Pages

الجمعة، 30 سبتمبر 2016

فارس الخوري، مِن رجالات سوريا ولبنان ... الكبار.

فارس الخوري، من رجالات سوريا ولبنان .... الكبار. 

ويسألونك ....
لماذا التركيز على رِجالات سوريا، الكِبار، والعِظام ...
بالأمس .. فضل الله باشا هنيدي. 
وقبل الأمس ... سلطان باشا الاطرش. 
وقبل، قبل الامس ...
الأديب، العلامّة، المؤرخ .... سلامه عبيد. 
ورافع راية الشرف، والآخِّذ بالثأر ... نوّاف غزالي. 
وقبل القبل، الفنان الموسيقار، مُطرب الازمان والأكوان ... فريد الاطرش. 
واليوم ........
فارس الخوري. 
ويسألونك، لماذا ؟
أنا ... لم أقُّل ...
هو ... قال ...
جمال عبد الناصر ....
لأن سسسسسسسسوريا قلب العروبة النابض. 
أنا .... لم أقُّل ...
هو .... والدي قال ...
لأن جامعة دمشق، كانت حِلمه بان يلتحق بكلية الحقوق.
في قول، جمال عبد الناصر ....
الذين دوّٓنت حياتهم وسيرتهم، وذكرتهم أعلاه ... 
هم ... قلب العروبة النابض. 
أما، اللإلتحاق بكلية حقوق دمشق كان حِلما ً كونها سُدرّة ً، ومنارة ً. 
يرحمك الله، يا أبي ..
ما زال كلامك، يدِّق في رأسي مِطرقّة. 
وما أنعمها، من مطرقّة. 
 

أنا أقول، الان ....
لماذا ؟؟
لأن ... سوريا، كانت جنّة للأبطال، للذين ولدتهّن أُمهاتهّن أحرارا  ...
لأن .... سوريا، كانت منارة للعلم ...
أين انت الان .. يا سوريا ؟؟ 
سوريا .. 
كانت الحضن الدافئ .. وستبقى ....

اليوم، فارس ٌ من الفرسان الأشاوس ...

فارس الخوري .... 
هو ...
مُفكِّر، وسياسي، سوري رهيب، ومُخيف للأعداء.  
  - وُلِد  بالعام  1873م  في قرية الكفير في لبنان، محافظة الجنوب،  قضاء حاصبيا.  
  - ينتمي الى الديانة المسيحية  البروتستانتينية. 
تلقّى فارس الخوري العلم في مدرسة قريته. 
 ثم بالمدرسة الأميركية في صيدا. 
وفي عام 1897م حصل على شهادة بكالوريوس في العلوم من  الجامعة الأميركية. 
درس اللغتين الفرنسية، والتركية لوحده من دون معلم.  
أخذ يطالع الحقوق لوحده، وإمتهن المحاماة بدمشق، وتقدّم إلى إمتحان معادلة الليسانس، فنالها في عام 1908م. 
كان فارس الخوري مولعا ً بالشعر، والأدب. 
 في عام 1914 أُنتخب فارس الخوري نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان العثماني. 
في عام 1916م سجنه جمال باشا بتهمة التآمر على الدولة العثمانية، وفيما بعد أُثبتّت براءته ونفيّ إلى إستامبول. 
عاد فارس الخوري إلى دمشق بعد إستقلال سوريا، عن الحكم العثماني.
وفي عام 1919 م عين عضواً في مجلس الشورى في عهد الشريف فيصل. 
كما سعى فارس مع مجموعة من أصدقائه إلى تأسيس معهد الحقوق العربي، وكان هو أحد أساتذة المعهد. 
كما اشترك في تأسيس المجمع العلمي العربي بدمشق.
تولّى فارس الخوري وزارة المالية، في الوزارات الثلاث التي تشكلّت خلال العهد الفيصلي في سوريا.
أُنتخب نقيبا ً للمحامين واستمر خمس سنوات متتالية. 
كما عُين حقوقيا ً لبلدية دمشق، 
وعُين استاذا ً في معهد الحقوق العربي.
وله مؤلفات في القانون. 
أَسّس  فارس الخوري مع مجموعة من المواطنين في سوريا حزب الشعب ردا ً على ظُلم السلطة الفرنسية، 
وعندما قامت الثورة السورية الكبرى عام 1925م  أُعتقل فارس الخوري ونفيّ إلى معتقل ارواد. 
وفي عام 1926م نفيّ  فارس الخوري إلى خارج سوريا، ايضا ً.

شارك  فارس الخوري وعدد من الشخصيات الوطنية في تأسيس الكتلة الوطنية، وكان  نائبا ً للرئيس. 
وبعد أضرابات العام 1936م للمطالبة بإلغاء الانتداب الفرنسي، عن سوريا، تم الاتفاق على عقد معاهدة، وكان فارس الخوري أحد أعضاء هذا الوفد، ونائبا ً للرئيس.

وفي عام  1936م أُنتخب فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي،   
وفي عام  1944م كان رئيسا ً لوزراء سوريا، ووزيرا ً للأوقاف الإسلامية.

في عام  1945م ترأس الخوري الوفد السوري الذي كُلّف ببحث قضية جلاء الفرنسيين عن سوريا أمام منظمة الأمم المتحدة، التي تم تأسيسها في نفس العام، حيث اشترك الخوري بتوقيع ميثاق الأمم المتحدة نيابة عن سورية كعضو مؤسس.

أُنتخب فارس الخوري عضوا ً في مجلس الأمن الدولي
 من  العام 1947 إلى  1948م.    
كما أصبح رئيسا ً، له في أب  1947م.

عاد فارس الخوري إلى بلاده بعد انتهاء عضوية سورية في مجلس الأمن الدولي، وعلى أثر الانقلاب الذي قام به حسني الزعيم، ثابر  على عمله في الحقل الدولي، وترأس الوفود السورية إلى هيئة الأمم، متابعا ً نضاله ودفاعه عن القضايا العربية.

في عام  1954م طلب رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي من فارس الخوري تشكيل الحكومة. 
وقد عُرف عنه انه كان متجردا ً في أحكامه، عميقا ً في تفكيره، صائبا ً في نظرته.
أقوال فارس الخوري  في الإسلام :
( يمكن تطبيق الإسلام كنظام دون الحاجة للإعلان عنه أنه، إسلام )
( لا يمكننا محاربة النظريات الهدامة التي تهدد كلاً من المسيحية، والإسلام إلا بالإسلام )
من أشهر مواقفه الوطنية :
خطاب فارس الخوري امام الجنرال  غورو بعد أيام من معركة ميسلون عام 1920م  حيث قال :
 نعم يا عطوفة الجنرال … 
هذا بالفعل كان القصر الملكي أيام الملك فيصل، 
لقد بناه الوالي العثماني ناظم باشا رحمه الله، 
وسكنه فيما بعد جمال باشا وقت الحرب، 
ثم الجنرال اللنبي، 
ثم فيصل، 
والآن أنتم، 
إنه لأمر مثير للتفكير، لقد جلسنا في هذه القاعة مع كل هؤلاء الرجال وشاهدناهم واحد تلو الآخر يغادرون دمشق، 
ولكن بقينا نحن،
 وبقي القصر. 
وهناك موقف سياسي مشهور، لن يُكررّه التاريخ إطلاقا ً...
وسيبقى دُرّٓة في تاج عُظماء، وكِبار رِجالات سوريا الأبطال ...
هو، موقف فارس الخوري، مُمثل سوريا في الامّم المتحدة، عندما دخل إلى قاعة الأمم المتحدة حديثة المنشأ، بطربوشه الأحمر، وبذّته البيضاء الانيقة، قبل موعد الاجتماع الذي طلبته سوريا من اجل رفع الانتداب الفرنسي عنها بدقائق، واتجه مباشرة إلى مقعد المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة، وجلس على الكرسي المخصّص لفرنسا، بدء السفراء بالتوافد إلى مقر الأمم المتحدة بدون إخفاء دهشتهم من جلوس فارس بيك في المقعد المخصّص للمندوب الفرنسي، تاركا ً المقعد المخصص لسوريا فارغا ً، ومن ثم دخل المندوب الفرنسي ووجد فارس بيك، يحتّل مقعد فرنسا في الجلسة، فتوجه اليه وبدأ يقول له، ان هذا المقعد مخصص لفرنسا، ولهذا وضع أمامه علم فرنسا، وأشار له إلى مكان وجود مقعد سوريا، مستدلا عليه بعلم سوريا ولكن فارس بيك لم يحرّك ساكنا ً، بل بقي ينظر إلى ساعته، ويردد : 
دقيقة، اثنان، خمسة، إستمّر المندوب الفرنسي في محاولة إفهام فارس بيك، بأن الكرسي المخصص له في الجهة الأخرى، 
ولكن فارس بيك استمر بالتحديق إلى ساعته، يردد : 
عشر دقائق، أحد عشرة، اثنا عشرة دقيقة.

وبدء صبر المندوب الفرنسي بالنفاذ، 
واستخدم عبارات لاذعة ولكن فارس بيك، أستمّر بالتحديق بساعته، تسع عشرة دقيقة، عشرون، واحد وعشرون…

واهتاج المندوب الفرنسي، 
ولولا تدخل سفراء الأمم الأخرى بينه وبين فارس بيك ...
وعند الدقيقة الخامسة والعشرين، تنحنح فارس بيك، 
ووضع ساعته في جيبه، 
ووقف بابتسامة عريضة تعلو شفاهه، 
وقال للمندوب الفرنسي :

سعادة السفير، 
جلست على مقعدك لمدة خمس وعشرين دقيقة، فكدت تقتلني غضبا ً  وحنقا ً ....
سوريا إستحملّت سفالة جنودكم، خمس وعشرين سنة، 
وآن لها ان تستقّل.
النهاية :
في 22 شباط عام  1960م    
أُصيب فارس الخوري بكسر في فخده الأيسر وكان يعاني من آلم المرض الشديد في مستشفى السادات بدمشق، 
وتوفي، يرحمه الله مساء الثلاثاء  2 كانون الثاني عام 1962م. 
وكانت له أعظم جِنازة، شهدتها العاصمة دمشق. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
١ تشرين الاول ٢٠١٦

الخميس، 29 سبتمبر 2016

فضل الله باشا هنيدي، من رجالات سوريا ألكِبار ....


فضل الله باشا هنيدي. 
من رجالات سوريا الْكِبار ....

تاريخ ولادته : ١٨٧٦م
تاريخ وفاته : ١٩٢٦م
محل الولادة،  المجدّل، محافظة السويداء.
جبل العرب، سوريا  

تعريف :
عائلة هنيدي التي إستوطنّت جبل العرب ( محافظة السويداء )، في سوريا يقول عنها  الدكتور مجد نزار بريك هنيدي، المقيم في ألمانيا وحفيد المجاهد فضل الله باشا هنيدي :
أن جدٍّي فضل الله بن هزيمة هنيدي، وُلِد في قرية المجدّل التابعة  لمحافظة السويداء  من عائلة عربية، عريقة، وغنيّة، قدِمّت بالأصل من قرية صليما، في محافطة جبل لبنان. 
وبالرجوع الى سجلات عائلة آلِ المصري في صليما، تبين ان آلِ هنيدي تعود بأصلها الى عائلة المصري، وإن هذه العائلة ما زالت تُقيم في قرية صليما، وعلى مر التاريخ تفرعَّت منها عدة عائلات إستوطنّت في قرى بعقلين، والقلعة، والمريجات في لبنان، والمجدّل في محافظة السويداء بسوريا.

فضل الله هنيدي ....
تعلّم في السويداء، ثم أكمل دراسته في الآستانة. 
وقد تميزّت شخصيته بالوطنية، والاعتزاز بالقومية العربية. 
وقد سجّل التاريخ عنه :
 - انه، ثائر، ومجاهد، وأحد زعماء جبل العرب، ضد الاحتلال الفرنسي.
 - انه، رفيق سلطان باشا الاطرش، القائد العام للثورة السورية الكبرى.   
 - انه، من حملّة الشعلة المُضيئة ضد الإحتلال العثماني البغيض، وكان    عضوا ً في جمعية العربية الفتاة، الداعية إلى تحرير بلاد العرب من العثمانيين.
 - انه، كان من الزعامات الروحية، والقيادات الزمنيّة عند طائفة الموحدين، الدروز وكان من القلائل الذين يعتمدون آراءه، وحكمته، وكان الزعيم الروحاني، ولم يحمل أحد غيره هذه الصفة، وقد أشتهر ايضا ً بمآثر حميدة، وأفعال كبيرة وخيِّرة، وكانت داره في السويداء، مفتوحة دوما ً يؤمها أحرار الوطن العربي. 
يقول سلطان باشا الاطرش :
إن الجبّل ( جبّل العرب ) أصبح موئلاً لأحرار العرب في بداية القرن المنصرّم عندما كانت الإمبرطورية العثمانية تلفظ أخر انفاسها المتهالكة. 
في هذا الجو ترعرّع وعاش فضل الله هنيدي واصحابه، ورفاقه.
وعلى جري عادة، العثمانيين الأتراك في الحقارة، والدناءة، والخِسّة في التعاطي مع أهل جبّل العرب، الذين ينتمون الى طائفة الموحدّين الدروز  
بدأت السلطة العثمانية، واذنابها في دمشق التذرّع بحجّج واهية، لتبرير حملة مُدبرّة بقيادة سامي باشا على الجبّل، فلجؤوا إلى إثارة الأحقاد الدينية،  واستغلال الحوادّث التي كانت تقع بين، الدروز  وجيرانهم من سكان حوران، المسلمين السنة، وإلصاق التهّم الباطلة بالدروز،  ونعتهّم بالكفرّة الملحدين المتمردين على الخلافة. 
جرّد الأتراك حملة من ثلاثين ألف جندي حقير،  على شاكلة قائدهم سامي باشا الفاروقي، لإخماد ثورة الجبّل. 
توجهّت الحملة من درعا إلى السويداء،  دخلها الفاروقي في ٢٥ ايلول ١٩١٠م. بعد ان أخلاها  الدروز ونقلوا أُسرّهم  ومواشيهم إلى البادية  في الشرق، ليتفرغوا للعدّو.
وقد أستمّر عُهر بني عثمان، والسلطنة العثمانية في التنكيل بالموحدين الدروز في جبل العرب، الامر الذي أدى الى إنبعاث الثورة جِهارا ً وعلنا ً 
على يد أبطال ولدتهّن أمهاتهّن أحرارا ً ....

في إحدى الاجتماعات العسكرية التنظيمية التي كان يعقدها، ويدعو اليها سلطان باشا الاطرش،  كاجتماع الكراع  في البادية إلى الشرق من قرية الرضيمة، وقبيل إعلان الثورة على العثمانيين،  أُنتخب سلطان  باشا الاطرش  قائداً عاماً لثوّار الجبل،  وفضل الله باشا هنيدي قائدا ً للمنطقتين الشمالية، الغربية،  وحسين نايف الاطرش قائدا ً للمنطقة الجنوبية. 
حينما قامت الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، بقيادة الشريف الحسين بن علي عام، ١٩١٦ م. كان فضل الله هنيدي في مقدمة الثائرين المناصرين، واتجه إلى العقبة مع ثوار الجبّل. 
وفي ٣٠ ايلول عام ١٩١٨م. كان فضل الله هنيدي، أحد فرسان الجبّل الذين دخلوا دمشق بقيادة، سلطان باشا الأطرش قبل وصول الجيش الفيصلي،  ورفعوا العلم العربي فوق دار الحكومة. 
ومن المُحزن، والمُخزي، والمُخيّب للآمال ان العرب عموما ً والحكومات السورية السابقة، واللاحقة والحالية، لم تُعِّر هذا اليوم أي إهتمام او تُقيم وزنا ً ليوم رُفع فيه اول علم عربي، بعد سقوط الامبراطورية العثمانية، البائدة للأبد.
وبعد دخول الشريف فيصل بن الحسين دمشق، كان بإنتظاره، كلاً من : سلطان الأطرش. 
وحسين الأطرش. 
وفضل الله هنيدي. 
ورفاقهم الأبطال. 
وبعد ان خلع عليهم لقب الباشا، وسلمّ كلا ً منهم كتابا ً ...
 -/ نورد فيما يلي الكتاب الموجه الى فضل الله هنيدي. 
 حضرة الوطني المحترم فضل الله هنيدي : 
لقد وجهنا إليكم رتبة أمير لواء لترتدوها حين الاقتضاء نظراً لمواقفكم الوطنية. 
تحت رقم :
١٨٣٠ تاريخ ٢٨ / ١٢ / ١٩١٩
قيادة الجيوش الشمالية. 
الشريف فيصل بن الحسين.
 
 -/ من افعال، وأعمال، وإنجازات فضل الله باشا هنيدي.
 - كان عضوا ً في المؤتمر السوري الفلسطيني. 
 - تسلّم بالعام ١٩٢٠  منصبا ً في إدارة العدلية بدمشق. 
قبل معركة ميسلون في ٢٤ تموز ١٩٢٠ دعا سلطان باشا الاطرش الى إجتماع في بلدته القرّيا، تقرر فيه حشد الثوار، والسير الى دمشق للدفاع عنها. 
وقد تبين للثوّار لدى وصولهم الى قرية السجن في محافظة السويداء، أن الجيش الفرنسي دخل دمشق، وأنسحب الشريف ( الملك فيصل ) وحاشيته منها.      
كان عدد ثوّار الجبّل القادمين الى الدفاع عن دمشق، حوالي ثلاثة آلاف من الفرسان،  والمشاة   وكان فضل الله هنيدي على رأس خيالة  وبيارق المقرن الغربي. 

 - كان عضوا ً في أول مجلس نيابي درزي، بالعام ١٩٢١ وبقي عضواً في المجلس النيابي،  حتى بعد تخفيض عدد أعضائه .
 -كان فضل الله باشا هنيدي ممن يثّق بهم سلطان باشا الأطرش من أعضاء المجلس النيابي ويقدِّر فيهم إخلاصهم، وحسّهم الوطني الصادق. 
 - كان في مقدمة الأحرار ، عندما نشبّت الثورة بالعام ١٩٢٥. 
 - شارك في مواجهة حملة الجنرال ميشو من ٣١  تموز حتى ٣  آب سنة ١٩٢٥ حيث إنقّض على مؤخرة الجيش الفرنسي، وكان النصر فيها إلى جانب الثوار. 
  -في معركة المزرعة الشهيرة  التي وقعت في ٢ و ٣ أب ١٩٢٥
 تم ّ  دحر الجيش الفرنسي  وأحرز الثوار نصرا ً عظيما ً، وكان فضل الله هنيدي ممن قام ببطولة خارق، حيث أصيب فيها إصابة بالغة. 
وذكره سلطان باشا الأطرش مع من ذكرهم   من أبطال معركة المزرعة . 
 - في اجتماع المجيمر الثاني الذي عقده الثوار بقيادة سلطان الأطرش في 15 آب سنة 1925م أُنتدب فضل الله هنيدي عضواً في لجنة دراسة الشروط التي قدمها الكابتن رينو باسم الجنرال سراي. 
 - في أوائل شهر أيلول عام  1925م  تم تعيين فضل الله باشا هنيدي ركناً من أركان الثورة السورية الكبرى، من قبل القوى الوطنية السورية وذلك في مؤتمر ريمة اللحف .
 - إشترك فضل الله باشا هنيدي في معارك السويداء بمعظمها :
الأولى، من 24 – 26 أيلول سنة 1925م. 
الثانية، في نيسان سنة ١٩٢٦ 

 -/ من أقوال  فضل الله باشا هنيدي : 
الدهر دولاب، فيوم لك، ويوم عليك. 
فاليوم الذي كان لكاربيه، كان فيه مهذبا ً لنا طبعا ً.
أما اليوم، فأظن بأننا نحن نهذبه، بقوة سواعدنا ومواضي سيوفنا.   
ضحك سلطان باشا الأطرش وقال :
أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله، لله.  

 -/ عُهد الى فضل الله باشا هنيدي بالعام ١٩٢٦  قيادة المنطقة الغربية.
  -/ كان  ممن أيد اقتراح الأمير عادل إرسلان  بعدم اشتراك القائد العام للثورة  بالمعارك.

  -/ نسف الفرنسيون داره في المجدل بالديناميت عام  1926م, التي وصفت  بالقلعة الإقطاعية. 
ويقول الأديب، العلامة، والمؤرخ،  سلامة عبيد أن الفرنسيين هددّوا فضل الله باشا هنيدي بهدم داره حينما كان معتصماً باللجاه، لكنه لم يرضخ :
 (أما القائد فضل الله هنيدي الذي اعتصم باللجاه، رغم التهديد بهدم داره في المجدل، من ثم تنفيذ هذا التهديد، فقد ظل يناضل إلى جانب رفاقه حتى استشهد ). 
 
 -/ إستشهاد البطّل فضل الله باشا هنيدي.

أُستشهد فضل الله باشا هنيدي   في 4 آب سنة  1926م في معركة قلاع الجف، بين قريتي السجن،  ونجران في اللجاه، وقد أُصيب  في رأسه برصاصة من رشاش طائرة، بينما كان يرصد المعركة بمنظاره. 

الخلاصة :
 - كان  فضل الله باشا هنيدي من أركان الثورة، وبطلا ً مقداما ً صبورا ً على المكاره، ذا بأس، ويعود إليه الفضل في الدفاع  والمقاومة. 
 - قال سلطان باشا الأطرش، في رثاء فضل باشا هنيدي :
 ( فقدنا باستشهاده أعز صديق، وأوفى، رفيق على طريق النضال منذ أيام الثورة العربية الكبرى ).     
- قال عنه السفرجلاني: 
هو من بني معروف الأشاوس ... 
كان باسلا ً في وثباته. 
عظيماً في حملاته. 
 كبيرا ً إذا انقّض على أعدائه. 
جمع بين المزايا الحسان جميعا ً. 
وأخيرا ً  ... 
قال عنه الدكتور عبد الرحمن الشهبندر مؤرخ الثورة الدمشقي، بإستشهاد فضل الله باشا هنيدي، فقدت الثورة العربية الكبرى عقلها المُدبِّر وفقدت سوريا واحدا ً من اعظم رجالاتها. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٣٠ ايلول ٢٠١٦ 


الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

لونا قصير، وفراشة التَّوْت ....


الروائية، لونا قصير. 
وفراشة التَّوْت. 

لونا قصير روائية من لبنان تعرِّفها، من خلال الأسماء التي تُطْلِقُها على رواياتها، فبعد القميص الزهري، وبلاد القُبّلات، هناك فراشة التَّوْت. 
في كل رواياتها، وقصصّها تشعر وانت تقرأ ،،، 
لونا قصير ...
أنك، وسط حديقة غنّاء ...
لا ،،، تكتفي بعظمة ألوان الأزهار، والرياحين ...
ولا ،،، ترتوّي من جداول المياه المنسابة ...
ولا ،،، تملئ عينيك المناظر الخلابّة ...
ولا ،،، تشبع من الفواكهة اللذيذة ...
بل ،،، 
يطيب لك المقام، لتمكُث، طويلا ً ... 
وتبقى، لتقرأ، وتقرأ حتى اخر كلمة من الرواية. 
هذه هي لونا قصير .... 
الروائية، والصديقة. 

شخصيا ً ... 
أشعر بهناء، وسعادة، وسلاسة وانا أقرأ لها ....
وتكون سعادتي اكثر، ان أكتّب لها مُدوِّنة، في كل مرّة تنشر رواية جديدة. كما سبق وكتبّت لها بالسابق مُدوّنة، على صفحات شركة غوغل.

فراشة التَّوْت ... 
رواية جديدة، للروائية لونا قصير.   
وهي رواية تروي  الواقع الذي نعيشه ...
بطلّة الرواية تتعرّض لخيبات كثيرة، لكنها لا تستسلّم. 

ليزا ...  
البطلّة تحدّت العالم من أجل مشاعر كانت تسكنها. 
لحقّت مشاعرها إلى النهاية. 
حواجز البُعد، والمسافات لم توقفا ليزا الحالمة، والعفويّة من السعي وراء دقّات قلبها. 
فراشة التَّوْت ....
ليست فقط رواية حُب ....
بل سلسلة من المشاكل الإنسانية، والإجتماعية التي نواجهها في مجتمعنا الحالي. 

فراشة التَّوْت ....
قد تكون قصة حُب معاصرة، لانها إبتدأت من خلف الشاشة الإلكترونية، تدور أحداثها بين قرية التّوت في لبنان، وباريس، في فرنسا. 
الرواية سلسلة، من الأحداث الواقعية والشفافّة ...
 فيها :

 -/الزواج المختلّط، ما بين الديانات المختلفة.  
 -/ فارق السن، بين الرجل، والمرأة. 
 -/ هل الحب، يتكلّل دائما بالزواج. 
 -/ هل يدوم الحب، من غير زواج. 
 -/ أهمية الحب في حياة المرأة، وتشبّثها بالبحث عنه. 
 -/ كيف ستتصرّف البطلة في بلاد الحرية، بين الممنوع، والمسموح. 
الخلاصة :

سردّت الكاتبة، لونا قصير أحداث قصتها ...
كالطائر الذي يتنقّل من غصن الى غصن.
وكتبّت سطور روايتها ...
كالنهر الذي ينساب، بين السهول. 
وختمّت فصولها ...
كالسمفونيّة المُتراصّة. 
مع تحياتي أيتّها الصديقة. 
إنك، لونا قصير ...
يكفي إسمُك ....
 تعريفا ً ...

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٨ ايلول ٢٠١٦ 




الأحد، 25 سبتمبر 2016

صباح، الأسطورة ...

صباح ...
الأسطورة ....
غير ... المكتملة سبكا ً .... 

صباح، الإنسانة. 
صباح،  المطربة. 
صباح، صالّت  وجالّت  في  قلوب  وأفئدة  العرب  قاطبة ً  ...
صباح، دوّخت  أعتّى الرجال  بجمالها ....
صباح، استقبلتها القصور، وأرقى  فنادق  العالم ...
صباح، ركع  تحت  قدميها، من  حاول  أن  يخطّب  وِدّها ...
صباح، مالت  لها  أعمدة  بعلبك  خشوعا ً ...
صباح، قضَّت،  اخر  سنوات  عمرها، في  فندق  متواضع ....

الأسطورة، اسم على مسّمى. 
كانت للصباح، شمسا ً.
الأسطورة، اسم على مسمّى. 
كانت لليالي،  قمرا ً .
الأسطورة ....
إسمها صباح،  او جانيت  فغالي. 
عاشت  وترعرّعت ....
في ديار ٍ لا تعرف   للأساطير، قيمة ً  او  منزلة ً ....

كانت، الأسطورة،  لدى  شعوب  الارض  الغارسة، والغارقة  في عمق  التاريخ، تُبجِّل،  وتكرِّم،  وتُقيم  الأضرحة،  والتماثيل، لبطلة الأسطورة،  وتجعل  لها يوما ً لذكراها ...

هل، يكون للأسطورة صباح  قيمة ً، بعد رحيلها ؟ 

أم، أن  سبك الاساطير  ...  
يحتاج  الى  عُظماء ؟
وهل في لبنان، عُظماء ؟

أعداد
فيصل المصري

أُورلاندو  / فلوريدا

٢٥ ايلول ٢٠١٦

الأربعاء، 21 سبتمبر 2016

أوجه الخِلاف ما بين التوريث السياسي، والتوريث الموسيقي.


أوجه الخلاف ما بين :
التوريث السياسي.  
والتوريث الموسيقي. 

  
 -/ في التوريث الموسيقي :
الموسيقى التصويرية لفيلم د/ جيفاغو هي، من تأليف الموسيقار الفرنسي العبقري، موريس جار، والد الموسيقار جان ميشال جار. 

الوالد له عدة مقطوعات موسيقية أهمها، لورانس العرب ....
اما الابن فقد بزّ أباه، وصدّحت موسيقاه في العالم ...
 التوريث الموسيقي، إنه شأن نبيل، يجعلك تتمّنى ان تكون السلالة في التوريث لأمد طويل، حتى ترتقي سلّم الإبداع، مع الورثّة، لتصل مع الخلف، الى أماكن عجز عنها السلف. 
بالخلاصة ...
التوريث الموسيقي ...
هو أمر ٌ مُستحّب. 
أما التوريث السياسي ...
فانه مستنقع لا قعر له، تنبت على حوافه، طحالب إتكالية وتنبعث منه، روائح كريهة، لا تحيّا فيه الأسماك الطاهرة، ولا تسبح فيه الطيور المائية، وقد يصلح هذا المستنقع لدفن الفضائح، وقهر الطموح، وتهجير الشباب الذي، لا يستزلم. 
وقد لفتني في التوريث السياسي، ما قالته بربّاره بوش، زوجة الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، عن ترّشح ابنها جيب، للرئاسة، بأنها كمواطنة أميركية، لا تؤيد ان يرِّث ابنها، مركز سبق وشغله زوجها، ومن ثم إبنها. 
ملاحظة : بوش الابُّ هو من أعمدة الإستبلاشمانت. 
Establishment. 
بالخلاصة ..
التوريث السياسي ...
يمقتّه المجتمع، المُتحضِّر ..
وتستسيغه المجتمعات، المُتخلّفة ..

فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا
٢١ أيلول ٢٠١٦

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

أوجه الشبّه ما بين الإقطاع السياسي، والإستبلاشمنت.



دراسة :
العلاقة ما بين ....
الإقطاع السياسي، في الماضي. 
والإستبلاشمنت، في الحاضر. 

مما لا شك فيه ان تعبير الإقطاع السياسي، سبق بأشواط بعيدة التعبير الحديث المعروف بالإستبلاشمنت، الذي ظهر بقوة بعد الحرب الأهلية الأميركية بالعام ١٨٦١م. 
والاستبلاشمنت، تعني تجمّع مصالح الشركات العملاقة، كشركات الكهرباء، والماء، والمصارف، والادوية، والتأمين، والإقراض السكني، بحيث انها تُملي ارادتها على الدولة، من خلال سلطاتها الثلاث، خاصة السلطة التشريعية، عن طريق سن القوانين لمصالحها، او إنتخاب نواب أدوات لها، او فرض قضاة، او حتى تعيين رؤساء جمهوريات. 
وقد إشتّد بأس، وقوة الإستبلاشمانت في اميركا، بحيث انه يُقال ان الادارة الأميركية تحكمها هذه المنظومة منذ الحرب الأهلية. 
وَمِمَّا لا شك فيه ايضا ً أن العلاقة فيما بين، الإقطاع السياسي، والإستبلاشمنت علاقة وثيقة، ومتينة وكأنهما وجهان، لعملة معدنية واحدة. 

أثناء الحرب الأهلية الأميركية، وبسبب توّسع رقعة الاشتباكات بدأت تظهر  الشركات العملاقة لانها نجحت في إستقطاب العدد الكبير من العمال، والحرفيين، والمهنيين، في معامل الأسلحة، وسكك الحديد، وعلى مر السنين باتّت هذه الشركات تملك وسائل الضغط على الحكومات المتعاقبة، الامر الذي بات في يدهم ألحّل، والربط وبلغوا في نهاية المطاف القوة السياسية التي لا يستهان بها، وتشبه الى حد بعيد الإقطاع السياسي الذي كان سائدا ً في أوروبا. 
   
نظرة تاريخية على الإقطاع السياسي.
   
الإقطاع، هو نظام إجتماعي، وسياسي، وإقتصادي، له تعريفات عديدة ظهر في أوروبا خلال العصور المظلمة، وشبه الجزيرة العربية، ومناطق أخرى من العالم في فترات مختلفة من التاريخ.  
إن المصطّلح، إرتبط في الغالب بأوروبا، في العصور المظلّمة من القرن التاسع، وحتى القرن الخامس عشر، وأول إستخداماته كان في القرن السابع عشر، 
النظام الإقطاعي هو،  تفرَّد  مجموعة بملكية الأرض ، وما عليها من عِبّٓاد، هذا بالمعنى العام. 
وبمعنى آخر، هو نظام سياسي، إجتماعي، وإقتصادي حربي ، قائم على حيازة الأرض ، وتنظيم العلاقة بين، السيّد الإقطاعي، والتّابع.

أمّا مفهوم الإقطاع، فلم يتم استخدامه إلاّ في أواخر القرن الثامن عشر، إبان الثورة الفرنسية عام 1789 م. 
 ومنذ ذلك الحين ظهرت إلى جانب " النظام الإقطاعي "، كلمات مثل " الإقطاع " ، " القن " ، " القنية " ، " المأمور " ،   
" الضومين " وغيرها من مصطلحات، تتعّلق بالأرض، بما عليها من عاملين، وملاّك.    
 أصبح لهذه المفردّات، مكانتها في المعاجم التاريخيّة ، يستخدمها الكتّاب والمؤرخون، في دراساتهم للعلاقات المتشابكة، بين الأفراد والجماعات، إبان العصور الوسطى الإقطاعيّة. 

ويعود سبب ظهور هذا النظام في أوروبا في ذلك الوقت، إلى ضرورات إقتضّتها ظروف الحياة في تلك المجتمعات ، بعد سقوط الإمبراطوريّة الرومانيّة بيد القبائل البربريّة ، وأهمها :

1. تأثر النبلاء ، ومالكي الأراضي الرومان، بنظام الأتباع ، الذي ساد دولة الفرنجة، في  فرنسا. 

2. قيام صغار المالكين، بِرٓهْن  أملاكهم إلى من هم أكثر نفوذاً وقوة ، لتأمين الحماية لهم. 

3. حالة الضعف، والفوضى التي سادت البلاد بُعَيدَ وفاة شارلمان .

4. ضعف الحكومة المركزية للدولة ، وعجزها عن صدّ الأخطار الخارجيّة. 
  -/ الإقطاع السياسي في لبنان. 

أن ّ السبب الرابع، المُتمثّل بضعف الحكومة المركزية للدولة،  هو من أهم سِمات  تركيبة النظام اللبناني، والتي بسببها قويًّت شوكة الإقطاع السياسي في لبنان، منذ تاريخ تكوينه، حتى يومنا الحاضر. 

وقد دأبت العائلات الإقطاعية في لبنان، على إضعاف الحكومات المركزية، وقد بان ذلك من التاريخ المعاصر، منذ حروب الفتن الطائفية، والمذهبية في القرن التاسع عشر ( فتنة ١٨٦٠ ) ثم في القرن العشرين، في الحروب الأهلية، ١٩٥٨، ١٩٧٥، وما بعدهما، وما تلى هذه الحروب من إتفاقات، كجنيف، والطائف، والدوحة، وغيرها من إتفاقات تندرج تحت مِظلّة تقسيم الجبنة، اي المغانم. 
هذه الحروب، والفتّن المذهبية، قوّت شوكة الإقطاع السياسي، في لبنان، وأصبح المُصطّلح المستعمل في القواميس، هو ملوك، وأمراء، الطوائف، بدّل تسميّة الإقطاع العائلي، وإن كانت التسّمية الجديدة، لا تختلف عن القديمة، كونها تُزيد من أضعاف الحكومات المركزية، وتُزيد ايضا ً من إذلال الشعب. 
أذا قارنت الحروب الأهلية، في العالم الحديث، بدء ً من الثورة الأميركية المجيدة، والثورة الفرنسية المُظفّرة، والحروب والفتن الأهلية في لبنان، ترى الفرق الشاسع في النتائج. 
هناك، وبعد الثورات الوطنية الأهلية، ترى ان الشعوب، وصلت الى كامل حقوقها المدنية في الحياة، والى ان عظمّة، ورفعة شأن الدولة المركزية وصل الى سدرّة المنتهى، عكس ما حصل، ويحصل في لبنان، إذ تلاحظ، ان شوكة، وبأس، الإقطاع، وفيما بعد، الملوك، والامراء، زاد قسوة، وعنفواناً وظلما ً، فيما تناقص نفوذ الحكومة المركزية، وأصبح في الحضيض، وان الشعب، إنقلب كالخرفان، يقودهم، راع ٍ يجيئ بهم او يأخذهم، للذبح، مُحاطين، ومكّبلين بالذّل، والهوان والاحتقار، ومن ثم الهجرة، الى من استطاع اليه سبيلا ً.

 -/ الإستبلاشمانت في أميركا. 
غدّت الإستبلاشمانت في اميركا، بعد الحرب الأهلية :
هي التي تُقرّر ..
هي التي ترسم السياسة العليا ...
هي التي تُعيّن الرئيس ...
لقد تكالبّت، وتعاظمّت، وتعاضدّت، وإتفقّت الإستبلاشمانت، في الانتخابات الرئاسية الحالية، سواء كان هواها السياسي، ديموقراطي، او جمهوري. 
وقد تكون نتائج الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني القادم، هي التي ستحدّد شأن، وبأس، وقوة هذه المنظومة في البقاء، او الضعف، او الزوال. 
هذه المنظومة، التي تخنق الرقاب، بدء ً من شركات الكهرباء، والماء، والمصارف، والتأمين الصحي، ومعامل الأدوية، الى اخر شركة غذاء، او مطاعم او محطات توزيع الوقود. 
ولتوضيح الصورة اكثر :
إن المرشحة عن الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون هي المدافع عن أخر معاقل الإستبلاشمانت في اميركا، اما المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب هو المقاتل حتى الرمق الأخير، ضد هذه المنظومة. 
وغدا ً لناظره قريب. 


  

فيصل المصري
أُورلاندو  / فلوريدا 
٢٠ أيلول / ٢٠١٦


الاثنين، 19 سبتمبر 2016

خاطرة، في العشق الممنوع والحب المستحيل.

خاطرة ....
 في العشق، الممنوع.
وفي الحب،  المستحيل.  

كان يسألها  وَيَلِّح عليها، السؤال. وكانت تمتنّع  وتُؤخِر،  بالإجابة. 

إستغرب، الصّمت  الذي  تعتمده. 
وإستعجل، رسم  علاقته معها. 

الى أن قالت له ....

والحسرة،  تغلي دموع، مُقلتيها.  
والألم،  يعصر نبضات، قلبها.

إنه، العشق الممنوع الذي يؤخرني.
إنه، الحب المستحيل الذي يمنعني.   
إنه،  الجنون  الذي يؤرقني. 
إنه، الحب، الذي يُحرجني. 
 
مراكبي ... تاهت بحبك.
وشراعي ... مزقتها رياحك.  
 


أستيقظ كل صباح، منذ عرفتك.
أرتشف جمال وجودك، في خيالي. 

بكل ... شوق وحنين ...
ألهث  ... وراء كل لحظة  جميلة  أقضيها  معك.

لحظاتي، السعيدة تهرب مني  نحو الغروب  ...

إنه، غروب  ذاكرتي.
إنه، شروق  واقعي.

إنه،  نهاري المملوء بسحابة سوداء. 

وما بين الغروب، والشروق. 

أشتاقُ ....
الى .... 

عشقي، الممنوع. 
وحبي،  المستحيل. 


فيصل المصري 

أُورلاندو / فلوريدا
١٩ أيلول ٢٠١٦

الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

الحٌّب العُّذرّي ... أين نَجِدُّه الان ؟

الحُّب العُّذرّي ... 
مُنيّة النفس، ألأبيّة.   
 في الشعر العربي القديم. 

إهداء ...
الى كل من يؤمن ...
او تؤمن بهذا النوع من الحُّبْ ....
ويتخّذه ...
او تتّخذُه  ....
طقسا ً، وطريقة ً، في الحياة. 

إختّرت هذا الموضوع، بعد ان تراكمت الغيوم الملبّدة، وإكفّهر الجو، في سماء ٍ، إنحبس فيها المطر، وانقطّعت مزّنات الصيف، وطال الليل، وغاب القمر، وعلا عواء الثعالب، وصالت الذئاب، وجالت مكشّرة عن انيابها، تنهش قيّم الحياة، وتفتك بالخير، وتنهك الأواصر وتبيدها،
 وبعد ان اصبح الحُّب علاقة جنسية، ليس إلا.   

ارتأيت ان اكتب في الحُّب، الذي إفتقدناه في الحياة الدنيا، ولم يبق له أثر حتى في الآخرة. لإن التكٓالُب، والتعالي، والنبذ، والأنانية، سِمّات،  قضَّت على الحب. 

( الحُّب  العُّذرّي  )

الحُّب  العُّذرّي، يلفح العاشق، والعاشقة على حد سواء، لانه مُنيّة النفس، الأبيّة، والروح النقيّة. 
هو،  عاطفة صادقة، لانه يدوم، ويستمر، ويبقى على الرغم من الحرمان، والفراق القاتل، وفيه توحيد للمحبوب الواحد، لا إشراك فيه، وفيه العفّة، والشكوى، من بخل المحبوبة، وفَرط ٌ في الحزن. 
 أما اليأس، هو من عوارض الحُّب العُّذرّي. 
الحُّب العُّذرّي،  هو حب ٌ جارف ٌ، قوي ٌ، عارم ٌ، لا يلتقي فيه الحبيبان، فالليل  يطول، لانه ينقلب عذابا ً ...
والنهار شقاء لانه، لا عمل فيه ينفع ... 

فالعاشق العُّذرّي  ( او العاشقة ) لا يُحِّب في الحقيقة  شخص حبيبته، بقدر ما يحِّب، عِشقُه لها، ولهذا لا فرق عنده،  ان  كانت  بعيدة، او قريبة ً منه، فلهذا تراه يتيم ُ في عِشقه ويذوب في الكلام. 

فان كانت بعيدة عنه، فان نار العشق، تتأجّج. 
وان كانت قريبة منه، فان حُبِّه  لها، لا يخبو، ولا  يضعف. 

الحُّب ألعُذرّي،  هو حب حقيقي، لا جِناح فيه، لا فسوق، ولا حرج، ولا خيانة، ولا عار، ولا خطيئة، ولا ريبة، إنما فيه الوفاء، والعفاف، والطّهر، والنقاء، والصفاء، الذي ما بعده، صفاء نفسي. 

على مرّ التاريخ :
 وفي الأدب العربي،  وحتى الأجنبي، تعامل الأساطين مع الحُّب ألعُذرّي ، بأنبل صور العشق، التي يمكن ان يصل اليها البشّٓر، لانها تُمثل إنتصار الروح على الجسد، وهزيمة للنفس، الأمارة بالسوء، وطغيان مُنيّة النفس المتفانية.  
الحُّب  ألعُذرّي ،  في العصور القديمة ...
ظهر في بلاد ما بين النهرين ( العصر البابلي، وما قبله السومري ) قبل ٥٠٠٠، سنة قبل المسيح، وقد إعتبر البابلي  ان القلب، هو مركز الحُّب ، وجعلوا من الكبد، مركز المشاعر، من شوق، وحُزن. 

وقد نُسب الحٌّب ألعُذرّي، الى قبيلة بني عذرة، المعروفة في الجزيرة العربية، في صدر الاسلام، وما قبله، حيث برز شعراء من هذه القبيلة تُردّد أشعارهم الى يومنا هذا،  لانها من أنبل، وأجمل، ظواهر الحب، والعشق. 

يقول ابن قيّم ألجّٓوزية،
 في كتابه روضة المُحبّين  ونزهة المشتاقين :
قال سفيان ابن زياد :
 ( قلت لامرأة، من عذرة رأيت ُ فيها هوى، غالبا ً خِفت ُ عليها، الموت منه :
 ما بال العشق، يَقْتُلكم معاشر بني عذرة، من بين احياء العرب ؟ 
قالت : فينا جمال ٌ وتعفّف ٌُ، والجمال يحملنا على العفاف، والعفاف، يورّثنا رقة القلوب، والعشق، يُفني آجالنا، وأننا نرى عيونا ً لا ترونها ).

يشيع الصدق، في كلام هذه السيدة ألعُذرّية، لان النزعة روحانية والحب، فيه، تبّتل، والعيون عندها ترى، ما لا تراه غيرها، وكأنها تقول لحبيبها، أني اراك في كل مكان، 

الشعراء في الحُّب ألعُذرّي،  لم يقتصروا على قبيلة بني عذرة فقط، هناك شعراء من قبيلة نهد، اهمهم عبدالله بن عجلان، الذي نشأت على يديه أسطورة الحُّب العُّذرّي ، كما يقول الباحث الفرنسي، ( فاديه )

اما مجنون ليلى، فهو من قبيلة عمرو بن صعصعة، القاطنة قرب مكه، عاصر الدولة الأموية واسمه قيس ابن الملوح، وان ليلى التي أحبّها هي إبنة عمِّه، مهدي بن سعد بن كعب بن ربيعة.  

اما جميل بِن معمر، وحبيبته بُثيّنة، نرى فيهما، أرقى نماذج الحُّب العُّذرّي، وأصدقها. 

وهناك ايضا الشاعر، قيس ابن ذريح بن الأحباب بن سنه من قبيلة، حزيمة، من عرب الشمال، وحبيبته لبنى بنت أحباب، ام معمر من بني كعب من خزاعة. 

وهناك ايضا ً الشاعر،  كثير بن عبد الرحمن الخُزاعي، ومحبوبته عزّه. 

وهناك ايضا ً، عنترة بن شدّاد، من قبيلة عبس، وعبله. 

وقد رأى الفلاسفة، ان ألحُّب  العُّذرّي ،  لا يقتصر على الشعراء فقط، كونهم يظهرون مفاعيله في قصيدة،  لا بل تصل الى عاشق، او عاشقة، لديهم جوع، عاطفي يؤجج المشاعر، فيذوب النثر، وتظهر الدُرّر. 

 لا  يمكن الاستخفاف بهذا الحب إطلاقا ً.
لان العذرية، لها ابعاد ميثولوجية، مرتبطة بالبعد الأسطوري، لانها تعتمد على عناصر قليلة من الواقع، ويُكْثِر ُ العاشق الولهان، او العاشقة، ألمُتيّمة بالرغم من بُعدِ المسافات بينهما، قصة حقيقية، وأبطالها حقيقيون.  

كذلك ان الحُّب  العُّذرّي ،  مرتبط ببعده المكاني بالطّيف، اي إن طّيف الحبيبة، او الحبيب، وعمر المسافات لا يفرِّقهما، لان الخيال، هو الذي يقوم بوظيفته على أكمل وجه، في تقريب المعشوقة اليه. 

وقد اعتبر الفلاسفة، ان الحُّب العُّذرّي ظاهرة تحمل في حناياها الحس الماساوي، بالتغّني بالعشق، لانه حق من الحقوق الأزلية، للذات لا يمكن التفريط بها.  

ومن اهم سمات الحب العذري. 
 ( إخفاء الهوى، والتكتّم، والسّر خشية، الافتتضاح )
وكما قال جميل بثينة :
سأمنح طرفي حين ألقاك غيركم ....
لكيما يروا ان الهوى حيث انظر ....
اقلب طرفي في السماء لعله ...
يوافق طرفي طرفكم حين ينظر ... 

إذن الرقابة، والحظّر، والتكّتم، أساس الحُّب العُّذرّي.  

وقد تكون شرارة الحُّب العُّذرّي، وقعت ما بين إثنين، ويحاول احد الطرفين الخلاص منها، ولا يفلح،
 كقول جميل :

وأول ما قاد المودة بيننا ... 
بوادي بغيض يا بثين َ سباب ...

أخيرا ًًً .... أردّد ما قيل عن الحُّب العُّذرّي  ...
هذا حب ٌ، نتمنى ان نحيا مثيله ...
وإن عز ّ في زمن ٍ كزماننا ... 
وأضحى نادرا ً وإن  لم  يكن معدوما ...
حب ٌ خلدته  إشعار ٌ سارت  بها الركبان ... 
وتغنّى بها العشاق ليومنا هذا. 
مات أصحابها، وما ماتت حكايات  حبُّهم  العُّذرّي، التي تسمو بالمشاعر  والأحاسيس الى مرتبة النقاء، والصفاء الروحي. 


 فيصل المصري 
اورلاندو /  فلوريدا
١٥ ايلول  /٢٠١٦

 

 

الأحد، 11 سبتمبر 2016

هل يُعيد التاريخ، نفسه.

الموريسكيون،
هل ستتكرّر مِحنتهم في أوروبا ... بالمستقبل ؟
دِراسة، مُطوّلة. 

مما لا شك فيه، إن ما يحدث اليوم في أوروبا وخاصة فرنسا، وما نشهده من قوافل، وجحافل التهجير، والهجرة العربية، الاسلامية الى أرجاء الكون،  يُذكِّرنا بالمحنة التي حدثت للمسلمين، عشية سقوط الأندلس. 
بالماضي، كان الفتح الاسلامي. 
اليوم، هو التهجير، والهجرة الاسلامية. 
سابقا ً، وكما قال احد فلاسفة إسبانيا :
أينما حل ّ الاسلام، والمسلمون كان الرخاء، والعلم، والفلسفة، والحضارة، ضيوفا ً ...
أمّا اليوم، إنقلبّت المعادلة السحرية، فالصرخات من كل حدْب وصوب، الإرهاب، الإرهاب ...
وما أدراك بالارهاب الذي يضرب، ويعصف بالعالم، وأصابع الإتهام لا تترك مجالا ً، او شكوكا ً بأن المُتّهم هو واحد ... الاسلام.  
في إسبانيا، بعد الفتح العربي الذي دام قرونا، كان العربي ( المسلم، والمسيحي )  يؤسّس لإمبراطورية عسكرية، سياسية، علمية، ثقافية، وفلسفية، لم يشهد التاريخ في ذلك الوقت مثيلا ً لها ...
كانت إسبانيا، الأندلس منارة تشّع نورا ً على ظلام أوروبا الدامس في ذاك الزمن. 
كانت إسبانيا، الأندلس منبعا ً للعلم، تروي شرايين أوروبا العطشى في ذاك الوقت. 
ولكن ...
عندما يتآكل البنيان المرصوص من، حِكّام على طِراز ملوك وأُمراء الطوائف في اواخر الحقبة الأندلسية، فإن الهوان، والذّل، والسقوط لا بد انه آت، وهذا ما حلّ بالموريسكيين في إسبانيا، بعد سقوط الأندلس. 

 -/ تعريف :

الموريسكيون، أو الموريسكوس بالقشتالية هم المسلمون الذين بقوّا في إسبانيا تحت الحكم المسيحي، بعد سقوط المملكة الإسلامية ( الأندلس ) وخُيِّروا بين اعتناق المسيحية، أو ترك أسبانيا. 

 -/ توطئة تاريخية :

 في عهد،  الملك فرديناند، وإيزابيلا في 14 شباط 1502. 
وفي الفترة الواقعة ما بين 1609 و 1614، أجبرت الحكومة الإسبانية الموريسكيين، على مغادرة المملكة إلى شمال أفريقيا بطريقة مُنٓظّمة، وكانت أعدادهم كبيرة :
 -في أراغون السفلى. 
- وفي جنوب مملكة بالينسيا. 
- وفي غرناطة. 
- بينما كانت، أعدادهم أقل في مملكة قشتالة. 
وقد تم تهجيرهم نحو دول شمال أفريقيا، والى الشام، وتركيا. 
ويتواجدون حالياً في الجزائر، وتونس، والمغرب، وليبيا.

في عام 1609، كان هناك ما يقرب من 325,000 من الموريسكيين في إسبانيا من أصل مجموع السكان 8,5 مليون بنسبة 3,5 بالمائة.    
وكان تواجدهم :
- في تاج أراغون، حيث شكلوا 20% من السكان. 
- وفي مملكة بالينسيا حيث وصلت نسبة المورسكيين إلى 33% من سكانها. 
ويضاف إلى ذلك، كان النمو السكاني، للموريسكيين أعلى، مقارنة مع نمو السكان من المسيحيين، الإسبان.  
في بالنسيا، كان النمو السكاني  للمورسكيين بنسبة 69,7% مقارنة مع 44,7% للمسيحيين.
كان معظم سكان المدينة،  من  الأغنياء المسيحيين، بينما كان إنتشار المسلمين في الريف، والضواحي الفقيرة من المدن.

جرى تقدير أعداد المسلمين الموريسكيين الذين تحوّلوا للمسيحية، بحوالي مليون شخص.
 وتشير دراسات متعددّة المصادر :
أنّ ما بين 7%-10.6% من الإسبان حاليا ً، هم من سلالة أُسر  شمال أفريقية، مسلمة تحولّت للمسيحية.

 -/ سقوط الأندلس. 

وفي عام 1491، إستسلم أبو عبد الله محمد الثاني عشر آخر ملوك بني نصر، للملكين، فيرديناند، وإيزابيلا الكاثوليكيين وتفاوض معهما حول تسليم غرناطة في 25 تشرين الثاني، من نفس العام.

 -/ معاهدة تسليم غرناطة .


أبو عبد الله الصغير ( آخر ملوك بني الأحمر) هو الذي سلّم مفاتيح غرناطة، للملكة إيزابيلا الأولى، وزوجها فيرديناند.
كان حصار مدينة  غرناطة، طويلا ً، ومهينا ً، ومُذِّلا ً، حيث إجتمع العلماء والفقهاء، والقادة، في قصر الحمراء، وإتفقوا على تسليم المدينة، واختاروا الوزير، أبا القاسم عبد الملك، لمفاوضة فيرديناند ملك أسبانيا، على شروط التسليم. 
وفي يوم، الجمعة الأسود :
  23 من محرم سنة 897
 هـ الموافق لـ 25 من تشرين الثاني، سنة  1491  
 قام أبو عبد الله الصغير آخر ملوك بني الأحمر، بإمضاء إتفاقية  يتنازل فيها عن عرش مملكة غرناطة، وعن جميع حقوقه فيها، غير أنّه حاول توفير بعض الامتيازات، لرعاياه من مسلمي الأندلس. 
وقد تضمنّت المعاهدة، سبعة وستون شرطا ً .. مما ورد فيها :

   
 -/ الموريسكيون. 
نصّت المعاهدة على ان :
-  يحتفظ الموريسكيون، بدينهم، وممتلكاتهم. 
أن يخضع الموريسكيون، لمحاكم قضاتهم، حسب أحكام قانون احوالهم الشخصية. 
 ليس عليهم، ارتداء علامات تشير لكونهم موريسكيين، كما هو الحال مع عباءة اليهود. 
- ليس عليهم، دفع ضرائب للملكين المسيحيين فرديناند، وإيزابيلا  تزيد على ما كانوا يدفعونه سابقا ً. 
لهم الحق بأن يحتفظوا بجميع أسلحتهم ماعدا، ذخائر البارود. 
 يُحتَّرَم كل مسيحي، يصبح موريسكي، ولا يعامل كمرتد. 
أن الملكين ( فرديناند وإيزابيلا ) لن يعيِّنا عاملا ً  إلا من كان يُقَدِّر  الموريسكيين ويعاملهم، باحترام ومودة، وإن أخلّ في شيء، فإنه يتم تبديله، على الفور، ويعاقب. 
 للموريسكيين  حق التصرّف ، والتمتّع في عاداتهم، وتربية أبنائهم.   

تعهد الملكان الكاثوليكيان في المعاهدة وبنفس تاريخ توقيعها، 
- بـ " أن ملكي قشتالة، يؤكدان ويضمنان بدينهما وشرفهما الملكي، القيام بكل ما يحتويه هذا العهد من النصوص، ويوقعانه باسميهما ويمهرانه بخاتميهما ".

جرى تكريس هذا التعهد، بعد ذلك بسنة في 30 ديسمبر سنة 1492م الموافق لـ ربيع الأول 898هـ بتأكيد  جديد  يأمر فيه الملكان ولدهما الأمير، وسائر سادة، ووجهاء المملكة بالمحافظة على محتويات هذا العهد، وألا يعمل احد ضده في شيء. 
أو ينقض منه شيء، الآن وإلى الأبد. 
وأنهما يؤكدان، ويقسمان، بدينهما وشرفهما الملكي بأن يحافظا، ويأمران بالمحافظة على كل ما يحتويه بندا بندا، إلى الأبد. 
وقد ذيل هذا التاكيد، والعهد، بتوقيع الملكين، وتوقيع ولدهما، وجمع كبير من الأمراء، وألاحبار، والأشراف، والعظماء، في إسبانيا. 

 -/الغدر، وبداية التنصير. 


تعميد المسلمين، في الأندلس بعد 1502 م

بدا في بداية الامر، أن الملك، والملكة سيلتزمان بالمعاهدة.  
لكن لم يطُّل الوقت حتى بدأت نيتهما في الظهور، خلاف ما تعهّدا به. 
وقد ساعد في ذلك التغيير، أن الكنيسة الكاثوليكية حاربت بقوة سياسة الاعتدال الأولى، وبدأت تُساعد، وتحُث ْ، وتُحرّض في نقض الشروط التي تم الإتفاق عليها. 
ولم تنفع، التأكيدات البابوية، والملكية القشتالية، وسلطاتها المدنية، والكنيسة الإسبانية  الوفاء بشروط "معاهدة تسليم غرناطة ". 
وبعد ان استتبّت الأمور للملكية، القشتالية. 
وبعد دخول الملكين الكاثوليكيين، غرناطة. 
وبعد زوال ما كانوا يخشونه من انتقام المسلمين، أو انتفاضتهم عليها. 
 بدأت، الإستعدادات والعدِّة، لحرب المسلمين. 
كان أول الغدر، والنقض للمعاهدة :
  - تحويل، مسجد الطيبين، إلى كنيسة. 
 - وكذلك، مسجد الحمراء. 
- ثم تحويل مسجد غرناطة الأكبر، إلى كاتدرائية.

نظمّت الكنيسة في السنين الأولى لسقوط الأندلس :
 - فرقًا تبشيرية من رهبان، وراهبات للقيام بنشر النصرانية. 
كان الاعتقاد السائد،  أول الأمر أن المسلمين سيعتنقون النصرانية بسهولة، خاصة عندما هاجر زعماؤهم، وارتّد الكثير من كبارهم. 
ولما، لم تأت هذه المجموعات التبشيرية باي  نتائج  تُذكر، أخذت الكنيسة والدولة، تفكران في تغيير سياستهما، من اللين، إلى العنف. 
تمّ،  إلغاء كل بنود معاهدة التسليم، الواحدة تلو الأخرى.
كانت الدولة، والكنيسة الإسبانية، تختلقان الاعذار، والاسباب، والقرارات في المضايقات، والإهانات، اهمها :
تطبيق سياسة، الارتداد على المسلمين من أصل نصراني، إذ قررت الحكومة معاملتهم، ووأبناؤهم، وأحفادهم، وسلالتهم، معاملة المرتدين، وبدأوا في ملاحقة الأُسر المسلمة، من أصل نصراني، والزج بهم في السجون إن رفضوا التنصّر، وترك الدين الإسلامي.
وكان الفتيل الذي أشعل الثورة، في حي البيازين في :
 18/ 12 / 1499 م  حيث جرى إنتهاك أحد أفراد الشرطة لحرمة إحدى المسلمات، التي اعتنق والدها الإسلام، فسيقت الى السجن  هي وأولادها. 
تجمّع المسلمون لحمايتها، وقتلوا الشرطي وحرروا المرأة. 
ثم انطلق المسلمون ينادون بالثورة للحفاظ على عقيدتهم، فاحتلوا أبراج البيازين، وأقاموا المتاريس. 
وفي الليل، هاجم الثوار قصر الحاكم، فلم يكن فيه، إذ فرّ قبل ذلك إلى الحمراء. 
ثم نظم الثوار أنفسهم وانتخبوا حكومة من أربعين ممثلاً. 
في هذه الأثناء تابعت الكنيسة، والدولة سياستهما في التنصير القسري.

 -/ التنصير القسري وحرق الكتُّب. 
أُعطيت الأوامر، لإحراق المصاحف، والكتّب الإسلامية من قبل أعضاء محاكم التفتيش، في إسبانيا.
في أواخر يوليو من عام 1500 م ذهبت الملكة إيزابيلا إلى غرناطة لمتابعة عمليات التنصير، والإشراف عليها. 
أقرّت الدولة، وطلبت من جميع قرى، ومدن مملكة غرناطة، تطبيق مراسيم تجبر الأهالي، على التنصير مقابل معاملتهم ماليا ً مثل معاملة النصارى القدامى. 
نصّت  المواثيق الجديدة، على منع النصارى الجُدّد من ذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية، ومن أن يلبس رجالهم، أو نساؤهم اللباس الإسلامي. 
أُجْبرّوا، على تغيير أسمائهم الإسلامية، وحتى تقاليدهم، وعاداتهم بعادات، وتقاليد مسيحية. 
 سُمح لهم مؤقتا ً باستعمال الحمام، والاغتسال (ولم يكن النصارى يغتسلون). 
 وفي نهاية  سنة 1500 م  عم ّ التنصير جميع أنحاء مملكة غرناطة القديمة. 

 - تم إصدر قرار بتحويل جميع المساجد، إلى كنائس، ومصادرة جميع الأوقاف الإسلامية. 
 - وفي 12/ 10 / 1501 م  صدر مرسوم بحرق جميع الكتب الإسلامية، والعربية، فحُرقت آلاف الكتب في ساحة الرملة، أكبر ساحات غرناطة. 
 - ثم تتابع حرق الكتب، إلى أن وصل عدد ما حرق منها، حوالي مليون كتاب.

كان هذا التصرف، من الكنيسة الاسبانية، والدولة من اكبر الكبائر في حق الحضارة البشرية، في ذاك الوقت، حتى ان بعض المؤرخين إعتبر هذا التصرف، من أكبر جرائم  الكنيسة، والدولة الإسبانية، في الأندلس وفي حق الحضارة الإنسانية. 

وتابعت الدولة والكنيسة، في أصدار المراسيم التعسفّية، بمنع استعمال اللغة العربية. 
وصدر قرار في ايلول يمنع "المتنصرين الجدد " من حمل السلاح وامتلاكه، وينص على معاقبة المخالفين لأول مرة بالحبس والمصادرة، وفي حال التكرار، يعاقب بالإعدام.

 -/ أعلان،  إنقراض الإسلام في الأندلس، 
أعلنت الدولة، والكنيسة إنقراض الاسلام في جميع إسبانيا، ولم يعودوا يذكرون اسم المسلمين إلا بـ "النصارى الجُدّد " أو المورسكيين، وهي كلمة تصغير " مورو " للتحقير، و "مورو " عندهم المسلم. ويسمي الأندلسيون أنفسهم، في هذه الحقبة بالغرباء، إشارة إلى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
"بدأ الإسلام غريبا ً وسيعود، غريبا ً كما بدأ، فطوبى للغرباء "، رواه مسلم. 
ولكن مصائب هؤلاء الغرباء لم تكن إلا في بدايتها، إذ بقي الإسلام في قلوبهم، وهم صامدون عليه. فنظمت الدولة والكنيسة جهازا ً للقضاء على الإسلام، حتى في قلوبهم، يسمى بـ " محاكم التفتيش ".

 -/ محاكم التفتيش. 
من الطُّرق التي إعتمدتها محاكم التفتيش :


 - إحراق المسلمين، في الأندلس على يد محاكم التفتيش.
بعد كل المحاولات التي بذلها الملك، وأتباعه لتنصير المسلمين في الأندلس جاءت التقارير بأنه حتى أولئك الذين استجابوا لمحاولاتهم، كانوا يمارسون الشعائر الإسلامية فيما بينهم سرا ً، ويتزوجون على الطريقة الإسلامية، ويرفضون شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، ويتلون القرآن في مجالسهم الخاصة، ويقومون بنسخه، وتداوله فيما بينهم، بل إنهم في منطقة بلنسية أدخلوا عددا ً من الكاثوليك الإسبان، في الإسلام وعلموهم، اللغة العربية والشعائر الإسلامية.

بناء على هذه التقارير تقرر إخضاع جميع الموريسكيون  في إسبانيا إلى محاكم التفتيش من دون استثناء، وكذلك جميع المسيحيين الذين يُشك بأنهم قد دخلوا الإسلام أو تأثروا به، بشكل يخالف معتقدات الكنيسة الكاثوليكية. 
وبدأت أكثر الفصول وحشية، ودموية، في التاريخ الكنسي الغربي، إذ بدأت هذه المحاكم تبحث بشكل مهووس عن كل مسلم، لتحاكمه، ليسجّل التاريخ فصلا ً من أسوأ، فصول الإضطهاد الديني للمسلمين، ولكل من يشكّون في إنتماءه للإسلام.

كان يتجوّل مندوبو بابا روما، في أنحاء البلاد لتقصّي أخبار الناس واتهام، كل مخالف بالكفر، ثم القبض عليه ومعاقبته. وكانت تعقد لذلك مجالس كنسية مؤقتة، كانت بمثابة محاكم التفتيش المبدئية. ثم تُحَّل  المحكمة بعد مطاردة المتهمين والقضاء عليهم. 
وهكذا عذبّت الكنيسة الكاثوليكية أجيالا ً كاملة من المفكرين، والعلماء بكل قسوة، وبطرق إجرامية، لا تمت للإنسانية بصلة. 

في 1568 م ثار الموريسكيون مجددا في منطقة ألبوخارا بإقليم غرناطة وهي من أشهر الثورات وامتدت الثورة حتى 1571 وتزعمها فرناندو القرطبي، الذي استعاد اسمه العربي وهو ابن أمية من سلالة خلفاء قرطبة في الماضي، ولكن الملك فيليبي الثاني قضى على هذه الثورة  بالحديد، والنار.

بعد ثورة غرناطة ....
واستمرار المسلمين في التشبّث بدينهم رغم ادعائهم اعتناق المسيحية، - والخطر الذي كان يُهَدِّد  إسبانيا من المغرب، وتركيا، والتخوّف من تعاون الموريسكيين معهم. 
كان القرار الآثم، الذي أصدره فيليب الثالث في التاسع من نيسان 1609م بنفي الموريسكيين بعد معاناتهم الطويلة مع محاكم التفتيش، لتبدأ رحلة العذاب التي قلما يشهد التاريخ، مثيلا لها.

  -/ طرد الموريسكيين، من إسبانيا. 
بتحريض :
- من دوق مدينة ليرما. 
- ونائب ملك فالنسيا، رئيس الأساقفة خوان دى ريبيرا. 
قام فيليب الثالث، ملك إسبانيا بطرد الموريسكيين من إسبانيا في عملية استغرقت الفترة بين 1609 في بالنسية. و 1614 م في قشتالة.
فقد أُمر الموريسكيون :
- أن يغادروا تحت ألم الموت،  والحرمان، بدون محاكمات أو أحكام. 
وألا يأخذوا معهم نقودا ً، أو سبائك ذهبية، أو مجوهرات. 
فقط يغادروا بما يستطيعون حمله. 
تختلف التقديرات حول أرقام المهجرين ، بالرغم من أن الأرقام الحديثة تُقدرهم بحوالي :  
300.000 ( أي حوالي 4% من السكان الإسبان ). 
وقد ذكر المؤرخ الإسباني، مكيل دي أبلاسا فيرير في كتابه :
 "الموريسكيون، قبل، وبعد الطرد " 
 أن التهجير تم باتجاه الشام، وتركيا، وليبيا، وأساسا ً نحو دول شمال أفريقيا وبالأخص نحو المغرب، بسبب القرب الجغرافي.

كان العداء المسيحي حاداً، وخاصة لأسباب اقتصادية. وحمل بعض المؤرخين، مسؤولية الانهيارات الاقتصادية اللاحقة للساحل الشرقي للمتوسط الإسباني، لعدم القدرة على إحلال عمال مسيحيين جدّد محل العمال الموريسكيين، حيث تم التخلي عن العديد من القرى تماما كنتيجة لذلك، فالعمال الجُدّد :
كانوا، أقل عددا ً 
و كانوا غير متقنين للتقنيات الزراعية المحلية.
بعد التهجير، والطرد القسري، سكنت الأغلبية العظمى، من الموريسكيون  في أراض ٍ ذات سيادة إسلامية، معظمها كان، في الإمبراطورية العثمانية (الجزائر و تونس) أو المغرب، ولكنهم كانوا غير متكيفين بسبب لغتهم الإسبانية،  وزيهم الأوروبي.
ويقول المؤرخ المغربي، محمد بن عزوز :
إن المغرب استقبل أكبر عدد من الموريسكيين المهجرين قسرا ً، فهو البلد العربي، والإسلامي الذي توجد به أكبر نسبة من العائلات الموريسكيية، وهناك مدن أندلسية حقيقية، مثل تطوان وشفشاون ». 

لكن لايزال هناك خلاف حول البلد الذي هاجر إليه أكبر عدد من الموريسكين، فهناك من يقول تونس، وهناك من يقول الجزائر، وهناك من يقول المغرب. 
- أسس الموريسكيون مدن في الجزائر مثل مدينة القليعة، وأثر الموريسكيون في اللهجة الجزائرية، في مدينة وهران حيث تحتوي اللهجة الوهرانية على أكثر من 800 كلمة إسبانية.  


لاحظ الباحثون أن العديد من المورسكيين الذين كانت لديهم شبكة قواعد من المغرب، إلى ليبيا، أنضموا للجهاد البحري، وعاشوا على التجارة والقرصنة. وجندهم سلاطين الدول  لخدمتهم. 
عمل أحد المورسكيين، كمستشار حربي للسلطان الأشرف طومان باي الثاني سلطان مصر (و هو أخر السلاطين المماليك المصريين) أثناء صراعه ضد الغزو العثماني عام 1517 بقيادة السلطان سليم الأول.  - وتسجّل المصادر التاريخية، ألتحاق مورسكيين من تونس،  وليبيا، ومصر، بالجيوش العثمانية. 
كما التحق العديد من مورسكيي مصر، بالجيش في عهد محمد علي، والي مصر.
قالت  المؤرخة الأرجنتينية، ماريا إلفيرا سارغاسو في بحث لها، عن وصول الموريسكيين إلى الأرجنتين، عبر دراستها لبعض تجمعات السكان المنعزلين :
كانوا، يمارسون طقوسا ً مسيحية، أشبه بما كان يمارسه الموريسكيون في إسبانيا. 
كانوا، يؤمنون بالمسيح، ولا يشربون الخمر، ولا يأكلون الخنزير، ويصومون بعض الأسابيع، ولا يحتفلون بأعياد السنة الميلادية.

ولكن عدد المورسكيين الماكثين، بعد أمر الطرد يظل محل جدل تاريخي ، على الرغم من اعتقاد المؤرخين، أن عدد المورسكيين الأصليين و عدد من تجنب الطرد منهم، هو أعلى مما كان يعتقد من قبل.

وفقا للأستاذ دوايت رينولدز :
 "لعل أخطر شيء في عملية الطرد، أنهم حقاً لم يطردوا العرب أو البربر، فحسب، بل الأغلبية العظمى من الناس الذين كان يتم إخراجهم كانوا أيبيريين، مثل أخوانهم المسيحيين في الشمال، إما بالدم أو بالحمض النووى ".

قد يُعيد التاريخ نفسه. 
وهذه سِنّة، من سِنن التاريخ. 

فيصل المصري 
أُورلاندو / فلوريدا
١١ ايلول ٢٠١٦


السبت، 10 سبتمبر 2016

وفي الصيف، ضيَّعت اللبن.

خاطرة، في الندّٓم ...
ولات، ساعة مٓنْدّٓم ِ ... 

وكان قد تعرّٓف عليها، صُدْفة ً ...
وتوطدّت العلاقة، بينهما ...
ولكنها بقيت مُترددّة، لأن ما تقوم به ليس من طِبعها، او عاداتها، او تقاليدها ...
أما هو بقي على إصراره، وعناده في عدم الإكتراث بهواجسها، ومخاوفها، وحتى تقاليدها، الموروثة منذ زمن بعيد ... 
وكانت دائما  تتجاهل  طلباته، وتحاوِّل  ان تصُدّٓه، وتطلب  اليه  ان  يغيّر  حديثه. 
وكانا، على  اتصال  يوميا ً.
هو،  إعترف  لها بانه،  يُحِبُّها.  
هي،  بادلته  الاعتراف، ايضا ً ...
ولكن مع وقف التنفيذ. 
بقي  على اصرارّه. 
وبقيّت،  هي  على  تجاهُلِّها. 

إلى ان  طلبت  منه  يوما ً، ان  يقرأ  كتابا ً  أهدّته  له، علّه  يكّف  ويتوّقف  عن  الاتصال بها، ليكرر طلباته.     
بدأ  بقراءة  الكتاب ...
وتوّقف  عن  الاتصال  بها ... 
استّغْربت ...
لانه  لم   يتصّل  بها،  كعادته  كل  يوم. 
اجتاحها  القلق، وبدا  عليها  التوتُّر.
ساورّها  القلق، وإنتّابها  شُعور لم  تعّهده. 

اتصّلت  به، وسألته ...
لماذا ... 
أجابها،  انه  منهمك ٌ  بقراءة  الكتاب. 
بعد،  عدة  ايام ...
عاودّت  الاتصال  به. 
وسألته ...
أين  انت ...
ولماذا،  لا  تتصّل ؟
أجابها،  ان  الكتاب  أخذني،  وشدّني،  لان،  فيه  قصص، لا تنتهي، وإني  ارغب  في  إكماله. 
وقالت  له،
ولكني،  انتظرك. 
لأَنِّي ....
أجابها  مقاطعا ً،  بعد  ان  أنتهي  من  قراءة  الكتاب، سأتصل  بك ِ وكان في  قرارة  نفسه،  وبالرغم  من  قراءة  معظم  الكتاب، بات على قناعة تامة، انها غير مُستعدّة.   

ادركّت،  انها  ارتكبت  خطأ ً  كبيرا. 
لانها، آثرت الغنج،  والدلاّل.
أمٌا هو،   
فانه، بقي على قناعاته ... 
وأمعن في القراءة. 
وما  زال،  يقرأ، ويقرأ ...
من كتاب :
وفي الصيف، ضيَّعت اللبن ...
ولات ساعة، مٓنْدٓم ...
إِن حل ّٓ الشتاء ...



فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا
١١ أيلول ٢٠١٦




 

 

السبت، 3 سبتمبر 2016

في يباس العُمْر ....

في يباس العمر. 
وفي خريف الفصول.
وفي كتم السِّر. 
وفي قهر النفس.  


كانت دائما ً .. 
تقول  له :
 


في ... حياتي ....

ليس الموت، أكبر خسارة ...

أنتظرها ....

انا ...

 وانت ... 
 

إنما الخسارة  الحقيقية ...

 هي، أن يموت  ما  فينا ونحن أحياء.  

كانت ...  تردّد له. 

أليس ... مُحزنا ً ....

أن أجمل الأشياء التي تحصل معي، 

 ومعك  ...

 ونسعد  ...

ونفرح  ...

 بها ...

لا  ...

نستطيع ان نحكيها،  لأحد ... 



إن عيون صديقاتي، تراقبنني. 

وفيها عشرات، الأسئلة. 

كأنهّن ...

 يقلّن ...

لماذا ... تشرقين ؟ 

وانتِ ...

 في أوج ِ ...

تعاستكِ ... 

يا ترى ....

 ما، هو سُرَّكِ ؟

هّن ...

لا  ... يعلمّن ... 

بأنه ...

ذات، يوم ...

وذات، صباح ...

 وذات، لحظة ...

 أتيت ... أنت. 

ومررّت ... أنت. 

وهمٓسْت ُ ... 

أنا ...

في ... أُذنك ٓ  ...



ما ...  أجمل غيمتك ...

عندما تمّر على يباس عمري ....

دعها،  تمُّر لتروي، 

ما جّف ...

من عمري ...

ولم ْ ...

ولن ْ...

 يعرفّن .....

بأني، قبلت ُ ...

أن تسقيني، غيمتك. 

هذا،
سِرِّي،

وهذا،
قهرّي. 

وفي هذا ...

كتم ٌ ... لأنفاسي ...


فيصل المصري 
أُورلاندو / فلوريدا
٣ أيلول ٢٠١٦

الجمعة، 2 سبتمبر 2016

مِحّن .. الأديان السماوية.



محنة الأديان السماوية، عبر التاريخ. 



....
وما زالت الغيوم تتلبّد فوق مهبط وحي الأديان السماوية الثلاثة. 

وما زالت العواصف تُعيث خرابا ً فوق الارض التي إختارها الله، لتكون مرتعا ً للأمن والسلام، والمحبّة  فيما بين شعوب الارض. 

وما زال يُلفتك أنه ما إن تتوقّف  معركة من حروب الأديان السماوّية، اليهودية، والمسيحية، والإسلامية، حتى تبدأ حرب جديد، وبصورة أعتى، وأظلم، وأقوى.

وقد سبق وكتّبت :
  
عن المحنة التي عصفت بالديانة  اليهودية  منذ ان دخل القائد العسكري نبوخذنّصر أورشليم القدس وهدم هيكل سليمان، وسبّى جمهرة كبيرة منهم الى، بابل.

( تراجع المدّونة تحت عنوان سر العلاقة بين اليهود، والإمبراطورية الفارسية )

 وما زال هذا الدين السماوي يواجه المحّن عبر التاريخ، في بحثه المستميت عن ارض الميعاد، الى يومنا هذا.

أما المِحنة التي هزّت كيان الديانة  المسيحية، في القرون الوسطى في أوروبا وإنكلترا وموجات الهجرة التي سلكها المؤمنون المضطهدون نحو العالم الجديد، هربا ً من الملاحقات القضائية والكهنوتية، ما زالت ماثلة للأذهان حتى يومنا.

أما المِحنة التي تطال الاسلام اليوم، ما هي إلا على بداياتها،  وبدأت تطّل دون خوف او وجّل في أوروبا، حيث المضايقات بالنسبة للزِّي، والحجاب الذي ترتديه النساء المسلمات الأوروبيات. 

والخوف كل الخوف، أننا أمام محنة تماثل ما قاساه الموريسكييون، بعد محنة سقوط الأندلس. 

وفي هذه سأُفرد مُدونّة خاصة. 


المحّن عبر التاريخ :


 

اولا ً : أوروبا وانكلترا في القرون الوسطى 

في شهر أيلول  من العام ١٦٠٧ أرست ثلاثة بواخر 
أهمها  الباخرة  

May Flower 
في  
 Chesapeake Bay

وعلى متنها المهاجرون الإنكليز والذين حلّوا  في :
 
 James Town
 في الساحل  الشّرقي  من القارة الأميركية الجديدة

 ومن بعد ذلك،  توالّت موجات المهاجرين الى أميركا 

قبل التاريخ أعلاه 
 
كانت أوروبا مسرحا ً للاضطهاد الديني المسيحي بعضه في بعض، وكانت الكنيسة في روما، توازيها حدة ً الكنيسة الانكليزية في وضع ضوابط على رعاياهما 
وتفرض قيودا ً على الشعائر الدينية  وتقوم بالملاحقات القانونية امام محاكم التفتيش من اجل قمع الحريات الدينية 

وقد أفرد الكتّاب ورجال الكنيسة المدّونات الطويلة في شرح المجتمع المسيحي وكيف كانت المذابح والمشانق وشتّى انواع وأشكال التعذيب، والهوان تطال المسيحي المؤمن، وفق ما يدركه من الرجاء المطلوب للحياة 

إعتبر  رجال الدين المسيحي، والمؤرخون على    حدٍ  سواء  ان تلك  الفترة  هي محنة  الدين   المسيحي   التي   طال  لهيبها  المسيحي  المؤمن، ونخرت  في عذاباتها   صلب   العقيدة 

أمثلة عن  المحّن  التي  طالت  الدين المسيحي :

في إنكلترا، اضطهد البروتستانت  -/ 
الكاثوليك


في فرنسا وقعت مذبحة البروتستانت  - 
الشهيرة   ( ١٥٦٢ / ١٥٧٢

حرب الثلاثين عاما في أوروبا  بالعام  -

١٦١٨  
وانتقلت  من  بلد  الى  اخر

في ألمانيا تحارب الكالفينيون   -/
واللوثريون .. وكلاهما من  
البروتستانت


بالعام  ١٦٨٣ دبّ الهلع والخوف في أوروبا لما  وصل سليمان  القانوني ( الامبراطورية العثمانية ) الى أبواب فينا وبدأت  أوروبا  الشرقية  تتساقط، 

وكان لا بد لأوروبا  المسيحية  والخطر العثماني  الاسلامي  يُحدّق   ويترّبص على  الأبواب  
ان  تفيق  بعد  سُبات  عميق 

    
 
وقد بدأت تظهر حركات المفكرين الملحدين في انكلترا.

وفي  
 هولندا،  تبنت الكالفانية مذهبا ًرسميا ً للدولة  وبدت  وكأنها  موئلا  للأقليّات 

كان اليأس المسيحي في ذروته في أوروبا وانكلترا، في ذاك الوقت، ولمّا  توالت الهجرات الى القارة الأميركية، كان يحدوهم الأمل والرجاء في ان  يمارسوا طقوسهم في العالم الجديد في حرية تامة، لان القلوب  كانت عامرة بالمحبة، والعقول كانت مشحونة بالإيمان، ولا ينقصهم الا أرضا ً يمارسون عليها شعائرهم، ولهذا بدأت تظهر في أفئدة المؤمنين عبارة
God bless America 


 لان أميركا أمنّت الرجاء المسيحي المطلوب في الممارسة الدينية التي يحلمون  بها ويعتقدون  

 
لان المهاجر المسيحي الى العالم الجديد .....


  كان  يأمل   في  إيجاد
 Safe haven،
 
يحميه من الاضطهاد الذي عاناه في وطنه الام، وقد وجد ضالته وقد أدركت سفنه الرياح المؤاتية وأرست مراسيها في الارض الموعودة.  

كان  الهّم  لهذا  المهاجر  المسيحي  ان يقيم  شعائره  الدينية  بحرية  تامة، لا عوائق او زواجر او عقوبات او ملاحقات لانه عانى الكثير وبقي صابرا ً مؤمنا ً مثابرا ً في عبادة الله وفق الإيمان الذي ورثه  من  الآباء  والأجداد 

عند اندلاع الثورة الأميركية المجيدة وتحديدا ً  ٤ تموز   ١٧٧٦  ( اعلان الاستقلال ) 
كان  الدين  المسيحي  بطوائفه البروتستانتية،  الإنجيلية، والكاثوليكية، يشكل الأغلبية العظمى  وكانت المذاهب البروتستانتية  لها  كنائس  منفصلة كالمعمدانية،   والخمسينية،  واللوثرية والمشيخية،  والميثودية،   والانجليكانية ( الإنجيليين )  

اما الكنيسة الكاثوليكية هي ثاني اكبر الطوائف في أميركا .. تليها الكنيسة الارثوذكسية

إزاء هذا التعدد، في المعتقدات الإيمانية للدين  المسيحي  الواحد 
وتجنبا ً للفتن والخلافات ما بين المذاهب للدين  الواحد 
كان لا بد من إيجاد حلول لدرء الأهوال التي  عانت  منها  أوروبا 
والحلول  والوسائل  الكفيلة  لتجنب الحروب  
 .المذهبية 
ان الحلول  لا تأتي من عقلية متحجرة راسخة من مبدأ أنا او لا أحد 
لا بد من عقول نيّرة تؤمن بالرأي الاخر   


في خضّم هذا المخاض العسير، حبّا الله أميركا رجالات عظام أمثال  توماس جفرسون،  وبنجامين فرانكلين  وجورج واشنطن، وصحافة شريفة متمثلة في

 The  Federalist  papers  

حيث
 كتب  كل  من  جايمس ماديسون واليكسندر هاميلتون  وجون جاي وبابليس  حوالي ٨٥  مقالة  لمؤازرة إصدار دستور جديد، يكفل ويضمن الحريات  الدينية  على أنواعها. 

 صدر هذا الدستور بالعام ١٧٨٧ 

يهمني من الدستور الأميركي، إبراز المواد الدستورية التي تُظهر  كيف جرى  حلّ العقدة المستعصية وهي التناحر الديني والتقاتل المذهبي، والوسائل  التي تكفل حماية المؤمنين في ممارسة معتقداتهم 

المادة الاولى 
:  
Freedom   Of. religion 
المادة الثانية 
Rule. Of. Law 

حرية المعتقد في أميركا تعني ان تمارس شعائر دينك، او لا تمارس اي شعائر دينية  
 
( You can practice any 

religion, or not practice a religion

وحتى تحفظ  الدولة  الحرية الكاملة لرعاياها  في ممارسة الطقوس الدينية او الحق  في عدم ممارسة اي شعائر  دينية، برز (  الهرم ) المنتصب امام Supreme  Court  

( المحكمة العليا )
 في  واشنطن  والذي يوازي بعنفوانه وجبروته تمثال  الحرية في نيويورك، 

 

اذا نظرت الى فسيفساء الأديان والمعتقدات في أميركا 
وإذا حاولت ان تحصي القوميات والاثنيات، المنتشرة في هذه البلاد الكبيرة 
لا تصل الى إحصاء  او نتيجة واحدة  
ولكنك، تدرك حقيقة واحدة ساطعة امام نظرك، وهي ان الجميع سواسية امام القانون، لا يفرّقك دينك عن دين غيرك شيئ، ولا يعطي دينك عن دين غيرك اي امتياز، لان محنة الأديان ولّت في أميركا 


فيصل المصري

أُورلاندو / فلوريدا

الثالث من

 أيلول ٢٠١٦




  - 

الخميس، 1 سبتمبر 2016

إنها، صليما .. مسقط رأس أبي، يرحمه الله.

صليما، المتن الأعلى ...
 عاصمة الإمارة اللَّمعية ...
  



اولا : تاريخ  صليما : 
صليما قرية هادئة، إتخذها الأمراء اللمعيون، عاصمة لإمارتهم، إعتبارا ً من العام ١٦٣٠م. 
تبعد صليما، عن  بيروت، حوالي ٣٦ كلم. 
ويقول انيس فريحة في كتابه : 
مُعجم اسماء المدن والقرى اللبنانية. 
إن اسماء الامكنة في لبنان، قديمة جدا ً ...
وهي في معظمها أمورية، او كنعانية، او فينيقية، او أرامية، والراجح انها اسماء سريانية. 
اما الأسماء العربية فهي قليلة جدا ً ....
يقول الدكتور فريحة عن اسم صليما :
انه يعني الأصنام، او الصنم المنقوش والمنحوت. 
ونظرا ً لِثقلها السياسي في ذلك الوقت سكنها، وعاش فيها عائلات كثيرة
مسيحية،  ودرزية،   وهي : 
المصري، سعيد، التيماني، طلب، الحلبي، البشعلاني، المشعلاني، الناكوزي، الأسمر، رزق الله، الزغلول، الخوري، زين، كساب، الحويك، وبشور، فريحة، ميدعي، شيبان، أسمر، كسّاب، غالب، ناصيف، ابو عسلي، صهيون، القاصوف، وغيرها من العائلات.   

صليما :
قرية  تقع  في المتن  الجنوبي ( قضاء بعبدا )، ترتفع حوالي ٩٠٠  متر عن  سطح  البحر. 

إشتهرت  صليما، بان  إبنها  أنطونيوس  يوسف  البشعلاني، هو اول  مهاجر لبناني الى الغرب، تحديدا ً الولايات  المتحدة  الأميركية،  وذلك  بالعام  ١٨٥٤.

كذلك، ساد صيتها، كونها  عاصمة  الإمارة  اللمعية  التي  حكمت  منطقة جبل  لبنان، ردحا ً من  الزمن. 

فضلا ً عن ذلك كان عدد  معامل  الحرير، فيها ٧، معامل حتى أوائل   القرن  الماضي، الامر الذي يستقطب يدا ً عاملة، زراعية لإنماء شجرة التوت، وصناعية، لتشغيل هذه المعامل. 
في هذه الدراسة، سأُركز على صليما إبان الحكمين العثماني، والمصري
في القرنين،  الثامن عشر  والتاسع عشر م. حتى أُبرز الوجه القبيح للإمبراطورية العثمانية البائدة، والتي تركت هي، وفلول الحكم المصري، جروحا ً، وقروحا ً، ونُدّبا ً في جبين لبنان، والعالم العربي عامة ً ...


لم  أتمكن، من  الاطلاع  على أي  صك  مكتوب  أو  مخطوط، مؤرخ  وموقّع  من  أي  فرد  من  هذه  العائلات الكريمة. 

أيضا، لم  أعثر  على  أي  قصاصة،  ورقية  تحكي  عن  السفر برلك،  أو  أعمال  السخرة،  والتجنيد  الإجباري  السافر  بالجيش العثماني  الانكشاري.

 ومرد  ذلك  يعود  الى  ان  معظم  العائلات  الدرزية، والمسيحية  العامية، ( بخلاف  العائلات  الدرزية  الإقطاعية، ورجال  الكنيسة المسيحيين )  لم تدِّون تاريخها. بل  كان  يتّم  التدوين  في  كنيسة  القرية،  على  يد الخوري  المسؤول، وبنطاق  ضيق.   

بعض   العائلات  الدرزية  الإقطاعية، كان  الشيخ  أو  الامير فيها  يستكري،  كتبّة  من  الدروز او المسيحيين  المتعلمين  لكتابة  تاريخ  او  أحداث  هو،  يمليها  عليهم  وفق  مزاجه، الامر  الذي يجعل  بعض  او  معظم  هذه  المخطوطات،  قابلة  للطعن .

اما،  فيما  يتعلق  بتاريخ  صليما  والأمارة  اللمعية،  في الفترة المنوه  بها  أعلاه، فان  المصادر  التي  اعتمدت  عليها، تعود  الى  تاريخ  الأمراء  اللمعيين  ( كانت عائلة  درزية  إقطاعية  في ذاك  الزمن،  تدوّن  أحداثها )  بالاضافة ، الى  ان  النقص  في تاريخ  تلك  الأحداث  من  قبل  عائلات  صليما،  لا  يمنعنا  من استقصاء  الحوادث  من  أمهات  الكتّب،  وبطون  المراجع  لمؤرخين،  اصحاب  مصداقية  كتبوا  عن  السخرة  والسفربرلك، وألانكشارية،  وعن  طريق  الاستدلال  ايضا ً.

أمّا  تاريخ  صليما،  أثناء  الحكمين  البغيضين  العثماني، والمصري. ما  وصل  إلينا  من  ألاجداد، هو  القصص  المرويّة مِن  أن  فلان  إبن  فلان،  أخذه  ألاتراك  من  بيته  ليلتحق  بالجيش  إلانكشاري  أو السخرة  (  كانت لمد سكة حديد الحجاز، أو  لاستخراج  الفحم  الحجري،  لتسيير ألقاطرات ). 

 والمؤلم، أن  هذا  ألفلان،  إن  ذهب  لم  يعد، وإن  عاد  كان الراوي  من  عاش  من  أهله. وهذه  الأخبار  يمكن  الاسئناس بها  فقط. 


 وقد  ذُكِر  في  بعض  المجلات ، عن  ثورة  في  صليما  عام ١٨٤٠ م،  وان  الأهالي  اعتقلوا  قائد  فرقة  الجيش  المصري،  مع  بعض عناصره،  وأنهم رفضوا  تسليمهم  إلا  بعد، أن  تدّخل  الأمير  بشير  الشهابي، وابراهيم  باشا  المصري، وتقول الرواية، انه على إثر هذه الحادثة،  تمّ  إلغاء  السخرة  عن أبناء  صليما ….الخ.

هذه  الواقعة  (الثورة)،  إن  حصلت، فإنها  تكون  في  ذاك الزمن،  حدثاً  جللا ً، يسترعي  انتباه  المؤرخين  المستقلين، ويستدعي ...
إصدار أمر من،  ديوان  الأمير بشير الشهابي. 
ويتطّلب فرمانا ً، مسجلا  في  سجلات  الجيش  المصري. 
وبمطلق  الأحوال، الإشارة  اليه في  مخطوطات  المكتبة  الهمايونية  بإسطمبول.

كل  هذا، لم نجده،  بعد  البحث،  والتقصي. 
إن َّ،  المؤرخين  شددّوا  على  أن  حملات  محمد  علي  باشا، وإبنه  إبراهيم  باشا،  على  لبنان،  كان  الهدف  منها :

تأديب  الثوار  وخمد  الفتن، وفرض  الجزيّة  واستيفائها  بالقوة، وزرع  الفوضى، وأعمال  النهب، والسرقة، وتأليب،  الفتنه بين الأهالي.  لا  بل  في  إحدى  حملات  إبراهيم  باشا  قبل هزيمته  المشينة  في  بحرصاف (  قرية  قرب  بعبدات  ) عاث جيشه،  بإحدى  القرى  المجاورة،  حرقا ً و دمارا ً،  واغتصبوا  بعض  النسوة.

كذلك، لم  يقع  نظري، على  مخطوطة  تفيد  بأن  صليما  قد تعرّضت   لأي  هجوم،  من  الجيش  المصري  الذي  أُشتهر  بالهمجية، في  مواجهة  أي  ثورة  قامت،  أو تمرّد،  حصل.

 كل  ما  في  الامر،
 قد  يكون هناك  تملمّل  من  أهالي  صليما،   أو  إمتعاض  لم  يبلغ  درجة  الثورة، خاصة  وان  اعمال  السخرة  لاستخراج  الفحم  من  تلال  البلدة، قد  أوقدت  هذا  التململ، وعدم  الارتياح. 

  فضلا  عن  أن  الأمير  بشير  الشهابي،  في  سنوات  حكمه  لم  يكن  عادلا ً  أو  منصفا ً، أو  رؤوفا ً لرعيته، حتى  يقف  هذا الموقف  المشّرف،  وهذا  ما  استبعده  على  إلاطلاق. 
  ولا  داعي  للشرح  في  خصال  إبراهيم  باشا،  التي  من جملتها  العفو  او السماح  لأهالي  صليما، إن  ثاروا،  لانه   ليست  من  شيمه،  الأخلاق بل  البطش،  والتسّلط. 

من  خلال  اطلاعي، لم  أجد  صلة  تربط  ما  بين  إبراهيم  باشا  وصليما، إلا  عند  انهزامه  في  بحرصاف،  وقد  إنسحب جيشه  إلى  قرنايل،  ووقف  هو  في  صليما  مع  ثلة  من  حرسه  طلبا ً  للماء.


ثانيا ً : العائلة  اللمّعية، من  رتبة  المقدمين، إلى  مقام  سمو الامراء.

٢-١
 في  السنة  ١٦١٧م   بعد  رجوع  الأمير  علي  بن  معن  إلى صيدا، أعطى  حكم  بلاد  المتن  إلى  مقدمي  كفرسلوان  من بيت  ابي  اللمع.

٢-٢
 في  السنة  ١٦٣٠م  في  زمن  السلطان  محمود  الاول  ابن السلطان  الثاني  العثماني،  بنى  المقدم  حسين  ابي  اللمع داراً  عظيمة  في  صليما، وقطن  فيها. ( السراي ). 

٢-٣
 في  السنة ١٧١٠م  بعد  معركة  عين  داره  ما  بين  القيسية واليمنية، وقف  اللمعيين  إلى  جانب  الأمير  حيدر  الشهابي، حيث  لمع  في  هذه  المعركة  الفاصلة، المقدم  مراد  ابي  اللمع، كفارس  شجاع.  إذ  أبلى  بلاء ً منقطع  النظير، هو  وإخوانه المقدمين،  فكانت  الجائزة  الكبرى،  إن  خلع  الأمير  حيدر  على اللمعيين  لقب،  ومقام  وسمو  الامارة،  وبات  كل  المقدمين  أمراء ، ينال  كل  منهم  التعظيم،  والتشريف،  وزيادة   في التكريم،  والتبجيل،  تزّوج  الامير  حيدر  منهم،  وزوّج  إخته للأمير  عبدالله،  وأعطاه  قاطع  بيت  شباب، ومنح  الأمير  مراد نصف  حكم  المتن.

وهناك  رواية،  أُخرى  موثّقة  في  أحداثها،  تفيد  أنه  بعد  معركة  عين  داره،  تقدّم أحد  تابعي  الأمير  مراد  ابي  اللمع، وناداه  باسم  المُقَدَّم،  فغضب  غضبا ً شديدا ً  وهجم  عليه وزجره  وقال  له،  قد  قتلت  بهذا  السيف  خمسة  أُمراء  من  آلِ علم  الدين  في  عين  دارة،  وما  زلت  تناديني ( بالمقدم ) فضربه  وقتله.
 ومن  ذاك  الوقت  لم  يعّد  أحدا ً يتجرأ  بمناداة  مقدم،  لأي  أمير لمعي.

ثالثا ً : تنصّر  العائلة  اللمعية  وأثرها  على  عائلتي  المصري، وسعيد، الدرزيتين. 

من  الثابت، والمؤكد  تاريخيا ً، أن  تنصَّر   بعض  العائلات الدرزية  الاقطاعية  والعامية، قد  شكّل  نكسة  في  الخاصرة الدرزية.. (ليس مجال بحثنا)  ولكن  يجب  التوقف  للتنويه  بهذه العائلة  اللمعية  الكريمة  التي  تنصّرت،  ولم  تأت ِ  بأي  ضرر  او  تقوم،  بإيذاء  العائلات  الدرزية  التي  كانت  في  كنفها  او تجاورها،  او تحكمها ، كالعائلة  الشهابية  التي  اجلت،  وهجّرت آل  نكد  من  دير  القمر  الى  الشحار  الغربي (عبيه).

الأمراء  اللمعيون،  بالرغم  من تنصّرهم، لم  يمنعوا  شقيقتهم الاميرة  اللمعية  الست  زهر  أم  سليمان،  ان تبقى، على  دين  التوحيد  الذي  وصل  اليها  من  الاباء  والاجداد  حيث،  بقّيت  على  دينها  الى  حين  وفاتها، وقد أَوّصت،  وأوّقفت،  أملاكها  المنقولة  وغير  المنقولة،  مناصفة  بين  عائلتي  المصري،  وسعيد، حتى، أن  قصرها  الرابض  على  تلة  مشرفة  على  صليما، ما  زال  شاهدا ً  وشامخا ً يرفرف  من  على  سطحه  علم  التوحيد  المخمّس  الحدود،  يستظل  من  فيئه  خلوة ً  ومجلسا ً للمؤمنين.

أما  مدفنها  الشريف، أصبح  مزارا ً  ومقاماً   في  بقعة  مشرّفة  يطلق  عليها ( القبة). 

المراجع:
- ألغرر  ألحسان  في  تواريخ  حوادث  ألازمان. 
- نزهة  الزمان  في  تاريخ  جبل  لبنان. 
- ألروض  ألنضير. 
( للأمير حيدر أحمد ألشهابي )
- تاريخ  ألعرب
للدكتور  فيليب  حتي. 
-معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية. 
للدكتور انيس فريحة. 

- المكتبة  الهمايونية  في  إستامبول. 
- من  سجلات  حملات  محمد  علي  باشا. 

 

فيصل  المصري
أُورلاندو ،  فلوريدا
١ ايلول ٢٠١٦