في تسمية المراجع
دأب كل مؤلف ان يشير الى مرجعه بالقول :
انه من الكتب التاريخية الموثوقة ، او انه من بطون المجلدات الموجودة بالمكتبات العالمية .
شخصيا ًاني مهووس بالمصطلحين أعلاه ، وحالما ابدأ بكتابة نص تاريخي او ادبي ، أضع امام طاولتي عدة كتب ومجلدات .
وبالرغم من بعدي عن المراجع الحديثة ، كالانترنيت وأولاده ، وجوجل وشقيقاته ، واليوتيوب وإخوانه ، الا ، ًاني مندهش ومتعجب بالتلفون الذكي الذي يحمله ويتباه به معظم مغفلي العالم ،
وبالمناسبة سأقص عليكم حادتة وقعت
معي عندما أبحرت باخرتي الى اميركا ، حيث أرسيتها على رصيف فلوريدا ،
متأبطا ًتليفون نوكيا القديم البالي الرخيص ، ذي رنات وإجراس قد تصلح
لابواب جهنم ، لانها تدق الأذن كالازميل والمطرقة ، وصادف ان كنت يوما ً،
أتبادل أطراف الحديث مع امرأة أميركية لها مركز رفيع في شركة عالمية ، إذ
رنّ تليفوني ، فلاحظت ان هذه المراة ارتعدت فرائصها ، وجفلّت كالثور الهائج
، ورجعت الى الوراء ، ترتعد خوفا ً ، ثم قمت بالواجب وطبطت على كتفها
مهدئا ً من روعها وجزعها وخوفها ( لا يأخذكم تفكيركم السئ الى ابعد من
طبطبة الكتف ، وغمرة بريئة ) وقلت لها ، إن زوجتي تريد ان تتحدث معك ، هنا
أحست هذه المرأة الأميركية ان طامة كبرى قد حلّت ، بها ، وان كارثة مخيفة
قد وقعت ، عليها ،فأخذت هذا التليفون بيد ترتجف ، وعين على هذا الجهاز
والعين الاخرى ، علهّا تغمز 911 للنجدة . المهم بعد ان أنهت مكالمتها مع
زوجتي ، تنفست الصعداء ، وتنهّدت وبانت اساريرها ، وانقشعت عن وجهها تلك
القشعريرة ، التي رسمت أخاديد ، وخرائط ، كالتي كان يحملها قراصنة البحر ،
وقالت لي باستهزاء ، وكبرياء ، وتعجّرف مقيت ،،،، من هو اكبر عمرا
ً هذا التليفون او ابنك ريان ، وكان يومها عمره يناهز العشرين سنة !!
صعقني كلامها
أذهلني وقاحتها
انهكني انتقادها
اغضبني استهزائها
تذكرت عندها قول المرحوم والدي رحمات الله عليه ، عندما كان يقول ( ان اميركا مضيّعة الحسب والنسب ، وخسارة للأولاد والمال )
لست هنا لأردد، ما قاله وزير داخلية لبنان البلد العنيد ( انت عارف حالك مع مين عم تحكي ) ولكن انا اقل الناس شأنا وأكثرهم تواضعا ً، قلت لنفسي تفووو على هذه الورطة التي انا فيها .!!
بعد ان ودّعت هذه الامرأة بالتبجيل المصطنع ، وبالتكربم المغلف بالنفاق ، ولوحّت لها بيدي مع ابتسامة قليلة العرض ، طلبت ابني رشيد وقلت له ، تعالى فورا ً، أجابني انه مشغول جدا ً.
أجبته ، ان كنت تنّقب عن النفط قبالة شواطئ لبنان
ارجع فورا ً !!
ارجع فورا ً !!
وإن كنت تدِّور زوايا الألماس في بروكسل ، عُد حالا ً
وإن كنت تبحث عن الذهب في كاليفورنيا ، هرّول عائدا ً.
لما وصل رشيد ، وكأنه ركب بساط الريح ، بان عليه القلق والخوف والدهشة بادرني القول ، ماذا تريد ؟
قلت له اريد اليوم حالا ً، وسريعا ًوفورا ًتليفون يحمله رجال فضاء الناسا ، وتحمله اكثر النساء ثرثرة في في شوارع وازقة وزواريب بيروت ،
ذهبنا فورا الى محلات apple ، واشتريت جهازا ً.
تعلّمت عليه فورا ً،
وانتظرت قدوم المراة الأميركية ، بفارغ الصبر ، ولما قدمت ، كان يعلو وجهها نشوة الانتصار الذي سبق ، وكانت تتمخطر وتتباهى كالطاووس الذكر إلنافش ريشه ، وتعلو محيّاها ضحكة صفراء ، وتتكلم كالمهرّج ، الواثق من نفسه انه خفيف الظل .
تقدمت اليها ، وقلت لها ، هل تريدين ان تعرفي ما يحصل في لبنان بلدي الان وعلى الهواء مباشرة ؟ أجابت بتعالٍ ، نعم ،
فتحت تليفوني على MTV ، وبدأت أُقّلب الأزرار الى الجزيرة والعربية LBC, NTV وCNN , FOX , ABC CBS وغيرها من المحطات !!.
هنا اترك لقارئي الكريم ان يعكس كل كلامي الذي أشرت اليه سابقا ً، وقالت :
Oh my god , you have a better telephone , than mine !!
وصل لي حقي !!!
تحيات
فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق