ماذا أقول للشعب اللبناني بعد الهزَّة
الأرضيَّة، وإلى سفالة حُكَّامه المسيحيين والمسلمين، ماذا تقول كُتبكم السماويَّة ؟
المقدمَّة التي لا بُدَّ منها :
ومع أنِّي قررت أن لا أكتب عن عما يجري في وطني لبنان ولكني رغبت بتذكير حُثالَّة حُكَّامه بما قالته كُتبهم السماويَّة والتي سخَّروها عمداً واستغلوها في ميثاقهم الوطني عشية الإستقلال الكاذب واعتبروا أنفسهم حُماةً لاديانهم ومذاهبهم ومللهم وجنوداً للرب وأحزاباً لله، في تقاسم ونهب الدولة وشعبها وفق معادلة ٦ و ٦ مُكرر.
وإلى هذا الشعب العنيد أُردِّد ما قاله الشاعر أبو القاسم الشابي عن الشعب إذا … أراد الحياة.
المُدونَّة :
إلى المسيحيين في لبنان هذا ما قاله كتابكم.
“لاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَكْذِبُوا، وَلاَ تَغْدُرُوا أَحَدُكُمْ بِصَاحِبِهِ”.
إلى المسلمين في لبنان هذا ما نصَّ عليه كتابكم.
لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ.
إلى الشعب اللبناني أقول :
الحرية لا تُعطى، بل تؤخذ بالقوة إن كنتم لا تعلمون.
من سرق شعباً، لا يُعطى مِهلاً كما تمهلون.
من سرق بلداً، لا يبايع مُلكاً كما تنصبون.
لم تشهد البشريَّة إمبراطورية أحقر وأحطُّ قدراً من الإمبراطوريَّة العثمانية في حكم رعاياها إلا الإمبراطوريَّة البريطانية، ودولة فرنسا أثناء انتدابهما للدول بعد اتفاقية سايكس بيكو.
في العهر كانت سواسية.
في النذالة كانت أسنان مشط.
في المقام التاريخي كانت مِن الحُثالَة.
ولم يشهد التاريخ ذكر رجالات دولة وشخصيَّات عظيمة، أمينة راقية ومؤمنة، عانقوا شوق الحياة، وآثروا صعود الجبال، وأبوا العيش بين الحفر، وعجَّت الدماء في صدورهم، وضجَّ القهر في أفئدتهم، مثل :
الجنرال الأميركي جورج واشنطن.
والمعلم الهندي المهاتما غاندي.
و الغضنفر السوري سلطان باشا الاطرش.
الجنرال الأميركي جورج واشنطن القائد العام للجيش القاري في الحرب الانفصالية الأميركية عن الإمبراطورية البريطانية بِدءً من العام ١٧٧٥ حتى إعلان وثيقة الإستقلال بالعام ١٧٧٦م الذي لقَّن لوردات وجنرالات جيش الإمبراطورية العاتية دروساً في أخلاقيات الحروب وطعنةً في كبرياء التاج الانكليزي وغروباً لإمبراطورية لا تغيب الشمس عن أراضيها.
لم يتوانَ الشعب الأميركي العظيم آنذاك من الوقوف وراء جورج واشنطن بالرغم من انهزامه في عدة معارك حربيَّّة أمام أوغاد القادة العسكريين الإنكليز، لأنَّ الشعب رفض المهانة وفرض الضرائب دون تمثيله السياسي، ولم يقبل سرقة تجارته ومحاصيل زراعته.
هذا شعبٌ …
وهذه ثورةٌ …
وهذا جيشٌ …
المعلِّم مهاتما غاندي السياسي البارز والزعيم الروحي خلال حركة إستقلال الهند من خلال العصيان المدني الشامل أو اللاعنف الكامل اعتباراً من العام ١٩٢١م. والتي إشتدَّت بالعام ١٩٣٠ خلال أزمة ضريبة الملح والمسيرة التي كانت مسافتها ٤٠٠ كلم. كذلك بدء صيامه حتى الموت بالعام ١٩٣٢م.
هذا شعبٌ يعرف كيف يأخذ حقه عن طريق السلميَّة لا عن طريق الشعارات والتفاهات السخيفة المُضحكة والمُبكيّة.
هذه ثورةٌ إنصاع لها التاج البريطاني قهراً.
الغضنفر السوري سلطان باشا الأطرش لَمَّا رفع أول علم عربي فوق دار الحكومة في دمشق بتاريخ ٣٠ أيلول ١٩١٨م. يرافقه ثلةٌ من أحرار جبل الدروز ( جبل العرب ) منهياً حلم حُثالة بني عثمان في أن تبسط عهرها وتسلطها على العالم العربي بإسم الخلافة الإسلامية.
هذه ثورةٌ رفضت الخنوع.
وهذا زعيمٌ سرق النوم من عيون الطغاة.
ولم يسرق مال شعبه.
أقول للشعب اللبناني العنيد.
لا تصدقوا جهابذة الاقتصاديين اللبنانيين في نظرياتهم عن الهندسات الماليَّة التي وضعها حاكم مصرف لبنان هي لحماية أموالكم المودعة في المصارف، بل هي وضعت لسرقة أموالكم تدريجياً وشهرياً وفق تعاميم صادرة عنه، وذلك تعويضاً عن الاموال المنهوبة مِن الطُغمة الحاكمة والتي جرى تحويلها للخارج تواطئاً مع مصرف لبنان.
لا تصدقوا أنَّ الخزانة الأميركيَّة لم تدري بالتحويلات المصرفية اللبنانيَّة المنهوبة مِن الساسَّة اللبنانيين إلى الخارج، لأنَّ كل عمليَّة مصرفية مِن بنوك دول العالم بالدولار الأميركي ومنذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، يجب أن تمر في نيويورك لأخذ الموافقة، ولكن الخزانة الأميركيَّة آثرت تمريرها لتقوم بتسليط سيف العبوديَّة على رقاب هؤلاء الحُثالة حتى يبقوا عبيدا ينفذون أوامرها.
إلى حُكَّام لبنان أُردد ما قاله الفيلسوف الألماني نيتشه ( لم يترك الأغنياء للفقراء سوى الله ) وقد أجمع المفكرون والفلاسفة أنَّ الشعوب عامةً تتمسَّك بأهداب الدين في المُلمَّات الخطيرة التي تحيق بهم حيث تراهم يزورن الكنائس ويدخلون المساجد ويكثرون من زيارات الأضرحة الشريفة ويميلون إلى التقوّى والخوف من الله والصلاة والدعاء حتى يُجنِبّهم البلاء، ويُضفي على حياتهم الأمن والاستقرار والعافية في أجسامهم.
هذه السرقة الموصوفة للشعب اللبناني والمودعين العرب من قبل حكومة هذا الكيان لن تعفي المسؤولين مِن العقوبات الالهية، أمَّا الإستبلشمانت الأميركيَّة ستتكفل بكم لأنٍّها تُجيد الغدر والانتقام بعد أن تنهوا خدمة حياة العبودية والذِّل أمام سفارتها ومبعوثيها، وأول سيفٍ أميركي إسرائيلي مُسلَّط كان ترسيم الحدود البحريَّة.
إلى شعب لبنان أقول :
إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة.
فلا بُدَّ أنْ يستجيب القدرْ.
ولا بُدَّ لليلِ أن ينْجلي.
ولا بُدَّ للقيدِ أن ينكسرْ.
قصيدة نظمها أبو القاسم الشابي في ١٦ أيلول من العام ١٩٣٣م.
وإلى الحُثالَة من السياسيين أقول :
لا تظنوا واهمين أنَّ وعد السفارة الأميركيَّة لكم بحفظ أموالكم المهربَّة للخارج ستبقى بمنأى عن تطبيق العقوبات لأنكم بنظر الإستبلشمانت الأميركيَّة أنتم أدنى درجات مِن ملالي إيران الذين صودرت أموالهم.
لا تظنوا أنَّ وعد الحُّر دينٌ شعار مُطبَّق في قاموس الإستبلشمانت الأميركيَّة.
وغداً لناظره قريب …
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
شباط ٢٠٢٣م
المرجع : المُدونَّات الفيصليَّة.
كتاب : أعلام وحوادث وشخصيات تاريخيَّة.
الطبعة الاولى : حزيران ٢٠١٨م. بيروت / لبنان
صباح الخير أخي فيصل حبذا لو يقرأ كل لبناني كلامك هذا ووصفك الدقيق لواقع الحال وما وصلنا اليه من أدنى مستويات الكرامة
ردحذف