Pages

الثلاثاء، 21 نوفمبر 2023

عيد الشُّكر الأميركي، عيد الإستقلال اللبناني، أمَّا الشُّكر لجزيرة كوراسو.


عيد الشُكر الأميركي. 

دراسَّة تاريخيَّة. 

على الأقل الشعب الأميركي يشكُرْ. 

نحن فِي لبنان مَنْ نشكُرْ فِي عيد الإستقلال ؟؟


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها

دائماً أسأل نفسي ماذا ترك لنا حُثالَّة حُكَّام لبنان حتى نشكرهم. 

هل نشكر الأُم العاهرة فرنسا على حُثالَّة نسلها الذي خلَّفته ليحكُمنا بعد الإستقلال. 

على الأقل الشعب الأميركي يشكُر كل سنة. 

دائماً أسأل أين مقولَّة ( الله يُمهل ولا يُهمل )

والدي يرحمه الله هاجر مِن لبنان مُنذ العام ١٩٢٩ إلى جزيرة كوراسو في مقلب الكرة الأرضية وعمره ١٨ سنة طلباً للرزق وأنا حذوت حذوه كذلك أبنائي، وغداً أحفادي. 

ولمَّا تفوَّه دولة المغفَّل النجيب مُستهزءاً بِجزيرة كوراسو مكان ولادتي، لمْ أتوانى عن إبلاغ السلطات فِي كوراسو عن هذه السفاهة شاكراً المسؤولين في هذه الجزيرة على ما قدموه مِن خير لوالدي عندما وطأت قدماه أرضهم وكان هذا البلاغ عرفان جميل للجزيرة ووفاءً لذكرى والدي. 

فِي هذا المناسبة التاريخيَّة أقول  شكراً كوراسو. 

تمهيد :

لَمَّا قام المُكتشف كريستوفر كولومبس في سبر غور ذلك المحيط وصولاً إلى ( العالم الجديد ) ظننت كما أعتقد غيري أنَّ الإسم سيبقى على المُسمَّى لهذه القارة، أي أن تبقى الأميركيتين وخاصةً الولايات المتحدة الأميركيَّة قُبلةً ومكةً لكل باحث عن حياةٍ أفضل من العالم القديم الذي يرزح بالحروب الدينيَّة، وما يزال. 

لم تجتمِّع البشريَّة  على أمرٍ واحد كما إجتمعت على تقدير الأرض وتكريمها حيث حِيكت القصص وأُنشدت الأغاني وصِيغت الملاحم وأُلصقت أجمل وأنبل العبارات  في وصف الأرض، بأنها آلهة الخصب وآلهة الخلق وينبوع الحياة الأبدية

كان المعبَّد أو الهيكل الذي اعتصموا فيه للصلاة هو الشكر والعرفان والوفاء، لما تقدِّمه الأرض لبني الأنسان والبشريَّة.  وهذا لا يعني أنَّ الوفاء والشكر شيمَةً من شيَّم الإنسان التي يعمل عليها ويزيدها، بل تراه على الأرجح  يجنح منذ ( هابيل وقابيل ) أن يأخذ من :

الغدْر طقساً.

والغزو طريقةً.

وقلة الوفاء وسيلةً.

والقتل منهجاً.

والسبي رجولةً.

وقد طغَّت هذه الصفات على منحى حياته كما نشاهده اليوم في هذا العالم وخاصةً عالمنا العربي

ولحسن الحظ

ترك لنا هذا الانسان  حيزاً نتكلم عنه اليوم وهو :

عِرفانه وشكره للأرض وذلك باحتفالات سنويَّة

في المُدونَّة :

بادئ ذي بدء، ليست الولايات المتحدة الأميركيَّة من أوجد هذه المناسبة بل سبقتها أُمَمْ وشعوب قبلهاوقد تعددَّت أسماء هذا العيد المخصَّصْ  لشكر الأرض وخيراتها.  


أولاً : عيد الشُّكر في الولايات المتحدَّة الأميركيَّة : 

يقع هذا العيد في يوم الخميس الرابع من شهر تشرين الثاني من كل عام ويُصادف هذه السنة نهار الخميس الواقع فيه ٢٣ تشرين الثاني

يعود بدء الاحتفال بهذا العيد إلى العام ١٦٢٠م.  عندما وصل المهاجرون الأوروبيون  إلى مدينة  بليموث  في ولاية  ماساتشوستس  ( اليوم ). 

لم يكن لدى المهاجرين أية خبرة في الزراعةجرى تعليمهم من قبل أعضاء قبيلة مِن السكان الاصليين عن  كيفية وطرق الزراعة والصيد

وكان أوَّل موسم حصاد أقامه المهاجرون استغرق ثلاثة أيام دعّوا فيه قبائل السكان الأصليين ليشكرونهم على المساعدة والصلاة لأنَّ الله قد منَّ عليهم  بزرعٍ وحصادٍ وفيرين

وبقي الشعب الأميركي على عادته في نهاية موسم الحصاد بإقامة الصلاة والشكر لله، وتقديم أشهى  المأكولات والتفنن في طهي  وإعداد الديك الرومي


اتخذ المهاجرون الأوائل ومن بعدهم الأميركيين الحاليين  هذه المناسبة مِن أجل لمّ شمل العائلة وتقويَّة أواصر القُربى في هذه الأرض الجديدة والموعودة


وقد ابتدع الأولون طرقاً في تكريم  ديك  رومي  واحد كل سنة وإنتقل التكريم إلى يومنا هذا، حيث يقام في البيت الأبيض الأميركي سنوياً  احتفال يحضره  إلى جانب  رئيس الولايات المتحدة الأميركيَّة وعائلته بعض الشخصيات حتى يشهدوا حدثاً  تاريخياً يصدر فيه الرئيس أمراً رئاسياً  يتضمن إعفاء ديك رومي واحد من الذبح.  

هذه المراسم الاحتفالية التي دأب الشعب الأميركي على إقامتها سنوياً أثارت همَّة الحكومة الفيدرالية في إعلاء شأن هذه المناسبة  حيث أقرَّ  الكونغرس تعديلاً دستورياً بالعام ١٩٤١ تكريماً لهذه المناسبة. 

ثانياً : الجّذور التاريخيَّة :

إنَّ الإنسانية كان يختلج عقولها وقلوبها مشاعر تتراوح ما بين إظهار الفرح والحزن، كما كان ينتابها ويهيّمن عليها الشُكر لما تقدِّمه الارض :

في العصر البابلي :

المقصود بالعصر البابلي هو حضارات سومر أكاد أشور كلدان وبابلفي هذا العصر وفي هذه البقعة الجغرافية وفي الخصوبة التي تمتاز بها تربة بلاد ما بين النهرين كان للزراعة شأن عظيم وقد رُصِّعت الملاحم بأوصاف الخير والشكر للآلهة على الحصاد والنعمة التي توّفرها الأرضكان لديهم :

عيد حصاد الشعير

عيد قطف التمور

وذلك في الأول من نيسان أي عند حلول فصل الربيع

كان القصد من هذين العيدين إبراز ولادة الحياة

ويعود تاريخ إحياء هذه الفكرة الى الألف الرابع أو الخامس قبل الميلاد لذلك هو يُعَّد أقدم  احتفال أُقيم  في التاريخ

إنَّ بذور هذا العيد قد لقحَّت وخصبَّت أغلب الأعياد التي تُوفي وتُعطي الأرض حقها وذلك عند أغلب الحضارات اللاحقة

 - عيد الربيع، أكيتو  الاشوري

يُعَّد هذا العيد رمزاً لخصوبة الأرض وحبلِّها بكل ما هو أخضر وهو لون الحياة والترحيب والاحتفال بالطبيعة والابتهاج بقدومها وبخيراتها الموسميَّة.  

- عيد النيّروز الفارسي.  

يقع في ٢١ آذار من كل عام، وهو يوم الاعتدال الربيعي ورأس السنة الفارسيَّة في ايرانخصائص هذا العيد نسيان الاحقاد إطعام الفقراء، لأنَّه بنظرهم عيد الإنسانية  والفرح والرحمة

  • الخلافة العباسية.  فِي العراق لا يمكن إلا أن يكون أهل بلاد الرافدين ملتصقين بالتراث الشعبي المستمَّد من حضارة عريقة  كالبابلية وقد جرت  تسمية العيد  بالربيع الشامي
  • في مصر الأقباط

جرّت التسميَّة ب النيروز القبطي

عند الأكراد جرَّت تسميته، النيروز الكردي.  

- في سوريا إنتقل الميراث السومري وجرَّت تسميته بعيد الربيع الشامي

  • اليزيديون كانت تسمية العيد عندهم سري صال.
  • السريان احتفلوا بهذا العيد كذلك الصابئة المندائيون

- عيد شم النسيم المصري 

وما زال يعود إلى الفراعنة لأنَّه بَعْث الحياة وهو أول الزمان وبداية خلق العالم.    


 - العيد عند اليهود.  مذكور في سفري اللاويين والتثنية ويعتبر يوم ١٥ شباط عيد الأشجار والفاكهة


الخاتمة :

يتضِّح من أعلاه أنَّ الجنس البشري  إتفق وبالإجماع على تقديم شعائر الشُكر والعرفان والجميل للأرض وما تقدمه من خيرٍ ومحاصيلٍ  وزرْعٍ  ونبْتٍ  وفواكهةٍ  وخضارٍ  وثمارٍ وماءٍ  زُلال

وأنَّهم بذات الوقت إختلفوا على كل شيئ بما في ذلك الأديان السماويَّة  التي هبطَّت من الأعالي من أجل شيئ، يسمو ولا يُسمى عليه، ويعّلو ولا يُعلى عليه، ولكنهم أمعنَّوا في الفرقَّة فيما بينهم، وقد أطلقت على ذلك في مُدوَّنتي  

( مِحنَّة الأديان السماويَّة  ).

 وما يحصل الان، هو خير دليل وبرهان


فيصل المصري 

أُورلاندوا / فلوريدا 

يوم ٢٢ تشرين الثاني عيد الإستقلال اللبناني

يوم ٢٣  تشرين الثاني عيد الشُّكر الأميركي

وكل يوم في السنة الشُّكر والعرفان  لجزيرة كوراسو ( البحر الكاريبي )



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق