Pages

الجمعة، 1 سبتمبر 2023

سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة تركيا ( اليوم ) واليهود إسرائيل ( اليوم ) دراسَة تاريخيَّة.


 سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة تركيا ( اليوم ) واليهود إسرائيل ( اليوم ). 

دراسَة تاريخيَّة


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

ولماذا هذه المدوَّنة الأن وغداً وبعد غد

ولماذا تعصُّبي لعروبتي الضاربة بالتاريخ، والتي كانت مضارب خيَّمها وفرسانها ورجالات القبائل تؤمن بالكرامة والعنفوان والشهامة والشرف وتدحر حوافر خيلها المُعتدين. ولماذا أصبح ( بعض ) قادة عرب اليوم تسري في عروقهم النذالة والجبن والنفاق والخفَّة لا بل سرقة الدولة والشعب. 

ولماذا أعتبر في العديد من مُدوَّناتي وأبحاثي أنَّ مصيبة الإسلام العربي تُكمِن في تصاعد التوترات مع مسلمي الأمصار والأقطار المتاخمة غير العربيَّة. 

ولماذا أعتبر أنَّ أكبر مشاكل الدول العربيَّة الإسلاميَّة تأتي من داخل المجتمع الإسلامي نفسه، تحديداً إيران وتركيا. 

ولماذا نواجه في عالمنا العربي اليوم تفسيرات دينيَّة  فيها التطرف السني تؤججه تركيا، والغلو الشيعي تُشعله إيران، حيث نرى الانقسامات الطائفية داخل بعض الدول العربيَّة الإسلاميَّة تتنافس مع التحديات الاقتصادية كالبطالة والنزوح طلباً للرزق، والتهجير هرباً مِن التعصُّب المذهبي.  


في المُدوَّنة :

بعد أن نشُطَ التحرُّك العسكري والدبلوماسي التركي خلال هذا العقد تجاه الدول العربيَّة خاصة سوريا ولبنان وأيضاً إسرائيل ظاهره الوّد والمحبة والتقارب للعرب، يقابله نفاق دبلوماسي غلافه عداء سافر تجاه إسرائيل وباطنه غير ذلك

وكعادتي التي لم ولن أُغيِّرها، ما زالت نظرتي إلى بعض المؤرخين العرب هي هي، لأنِّي ما زلت أعتقد أنَّهم  برعوا في التحريف واستباحوا الكذب وشرَّعوا الأباطيل. وقد اطَّلعت  على ما دوَّنوه عن فترة الحكم العثماني الإسلامي للبلاد العربيَّة الذي دام لقرون أربعة، بأنَّه كان الخير الوفير والرغد في العيش من مُميِّزات هذا الحكم، كذلك خيَّم على هذه البلاد ظلال وافرة مِن العدل والتسامح، وقد أبحرت الحريَّة وسط الشعوب العربيَّة دون عواصف وأعاصير ورفرفت أعلام العزَّة والكرامة في طول وعرض البلاد العربيَّة الإسلاميَّة

مما لا شك فيه أنَّ هذا الكلام مليئ بالارهاصات والتلفيق المُمنهج، لأنَّ تأريخ الحقبة العُثمانيَّة قام به كتبة مأجورون أطلقت عليهم فيما مضى مُسمَّى، مؤرخو المصاطب


وحتى أكون مُنصفاً وصادقاً وعادلاً، أنَّ المؤرِّخين العرب في ناحية واحدة فقط  صدقوا، وهي أنَّ الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة استعادت أمجاد المسلمين العرب بعد أن طحنتهم الخلافات العربيَّة منذ السقوط المدوِّي للخلافة العباسية وما بعدها


إنَّ قبائل الشعب التركي التي اتَّخذت من الإسلام ديناً قدمت مِن آسيا الوسطى واحتلت القسطنطينية وهزمت الإمبراطوريَّة البيزنطية، بخلاف أقرانهم العرب المسلمين الذين لم يحافظوا حتى على الأندلس

( يراجع في ذلك مُدوَّنتي عن ملوك وأمراء الطوائف في الأندلس، وما قاله المؤرخ المقرّي عن السلطان محمد الحادي عشر أبو عبدالله، عندما انصرف عن عاصمته غرناطة، حيث تأوه ودمعت عيناه فنهرته أمُّه وقالت له :

يحقُّ لك أن تبكي كالنساء مُلكاً، لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال ).  

في العلاقة ما بين العرب والإمبراطوريَّة العُثمانيَّة :

كانت سِمة وسياسة الأتراك في حكمهم للعرب هي الاحتقار والإهانة، ولا زالت لغاية تاريخه وصمات العار تتدلَّى من عبارات ومُفردات عانى منها الأجداد، كالسخرة والانكشارية والسفربرلكوالملاحظ أنَّ المعاناة دامت لقرون أربعة وانتهت يوم ٣٠ أيلول ١٩١٨ عندما احتل  سلطان باشا الأطرش دمشق، ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة وهزم الجيش العُثماني الذي كان يعاني سكرات الموت، بعد أن دبَّ المرض في جسم السلطنة العُثمانيَّة المتهالكة خلال الحرب العالمية الاولى


والمستهجن والملفت للنظر أنَّ المؤرِّخ العربي الحُثالَّة لم يدوِّن هذا الحدث التاريخي برفع العلم العربي وإنزال العلم العُثماني لأنَّ النفاق والدجل والتدليس التاريخي والسياسي الديني المدسوس يحول دون ذلك

وبالرغم من وفرة الأعياد الرسمية عند العرب والدينيَّة منها، لم  يحدِّدوا يوماً للاحتفال برفع العلم العربي، الذي قضى في رمزيته على الحكم العثماني البغيض أسوة بالبلاد التي تحترم علمها

( يراجع مدوٌنتي عن سلطان باشا الاطرش رافع العلم العربي الاوَّل ). 


وإذا ألقينا نظرة على الحكَّام والمتصرفين، الذين عيَّنهم الباب العالي لفرض سيطرتهم على البلاد العربيَّة، نرى بعضهم أتراك والبعض الآخر من البلاد التي احتلوها في أوروبا، مثل ألبانيا وأحياناً من أرمينيا، ولم تدفعهم شهامتهم أن يقوموا بتعيين متصرف أو حاكم عربي أو حتى مسلم عربي على أي بلد أوروبي احتلَّه الأتراك، وذلك لترسيخ سياستهم في تهميش، واحتقار المسلم العربي


كان لبني عُثمان سياسة تقضي بضرب زعماء العشائر العربيَّة بعضهم ببعض، وقد ابتدعوا طرائق مبتكرة لتقوية هذا على ذاك في لبنان وسوريا والجزيرة العربيَّة، فدبَّ الهِزال والهوان في البنيتين اللبنانيَّة والسورية والعربيَّة من أجل أن يسود الظلم العثماني لفترات أطول


أمَّا في علاقاتهم مع المسيحيين العرب، لم يأتِ التاريخ على ذكر أمور مُستهجنة في حقِّهم، بل أنَّ المسيحيين لاقوا العذاب والاستبداد من إبراهيم باشا المصري، الذي تعود أُصوله وجذوره إلى العرق التركي، وقد يكونوا بذلك تبادلوا وتقاسموا الأدوار في فرض سيطرتهم المبنيَّة على إذلال العرب


أمَّا اليهود العرب، فلم يقع نظري على مستند، يُبرز أو يفيد أنَّ عملاء وحكَّام الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة  المنتشرين في أصقاع البلاد العربيَّة، قد استعملوا أساليباً تحقيريَّة  تجاه اليهود كتلك التي استخدموها تجاه العرب المسلمين والمسيحيين، ومَرّد ذلك سيأتي بحثه لاحقاً


وقد ذكر المؤرِّخ العربي المُنافق، أنَّ الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة شقَّت الطرق، ومدَّت سكك الحديد، وضربت العملة، وقوننت  الأحكام، واشادت دوراً للحكم ( سرايا ) وغير ذلك من تفخيم في غير محله

كانت  نيَّة الإمبراطوريَّة  العُثمانيَّة في وضع هذه الأمور لا تصب في خانة العرب، لأنَّ قوانين الأحوال الشخصيَّة كانت معروفة ومطبَّقة وفقاً للشريعتين الإسلاميَّة والمسيحية قبل الحكم العثماني بقرون عديدة، والقوننة  كان هدفها فرض مذهب واحد بالنسبة للمسلمين، نظراً لتعدُّد المذاهب.


 وساتطرَّق إلى  مسألة واحدة وهي،  مدّ سكة الحديد المعروفة بسكة حديد الحجاز والتي كان لها محطات في كل مِن ساحة البرج ( بيروت ) وفي دمشق، والتي عاثى المؤرِّخ العربي الحقير كذباً في تعظيم شأنها والإعلاء من قدرها. والمعروف أنَّ عبقرية سوليدير ( وهي شركة قامت بالتنظيم المُدني لبيروت بعد الحرب الأهلية )، أبقت على مبنى واحد وكان فيه سينما أوبرا، وهدمت أبنية ملاصقة وقام رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري بإعادة ترميم السراي العُثمانيَّة في بيروت وجعلها مقراً لرئاسة الحكومة


بالنسبة لمد سكة حديد الحجاز، تبيَّن من الأوراق السريَّة والوثائق المعتمدة، أنَّ الباب العالي لاحظ في بداية  القرن الثامن عشر تنامي نشاط الحركات التحرريَّة في البلاد العربيَّة، بعد أن تأثَّر الجو العربي المقاوم والثائر بأفكار الثورة الفرنسية، وبمعتقدات الثورّة الأميركيَّة، وقد لاحظنا أنَّ بعض المفكِّرين العرب، خصوصاً المسلمين وبصورة أعمّ المسيحيين، استلهموا هذه المبادئ وجاهروا بها إبان البطش العثماني

وحتى يفوِّتوا الفرص التحرُّرية وامتدادها، أشار المهندسون الأتراك على الباب العالي وهم من عليَّة القوم بالعلم والإدراك والمعرفة، أن يستعمل الأسلوب ذاته الذي اعتمده الرئيس الأميركي آبراهام لينكولن في القضاء على تمرُّد الولايات الجنوبيَّة، بأن ينشر سكك الحديد في طول الولايات الشمالية وعرضها

وقد برهنت هذه الاستراتيجية في المواصلات، تأثيرها في الحرب الأهلية الأميركيَّة وساعدت الحكومة الفدرالية بالقضاء على التمرُّد لتوفُّر عاملي سرعة التموين ونقل الجنود

وقد أخذ الباب العالي بهذه النصيحة، بحيث أصبحت سكة حديد الحجاز فور جهوزها  بتصرف الجيش العثماني لنقل الجند والعتاد لقمع التمرد والحركات الاحتجاجية


في العلاقة بين الامبراطورية العثمانية واليهود

في الفترة العُثمانيَّة المبكرة عاشت الجالية اليهودية في الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة بسلام، وتلقى اليهود حماية من الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة وتمتعوا بحرية دينيَّة وحقوق

سقوط الأندلس والهجرة اليهودية :

 بعد سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر، هاجر العديد من اليهود الذين كانوا مقيمين في إسبانيا إلى المناطق التي كانت تخضع للسيطرة العُثمانيَّة، مثل إسطنبول وصفد. استقبلت الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة هؤلاء اليهود بذراعي مفتوحة ومنحت لهم حقوق وحريات


إجمالاً علاقة الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة باليهود على مر العصور تعود إلى يوم سقوط الأندلس، على يد أمراء ورجال الكنيسة الإسبان، حيث استقبلت الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة اليهود الذي جرى تهجيرهم من الأندلس، وكان في جعبتهم  أفكار وفلسفات العرب المسلمين الذين رافقوهم في رحاب العلم الواسع الغني، ومن سخريات القدّر أنَّ بعض الْكُتُب الفلسفية التي ألَّفها المسلمون العرب، بقيت في حوزة اليهود والباقي تّم حرقه أو اتلافه كما يذكر التاريخ محنة التكفير التي اجتاحت الأندلس في يوم مظلم من ليالي التاريخ المضيئ ( حرق العقل العربي )


وقد ذكر التاريخ، بالتفصيل الدقيق هذه الهجرات اليهودية إلى رحاب الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة

-/ من اسبانيا، بالعام ١٤٩٢ 

-/ من البرتغال، بالعام ١٤٩٧ 

-/ من سيسيليا، بالعام ١٤٩٨ 

وقد أوصى السلطان بايزيد الثاني موظفيه وحكَّامه تسهيل  واستقبال اليهود، ومساعدتهم بشكل جيد، وبهذه الطريقة وجد اليهود الاستقرار، والأمان في ظل الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة بعيداً عن الملاحقات الدينيَّة



أمَّا الحدث المهم الذي له دلالات خفية في سر العلاقة بين الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة واليهود والذي وقع في شهر شباط من العام 1556م والذي يُعتبر أحد أهم الأحداث التاريخيَّة التي ترتبط بالعلاقة بين البابا والإمبراطوريَّة العُثمانيَّةالبابا بولس الرابع كان بابا للكنيسة الكاثوليكية في تلك الفترة، والسلطان العُثماني في تلك الفترة كان سليمان القانوني المعروف أيضاً بإسم سليمان العظيم.


في العام 1556، وتحديداً في الـ25 من شباط، قام البابا بولس الرابع بإصدار أمر بحرق 25 يهودياً في روما بتهمة التحول إلى المسيحية ( المعمَّدين )، وذلك كجزء من محاولته لتعزيز الديانة المسيحيَّة ومحاصرة الديانات الأخرى في ذلك الوقت.


في أعقاب هذا الحدث، أرسل السلطان سليمان القانوني رسالة إلى البابا تطالبه فيها بتحرير اليهود مِن السجون والذين تم حرقهم وهم أحياء، وبالرغم من الصراعات الدينيَّة والسياسيَّة بين الكنيسة الكاثوليكية والإمبراطوريَّة العُثمانيَّة في تلك الفترة، فإنَّ البابا بولس الرابع امتثل لهذا الطلب ووافق على تحرير المساجين اليهود.


يعكس هذا الحدث تداخل العوامل الدينيَّة والسياسيَّة في العصور الوسطى، حيث تم التفاوض والتسوية بين البابا والسلطان العثماني بناءً على مصلحة محددة في ذلك الوقت

سكن اليهود في الطرق التجارية للإمبراطوريَّة العُثمانيَّة  اسطنبول، سالونيك، ايزمير وغيرها من المفاصل التجارية

وقد برع اليهود في القطاع المصرفي وفي العمل على الأحجار الكريمة، وصياغة الذهب والفضة وامتهنوا الطّب والترجمة والطباعة، وما زالت هذه المهن والحرف بيدهم


وتعود العلاقة بين اليهود والأتراك إلى أيام السلطان العثماني  محمد الثاني في القرن الخامس عشر عندما استقبلت اسطنبول اليهود المهجَّرين من اليونان، حيث تمَّ توزيعهم على دمشق والقدس والقاهرة

كذلك في القرن الخامس عشر وصلت مجموعة من الاشكيناز بعد أن طُردوا من الدول الجرمانية، وقد وزَّعهم الباب العالي وفق طريقته في استقدام اليهود وتمَّ زرعهم وتوزيعهم في البلاد العربيَّة


وأخيراً ما بين التقليد والحداثة في المجتمع اليهودي في تركيا اليوم نرى التوتر بين العناصر التقليدية والعناصر الحديثة في الديانة اليهودية، حيث اعتبرت الحاخامية الكبرى المؤسسة الدينيَّة اليهودية الرئيسية في تركيا والتي أحاط بها مجلساً علمانياً، بدأت هذه المجموعات اليهودية تلمس التشدُّد المسلم الناشط في تركيا اليوم وإلى تزايد التدين والتشدد الديني بين المسلمين في تركيا.

وكما يقولونوغداً لناظره قريب لتبيان

متانة علاقة اليهود مع الشيعة في إيران

وعلاقة اليهود التاريخيَّة مع السنة في تركيا


فيصل المصري 

اورلاندو / فلوريدا 

أيلول ٢٠٢٣م


المرجع : المُدوَّنات الفيصليَّة




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق