبة لدى المصارف الأجنبية.
كانت للنساء ( زوجات، جواري وغيرهن ) في البلاط عند الملوك والأمراء في الأندلس حظوة كبيرة.
وكانت لدى النساء أيضاً سطوة في خلق المكائد وشراء المناصب والرشوة وغير ذلك من فساد الادارة.
أمَّا في لبنان الوضع لا يختلف ، حيث لدى زوجات الزعماء ميزانيات خاصة تصرف لهم من المال العام.
أخيراً …
بعد أنْ كان لبنان بلداً سياحياً بإمتياز.
بعد أنْ كان لبنان مصرفاً تودع فيه مُدَّخرات وأموال العرب.
بعد أنْ كان لبنان ملاذاً آمناً لكل طالب سكينة.
بات لبنان اليوم في مهَّب الريح، تعصف به الرياح العاتية وتنذر بعواقب الأُمور.
كل ذلك بسبب الجشع والنهب والتسلُّط ونبش القبور والإستئثار بالحكم والإرتهان والإبتهال للخارج.
هذا بإختصار شديد.
وغداً لناظره قريب.
فيصل المصري
٥ تشرين الثاني ٢٠١٩
0 comments: