Thanksgiving day
عيد الشُّكر الاميركي.
هذه المُدونَّة …
- إهداء الى أفراد الجالية الدرزية المقيمين في الولايات المتحدة الاميركية، والمقدَّر عددهم حوالي ( خمسون الف شخص ).
- إهداء بصورة خاصة الى المُجتمعين وعائلاتهم في أحد مُنتجعات أُورلاندوا، وفورت لوترديل بولاية فلوريدا، إحتفالاً سنوياً يقام من أجل التعارف، والمحبَّة، وحفظ الاخوان في المهجر.
- وأخيراً وليس أخراً …
هذه المُدونَّة، شُكر وتقدير للولايات المُتحدة الاميركية التي أمنَّت للمهاجرين الدروز :
Life, Liberty and the pursuit of Happiness
- وأرجو للمجتمعين الدروز، في أُورلاندوا وفورت لوترديل التوفيق، والنجاح، والتآلف، وجمع الشمل، والتعارف، وتمضية هذه المناسبة بالسرور، والانشراح، والبهجة، والسعادة في لقاء الاحبَّة.
عيد الشكر الاميركي وجذوره التاريخية :
المُقدِّمة …
لم تجتّمع البشرية، على أمر ٍ واحد، كما إجتمعت على تقدير الارض، وتكريمها، حيث حِيكت القصص، وأُنشدت ألاغاني، وصِيغت الملاّحم، وأُلصقت أجمل وأنبل العبارات، في وصف الارض :
بأنها آلهة الخصب.
وآلهة الخلق.
وينبوع الحياة الابدية.
كان المعبَّد الذي إعتصموا به، هو الشكر، والعرفان، والوفاء، لما تقدِّمه الارض لبني الانسان، والبشرية عامة ً.
وهذا لا يعني، أن الوفاء والشكر، شيمَّة من شيَّم الانسان، التي يعمل عليها ويزيدها، بل تراه على الأرجح، يٓجنح منذ ( هابيل وقابيل ).
أن يأخذ من :
الغدْر طقساً.
والغزو طريقةً.
وقلة الوفاء وسيلةً.
والقتل منهجاً.
والسبي رجولةً.
وقد طغَّت هذه الصفات، على منحى حياته، كما نشاهده اليوم، في العالم وخاصةً العالم العربي.
ولحسن الحظ …
ترك لنا هذا الانسان، حيزاً، نتكلم عنه اليوم، وهو :
عِرفانه وشكره للأرض، وذلك باحتفالاته السنوية.
بادئ ذي بدء …
ليست الولايات المتحدة الاميركية، من أوجد هذه المناسبة، بل سبقتها أُمَمْ، وشعوب قبلها.
وقد تعددَّت أسماء هذا العيد، المخصَّصْ لشكر الارض وخيراتها.
اولا ً : عيد الشُّكر في الولايات المتحّدة الأميركية :
يقع هذا العيد في، الخميس الرابع، من شهر تشرين الثاني من كل عام، ويُصادف هذه السنة نهار الخميس الواقع فيه ٢٢ تشرين الثاني.
يعود، بدء الاحتفال بهذا العيد، الى العام ١٦٢٠ عندما وصل المهاجرون الأوروبيون الى مدينة بليموث في ولاية ماساتشوستس ( اليوم ).
لم يكن لدى المهاجرين أية خبرة في الزراعة.
جرى تعليمهم من قبل أعضاء قبيلة هندية، عن كيفية وطرق الزراعة، والصيد.
وكان أول موسم حصاد أقامه المهاجرون، إستغرق ثلاثة ايام، دعّوا فيه الهنود الحُمْر ( السكان الأصليين ) ليشكرونهم على المساعدة، والصلاة، لان الله قد منّٓ عليهم بزرع، وحصاد وفيرين.
وبقي الشعب الأميركي على عادتـه في نهاية موسم الحصاد، بإقامة الصلاة والشكر لله، وتقديم أشهى المأكولات والتفنن في طهي وإعداد الديك الرومي.
وأتخذ المهاجرون الأوائل، ومَن بعدهم الاميركيين الحاليين من هذه المناسبة، لمّ شمل العائلة، وتقويَّة أواصر القُربى في هذه الارض الموعودة.
وقد إبتدع الأولون، طرقاً في تكريم ديك رومي واحد كل سنة، وإنتقل التكريم الى يومنا هذا، حيث يقام في البيت الابيض الاميركي سنوياً إحتفال، يحضره الى جانب رئيس الولايات المتحدة الاميركية وعائلته، بعض الشخصيات حتى يشهدّّوا حدثاً تاريخياً، يصدر فيه الرئيس أمراً رئاسياً يتضمن إعفاء ديك رومي واحد من الذبح.
هذه المراسم الاحتفالية، التي دأب الشعب الأميركي على إقامتها سنوياً، أثارت همّة الحكومة الفيدرالية في إعلاء شأن هذه المناسبة، حيث أقر ّ الكونغرس تعديلاً دستوريا ً، بالعام ١٩٤١ ، تكريما ً لهذه المناسبة، وهذا ما قام به الرئيس الاميركي نهار أمس بإعفاء ديك رومي واحد في أميركا من الذبح، ونُقـِل الاحتفال على الوسائل الإعلامية، وكأنه حدث مهم. Breaking news
ثانياً : الجّذور التاريخية :
وكما أوضحت بالمقدمة …
إن الانسانية، كان يختلج عقولها، وقلوبها مشاعر تتراوح ما بين إظهار الفرح، والحزن.
كما كان ينتابها ويهيّمن عليها، الشكر لما تقدّمه الارض :
١ / في العصر البابلي :
المقصود بالعصر البابلي، هو حضارات سومر، أكاد، أشور، كلدان، وبابل.
في هذا العصر، وفي هذه البقعة الجغرافية، وفي الخصوبة التي تمتاز بها تربة، ما بين النهرين، كان للزراعة شأن عظيم، وقد رُصِّعت الملاحم، بأوصاف الخير، والشكر، للآلهة على الحصاد، والنعمة التي توّفرها الارض.
كان لديهم :
عيد، حصاد الشعير.
عيد، قطف التمور.
وذلك، في الاول من نيسان، أي عند، حلول فصل الربيع.
كان القصد، من هذين العيدين، إبراز ولادة الحياة.
ويعود تاريخ إحياء هذه الفكرة، الى الألف الرابع، او الخامس قبل الميلاد لذلك، هو يُعّد، أقدّم إحتفال أُقيم في التاريخ.
إن بذور هذا العيد، قد لقحَّت، وخصبَّت أغلب الأعياد التي تُوفي، وتُعطي الارض حقها، وذلك عند أغلب الحضارات اللاحقة.
١ - / عيد الربيع، أكيتو، الاشوري.
يُعّد هذا العيد رمزاً لخصوبة الارض، وحبلِّها، بكل ما هو اخضر، وهو لون الحياة، والترحيب والاحتفال، بالطبيعة، والابتهاج، بقدومها وبخيراتها الموسمية.
٢ - / عيد النيّروز الفارسي.
يقع في ٢١ آذار من كل عام.
وهو، يوم الإعتدال الربيعي،
ورأس السنة الفارسية في ايران.
خصائص هذا العيد، نسيان الاحقاد، إطعام الفقراء، لانه بنظرهم عيد الانسانية، والفرح، والرحمة.
٣ - / الخلافة العباسية :
في العراق، لا يمكن إلا ان يكون أهل بلاد الرافدين، ملتصقين بالتراث الشعبي، المستمَّد من حضارة عريقة كالبابلبة، وقد جرت تسمية العيد، بالربيع الشامي.
٤ - / في مصر، الأقباط :
جرّت التسمية، ب النيروز القبطي.
٥ - / عند الأكراد، جرّت تسميته ب النيروز الكردي.
٦ - / في سوريا، إنتقل الميراث السومري، وجرَّت تسميته بعيد الربيع الشامي.
٧ - / اليزيديون كانت تسمية العيد عندهم، سري صال.
٨ - / السريان، إحتفلوا بهذا العيد كذلك، الصابئة المندائيون.
٩ - / اليونانيون احتفلوا بعيد الربيع.
١٠ - / عيد شم النسيم المصري وما زال، فإنه يعود الى الفراعنة، لانه بَعْث الحياة، وهو أول الزمان، وبداية خلق العالم.
١١ - / العيد عند اليهود :
مذكورة، في سفري، اللاويين، والتثنية، ويعتبر يوم ١٥ شباط عيد، الأشجار والفاكهة.
الخاتمة :
يتّضح، من أعلاه ان الجنس البشّري، إتفق وبالإجماع، على تقديم شعائر الشُكر، والعرفان، والجميل، للأرض وما تقدّمه من خيرٍ، ومحاصيلٍ، وزرْعٍ، ونبْت، ٍ وفواكهةٍ، وخضارٍ، وثمارٍ، وماءٍ، زُلال.
وأنهم بذات الوقت، إختلفوا على كل شيئ، بما في ذلك الأديّان السمّاوية، التي هبطَّت من الأعالي، من أجل شيئ، يسمو، ولا يُسمى عليه، ويعّلو، ولا يُعلى عليه، ولكنهم أمعنَّوا في الفرقَّة فيما بينهم، وقد أطلقت على ذلك في مدونتي،
( مِحنَّة الأديان السماويَّة ).
وما يحصل الان، هو خير دليل وبرهان.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٨
كل عام وأنتم بخير.
0 comments: