Pages

الخميس، 30 أبريل 2015

في الهجرة !

في الهجرة 
التي تدق على أبواب اللبنانيين !!

لا ادري لماذا يأخذني تفكيري هذه الأيام الى الهجرة التي عاشها ومارسها اللبناني في بداية القرن العشرين المنصرم. 

قد تكون رياح الهجرة قد هزّت كياني وأرخت ظلالها بعد ان قٓدمت ُ الى لبنان منذ اقّل من شهر،

في كل مرة، أحّل في لبنان،  أتذكر المرحوم والدي  الذي هاجر بالعام ١٩٢٩م  وهو في عمر لم يتجاوز ١٩ عاماً، الى جزيرة نائية في البحر الكاريبي ( كوراسو / أروبا )، وجال وصال وربط خيله عدة مرّات في مانهاتن، نيويورك، وكنت واخوتي بمعيّته، ولكنه أبّى إلا ان يعيدنا للوطن لان الوطن في ظنّه الخاطئ محتاج إلينا. 

أقول له ، رحمات الله على روحك  الطاهرة، الشريفة، النزيهة، ان الوطن خيَّب ظنك، لأننا كحبات الأرّٓز ْ  منتشرون، ومندثرون نحن، وعيالنا في أصقاع الدنيا. 

هذه المقدمة، تذّكرني بالقرار الذي اخذه والدي منذ اكثر من نصف قرن، وأقلّه بقليل، وها انا اليوم، احاول ان أمنعه عن نفسي، ولكن عبثا ً لاني عُدّت وإستقريت في الولايات المتحدة. 


فالأخبار من بلدي لبنان، وما حول  لبنان تتراكض كالرياح العاتية،  وتتراكم  كالغيوم الملبّدة، وتتزاحم على أبواب الحشر، ( إن كان للجنة والنار أبواب ) وتجري كالأنهار الغزيرة  وتتساقط كالامطار الاستوائية ، إيذاناً بسيل عرمرم، من هاجوج وماجوج. 

فعلى الأبواب، رجال يدّقون بسكاكينهم وفؤوسهم المشحوذة.  

وبالطرقات  منتشرون، ووراء الأكمات يترّبصون. 

وبالسلاح ممتشقون، ومصوبون على اهدافهم. 

وبازياء لم يلبسها عربي قبل الاسلام وبعده. 

وبصرخات لم نسمعها،  من سيف الاسلام خالد ابن الوليد، وهو يدّك بلاد فارس، وبيزنطة، والروم  دكا ً. 

وباهازيج، لم يردّدها طارق ابن زياد وهو يجتاح الأندلس. 

ولا بنداء  موسى ابن نصير،  وهو على  مشارف جبال البيرينيه،  يطلب اذناً من القابع في عاصمة بني أُمية لتطويق رقبة القسطنطينية من الغرب. 

منذ حوالي ألمائة عام،  كان مريض بني عثمان يحتضّر، وقد عاجلته المنّية  بعد ان جرى تقسيم تركته، وهو يعاني الذّل والهوان،

وما أشبه الأمس  باليوم. 

فالافواه الفارغة تنتظر الُلقم من الموائد،  والبطون الخاوية، تلتهم الخيرات. 

والعيون الزائغة،  تشتهي الحرام. 

والنفوس العطشى لا ترتوي الا بترولا ً   

فأين العدٌَة  يا وطني ... للمواجهة ؟

هل ما زلت في نقاش عقيم عن جنس الملائكة ؟

فأولادك يا وطني، يرتجفون. 

وعلى أبواب السفارات يفترشون.
 
ومن في الهجرة يوّدون. 

وهل ما زلتم على المزرعة مختلفون ؟  

أعداد

فيصل المصري

لبنان / نيسان / ٢٠١٥

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق