Pages

الجمعة، 31 مارس 2023

أخوَّت شانيه، لو كان حياً. مُقاربة تاريخيَّة مع حُكَّام لبنان اليوم.


 

أخوَت شانيه، لو كان حياً …

مُقاربة تاريخيَّة مع حُكَّام 

لبنان اليوم


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

التكرار التاريخي، أو تكرار الأحداث المتشابهة في التاريخ، وصفهما في القرن التاسع عشر كل من هاينرش هاينه وفريدريك نتيشه، وأيدهما مارك توين. 

سأحاول في هذه المُدونَّة عن ( أخوَّت شانيه ) تطبيق أراء هؤلاء الفلاسفة مِن ناحية تشابه الأحداث ما بين شخصيَّة أخوَّت شانيه والأمير بشير الشهابي في القرن الثامن عشر، والوضع المُخزي في موطني لبنان بالوقت الحاضر. 


الماضي يعلمنا دروساً من أجل الأفعال المستقبلية، ويعني ذلك أن نفس النوع من الأحداث التي حدثت سابقًا ستتكرر. 

يقول تروغوس وهو مؤرخ يوناني من القرن الأول ق.م

( أنَّ الإمبراطوريات كانت تسقط نتيجة الفُرقة الداخلية ). 


أمَّا ماكيافيلي قال، عندما وصلت الدول إلى أعلى درجات الفوضى سرعان ما بدأت بالانهيار، بعد أن أصبحت عاجزة عن الانحدار أدنى من ذلك. 

بكل أسف هذا ما يتخبط به لبنان اليوم. 

إليكم أخوَّت شانيه …

لو كان حياً.


المُدونَّة :

يقول مارك توين التاريخ قد لا يُعيد نفسه ولكنه يتشابه كثيراً.

أخوَّت شانيه … هو شخصيَّة لبنانية عاشَت بالقرن الثامن عشر في عهد الأمير بشير الشهابي الكبير. 

هو إدَّعى أنَّه أخوَّت أي مجنون.  

والأمير بشير إدَّعى المنافقون من شهود مصطبَّة تأريخ الإمارة الشهابية بأنَّه أمير عادل.       

لقد حفِل التاريخ القديم بشخصيات إدَّعت الغباء أو حتى الجنون من أجل تجنُّب نزق الحاكم، أو ظُلم السلطة وأزلامها، على آراءٍ يقولونها مُناقضة لسياسة الدولة.     

أردت من هذه المدوَّنة أن أسرد قصة هذه الشخصيَّة اللبنانيَّة حسن حمزه، التي عاشت أيام حكم الأمير بشير الشهابي الكبير والذي يسمُّونه بأخوَّت شانيه. هذه المدوَّنة سأكتبها بقالب أدبي تاريخي تتضمن بعض العِبَر، أعرض فيها أخبار هذا الإنسان كما استفاضت محطات التلفزَّة اللبنانية منذ سنوات بتشخيصه في مسلسلات قام ببطولتها وأجاد في تقليدها الممثل اللبناني نبيه أبو الحسن من قرية بتخنيه قضاء بعبدا. 

وكما ورد تواتراً عنه من أخبار، مِن الواضح والجلي، أنَّ ما وصل إلينا عن أخوَّت شانيه قصص مرويَّة من السلف معظمها قصص مُضحكة مُبكية مُنبِّهة، ومُشيرة إلى ذكائه الحاد ومشورته السديدة لحاكم وأمير ذلك الزمن، وهو الأمير بشير الشهابي المشهور بأبو طبيخ لأنه أكول وشرِّه وأناني وخسيس ونزِّق خُلقاً وأخلاقاً ومُحرِّض وفتنوي وما نقرأه في كتب التاريخ المفروضة على أبنائنا في المدارس اللبنانية ما هو إلَّا نفاق ودجلٌ  وكذبٌ  تاريخي ممنهج، كما عودنا عليه لاحقاً أتفه مؤرخي كيان دولة لبنان الكبير. 

مما لا شك فيه أنَّ أخوَّت شانيه عاش في ظل حكم فاسد ظالم جاهل وحاكم أرعن ومستبِد ومُفتعل للخلافات بين العائلات الروحية والقرى.  

في كتابه الروض النضير يقول الأمير حيدر أحمد الشهابي  ( في هذه السنة ١٨١٦م وقعَت العداوة بين أهالي بلدة شارون وأهالي بلدة شانيه من قرى الجرد في عهد المشايخ من آل عبد الملك، فظهر تعصُّب وتدَخُل من المشايخ في هذا الخلاف، فغضب عليهم الأمير بشير الشهابي ورفع يدهم عن الجرد )


وهذا فيض من غيض هذا الأمير الذي حكم وساد حكمه على زرع الخلافات بين العائلات الروحية والمدنية وبث الْفِتَن تشبهاً بأسياده وأربابه من حُثالة بني عثمان تلك الخلافة الفاسدة والمُفسدة على العرب كافةً.  

وقد أثبت التاريخ الصحيح والصادق أنَّه في عهد هذا الأمير بدأ غروب وأُفول وانحسار شمس السلطة السياسيَّة لطائفة الموحِّدين الدروز في جبل لبنان. تراجع مُدونَّتي عن موقعة عين داره. 

في قصة أخوَّت شانيه إنَّ عناصر إدعاء الغباء وحتى الجنون من أجل تجنُّب ظلم السلطة، متوفرة في سيرة هذا الانسان. 

حسن حمزه ولد في قرية شانيه، القريبة من الطريق الدولية بيروت / دمشق، في قضاﺀ عاليه، محافظة جبل لبنان.  

شانيه، تسمية سريانية، مثلها مثل معظم القرى اللبنانية وتعني الأشخاص المُتنقلين كعادة أهل ذلك الزمن البعيد. 

تضم شانيه العديد من العائلات التي تنتمي إلى طائفة الموحِّدين الدروز ومنها عائلة حمزة التي برز فيها واشتهر منها شخصيَّة تاريخيَّة في عهد الأمير بشير الشهابي الكبير، ويدعى حسن حمزة  ويلقبونه بأخوت شانيه. 

تقول الأخبار المتواترة المتناقلة شفهياً والتي وصلت إلينا من أنَّ فلان قال، ويعود السبب في أنَّ تدوين الأخبار والأحداث خطياً إقتصر فقط على العائلات الدرزيَّة الإقطاعية دون باقي العائلات العامية.  

وحتى يتم الحبك التناقضي في هذه القصة، يقال أنَّ حسن حمزه كان مقرباً من زوجة الأمير بشير الشهابي السِّت شمس، لأنَّه كان يواسيها بأخباره المضحكة ويكرِّب عنها وعن أحزانها.  

وفي هذا القول غموض وارتباك، إذ كيف يحظى إنسان معروف عنه بأنَّه أخوَّت فيه لوثة، من التقرُّب إلى أميرة هي بالوقت عينه زوجة أمير ظالم للرعية، ويقدِّم لها البسمة على أطباق من الضحك  والحبور والفرح.  

وتضيف هذه الرواية المحبوكة بخيوط هزيلة، أنَّ الأميرة قامت بتقديم أخوَّت شانيه إلى زوجها الأمير من أجل أن يحكي له قصصاً مضحكة فيدِبُّ السرور والحبور في قلب الأمير الحاقد العابس والملتحي حتى أخمص قدميه.  

وتقول الروايات أنَّ أخوَّت شانيه اقترح على الأمير أثناء هيجانه وتسلُّطه وغضبه، عندما وقع في أزمة جر المياه إلى قصره الجديد في بيت الدين، أن يأمر شعبه ورعيته إلى إجتماع طارئ لبحث مسألة وصول المياه إلى القصر والقرى المحيطة به.  

كان رأي أخوَّت شانيه أن يتم استجرار المياه من نبع الصفا، وهي قرية في قضاء الشوف قريبة من قصر الأمير في بيت الدين.  

كانت عبقرية أخوَّت شانيه، أن يعطي الأمير أمراً  همايونياً ( نسبة إلى أسياده بني عثمان ) بأن يصطَّف سكان القرى المحاذية، في خط طويل من القصر حتى النبع، وكل إنسان يحفر مقدار طوله وكأنَّه يحفر قبره بيديه حتى يدفن فيه إذا لم تُجَّر المياه إلى القصر. 

وبما أنَّ هذا الأمير، مجبولٌ بدمٍ فاسد وبصفات الحقد في شرايينه، أعجبته هذه الفكرة الجهنمية الظالمة، وأخذ بها فوراً. وقد أدَّى الأخذ بمشورة أخوَّت شانيه، إلى جرّ المياه إلى قصر بيت الدين.  

ماذا كان لهذا الانسان من تكريم في ذلك الزمن.

يقال أنَّ الأمير بشير الشهابي أعفى بلدة شانيه من الرسوم على المياه، مع أنِّي شخصياً أستبعد هذا الإجراء، لأنَّه غير منصوص عليه في فرمان أميري، بالإضافة إلى أنَّ خِصال هذا الأمير لم يكتنزها التسامح والاخلاق الرفيعة في الكرم والجود.    

أمَّا في الوقت الحاضر، فإنَّه من المؤكَّد أنَّ قرية شانيه وتخليداً لذكراه أقامت له نصباً تذكارياً وحديقة عامة باسمه.  

ومن المؤكَّد أنَّ شعب لبنان بأطيافه وأديانه ومذاهبه، وملله وأحزابه كافةً، يفتشون عن رجل أخوَّت مثل حسن حمزه يقترح أو يشير على حاكم أو حُكَّام لبنان الحاليين كيف يَجُرُّ الماء والكهرباء إلى المنازل عوضاً عن الوزراء والمستشارين الذين يسرحون ويمرحون ويسرقون.  


أمَّا منزل حسن حمزه أو أخوَّت شانيه، فإنَّه من قبيل أثراً بعد عين. أي لا يوجد أو هُدِم.  

بعض الأخبار المتواترة عن أخوَّت شانيه :

يُحكى عن أبناء البلدة أنَّ الرجل لم يكن مجنوناً، بل كان يتميَّز بحنكة ودهاﺀ، ويروي أحد الأهالي :

أنَّ الأمير بشير كان يملك العديد من الخيول الاصيلة، ومن بينها فرس زرقاﺀ محبَّبة إليه، وكانت هدية من نابوليون بونابرت، وقد وُجدت نافقة في أحد الأيام.  

خاف سايس خيول الأمير من موت الفرس التي يحبها الأمير فاستهاب كثيراً من غضبه. استعانت حاشية الأمير بأخوَّت شانيه الذي تكَّفل بإبلاغ الأمير شخصياً. 

فدخل على الأمير كعادته ضاحكاً مُبتسماً وقال له : 

يا .. مير كل ولاد الرعِيِّة بيحبوك وبيحلفو بإسمك ..

فبدا السرور على وجه الأمير. 

فتابع قائلا : حتى الفرس الزرقا نايمي ع ظهرا وما عم تتحرَّك.  

فارتعدت فرائص الأمير، وغلَت الدماء في شرايينه.  

وقال مُزلزلاً :

ماتَت .. الفرس ؟

فأجابه أخوَّت شانيه ..

إنتَ .. قلت ..

أخيراً ..

أنا، أقول ..

كم نحن شعب لبنان الأبي، العنيد، الصامد، الفالح، الغانم، الذكي، بحاجة، إلى 

أخوَّت ..

أحدهما مسلم .. 

وأخر مسيحي .. 

وعلى أُرجوزة ..

٦ و ٦ مكرر حتى لا يدِّب العويل والنحيب والنباح  على ضياع حقوق الطوائف ..

وبذلك يكتمل النِقْل بالزعرور ..

ويعود لبنان، بلد النور والإشعاع، بدلاً من هذا الكيان المسخ الذي وعد به أخر سلاطين حثالة بني عثمان عبد الحميد للبطريرك الماروني آنذاك الياس الحويك بالعام ١٩٠٥م بتواطؤ دنيئ من سلطة الانتداب الفرنسي الأم الحنون والتي ما انفكت هذه ألأم عاهرة تبيع وتشتري.  


فيصل المصري

أُورلاندوا / فلوريدا

نيسان ٢٠٢٣م


المرجع : المدوَّنات الفيصليَّة 

كتاب الموحِّدون الدروز عبر التاريخ.  




هناك تعليقان (2):

  1. مقال جميل وضع اليد على الوجع .كان الخوث في السابق يحل المشاكل .والحمد لله االيوم لاعقل ولا حل مشاكل

    ردحذف