Pages

الخميس، 29 مايو 2014

في تسمية المراجع


في تسمية المراجع 

دأب كل مؤلف ان يشير الى مرجعه بالقول :
انه من الكتب التاريخية الموثوقة ، او انه من بطون المجلدات الموجودة بالمكتبات العالمية .

شخصيا ًاني مهووس بالمصطلحين أعلاه ، وحالما ابدأ بكتابة نص تاريخي او ادبي ، أضع امام طاولتي عدة كتب ومجلدات .

وبالرغم من بعدي عن المراجع الحديثة ، كالانترنيت وأولاده ، وجوجل وشقيقاته ، واليوتيوب وإخوانه ، الا ، ًاني مندهش ومتعجب بالتلفون الذكي الذي يحمله ويتباه به معظم مغفلي العالم ،

 وبالمناسبة سأقص عليكم حادتة وقعت معي عندما أبحرت باخرتي الى اميركا ، حيث أرسيتها على رصيف فلوريدا ، متأبطا ًتليفون نوكيا القديم البالي الرخيص ، ذي رنات وإجراس قد تصلح لابواب جهنم ، لانها تدق الأذن كالازميل والمطرقة ، وصادف ان كنت يوما ً، أتبادل أطراف الحديث مع امرأة أميركية لها مركز رفيع في شركة عالمية ، إذ رنّ تليفوني ، فلاحظت ان هذه المراة ارتعدت فرائصها ، وجفلّت  كالثور الهائج ، ورجعت الى الوراء ، ترتعد خوفا ً ، ثم قمت بالواجب وطبطت على كتفها مهدئا ً من روعها وجزعها وخوفها ( لا يأخذكم تفكيركم السئ الى ابعد من طبطبة الكتف ، وغمرة بريئة ) وقلت لها ، إن زوجتي تريد ان تتحدث معك ، هنا أحست هذه المرأة الأميركية ان طامة كبرى قد حلّت ، بها ، وان كارثة مخيفة قد وقعت ، عليها ،فأخذت هذا التليفون بيد ترتجف ، وعين على هذا الجهاز والعين الاخرى ، علهّا تغمز 911 للنجدة . المهم بعد ان أنهت مكالمتها مع زوجتي ، تنفست الصعداء ، وتنهّدت  وبانت اساريرها ، وانقشعت عن وجهها تلك القشعريرة ، التي رسمت أخاديد ، وخرائط ، كالتي كان يحملها قراصنة البحر ، وقالت لي باستهزاء ، وكبرياء ، وتعجّرف مقيت ،،،، من هو اكبر عمرا ً هذا التليفون او ابنك ريان ، وكان يومها عمره يناهز العشرين سنة !!

صعقني كلامها
أذهلني وقاحتها
انهكني انتقادها
اغضبني استهزائها 

تذكرت عندها قول المرحوم والدي رحمات الله عليه ، عندما كان يقول ( ان اميركا مضيّعة  الحسب والنسب ، وخسارة للأولاد والمال )
لست هنا لأردد،  ما قاله وزير داخلية لبنان البلد العنيد ( انت عارف حالك مع مين عم تحكي ) ولكن انا اقل الناس شأنا وأكثرهم تواضعا ً، قلت لنفسي تفووو على هذه الورطة التي انا فيها .!!

بعد ان ودّعت  هذه الامرأة بالتبجيل المصطنع ، وبالتكربم المغلف بالنفاق ، ولوحّت لها بيدي مع  ابتسامة قليلة العرض ، طلبت ابني رشيد وقلت له ، تعالى فورا ً، أجابني انه مشغول جدا ً.

أجبته ، ان كنت تنّقب  عن النفط قبالة شواطئ لبنان
ارجع فورا ً !!

وإن كنت تدِّور زوايا الألماس في بروكسل ، عُد حالا ً

وإن كنت تبحث عن الذهب في كاليفورنيا ، هرّول عائدا ً.

لما وصل رشيد ، وكأنه ركب بساط الريح ، بان عليه القلق والخوف والدهشة بادرني القول ، ماذا تريد ؟
قلت له اريد اليوم حالا ً، وسريعا ًوفورا ًتليفون يحمله رجال فضاء الناسا ، وتحمله اكثر النساء ثرثرة في في شوارع وازقة وزواريب بيروت ،

ذهبنا فورا الى محلات apple ، واشتريت جهازا ً.
تعلّمت  عليه فورا ً،

وانتظرت قدوم المراة  الأميركية ، بفارغ الصبر ، ولما قدمت ، كان يعلو وجهها نشوة الانتصار الذي سبق ، وكانت تتمخطر وتتباهى كالطاووس الذكر إلنافش ريشه ، وتعلو محيّاها ضحكة صفراء ، وتتكلم كالمهرّج ، الواثق من نفسه انه خفيف الظل .

تقدمت اليها ، وقلت لها ، هل تريدين ان تعرفي ما يحصل في لبنان بلدي الان وعلى الهواء مباشرة ؟ أجابت بتعالٍ ، نعم ،

فتحت تليفوني على MTV ، وبدأت أُقّلب الأزرار الى الجزيرة والعربية  LBC, NTV وCNN , FOX , ABC  CBS وغيرها من المحطات  !!.
هنا اترك لقارئي الكريم ان يعكس كل كلامي الذي أشرت اليه سابقا ً، وقالت :
Oh my god , you have a better telephone , than mine !!
وصل لي حقي  !!!
تحيات

فيصل المصري

اورلاندو / فلوريدا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق