القديس مار شربل، من لبنان.
مِن زمن العجائب الإلهيّة ....
تمهيد :
لا يسعّك إذا كنت تُقيم في لبنان، إلا ان تعيش في زمن العجائب الجهنميّة التي يبتدِّعها، أبعد خلق الله عن الإيمان، لتسييّر أمورهم عن طريق تنصيب طواطّم من المال الحرام ... لعبادتها.
والذي يُثير العجّب، والإستغراب ان الله قد غمر لبنان ومنّى عليه، بعبّق تاريخي من المؤمنين، والمؤمنات، من كافة الطوائف التى تقطن، ارضه، فتزينّت القرى والبلدات بالأضرحة، والمقامات، والمزارات، الدينية وهرع الشعب للتبرّك والعبادة، وطلب الرضى.
ويبقى التساؤل ...
لماذا حبس الله نعمته عن هذا الوطن، بالرغم من كِثْرة الأدعية، والتضرّعات.
لماذا توقّف الله، عن إرسال المّن، والسلوّى لشعب تاه، وضاع، وتهجّر في أصقاع الكون.
لماذا ترك الله، هذا الوطن وكأنه يسبح في مدار خلاف ما كان عليه بالماضي من إلفة، وأُخوّة في الدين والوطن.
في هذا الزمن، الرديئ، والظالم، والمُقيت في لبنان .. نتذكّر قديسا ً علّه يسمع هذا النداء، ويرخي القليل القليل من أعاجيبه على لبنان، لينقذ شعبه المقيم، والمغترب.
إنه، القدّيس مار شربل ..
إنه، حبيس لبنان ....
إنه، أيقونّة ... لبنان.
إنه، مِن زمن ألعجائب .. الإلهيّة.
القديس شربل :
تاريخ ولادته ٨ ايار ١٨٢٨م.
تاريخ وفاته ٢٤ كانون الاول ١٨٩٨م.
تاريخ التطويب ٥ كانون الثاني ١٩٦٥م.
تاريخ إعلان القداسّة ٩ تشرين اول ١٩٧٧م.
مكان التطّويب كاتدرائية القديس بطرس، الفاتيكان في عهد البابا بولس السادس.
حياة القديس شربل :
وُلد في بقاع كفرا، من لبنان الشمالي، أبوه انطون مخلوف وَأُمَّه بريجيتا عُرفا بتقواهما الأيمانية، وأطلقا عليه اسم يوسف.
ترك يوسف بيت والده وهو بعمر ٢٣ سنة، وقصد الترهّب في الرهبانية المارونية اللبنانية.
دخل الإبتداء دير سيدة ميفوق.
ثم دخل دير مار مارون عنايا، حيث أَتِّم عامه الثاني من الابتداء.
ثم أُرسِل إلى دير كفيفان، حيث قضى ست سنوات في درس الفلسفة واللاهوت، وتربى هناك على ايدي رهبان قديسين، خاصة الآب نعمة الله الحرديني، المعروف بقديس كفيفان.
وقد تمّ رسمه كاهنا ً، في بكركي، في ٢٣ تموز ١٨٥٩م.
أقام الأب شربل في دير مار مارون عنايا، بعد سيامته، مدة ١٦ عاماً،
وقد بدأت تظهر بعض آياته منها آية السراج الذي ملأه له الخادم .. ماء ً بدل الزيت، فأضاء له ساعات صلاته الليلية.
طلب من رؤسائه، الاستحباس في محبسّة دير عنايا، فأذنوا له، حيث قضى فيها ٢٣ سنة. وكان طيلة أيامه، ورعا ً مُتقشفا ً، مُتضرعا ً راكعا ً على طبق من قصب شائك الملمس.
كان ينام، قليلا ً ويصلّي كثيرا ً وفي النهار يعمل في الزراعة.
وما لبث أن انتشر خبر هذا الناسك المتعبّد، فأخذ الناس يقصدونه لينالوا بركته، ويلتمسوا منه شفاء امراضهم، وقد حقّق الله على يده آيات عديدة.
وفي العام ١٨٩٨ في الأسبوع السابق لعيد الميلاد، شرع الحبيس شربل يتلو القدّاس كعادته. فما ان تلا كلام التقدّيس، حتى اصابه عارض الفالج، فاستمر رافعا ً الكأس، والقربان واصابعه متشنجة عليه.
قاسى الراهب شربل اوجاعا ً قوية، لمده ثمانية ايام، دون أن ينقطع عن الصلاة، إلى ان اسلم الروح مساء عيد الميلاد عام ١٨٩٨م.
دُفِنَ الأب شربل في مقبرة الدير العمومية. وقد شاهد أهل ُ الجوار ليلة دفنه نورا ً يتلألأ فوق ضريحه، وتكرّر ظهور النور طوال ٤٥ ليلة.
ولكثرة ما تحقّق من أعاجيب إلاهيّة، أذن البطريرك الماروني الياس الحوّيك، بفتح قبر الراهب شربل، فوُجدَ جسمهُ سالماً من الفساد، وأخذ جثمانه ينضح عرقا ً دمويا ً.
أُعيد جثمانه الطاهر، إلى قبر جديد عام ١٩٢٦ .
وفي ٢٢ نيسان من العام ١٩٥٠، كشفت على الجثمان لجنتان إحداها طبيّة، والأخرى كنسيّة، حيث تبيّن ان الجثمان ما زال سليما ً كما كان، قبلا ً، مُتشّحا ً بالدم.
وما إن إنتشر خبر هذه الظاهرة، تهافت الناس إلى الدير. وتجمعّوا حول الضريح للتبارك، والتضرّع، والدعاء، والطلب من الشفيع الشفاء، من امراض متنوعة مستعصية.
تناقل لبنان، والعالم اخبار هذه الحوادث الخارقة،
وتكاثر الزوّار طلبا ً للشفاء.
وفي العام ١٩٦٥ في ختام المجمع الفاتيكاني الثاني ....
رفع قداسة البابا بولس السادس، الراهب شربل إلى شرف الاكرام على المذابح، وأحصاه في مصاف الطوباويين.
وقد أعلن قداسة البابا بولس السادس نفسه، الطوباوي شربل قديسا ً في التاسع من شهر تشرين الأول ١٩٧٧م.
كان هذا زمن العجائب الإلهية ...
زمن القديس مار شربل ...
وكم لبنان، بحاجة الى هذا الزمن.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق