Pages

الجمعة، 31 مارس 2023

أخوَّت شانيه، لو كان حياً. مُقاربة تاريخيَّة مع حُكَّام لبنان اليوم.


 

أخوَت شانيه، لو كان حياً …

مُقاربة تاريخيَّة مع حُكَّام 

لبنان اليوم


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

التكرار التاريخي، أو تكرار الأحداث المتشابهة في التاريخ، وصفهما في القرن التاسع عشر كل من هاينرش هاينه وفريدريك نتيشه، وأيدهما مارك توين. 

سأحاول في هذه المُدونَّة عن ( أخوَّت شانيه ) تطبيق أراء هؤلاء الفلاسفة مِن ناحية تشابه الأحداث ما بين شخصيَّة أخوَّت شانيه والأمير بشير الشهابي في القرن الثامن عشر، والوضع المُخزي في موطني لبنان بالوقت الحاضر. 


الماضي يعلمنا دروساً من أجل الأفعال المستقبلية، ويعني ذلك أن نفس النوع من الأحداث التي حدثت سابقًا ستتكرر. 

يقول تروغوس وهو مؤرخ يوناني من القرن الأول ق.م

( أنَّ الإمبراطوريات كانت تسقط نتيجة الفُرقة الداخلية ). 


أمَّا ماكيافيلي قال، عندما وصلت الدول إلى أعلى درجات الفوضى سرعان ما بدأت بالانهيار، بعد أن أصبحت عاجزة عن الانحدار أدنى من ذلك. 

بكل أسف هذا ما يتخبط به لبنان اليوم. 

إليكم أخوَّت شانيه …

لو كان حياً.


المُدونَّة :

يقول مارك توين التاريخ قد لا يُعيد نفسه ولكنه يتشابه كثيراً.

أخوَّت شانيه … هو شخصيَّة لبنانية عاشَت بالقرن الثامن عشر في عهد الأمير بشير الشهابي الكبير. 

هو إدَّعى أنَّه أخوَّت أي مجنون.  

والأمير بشير إدَّعى المنافقون من شهود مصطبَّة تأريخ الإمارة الشهابية بأنَّه أمير عادل.       

لقد حفِل التاريخ القديم بشخصيات إدَّعت الغباء أو حتى الجنون من أجل تجنُّب نزق الحاكم، أو ظُلم السلطة وأزلامها، على آراءٍ يقولونها مُناقضة لسياسة الدولة.     

أردت من هذه المدوَّنة أن أسرد قصة هذه الشخصيَّة اللبنانيَّة حسن حمزه، التي عاشت أيام حكم الأمير بشير الشهابي الكبير والذي يسمُّونه بأخوَّت شانيه. هذه المدوَّنة سأكتبها بقالب أدبي تاريخي تتضمن بعض العِبَر، أعرض فيها أخبار هذا الإنسان كما استفاضت محطات التلفزَّة اللبنانية منذ سنوات بتشخيصه في مسلسلات قام ببطولتها وأجاد في تقليدها الممثل اللبناني نبيه أبو الحسن من قرية بتخنيه قضاء بعبدا. 

وكما ورد تواتراً عنه من أخبار، مِن الواضح والجلي، أنَّ ما وصل إلينا عن أخوَّت شانيه قصص مرويَّة من السلف معظمها قصص مُضحكة مُبكية مُنبِّهة، ومُشيرة إلى ذكائه الحاد ومشورته السديدة لحاكم وأمير ذلك الزمن، وهو الأمير بشير الشهابي المشهور بأبو طبيخ لأنه أكول وشرِّه وأناني وخسيس ونزِّق خُلقاً وأخلاقاً ومُحرِّض وفتنوي وما نقرأه في كتب التاريخ المفروضة على أبنائنا في المدارس اللبنانية ما هو إلَّا نفاق ودجلٌ  وكذبٌ  تاريخي ممنهج، كما عودنا عليه لاحقاً أتفه مؤرخي كيان دولة لبنان الكبير. 

مما لا شك فيه أنَّ أخوَّت شانيه عاش في ظل حكم فاسد ظالم جاهل وحاكم أرعن ومستبِد ومُفتعل للخلافات بين العائلات الروحية والقرى.  

في كتابه الروض النضير يقول الأمير حيدر أحمد الشهابي  ( في هذه السنة ١٨١٦م وقعَت العداوة بين أهالي بلدة شارون وأهالي بلدة شانيه من قرى الجرد في عهد المشايخ من آل عبد الملك، فظهر تعصُّب وتدَخُل من المشايخ في هذا الخلاف، فغضب عليهم الأمير بشير الشهابي ورفع يدهم عن الجرد )


وهذا فيض من غيض هذا الأمير الذي حكم وساد حكمه على زرع الخلافات بين العائلات الروحية والمدنية وبث الْفِتَن تشبهاً بأسياده وأربابه من حُثالة بني عثمان تلك الخلافة الفاسدة والمُفسدة على العرب كافةً.  

وقد أثبت التاريخ الصحيح والصادق أنَّه في عهد هذا الأمير بدأ غروب وأُفول وانحسار شمس السلطة السياسيَّة لطائفة الموحِّدين الدروز في جبل لبنان. تراجع مُدونَّتي عن موقعة عين داره. 

في قصة أخوَّت شانيه إنَّ عناصر إدعاء الغباء وحتى الجنون من أجل تجنُّب ظلم السلطة، متوفرة في سيرة هذا الانسان. 

حسن حمزه ولد في قرية شانيه، القريبة من الطريق الدولية بيروت / دمشق، في قضاﺀ عاليه، محافظة جبل لبنان.  

شانيه، تسمية سريانية، مثلها مثل معظم القرى اللبنانية وتعني الأشخاص المُتنقلين كعادة أهل ذلك الزمن البعيد. 

تضم شانيه العديد من العائلات التي تنتمي إلى طائفة الموحِّدين الدروز ومنها عائلة حمزة التي برز فيها واشتهر منها شخصيَّة تاريخيَّة في عهد الأمير بشير الشهابي الكبير، ويدعى حسن حمزة  ويلقبونه بأخوت شانيه. 

تقول الأخبار المتواترة المتناقلة شفهياً والتي وصلت إلينا من أنَّ فلان قال، ويعود السبب في أنَّ تدوين الأخبار والأحداث خطياً إقتصر فقط على العائلات الدرزيَّة الإقطاعية دون باقي العائلات العامية.  

وحتى يتم الحبك التناقضي في هذه القصة، يقال أنَّ حسن حمزه كان مقرباً من زوجة الأمير بشير الشهابي السِّت شمس، لأنَّه كان يواسيها بأخباره المضحكة ويكرِّب عنها وعن أحزانها.  

وفي هذا القول غموض وارتباك، إذ كيف يحظى إنسان معروف عنه بأنَّه أخوَّت فيه لوثة، من التقرُّب إلى أميرة هي بالوقت عينه زوجة أمير ظالم للرعية، ويقدِّم لها البسمة على أطباق من الضحك  والحبور والفرح.  

وتضيف هذه الرواية المحبوكة بخيوط هزيلة، أنَّ الأميرة قامت بتقديم أخوَّت شانيه إلى زوجها الأمير من أجل أن يحكي له قصصاً مضحكة فيدِبُّ السرور والحبور في قلب الأمير الحاقد العابس والملتحي حتى أخمص قدميه.  

وتقول الروايات أنَّ أخوَّت شانيه اقترح على الأمير أثناء هيجانه وتسلُّطه وغضبه، عندما وقع في أزمة جر المياه إلى قصره الجديد في بيت الدين، أن يأمر شعبه ورعيته إلى إجتماع طارئ لبحث مسألة وصول المياه إلى القصر والقرى المحيطة به.  

كان رأي أخوَّت شانيه أن يتم استجرار المياه من نبع الصفا، وهي قرية في قضاء الشوف قريبة من قصر الأمير في بيت الدين.  

كانت عبقرية أخوَّت شانيه، أن يعطي الأمير أمراً  همايونياً ( نسبة إلى أسياده بني عثمان ) بأن يصطَّف سكان القرى المحاذية، في خط طويل من القصر حتى النبع، وكل إنسان يحفر مقدار طوله وكأنَّه يحفر قبره بيديه حتى يدفن فيه إذا لم تُجَّر المياه إلى القصر. 

وبما أنَّ هذا الأمير، مجبولٌ بدمٍ فاسد وبصفات الحقد في شرايينه، أعجبته هذه الفكرة الجهنمية الظالمة، وأخذ بها فوراً. وقد أدَّى الأخذ بمشورة أخوَّت شانيه، إلى جرّ المياه إلى قصر بيت الدين.  

ماذا كان لهذا الانسان من تكريم في ذلك الزمن.

يقال أنَّ الأمير بشير الشهابي أعفى بلدة شانيه من الرسوم على المياه، مع أنِّي شخصياً أستبعد هذا الإجراء، لأنَّه غير منصوص عليه في فرمان أميري، بالإضافة إلى أنَّ خِصال هذا الأمير لم يكتنزها التسامح والاخلاق الرفيعة في الكرم والجود.    

أمَّا في الوقت الحاضر، فإنَّه من المؤكَّد أنَّ قرية شانيه وتخليداً لذكراه أقامت له نصباً تذكارياً وحديقة عامة باسمه.  

ومن المؤكَّد أنَّ شعب لبنان بأطيافه وأديانه ومذاهبه، وملله وأحزابه كافةً، يفتشون عن رجل أخوَّت مثل حسن حمزه يقترح أو يشير على حاكم أو حُكَّام لبنان الحاليين كيف يَجُرُّ الماء والكهرباء إلى المنازل عوضاً عن الوزراء والمستشارين الذين يسرحون ويمرحون ويسرقون.  


أمَّا منزل حسن حمزه أو أخوَّت شانيه، فإنَّه من قبيل أثراً بعد عين. أي لا يوجد أو هُدِم.  

بعض الأخبار المتواترة عن أخوَّت شانيه :

يُحكى عن أبناء البلدة أنَّ الرجل لم يكن مجنوناً، بل كان يتميَّز بحنكة ودهاﺀ، ويروي أحد الأهالي :

أنَّ الأمير بشير كان يملك العديد من الخيول الاصيلة، ومن بينها فرس زرقاﺀ محبَّبة إليه، وكانت هدية من نابوليون بونابرت، وقد وُجدت نافقة في أحد الأيام.  

خاف سايس خيول الأمير من موت الفرس التي يحبها الأمير فاستهاب كثيراً من غضبه. استعانت حاشية الأمير بأخوَّت شانيه الذي تكَّفل بإبلاغ الأمير شخصياً. 

فدخل على الأمير كعادته ضاحكاً مُبتسماً وقال له : 

يا .. مير كل ولاد الرعِيِّة بيحبوك وبيحلفو بإسمك ..

فبدا السرور على وجه الأمير. 

فتابع قائلا : حتى الفرس الزرقا نايمي ع ظهرا وما عم تتحرَّك.  

فارتعدت فرائص الأمير، وغلَت الدماء في شرايينه.  

وقال مُزلزلاً :

ماتَت .. الفرس ؟

فأجابه أخوَّت شانيه ..

إنتَ .. قلت ..

أخيراً ..

أنا، أقول ..

كم نحن شعب لبنان الأبي، العنيد، الصامد، الفالح، الغانم، الذكي، بحاجة، إلى 

أخوَّت ..

أحدهما مسلم .. 

وأخر مسيحي .. 

وعلى أُرجوزة ..

٦ و ٦ مكرر حتى لا يدِّب العويل والنحيب والنباح  على ضياع حقوق الطوائف ..

وبذلك يكتمل النِقْل بالزعرور ..

ويعود لبنان، بلد النور والإشعاع، بدلاً من هذا الكيان المسخ الذي وعد به أخر سلاطين حثالة بني عثمان عبد الحميد للبطريرك الماروني آنذاك الياس الحويك بالعام ١٩٠٥م بتواطؤ دنيئ من سلطة الانتداب الفرنسي الأم الحنون والتي ما انفكت هذه ألأم عاهرة تبيع وتشتري.  


فيصل المصري

أُورلاندوا / فلوريدا

نيسان ٢٠٢٣م


المرجع : المدوَّنات الفيصليَّة 

كتاب الموحِّدون الدروز عبر التاريخ.  




الأحد، 26 مارس 2023

لا تقوم ( السَّاعة ) إلا على حُثالَّةِ النَّاس.



 

لا تقوم ( السَّاعةُ ) إلا على حُثالةِ النَّاس

حديث نبوي شريف


الحُثالَة هو :

رديئ في كل شيئ

من لا خير فيه

مِن أراذل الناس

مِن شرارهم

مِن أسافل الناس

بالنهاية الحُثالَة هم حُكَّام دولة لبنان 🇱🇧 الحاليَّة، في خلافهم على التوقيت الصيفي الرسمي


لهؤلاء الطُغمة الفاسدة في لبنان تذكروا إن كان لديكم ضمير وطني ما قاله سلطان باشا الأطرش قائد الثورة العربيَّة الكبرى لمًا رفع العلم العربي في دمشق بعد زوال الخلافة العثمانية البائدة

هو من قال

الدين لله والوطن للجميع

هو الغضنفر الذي تفتقده الكرامة العربية اليوم

هو القمر في الليلة الظَّلماءِ

نحن اليوم بأشد الحاجة إلى هذا العملاق


في لبنان  🇱🇧 تختلف الطوائف والمذاهب والأديان على التوقيت الصيفي لهذا الكيان

قل  لهم يا باشا.  

الدين لله يا حُثالَّة حُكَّام لبنان 🇱🇧 .    

والوطن لجميع أطيافه وملله ومذاهبه وأديانه

صدق من قال فيكم

أنتم حُثالَّة البشريَّة.


فيصل المصري 

أُورلاندوا / فلوريدا 

أذار ٢٠٢٣م 



السبت، 18 مارس 2023

ليلى العفيفة وإبن عمِّها البرَّاق. أيام الشرف والكرامة التي إنقرضت.

 

ليلى العفيفة وإبن عمِّها البرَّاق

أيام الشرف والكرامة العربيَّة التي إنقرضت


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

وتبقى أسئلة الأصدقاء والصديقات تنهال عليَيَّ

لماذا شوقي وشغفي وإعجابي لأيام العرب والقبائل العربيَّة قبل هبوط الأديان. ولماذا اعتبرتُ أنَّ الوهَّن والهيبة والضعف بدأ يدِّب في أُمتي العربيَّة بعد ٩٠ سنة من القضاء على الخلافة الأمويَّة على يد أبناء العمومة من بني العباس، وبعد ٣٠٠ سنة من زوال الخلافة العباسيَّة وسقوط بغداد

ولماذا اعتبرتُ أنَّ مؤشِّر زوال الأُمم في التاريخ يكون بتدمير تراث الماضي وحرق الكتُّب في المكتبات إذا فيها ما يخالف الرأي السياسي أو الديني العقائدي، كما حصل لمكتبة الإسكندرية بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب لقائد جيشه في مصر عمر بن العاص، وكما جرى لمكتبة دار الحكمة بالقاهرة بأمر من صلاح الدين الأيوبي، وأخيراً وليس أخراً بما يُعرف بمذبحة فلاسفة الفكر والعقل بالأندلس

جوابي :

إقرأ مُدونَّاتي عن العرب قبل وبعد هبوط الأديان

واقرأ مُدونَّتي عن سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة الفارسيَّة، ( إيران اليوم ) واليهود حيث يتبين لك أنَّ الرأي الإيراني حول إسرائيل يقوم على الأسس ذاتها التي وضعها الإمبراطور قورش عند تحريره اليهود من السبي البابلي. 

واقرأ مُدونَّتي عن سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة العثمانية، ( تركيا اليوم ) واليهود حيث يظهر لك أنَّ سمة وسياسة الأتراك هي حماية اليهود منذ سقوط الاندلس وحكمهم للعرب كان معياره الاحتقار والإهانة لقرون أربعة إنتهت يوم ٣٠ أيلول ١٩١٨م عندما دخل ذلك الغضنفر العربي الأصيل سلطان باشا الأطرش مدينة دمشق ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة. 

بعد كل هذا سيأتيك اليقين مِدراراً، لأنِّي لم أكُن يوماً  مُقتنعاً كما أنا عليه الآن من اقتناع، بأنَّ خِصال وأخلاق وعادات ونخوَة العرب الذين عاشوا قبل الديانات هي أقوى وأمضى وأجدى نفعاً ممَّا هي عليه سيرة وحياة عرب اليوم على كافة مشاربهم وأديانهم ومذاهبهم. 

لا عيب أن تُعبد آلهة جمال أو آلهة حُب عند عرب الاوائل بدلاً من عِبادة آلهات المال والضغينة والحسد والخيانة وقلة الوفاء كما هو حال عرب اليوم وخاصة في بلاد الشام. 


إنَّه عصر الظُلُمات العربي الذي نعيشه. 

هذامن باب ما قل َّودل َّ.

وحتى أُنهي مُقدمتي هذه أُردِّد على مسامعكم ما قاله المؤرِّخ المقرِّي عن مِحنَّة الإمبراطوريَّة الإسلامية العربيَّة  أثناء سقوط الأندلس والتي يُمكن تعميمها على الدول العربيَّة الآن التي تنعم بالربيع العربي دون استثناء من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر إذ قال :

وبينما كان السلطان محمد الحادي عشر ( أبو عبدالله ) منصرف عن عاصمته غرناطة يوم ٢ كانون الثاني من العام ١٤٩٢م. حانت منه التفاتة أخيرة إلى ملكه، فتأوَّه وجرت عبراته ودمعت عيناه، فنهرته أمُّه وقالت :

يحق لك أن تبكي كالنساء مُلكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال

إنَّها عبرة لمن يعتبر

إنْ بقيَت النخوَّة والكرامة والرجولة العربيَّة

أخيراً أُبشِّر الطُغمة الفاسدة في لبنان مِن كل الاديان والمذاهب إنَّ الأموال التي سرقتموها مِن شعبكم والموجودة في المصارف الكبيرة في أميركا وسويسرا وفرنسا التي إنهار بعضها ستُحجز وتوضع بتصرف هذه الدول، كما أقرَّ البنك الفيدرالي الاميركي هذا الاجراء

وعلى الباغي تدور الدوائر إن شاء ربُّ العزَّة.  


في المُدونَّة :

إليكم .. قصة حقيقية عن عادات وأخلاق عرب الامس، تُبرر هذا الاقتناع وهذه المُقدِّمة التي كان لا بُدَّ منها وخاصة لموطن أهلي لبنان

من هي  ليلى ؟؟ 

هي شاعرة عربية عاشت بالفترة التي سبقَت الإسلام بالعام ٤٨٣م. أي ١٤٤ سنة  للهجرة

نشأت  في بيت  وحجر والدها الحنون.     

هي  ليلى  بنت  لكيز  بن  مرَّة  بن  أسد  بن  ربيعة. من بني تُغلِّب  بن  وائل  إحدى  قبائل  ربيعة  بن  نزار العربيَّة. أُشتهِرَت  في  التراث  العربي باسم  « ليلى العفيفة » كانت ليلى من أجمل بنات  العرب  في  عصرها، وأفضلَهنَّ خصالاً  في الخُلْق، كانت  آية  في الجمال ودماثة الأخلاق .  

ذاع  صيتُها بأنَّها  تامَّة  ألحُسْن كثيرة  الأدب  ورزينة في الحديث.  

تقدَّم  لخطبتها  كثيرون  من رِجالات  العرب وأصحاب الحسَب  وَالنسَب منهم  عمرو  بن  ذي  صهبان  إبن أحد ملوك  اليمن الذي  كان  يتردَّد  عليه  والدها فيُجزِلُ عليه العطاء ويُكرِمه بالهدايا  ويُحسن  وفادته  وضيافته

تقدم  عمرو  بن  ذي  صهبان  لخطبة  ليلى وقَبِل  والدها أن  يٌزوِّجها  له، لكن هذه  الخطبَة  لم  يتقبلها البرَّاق إبن عمّ ليلى، فأتى إلى  أبيه  وإخوته  وطلب إليهم الرحيل إلى البحرين، فارتحلو ونزلوا  على  بني  حنيفة

فالعيش من دون ليلى لا يُطاق

وتقول  الروايات إنَّ  ليلى  رفضَت  جميع  من  تقدَّم لخطبتها ومنهم  عمرو  هذا لأنَّها  كانت  لا  ترغب  أن تخرج  من   قومها.

قرار ليلى برفض من تقدَّم لخطوبتها ومنهم عمر بن ذي صهبان هذا،  أثار قريحة شعراء القبائل حيث نقرأ  في شعرهم  الجميل الفخر  والانتصارات وتعلُّقهم بقبيلتهم والدفاع عن حياضها

أمَّا ليلى التي انسكبت عاطفتها الجيَّاشة ونخوتها تجاه قبيلتها لم تُقصِّر فأنشدَت أبياتاً مُعبرة  من الشعر أطلقتها أثناء  الأحداث  التي  حصلت معها.   

جذبَت  قصة  ليلى  العفيفة  وأشعارها  خيال  العديد  من الفنانين  الذين  غنُّوا  قصائدها  ومنهم   المطربة  العربيَّة اسمهان ( شقيقة  الموسيقار  فريد  الاطرش )  التي غنَّت 

( ليت  للبرَّاق  عيناً  ) عام 1938، من تلحين الموسيقار  محمد  القصبجي. 

من هو البرَّاق ؟؟

البرّاق  هو إبن عم  ليلىوهو البرَّاق بن  روحان  بن  أسد  بن  بكر  بن مرَّة من بني جشم  أحد  فروع  قبيلة  تغلب  بن  وائل  من قبائل  ربيعة بنو  نزار.

كان البرَّاق  فارس  ربيعة ورجلها  المقدام كلمته  لا تُرَد في قبيلته قال عنه  المؤرِّخون  إليه انتهى  عزُّ  ربيعة  وشرفها

تعلَّق  البرَّاق  ب ليلى إبنة  عمِّه، وبادلته  الحب  وأحبَّته حُباً دوَّنته سجلات التاريخ  بمداد من الذهب الخالص

كانت  العادة المتَّبعة  عند  العرب الأوائل  أن   يتمَّ  تزويج البنت  إلى  قبيلة  ذي  بأس وشأن  وقوَّة  وسطّوة حتى  تكون  ملاذاً  آمناً  لقبيلتها  في  حالة  الشدائد والمِحَن والحروب

وقد  وجد  والد  ليلى  ضالَّته  هذه  بأن  يقوم   بتزويج إبنته لأحد  الملوك، ولكِّن  ليلى توَدُّ  لو أنَّ  أباها  زوَّجها البرَّاق

لم تعص ِ ليلى  أمر  أبيها وصانَت  نفسها عن البرَّاق تعفُّفاً فلُقِّبت بالعفيفة.

استاء البرَّاق من  رفض عمِّه  زواجه  من  ليلى، ونظراً لشهامته العربية  رحل البرَّاق عن قومه ونزل  على  بني حنيفة  ( من  قبائل  بكر  بن  وائل ). 

أثناء غياب  البرَّاق عن  قومه ثارَت  حربٌ  ضروس  بين   بني ربيعة ( قوم البرَّاق )  وبين  قبائل  قُضاعة  وطيء، قُتل فيها الكثيرون  من الفئتين وتعاظمَت الشرور وإتسَّع الخلاف

ساءت  احوال  بني  ربيعة  ودارت  الدوائر  عليهم، والبرَّاق معتزلٌ  عنهم  برجاله بسبب رفض  عمِّه  تزويجه ليلى

اجتمع إلى البرَّاق  كليب  بن  ربيعة وأخوه  المهلهل  بن ربيعة،  يستنجدوه  فقالو له :

يا أبا النصر قد طمَّ الخطْب ولا  قرار لنا  عليه

وأنشده كليب :

إليك  أتينا  مستجيرين  للنصر

فشمِّر  وبادر  للقتال  أبا  النصر

فأجابهم  البرَّاق  متهكِّماً :

وهل أنا إلَّا  واحداً من  ربيعة.  

ثم ّ ردهم  خائبين

وقد  بلغ  الأعداء  امتناع  البرَّاق  من نجدة أهله والقيام بقومه  فأرسلوا  يعِدونه  بما  شاء  من  الكرامة  والسيادة فيهم  إن  آزرهم  على  قتال  ربيعة

أخذت  البرَّاق  الغيرة وزال ما  في  قلبه  من  حقد وضغينة  على  قومه

وأجاب  البرَّاق   بني  طيئ :

لعمري  لست  أترك  آل  قومي  وأرحل  عن  فنائي أو أسير  بهم  ذلِّي.  

أمر  البرَّاق  رجاله  بالركوب والانطلاق، ونزِل   عند  خاطر قومه بعد أن عقدُّوا  الرئاسة لهفامتثلوا لرأيه وتفرَّقوا  في  أحياء  ربيعة واستصرخوا  قبائلهم،  فجزعَت ربيعة  لجزع  البرَّاق  وأخذت أهبتها للحرب وتوافدَت  قبائلها من كل  فج  عميقسار  البرَّاق  غازياً  ديار  قُضاعة  وطيء، وكان  معه كليب بن ربيعة  والمهلهل  بن ربيعة وأبو  نويرة  التغلبي  والحارث بنو عُبَّادوأغار  عليهم وألحق  بهم  شرَّ هزيمة وأطبق فرسان  البرَّاق  من  كل  جانب،  فأكثروا  فيهم  القتل وانهزم الباقون

تعدَّدت المعارك واشتد وطيسها وتصاعد الغزو وامتلأت أيدي البرَّاق  بالغنائم. واسترجع جميع  المواشي والمسروقات التي  كسبها الأعداء

انقادت للبرَّاق  قبائل  العرب وفُكَّ أسرى  قومه، واسترجع الظعائن ( النساء أو الزوجة التي تركب الهودج  ) وكانت من  جملتهُّن  ليلى  العفيفةواصطلحَت  القبائل  وأقروا للبرَّاق بالفضل  والشرف الرفيع

بعد  الحرب  أرسل  عمرو  بن  ذي  صهبان  خطيب  ليلى إلى والدها  يستنجزِه  في أمر  تلبية  وعده  في  أمر إبنتهفلم ير والدها بداً من  تلبية  الطلب

وكان قد وصل لمسامع  إبن كسرى ملك العجَم  سليل العائلة الساسانية الأخبار والقصص عن  ليلى  وجمالها، 

فأراد أن  يخطُبها  لنفسه

وقال  لحاشيته، ما  عسى أن  نبلغ  منها  وهي  تفضِّلُ الموت  على أن يغشاها  أعجمي ؟؟

فقالوا  له : نُرغبها  بالمال ومحاسن  الطعام  والمشرب والملبس. أمر أبن هذا الملك أن يقوم حرَّاسه  بنصب  كمين لقوم  ليلى في الطريقوقد تمَكَّن منهم  ونُقِلت  ليلى  إلى بلاد  فارس وبقيت هناك  أسيرةحاول  إبن  كسرى الزواج  بها. فامتنعت  عن  الزواج، وتعفَّفت وتمَنَّعت، فلم يزدها الأمر إلَّا رفضاً  وإصراراً ..

هدَّدها  إبن ملك  العجم  وتوَعَّدها  وخوَّفها  بجميع العقوبات، وعاملها بأقسى أنواع  التعذيب ليرى  وجهها. ولكنها  أبت  وامتنعت عليه  وتعفَّفت. ولم  يزدها الأمر إلَّا إصراراً.

قامت  ليلى وطلبت  من إبن  ملك  كسرى أن يختار  بين أن يقتلها أو يعيدها لأبيها  في  بني  ربيعة

ولمَّا يئس  منها أسكنها  في موضع  وأجرى  عليها الرزق. وأكتفي  برؤية  قوامها  بين  حين  وحين ما هو  ظاهر تحت ملابسهاوعندما ضيَّق  عليها الخناق لتقتنع  بالزواج  منه، جعلَت  تستصرخ  البرَّاق  وإخوتها،  وتهدِّد  بني  أنمار وإياد لأنَّهم  وافقوا  على  سبيها. وأطلقَّت  الأشعار وأنشدَت الأبيات، تستحِثُّ  قومها  على  إنقاذها  وتستصرخ البرَّاق أن  يُنقذها

وممَّا  قالته  ليلى  وهي  في  الأسر  هذه  الأبيات الرائعة التي تمثل  صرخةً   أبيَّةً :

ليت  للبرّاقِ عيناً فترى

ما  أقاسي  من  بلاءٍ  وعنا

يا  كليباً  ويا عُقيلاً إخوتي

يا  جُنيداً  ساعدوني  بالبكا

عُذّبت ْ  أختكمُ   يا  ويلكم

بعذاب  النُكر  صبحاً  ومسا

تكملة أبيات شعر هذه القصيده في الحاشية

سمع  بعض  الرعاة  العرب  القصيدةفأسرعوا  الخطى يريدون  ديار  أهلهاحتى بلغوا  البرَّاق  وأنشدوه  على عجّل  صرخة  ليلىوما  إن  أكمل  احد الرعاة  شعر  ليلى  حتى  وضع البرَّاق   رجله  في  الركاب، واعتلى  صهوة  جواده وصاح  لفرسان  ربيعة  فتبعوه.

واجتمعت للبرَّاق  قبائل  ربيعة  بن  نزار وأحلافهم  لحرب الفرس

إنتصر  البرَّاق  عليهم  وأنقذ  ليلى إبنة  عمه  من الفرس وأعادها إلى ديار بني ربيعةفأثنى عليه  قومه  ثناءً جميلا واستحَقَّ  أن  يفوز  بها  ليتكلَّل  حبهما  العفيف  بالزواج

تولى  البرَّاق   رئاسة   قومه  بني  تغلب  زمناً طويلاً، وصارت  قبائل  ربيعة  بحسن  تدبيره  أوسع  العرب خيراً

وتوفي  البرَّاق نحو  عام  479 م

ولحقته  زوجته  ليلى  العفيفة  بعد  أربعة  أعوام.

 


فيصل المصري

أُورلاندوا / فلوريدا

أذار ٢٠٢٣م 


اللوحة الفنيَّة  مِن رسم الفنانَّة التشكيليَّة والأديبة المميزة والشاعرة المُتمكنة  الصديقة جومانة أبو مطر.

صاحبة الريشة الفنية في بلاط جلالة اللغة العربية شعراً ونثراً

عضو في عِدَّة جمعيات فنيَّة وثقافيَّة ونسائيَّة

بعقلين / لبنان


الحاشية :

نماذج من شعر ليلى العفيفة


ليت  للبرّاقِ عيناً فترى

ما  أقاسي  من  بلاءٍ  وعنا

يا  كليباً  ويا عُقيلاً إخوتي

يا  جُنيداً  ساعدوني  بالبكا

عُذّبت ْ  أختكمُ   يا  ويلكم

بعذاب  النُكر  صبحاً  ومسا


يكذبُ  الأعجم  ما  يَقْرُبُني

ومعي  بعض  حساساتِ  الحيا

قيِّدوني  غلِّلوني  وافعلوا

كُلَّ  ما  شِئتُم  جميعاً  من  بلا

فأنا  كارهةٌ  بُغــيـتكم

ومريرُ  الموت عندي  قدر حلا

أتدُلُّونَ  علينا  فارساً 

يا  بني  أنمار  يا أهل  الخنا

يا  إياد  خسرت  صفقتُكُم

ورُمي  المُنظرُ  من  بَرد  العمى

يا  بني الأعماصِ إمَّا  تقطعوا

لبني  عدنان  أسباب الرجا

فاصطباراً  وعزاءً  حسناً

كلُّ  نصرَ  بعد  ضُرٍّ  يُرتجى

قُل  لعدنان  فديتم  شَمِّروا

لبني  الأعاجم ِ  تشميرَ الوحى

واعقدوا  الرايات  في  أقطارها

وأشهروا  البيض  وسيروا  في  الضحى

يا  بني  تغلب  سيروا وإنصروا 

وذروا  الغفلة  عنكم  والكرى

واحذروا  العار  على  أعقابِكم

وعليكم  ما  بقيتم  في  الورى

اللقاء والنصر ...