مداخلة مدير المكتبة الوطنية - بعقلين الاستاذ غازي صعب، في حفل توقيع كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) يوم ٢٧ تموز ٢٠١٨م.
ونظراً لأهميتها يسرني أن أنشرها على صفحات غوغل، لتصبح وثيقة يعود اليها كل طالب علم ومعرفة.
تحياتي وإحترامي الى مدير المكتبة الوطنية في بعقلين الاستاذ غازي صعب، الذي جعل من المكتبة صرحاً ثقافياً، بفضل ادارته.
واليكم المداخلة :
بداية إسمحوا لي أن أرحب بالأصدقاء والصديقات الذين شاركونا اليوم هذه الأمسية وصديقي الشيخ الدكتور سامي ابي المنى، ومقدمة الندوة السيدة وفاء المصري حماده، ومؤلف هذا الكتاب الاستاذ فيصل المصري.
قال ( كانط ) يوماً :
يجب ان نكسر حدود المعرفة لنصل اليها.
ولطالما تساءل البعض، وربما يتساءل بعضكم لماذا تقيم المكتبة الوطنية - بعقلين كل هذه النشاطات المتنوعة على مدار كل عام، ولماذا تحتضن المكتبة الندوات المختلفة ومنها على سبيل المثال الندوات التي تدور حول الكتب على إختلافها أدباً، شعراً، علوماً، تاريخاً، فكراً .. وغيرها.
ولماذا توقيع الكتب في حرمها ؟
وقد يصفق لنا البعض إعجاباً، وهم الفئة الغالبة.
ويلعننا البعض الاخر.
وقد قيل لي ذلك، تدعونا الى الحضور والمشاركة ونحن ندفع الثمن ونجبر على شراء الكتاب.
وانا اقولها بصراحة، هي المرة الاولى التي أتلفظ بمثل هذه الكلمات التي تسمعون، ويطيب لي ان أجيب على هؤلاء :
اذا لم تكن المكتبة الوطنية في بعقلين هي التي تفتح ابوابها للابداع بشتى ألوانه والمبدعين بمختلف إنتاجهم ومشاربهم، وتفتح القلب والعقل لكل الناس من مختلف المناطق في الجمهورية اللبنانية، وأحيانا كثيرة لبعض المبدعين والفنانين والاخوة العرب.
ترى من سيفعل ذلك غير هذا الصرح الذي تأسس لحفظ التراث اللبناني، والعربي، والعالمي وللاضاءة على كل جديد من انواع الإبداع والأدب، والفكر ؟.
من هنا يسرني القول ان المكتبة الوطنية تفخر وتعتز بأنها خير مكان لنشر الإبداع، وتعمل جاهدة لاثارة الجدل والنقاش للاستزادة اكثر من ألوان الفنون والمعارف، والاستفادة من الاّراء والأفكار المتنوعة والطروحات التي تضيف الى ثقافتنا ومعلوماتنا إضافات ذات منفعة وذات جدوى.
وتحدوني الحقيقة، بعد قراءتي مدونات المغامر، اللطيف، الشغوف، الصديق فيصل المصري، الكاتب الناشط، والأديب البليغ، وقد إضطلع تطوعاً بمهمةٍ ليست بالهينة وهي كشف الحجاب عن ما خفي ( او أخفي ) من تاريخ الموحِّدين المسلمين الدروز، وتصحيح بعض المطالعات والتخرصات التي تنشر عنهم، وشيئ من الترهات التي يتم التركيز عليها في وسائط المعلومات المطبوعة والإلكترونية، ويتصدى الكاتب بأسلوب جذاب لتبيان الحقيقة التي يحلو للبعض الجاهل ان يخفيها، او يغلفها بغلاف لا يليق، ولا يمت للواقع باي صلة.
ومنها :
محاولات التعتيم على مناقب وعادات وتاريخ هذه الفئة القليلة العدد، الكبيرة بمآثرها وتراثها وكبارها، وتضحياتها، وصمودها، والتزامها بعروبتها وعقيدتها التي إنبثقت من رحم الديانة الاسلامية، وحافظت على احترامها لكل الاديان الاخرى، وغرفت من تعاليمها وجوهرها، وغاصت عميقاً في مدارج العرفان.
أعود الى كاتبنا العزيز، لاقول :
أصبحت صديقي فيصل المصري ...
احد القلائل الذين إنتهجوا نهج الكتابة في هذا المجال. مأخوذاً بهذه الطائفة التوحيدية، حيث أعادت كتاباتك، وعادت بك كلماتك الى عهودٍ وعهودٍ سبقت، سعياً وراء الحقيقة، حتى راح مدادك يتدفق غزيراً في اعماق التاريخ، وحتى صار البحث عن اخبار وحكايا، وحقائق يتفاعل في داخلك، ليخرج صارخاً في مُدونَّاتك، والآن في كتابك الذي نحن بصدده هذا المساء.
حاولت صديقي،
فارتقيت الى مصاف الكُتَّاب الكبار، والمحققين الاوفياء للتاريخ،
فكنت بلا مبالغة :
ساطع الكلمة.
مشرق الغاية.
حامل رسالة.
باحث لا يهدأ.
وأتمنى لك رحلة فرح بين سطور الكتب، والمراجع، لا يجب ان يشوبها شيئ كثير من النقد، ولا يطالها غبار الكثير من الانتقاد.
إجعلها دائماً ..
رسالة تثير الإعجاب.
وجدلاً في نفس الوقت.
تفتح الأبواب واسعة امام مؤلفات قرينة، فيها الكثير من الدقة والموضوعية، والغنى المعرفي، ومنها يرشح الإيمان لا التعصب، والحق لا الظلم، والحقيقة الجوهرية لا الظاهرية.
ويحلو لي في هذه الأمسية ان اذكر قولا مناسباً :
فمن لا يُؤْمِن بنفسه أولاً وبقدراته، وبعزيمته، وجوهره، لن يُؤْمِن به احد، ولن يصل الى مكان.
ولا أكتم عن الحضور الكريم :
اني بعد ان قرأت الكتاب الذي نناقش، قلت للصديق المثابر فيصل المصري.
من المستحسن حتى لا تلام، وتنتقد ان تبتعد ما بوسعك، عن كلمات قد توحي بالتعصب المذهبي بين سطورك، وعن وصم بعض الذين سددوا لهذه الطائفة العرفانية سهام الغدر، بعبارات قاسية او تشبه عباراتهم المقيتة.
لقد وضعت لنفسك حلماً،
هو حلم مبدع أراد مشاركة الآخرين إبداعه،
ووضعت لنفسك نهجاً صادقاً بالغ التأثير،
هو إذابة الضباب المحيط ببعض ما نشر عن هذه الفئة الانسانية التي تعيش في هذا العالم،
ودحض بعض الاجتهادات والفتاوى التي أساءت اليها والى جوهر عقيدتها.
حاولت بصفاء نية، وبجهد مشكور من خلال مُدونَّاتك وكتابك الذي اعتقد انه لن يكون الأخير، وبموضوعية ودقة،
حاولت أيضا ان تميط اللثام عن كثير من المغالطات، والافتراءات التي لحقت بهذه الطائفة التوحيدية الاسلامية الكريمة،او ألحقت بها عمداً، عن سابق تصور وتصميم، بغية المس بجوهر عقيدتها وتاريخها، واثارة اتباع المسالك والمذاهب والديانات السماوية الاخرى عليها والتأليب على رقي وجودها، ومستقبلها.
ولا يسعني اخيراً،
الا ان أتمنى على الحضور العزيز وعلى كل من يقرأ هذا الكتاب، تبين القصد الصحيح، وإدراك حرص الكاتب على إعتماد نهج الموضوعية، وتجنب الدخول في مسائل تتعلق بالعقيدة ..
والاضاءة الملفتة عَلى بعض الامور والاحداث والوقائع بكل أمانة، مشدداً على بعض المسائل والقيم الخاصة، والعامة، وانسانية هذا المسلك او المذهب التوحيدي الاسلامي، وهذه العقيدة التي تبنت العقل نبراساً لماضيها، وحاضرها والمستقبل في هذا العالم الرحب.
( ملاحظة اخيرة ) :
سأقوم بنشر مداخلتي في حفل توقيع كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) كاملة، قريباً.
ولكني هنا وفِي هذه العجالة ..
سأقترح على الشيخ الدكتور سامي ابي المنى أن يقرأ هو شخصياً مُدونَّتي عن ( البطل نواف غزالي ) حيث يتبين له أن إستناده الى مطالعة الاستاذ إبراهيم العاقل للقول والتصريح والكتابة، أني برأت المجرم أديب الشيشكلي، هو قول أرفضه جملة، وتفصيلاً.
وأضيف، ان الحملة البغضاء على السويداء في ذاك الوقت من الزمن الردئ، عالجتها في مُدونَّتي مستنداً الى وثائق عسكرية تاريخية توفرت لي، ولم أستند يوماً في مدوناتي، الى مطالعات شخصية، وإن فعلت أنقل، وأذكر من باب ( ناقل الكفر ليس بكافر ).
وهذا ما فعلته بخصوص إفادة ابنة الشيشكلي، والنص جاء واضحاً، وليس وثيقة ..
والاجدر الى من يُدلي بدلوه في موضوع ( حملة السويداء ) في عهد الشيشكلي أن يدخل الى أرشيف قيادة أركان الجيش السوري في ذلك الوقت ( إن استطاع ) لا ان يُشبه إبنة الشيشكلي، بإبنة هتلر، وصولاً لإتهامي بأني برأت الشيشكلي.
شخصياً أقبل أي إنتقاد،
ولكني لا اقبل أن يمسني أي إنسان بأني المدافع الجريئ عن أبناء ملتي وعشيرتي ( الموحِّدون الدروز ) من أعلى منبر عالمي توثيقي، وثائقي ( غوغل ) دون خوف او وجل.
ولكني لن أتوانى عن ذكر من قصَّر او تهاون في الدفاع عن أبناء عشيرتي، حتى ( لو كان منهم ).
وهذا ما فعلته في مُدونَّتي عن نواف غزالي، وأديب الشيشكلي، وقيادة أركان الجيش السوري آنذاك.
وحسبي ..
( قل كلمتك، وإمشي ).
0 comments: