فِي ذِكرى إستشهاد كمال جُنبلاط هذا ما يُقلق بالي ويزيد مِن هموم أهلنا.
لا تقوم السَّاعةُ إلا على حُثالَّة النَّاس.
حديث نبوي شريف.
تعريف لمعنى الحُثالَّة :
رديئ في كل شيئ.
من لا خير فيه.
مِن أراذل الناس.
مِن شرارهم.
مِن أسافل الناس.
ما يسقط مِن قشر الشعير والأرز والتمر وكل ذي قشر أو نفايته.
بالنهاية الشخص الحُثالَّة هو من حُثالَّة نسل البشريَّة في مجتمعه.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها وهي المُدونَّة.
عندما وعد أخر سلاطين حُثالَّة بني عُثمان عبد الحميد البطريرك الماروني اللبناني الياس الحويك بالعام ١٩٠٥م بأن تؤول مقدرات متصرفيَّة جبل لبنان إلى المارونية السياسيَّة وذلك بالإتفاق مع دولة الانتداب الفرنسي، لم يقتصر هذا الوعد التاريخي الدنيئ المُتغطرِّس والغاشم على نظام الحُكم فقط، بل تعداه إلى تطبيق وفرض سياسة الترهيب والترغيب لبعض العائلات الدرزيَّة الحاكمة والاقطاعيَّة والعاميَّة بأن تتنصَّر ( أي تغيير الدين إلى النصرانيَّة وتحديداً المارونيَّة ) حتى يتم القضاء أو لإضعاف الدرزيَّة السياسيَّة في حكم متصرفيَّة جبل لبنان، وهذا الوعد والاتفاق الدنيئ مع فرنسا لم يتجرأ حتى الأن أيُّ باحث أو سياسي لبناني في كشف رداء الخيانة والغدر الذي قامت به فرنسا وبني عُثمان تجاه طائفة كان لها الدور السياسي الكبير في إرساء دعائم هذا الوطن، والذي أطلق عليه حُثالة التاريخ بعد ذلك الوعد دولة لبنان الكبير ( يراجع تاريخ الإمارات الدرزيَّة، التنوخيَّة والمعنية واللمعيَّة ).
فقط اللورد الإنكليزي شرشل عندما زار لبنان قال أنَّ سياسة التنصُّر جرى تطبيقها وبالأخص على عائلة كانت تحكم إمارة درزيَّة ( عائلة أبي الَّلمع ) التي كانت على دين التوحيد أباً عن جد ( أي أتباع الطائفة الدرزيَّة ) وقد اعتنقوا الديانة المسيحيَّة كلهم دفعة واحدة ما عدا أميرة واحدة بقيَّت على دين آبائها وأجدادها أي دين التوحيد هي الأميرة الفاضلة السِّت زهر أبي الَّلمع.
( وقد ذكر التاريخ أنٍّ قرية صليما كانت عاصمة الإمارة اللمعية ).
الانتداب الفرنسي على لبنان. ١٩٢٠ / ١٩٤٣م.
هي فترة حكم فرنسا للبنان التي نتجت عن الحرب العالمية الأولى وسقوط الامبراطورية العثمانية البائدة، وبحسب إتفاقية سايكس - بيكو والتي تم تأييدها لاحقًا بقرارات من عصبة الأمم صدرت عام ١٩٢٠ م. والتي أجازت نظام الانتداب على المناطق العثمانية المتفككة بحجَّة المساعدة في إنشاء مؤسسات للدول الجديدة.
في الأول من أيلول ١٩٢٠م. أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير، وقد تم توزيع السلطات والمناصب على الطوائف اللبنانية بحيث أعطيت رئاسة الجمهورية للموارنة ورئاسة مجلس الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة، وقد جرى استثناء الطائفة الدرزيَّة مِن أي امتياز سياسي تنفيذاً لوعد الأب العثماني العاهر ورغبة للأم اللعوب فرنسا لمولودها دولة لبنان الكبير.
إنَّها المارونية السياسيَّة التي بدأت تُرخي ظلامها الدامس على اللبنانيين الشرفاء، مع هذا النسل الحُثالَة من ألقاب الفخامة والعطوفة والدولة والمعالي والسعادة الذين ما زالوا يعيثون فساداً وإفساداً في مزرعة لبنان ذلك الكيان الوضيع والمُهين لشعبه، خاصة بعد سرقة أموال المودعين في المصارف.
وقد أثبت التاريخ أنَّ المنحى الذي سلكته المارونيَّة السياسيَّة أدى إلى إختلاف الموارنة فيما بينهم، واختلفوا أيضاً مع شرائح الأديان والمذاهب الاخرى في الوطن، وإستقوَّت طائفة على أخرى تارةً بالسلاح عن طريق تسويات رخيصة حيث وصل من وصل إلى سدة الرئاسة، وطوراً في غضِّ النظر عن سرقات تنهب من خيرات الوطن.
هذه الطغمة الحاكمة الأن جعلت اليأس يُسيطِر على قلمي وأتوجَّه مُخاطباً سلطان باشا الأطرش في عليائه ذلك البطل الصنديد الغضنفر الذي أنهى خلافة الحُثالة العثمانية يوم ٣٠ أيلول ١٩١٨م. عندما حرَّر مدينة دمشق ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة، وأقول له إنَّ حُثالة حُكَّام لبنان اليوم هُم أدنى حقارة من حُثالة بني عثمان، لا بل تفوَّقوا خساسةً وهواناً حتى باتوا أسفل السافلين مِن بين البشر.
وإن انسى الزعيم الوطني كمال جنبلاط في ذكرى اغتياله يوم ١٦ أذار ١٩٧٧م وأترحم على صولاته وجولاته لأنه كان مِن أشد الحكماء فطنة وذكاءً وامتلك الدين والدنيا، حتى باتت مفاتيح جنَّة رؤساء الجمهورية في لبنان في حوزته.
ولا يتردَّد قلمي بأن ألعن الانتداب الفرنسي ( الأُم الحنون اللعوب ) الانتداب الذي اخترع ودرَّس وعلَّم فنون الهندسات والسرقات المالية والبدع المذهبية والطائفية، والملفت أنَّ بعضاً مِن الزمرة الحاكمة تفوَّقوا على الفرنسيين في عمليات النصب والسرقة والكذب والاحتيال والمهانة والحقارة.
أخيراً ماذا أقول لقرائي في هذه الحرب الضروس التي أطلقوا عليها حرب غزة، وماذا أقول لعرب اليوم عموماً :
أقول : تذكرت الرئيس جورج واشنطن بطل الإستقلال الأميركي لمَّا طلب منه وزير خارجيته آنذاك بنجامين فرانكلين الإذن بزيارة عاصمة الخلافة العُثمانيَّة الاستانة وبالتحديد المكتبة الوطنية.
استغرب وتردد الرئيس جورج واشنطن هذا الطلب، ولكن توماس جفرسون كاتب وثيقة الدستور الأميركي نصح الرئيس واشنطن وقال له :
( دعه يزور المكتبة لنتعرَّف على القوانين والفرمانات العُثمانيَّة التي حكمت العرب لقرون ).
أمَّا الكيان اللبناني الهزيل والوضيع اليوم :
إنَّه يُذكرني بنصيحة مُستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان في مسألة حِكْم لبنان إذ قال له :
( دع الرئيس السوري حافظ الاسد يدخل بجيشه إلى لبنان حتى يحكم هذه الدويلة، لأنَّهم لا يعرفون أن يحكموا أنفسهم ).
صدق توماس جفرسون في حدسه عن العرب.
وصدق مستشار الأمن القومي للرئيس رونالد ريغان في عدم امكانية شعوب وقبائل هذا الكيان أن تحكم نفسها بنفسها، وخير دليل زيارات متكررة لموفدي الرؤساء والسفراء والمبعوثين وابتسامات الاحتقار والخفَّة البادية على وجوهم، بعد لقاءاتهم أصحاب الفخامة والعطوفة والدولة والسعادة، وخلال لقائهم الصحافة اللبنانية العملاقة الصادقه، المنافقة، الكاذبة.
العرب اليوم يتقاسمهم مجوس بني فارس وحثالة التركي العُثماني بإسم الدين الإسلامي كلٌ على مذهبه يجُّر قطيعاً.
أمَّا لبنان فإنَّه على حاله. مائة عام لم يتمكَّن نسل ذلك الوعد الخسيس والوضيع ( العثماني / الفرنسي ) من حكمه برصانة وأخلاق ورفعة شأن واستقلالية، بل توالى على حكمه وبالمُشاركة الغدر الغاشم الفرنسي والطمع السوري المريب والصراخ الفلسطيني والاجتياح الاسرائيلي، والحروب الأهلية بإسم حماية حقوق رعايا الأديان السماويَّة، وليس أخراً ذلك الثأر الإيراني الفارسي الدفين مُنذ قرون بإسم الثنائية الشيعيَّة وزرع فيالق ومواقد النار المجوسيَّة في عدة عواصم عربية.
رحمك الله يا سلطان باشا الأطرش.
رحمك الله يا كمال بك جُنبلاط.
نحن بحاجة إلى سيفك يا سلطان.
وإلى حكمتك يا صاحب الكمال.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا.
أذار ٢٠٢٤م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق