Pages

الجمعة، 25 أغسطس 2023

سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة الفارسيَّة ( إيران اليوم ) واليهود ( إسرائيل اليوم ) دراسَة تاريخيَّة.


 سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة الفارسيَّة ( إيران اليوم )

واليهود ( إسرائيل اليوم )

دراسَة تاريخيَّة  


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

لَمَّا نشرت مُدونَّتي عن علاقة العرب بالفرس قبل وبُعيد الإسلام، ذكرت أنَّ عرب اليوم هُم أُمَّة بدأت بشعار إقرأ وانتهت بشعار أُمَّة إقرألا تقرأ

أوضحت أنَّ هذه الأُمَّة توقفت عن قراءة التاريخ الذي يؤكد أنَّ العلاقات العربيَّة / الفارسيَّة لم تكُّن على ما يرام يوماً من الأيام، وألقيت الضوء تذكيراً للعرب المسلمين على كتاب النبي محمد إلى ملك الفرس كِسرى حيث يتبين منه ما يكِّنه الفرس للعرب مُنذ القدم :

مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَشَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ وَأَدْعُوكَ بِدُعَاءِ اللَّهِ، فَإِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً؛ لأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ. فَإِنْ تُسْلِمْ تَسْلَمْ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْكَ»

أثارت تلك الرسالة غضب كسرى فأمسكها ومزَّقها وقال :

« عَبْدٌ مِنْ رَعِيَّتِي يَكْتُبُ اسْمُهُ قَبْلِي »، 

وسبَّ النبيّ، فلمَّا بلغته هذه الكلمات دعا النبي العربي على شاه فارس وقال : « مَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ »

تعَّمدت أن أُنوِّه بالإنسان العربي في الفترة التي سبقت الإسلام وما تلاه  تحديداً حتى سقوط الإمبراطوريَّة الفارسيَّة الساسانية في العام ٣١ للهجرة، لأنِّي أيقنت أنَّ الإستبلشمانت الإسلاميَّة العربيَّة حاولت فتح صفحة جديدة مع أهل فارس بعد أن تشيَّعوا وأخذوا الإسلام ديناً


تاريخياً أفلح الفرس في إقناع العرب بعد إسلامهم أنَّهم آمنوا وصدَّقوا الحديث النبوي الشريف الذي يقول

لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند الله أتْقاكُمْ، وذلك لغاية في نفسهم

وهكذا برعت إيران لاحقاً في حبك أُكذوبة أنَّهم الأمل في إستعادة فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي واللحاق بركب قادة العرب الذين  جعلوا من القضية الفلسطينيَّة تجارة رائجة منذ عقود، لا بل باتوا السبَّاقين عليهم.  

لأصحاب العقول النيرَّة من الشعب العربي سأبقى أُعيد نشر مُدوَّنتي عن سِر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة الفارسيَّة ( إيران اليوم ) واليهود، حتى أُثبِت أنَّ القضية الفلسطينيَّة ليست همَّاً فارسياً ولن تكون، كما  تلوكه ألسن قادة إيران يومياً، لأنَّ تاريخ الفرس واليهود لم يطرأ عليه أي تعديل منذ قرون كما ستوضحه هذه المدوَّنة

وإلى الجهابذة والعباقرة في لبنان أقول، أُنظروا إلى لبنانكم اليوم ( الحانة ) الذي شرَّع أبوابه على الشاطئ اللبناني شراكة مع إسرائيل، ولم يتجرأ لصوص الحانة ورجال الدين للأسف، إلا فتح معارك وهميَّة مع موبقات المثليَّة الجنسيَّة وفيلم باربي لغضِّ الطرف عن سرقة الوطن


وحتى أُنهي هذه المقدمَّة أقول لماذا الاستغراب والأسف والدهشة، طالما الشعب اللبناني عاد إلى البسط والكيف المشين في المطاعم والملاهي وحضور الحفلات الغنائية …

رحم الله من قال … وكما تكونوا يولَّى عليكم. 

بناءً عليه :


في بحثي هذا سأُنقِّب عن سِرّ العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة الفارسيَّة واليهود على إثر سقوط بابل وحضارة بلاد ما بين النهرين على يد الفرس الذين  قدموا من الشرق، فاندثرت حضارة  وقامت  إمبراطورية على أنقاضها، حتى أُثبت بالبراهين والأدلة التاريخيَّة أنَّ خطابات الوعيد والتهديد التي يُطلقها ساسَّة إيران ومن يأتمر بأوامر ولاية الفقيه من العرب الأشاوس تجاه إسرائيل تحديداً، لا تلقى الصدَّى في مُدن القرار اليوم وغداً وبعد غدٍ وحتى قيام الساعة.  


في المُدونَّة :

ينقسم بحثي هذا إلى :

أوَّلاً : نبوخَذْنصَّر الملك الأكادي، وقد أطلق عليه  الفرس إسم  ( بختنصر ). 

ثانيَاً : قُورشْ الكبير الملك الفارسي

ثالثاً : في سر العلاقة ما بين اليهود والفرس ( الشيعة في إيران اليوم ). 

أوَّلاً : نبوخذنصر

من عام ٦٠٥ الى ٥٦٢ ق.م.  دام حكمه ٤٣ عاماً.

في القرن السادس قبل الميلاد، استعادت الإمبراطوريَّة البابلية مجدَّداً ازدهارها ومجدها في عهد الملك نبوخذنصر، وكان  هذا الملك  قائداً عسكرياً  فذّاً ورجلاً محباً للبناء والعمران

إحتَّل  فلسطين  وجمع  اليهود البارزين في العلم والطبابة والفلك والفلسفة والتاريخ والدين وأخذهم أسرى إلى بابل، وكان عددهم ما يقارب ٣٠٠٠ أسيرثم ولَّى ملكاً منهم إسمه صدقيا على فلسطين، الذي أقسم ل  نبوخذنصر بعدم  تكرار الاعتداءات على حدود بابل، وقد عُرف هذا بالسبي البابلي الأوَّل

ثَبُت  في التاريخ أنَّ  نبوخذنصر حاصر مُجدَّداً أورشليم لمدة سنة، لأنَّ مملكة يهُوَّذا كعادة اليهود في عدم الالتزام بالمواثيق ونقض الاتفاقات المعقودة، لم تَصْدق في عهدِها الذي قطعته له بعدم الاعتداء على حدود بابل، فأضطرإلى أن يدخلها فاتحاً بالعام  ٥٨٧ ق. م. وتأديباً لليهود قرَّر أن يسبي مُعظم السكان ومنهم ملك اليهود صدقيا، وكان عددهم حوالي أربعين ألف أسير ومن ثُم أقدم على إحراق هيكل سليمان.

وبهذا أنهى نبوخذنصر حكم  سلالة الملك داوود على يهوَّذا  في العام ٥٨٧ ق.م، وقد أُعتبر لاحقاً في التوراة  بإسم السبي البابلي الثاني

أُعتبر نبوخذنصر بعد هذه الانتصارات العسكريَّة، أعظم الملوك في ذلك الزمان قاطبةً، لأنَّه وعلى أيَّامه كان في بابل أعظم إمبراطوريَّة  امتدَّت من الخليج العربي  حتى  بلاد فارس.

إنصرف هذا الملك إلى إنشاء الحدائق المُعلَّقة التي أُعتُبرت فيما بعد من عجائب الدنيا السبع، وامتاز عهده بأن انتقلت بابل من الحكم الآشوري إلى الحكم الكلدّاني بعد أن إجتاح عاصمتها  نينوى بمساعدة الميديين

ورد ذكر إسم  نبوخذنصَّر في كتاب اليهود في سفر النبي دانيال باعتبار أنَّ دانيال كان في عداد اليهود الذين سباهم الملك الكلداني، وقد عُرف أنَّ  نبوخذنصر احتاجه  لمَّا عجز كهنة بابل من تفسير حلمه. 

ولأنَّ نبوخذ نصر( إعتبره القوميون العرب الجُدد قائداً سورياً عالمياً من ملوك بابل قاد جيشه المُظفَّر إلى أورشليم

حيث سبى وطرد اليهود منها ) اقترن إسمه بالسبي اليهودي، حيث لا يزال هذا الإسم  يهزُّ كيانهم  ووجدانهم  وقد عملوا على تشويه صورته وصورة  بابل  وتحريف التاريخ، ويقال على ذمَّة البعض أنَّ لوح السبي  قد اختفى

ثانياً  أعظم ملوك الإمبراطوريَّة الفارسيَّة قورّش الكبير.  

أرسى هذا الملك الإمبراطوريَّة الفارسيَّة المترامية الأطراف، وباتَّت في العام ٥٣٠ ق. م. أكبر إمبراطورية في العالم. وقد أثنى عليه كُتَّاب العهد القديم لأنَّه أعاد اليهود وأرجعهم  إلى بلادهم في أورشليم القدس، بعد ٧٠ سنة من السبي، وقد بذل لهم الأموال الطائلة لتجديد بناء ( هيكل سليمان الذي هدَّمه الملك نبوخذنصر. وقد ذَكرت كُتُب اليهود أنَّ الإمبراطور الفارسي قورش أمر بإعادة  نفائس الهيكل التي إستولى  عليها  جيش بابل والتي كانت  مخزونة  في  خزائن الملوك والمعابد

وقد ذكرت بعض الكُتُب التي قام بتدوينها اليهود، أنَّ  قائد  الجيش الفارسي ( غوبر ياس ) لَمَّا إحتل  بيت المقدس سنة ٥٣٨ ق.م. أخذ معه في عِداد جيشه من أراد من اليهود المسببين وسمح لهم ببناء الهيكل في القدس مدفوعاً   برغبة إيجاد جماعة موالية للإمبراطورية الفارسيَّة.

وقد إعتبر اليهود أنَّ الملك  قورّش هو المُخلِّص الإلهي أو حتى المسيح المنتظر ! وقد ذكرت بعض الروايات أنَّ عدد اليهود الذين عادوا مع قائد هذه الحملة ( غوبر ياس ) بلغ ٤٢٠٠٠ شخصاً وتُضيف هذه الروايات أنَّ زعيم اليهود الذي رافق الجيش الفارسي  كان إسمه  ( زرو بابل ) وأنَّه من  سلالة الملك ( يهو ياقيم ). 

أقام اليهود سلطة دينيَّة تحت سيطرة الفرس، واستخدموا العبرية في معاملاتهم التجارية والدينيَّة على حد سواء


ثالثاً : في سر العلاقة التاريخيَّة ما بين اليهود والفرس

لقد ثَبُت تاريخياً أنَّ اليهود قامت بينهم وبين الشعوب التي أحاطتهم عداوات مُكلفة ومُتعبة، وحروب ومناوشات طاحنة

عاداهم المصريون والآراميون والفلسطينيون والكنعانيون والاشوريون والبابليون والكلدانيون والإغريق والروم والنصارى والأنباط ثم العرب المسلمون.  

لم يُصادق اليهود في كل تاريخهم القديم إلَّا المجوس الفرس الذين بدورهم حالفوهم  ونصروهم.  

وقد ذكرت كُتُّب التاريخ، أنَّ اليهود بالرغم من السماح لهم بالعودة بإشراف الإدارة الفارسيَّة، إلَّا أنَّ الكثير من المسبيين أعجبتهم أرض بابل مقاماً. أمَّا القلَّة المُتشدِّدة التي عارضت الاندماج هي التي حافظت على بني إسرائيل من الاندثار، وقد تمتَّع اليهود في منطقة القدس بالاستقلال الذاتي تحت الهيمنة الفارسيَّة

وقد قال بعض المؤرِّخين العرب، وحتى من الغرب، أنَّ  الرأي الإيراني حول اليهودية يقوم اليوم على ذات الأسس التي وضعها الإمبراطور قورش عند تحريره اليهود مِن السبي البابلي، وهي أنَّ اليهود جنس له شبه كبير بالجنس الآري ( الفارسي ) ويُمكن الاستفادة  منه  من  خلال اغرائه بالمال. ( هناك جالية يهودية في ايران لا يستهان بها )


من هذا السرد التاريخي يُمكننا إدراك ما يجري الأن من علاقات سريَّة ما بين إيران وإسرائيل، ولو أنَّ العرب يقرأون كانوا أدركوا علم اليقين أن التاريخ الصادق غير ( الكاذب والكذوب والمنافق والمُرائي الذي وصل إلينا ) يقول أن الفرس لم يعتنقوا الإسلام ديناً أو عقيدةً  بل وسيلةً من أجل القضاء على العرب والعروبة. 

الفرس ومن أتى بعدهم ( إيران ) إتخذوا الثأر والانتقام من الذي دمَّر قصورهم وقلاعهم وهياكل عباداتهم حيث كانوا يعتبرون النار والماء أدوات من طقوس الطهارة الروحية وفقاً للمجوسيَّة  أو الزرادشتيَّة التي سادت في الإمبراطوريَّة الفارسيَّة. ( يراجع  مُدونَّتي  إختلاف الرأي لا يُفسد للوِّد قضية

هذا هو سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة الفارسيَّة إيران اليوم، ويهود إسرائيل اليوم وغداً وبعد غد وحتى لقرون.  




فيصل المصري

أُورلاندوا / فلوريدا 

أب ٢٠٢٣م


المرجع :

المُدونَّات الفيصليَّة

كتاب ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ )

الطبعة الاولى حزيران ٢٠١٨م.


هناك تعليق واحد: