وماذا( قبل وبعد ) ترسيم الحدود اللبنانية الاسرائلية …
هناك سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطورية الفارسية ( إيران ) اليوم واليهود عبر التاريخ.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
فِي لبنان … استغرب جهابذة السياسة وتعَّجب عباقرة تفسير الدستور لَمَّا أعلن دولة رئيس مجلس النواب اللبناني الاستاذ نبيه برِّي، أحد أعمدة الثنائيَّة الشيعيَّة البدء في مُحادثات ترسيم الحدود مع دولة إسرائيل، باعتبار هذا الأمر الجلل والمهيب والخطير والمصيري من صلاحيات رئيس الجمهورية التنفيذية.
فِي لبنان … لم يستهجن هؤلاء الجهابذة والعباقرة لَمَّا تنازلت ( المارونيَّة السياسية بعد التسويَّة الرئاسية منذ عدة سنوات ) عن قرار الحرب والسلم لأحد أعمدة الثنائيَّة الشيعيَّة الأخر حزب الله.
فِي لبنان … لا يتوَّرع الجهابذة والعباقرة إعتبار قرار السلم الذي سار ويسير عليه أحد أعمدة الثنائيَّة الشيعيَّة الأن وبدعم خفي من العامود الأخر هو الخطر الداهم على دستور الكيان اللبناني، أمَّا قرار الحرب فيما مضى والذي كان مُسلطاً لا يعدو إلا برداً وسلاماً وصولاً الى سدَّة الرئاسة.
فِي لبنان … آلت الأُمور إلى هذا الدرك من الفوضى الخلاقَّة بسبب منهجية المارونية السياسيَّة بالحكم بعد إعلان دولة لبنان الكبير. ( يراجع مُدونَّتي في هذا العنوان ).
عندما كانت الخلافة العُثمانيَّة البائدة تحتضر تنطَّح أحد حُثالة المستشارين وخاطب السلطان المُتهاوي قائلاً ( يكفينا فخراً وعِزَّة وإباءً ومجداً أنَّ قوانيننا وأعرافنا وتقاليدنا وألقابنا العُثمانيَّة ستبقى راسخة في عقول ونفوس العرب لأجيال قادمة ).
صدق هذا المُنجِّم العُثماني في نبوءته، لأنَّنا نحن العرب بعد عُهر واستبداد وعربدَّة بني عُثمان في بلادنا وأمصارنا هانت علينا الكرامة العربية الأصيلة وما زلنا نعتمد بعض فقه قوانينهم على وزن فتاوى إبن تيميَّة، والأغرب الإبقاء على ألقاب الحثالة ( الفخامة والدولة والمعالي والسعادة ).
لَمَّا نشرت مُدونَّتي عن علاقة العرب بالفرس تعَّمدت أن أذكر عرب الفترة التي سبقت الإسلام وما تلاه حتى سقوط الامبراطورية الفارسيَّة الساسانية في العام ٣١ للهجرة، ذلك أنِّي أيقنت أنَّ الإستبلشمانت الإسلامية العربية بعد التاريخ أعلاه حاولت فتح صفحة جديدة مع أهل فارس بعد أن أخذوا الإسلام ديناً لهم، كما فتحت صفحة بعد إسلام حُثالة القبائل العُثمانيَّة.
وقد أفلح الفرس في إقناع العرب بعد إسلامهم، أنَّهم آمنوا وصدَّقوا الحديث النبوي الشريف الذي يقول :
لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ، وذلك لغاية في نفس يعقوب.
هكذا برعت إيران اليوم في حبك أُكذوبة أنَّهم الأمل في إستعادة فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي واللحاق بركب قادة العرب الذين جعلوا من القضية الفلسطينية تجارة رائجة منذ عقود، لا بل باتوا السبَّاقين.
لأصحاب العقول النيرَّة من الشعب العربي سأبقى أُعيد نشر مُدونَّتي عن سِر العلاقة ما بين الإمبراطورية الفارسيَّة ( إيران اليوم ) واليهود، حتى أُثبِت أنَّ القضية الفلسطينية ليست همَّاً فارسياً ولن تكون، كما تلوكه ألسن قادة إيران يومياً، لأنَّ تاريخ الفرس واليهود لم يطرأ عليه أي تعديل منذ قرون كما ستوضحه هذه المُدونَّة.
وإلى الجهابذة والعباقرة في لبنان أقول لهم لو كنتم تدرون لماذا الثنائي الشيعي قرر بدء ترسيم الحدود مع دولة إسرائيل فتلك مُصيبة، وإذا وصل إليكم خبر علاقة إيران الشيعيَّة بدولة إسرائيل فالمصيبة أعظم.
لأنَّ العجب عند الجهابذة جهلٌ.
والاستغراب عند العباقرة جهالةٌ.
فِي المُدونَّة :
في بحثي هذا سأنقِّب عن سِرّ العلاقة ما بين الامبراطورية الفارسيَّة واليهود على إثر سقوط بابل وحضارة بلاد ما بين النهرين على يد الفرس الذين قدموا من الشرق، فاندثرت حضارة وقامت إمبراطورية على أنقاضها.
ينقسم بحثي إلى :
أوَّلاً : نبوخَذْنصَّر الملك الأكادي، وقد أطلق عليه الفرس إسم ( بختنصر ).
ثانيَاً : قُورشْ الكبير الملك الفارسي.
ثالثاً : في سر العلاقة ما بين اليهود والفرس.
أوَّلاً : نبوخذنصر : من عام ٦٠٥ الى ٥٦٢ ق.م.
دام حكمه ٤٣ عاماً.
في القرن السادس قبل الميلاد، استعادت الإمبراطورية البابلية مجدَّداً ازدهارها ومجدها في عهد الملك نبوخذنصر، وكان هذا الملك قائداً عسكرياً فذّاً ورجلاً محباً للبناء والعمران.
إحتل فلسطين وجمع اليهود البارزين في العلم والطبابة والفلك والفلسفة والتاريخ والدين وأخذهم أسرى إلى بابل، وكان عددهم ما يقارب ٣٠٠٠ أسير.
ثم ولَّى ملكاً منهم إسمه صدقيا على فلسطين، الذي أقسم لنبو خذنصر بعدم تكرار الاعتداءات على حدود بابل. وقد عُرف هذا بالسبي البابلي الأوَّل.
ثَبُت في التاريخ أنَّ نبوخذنصر حاصر مُجدَّداً أورشليم لمدة سنة، لأنَّ مملكة يهُوَّذا كعادة اليهود في عدم الالتزام بالمواثيق ونقض الاتفاقات المعقودة، لم تَصْدق في عهدِها الذي قطعته له بعدم
الاعتداء على حدود بابل، فأضطر إلى أن يدخلها فاتحاً بالعام ٥٨٧ ق. م. وتأديباً لليهود قرَّر أن يسبي مُعظم السكان ومنهم ملك اليهود صدقِيا، وكان عددهم حوالي أربعين الف أسير ومن ثُم أقدم على إحراق هيكل سليمان.
وبهذا أنهى نبوخذنصر حكم سلالة الملك داوود على يهوذا في العام ٥٨٧ ق.م، وقد أُعتبر لاحقا في التوراة بإسم السبي البابلي الثاني.
اعتُبر نبوخذنصر بعد هذه الانتصارات العسكرية، أعظم الملوك في ذلك الزمان قاطبةً، لأنَّه وعلى أيَّامه كان في بابل أعظم إمبراطورية إمتدَّت من الخليج العربي حتى بلاد فارس.
إنصرف هذا الملك إلى إنشاء الحدائق المُعلَّقة التي أُعتُبرت فيما بعد من عجائب الدنيا السبع. وامتاز عهده بأن انتقلت بابل من الحكم الآشوري الى الحكم الكلدّاني بعد أن إجتاح عاصمتها نينوى بمساعدة الميديين.
ورد ذكر إسم نبوخذنصَّر في كتاب اليهود في سفر النبي دانيال باعتبار أنَّ دانيال كان في عداد اليهود الذين سباهم الملك الكلداني. وقد عُرف أنَّ نبوخذنصر احتاجه لمَّا عجز كهنة بابل من تفسير حلمه، وهذا خارج عن نطاق هذا البحث.
ولأنَّ نبوخذ نصر ( إعتبره القوميون العرب الجُدد قائداً سورياً عالمياً من ملوك بابل قاد جيشه المُظفَّر إلى أورشليم حيث سبى وطرد اليهود منها ) اقترن اسمه بالسبي اليهودي، حيث لا يزال هذا الإسم يهزُّ كيانهم ووجدانهم وقد عملوا على تشويه صورته وصورة بابل وتحريف التاريخ، ويقال على ذمَّة البعض أنَّ لوح السبي قد اختفى.
ثانياً : أعظم ملوك الامبراطورية الفارسية ( قورش الكبير ).
أرسى هذا الملك الامبراطورية الفارسية المترامية الأطراف، وباتَّت في العام ٥٣٠ ق. م. أكبر امبراطورية في العالم. وقد أثنى عليه كتَّاب العهد القديم، لأنَّه أعاد اليهود وأرجعهم الى بلادهم في أورشليم القدس، بعد ٧٠ سنة من السبي، وقد بذل لهم الأموال الطائلة لتجديد بناء الهيكل ( هيكل سليمان ) الذي هدَّمه الملك نبوخذنصر. وقد ذَكرت كُتُب اليهود أنَّ الإمبراطور الفارسي قورش أمر بإعادة نفائس الهيكل التي إستولى عليها جيش بابل والتي كانت مخزونة في خزائن الملوك والمعابد.
وقد ذكرت بعض الكتب، التي قام بتدوينها اليهود، أنَّ قائد الجيش الفارسي ( غوبر ياس ) لَمَّا إحتل بيت المقدس سنة ٥٣٨ ق.م. أخذ معه في عِداد جيشه من أراد من اليهود المسببين وسمح لهم ببناء الهيكل في القدس، مدفوعاً برغبة إيجاد جماعة موالية للإمبراطورية الفارسية.
وقد إعتبر اليهود أنَّ الملك قورّش هو المُخلِّص الإلهي أو حتى المسيح المنتظر ! وقد ذكرت بعض الروايات أنَّ عدد اليهود الذين عادوا مع قائد هذه الحملة ( غوبر ياس ) بلغ ٤٢٠٠٠ شخصاً وتضيف هذه الروايات أنَّ زعيم اليهود الذي رافق الجيش الفارسي كان إسمه ( زرو بابل ) وأنَّه من سلالة الملك ( يهو ياقيم ).
أقام اليهود سلطة دينية تحت سيطرة الفرس، واستخدموا العبرية في معاملاتهم التجارية والدينية على حد سواء.
ثالثا ً : في سر العلاقة التاريخية ما بين اليهود والفرس.
لقد ثَبُت تاريخياً أنَّ اليهود قامت بينهم وبين الشعوب التي أحاطتهم عداوات مُكلفة ومُتعبة وحروب ومناوشات طاحنة. عاداهم المصريون والآراميون والفلسطينيون والكنعانيون والاشوريون والبابليون والكلدانيون والاغريق والروم والنصارى والأنباط ثم العرب المسلمون.
لم يُصادق اليهود في كل تاريخهم القديم إلَّا المجوس الفرس الذين بدورهم حالفوهم ونصروهم.
وقد ذكرت كتب التاريخ، أنَّ اليهود بالرغم من السماح لهم بالعودة بإشراف الادارة الفارسية، إلَّا أنَّ الكثير من المسببين أعجبتهم أرض بابل مقاماً، أمَّا القلَّة المُتشدِّدة التي عارضت الاندماج هي التي حافظت على بني إسرائيل من الاندثار، وقد تمتَّع اليهود في منطقة القدس بالاستقلال الذاتي تحت الهيمنة الفارسية.
وقد إعتبر بعض المؤرِّخين العرب، وحتى من الغرب، أنَّ الرأي الإيراني حول اليهودية يقوم اليوم على ذات الأسس التي وضعها الإمبراطور قورش عند تحريره اليهود من السبي البابلي، وهي أنَّ اليهود جنس له شبه كبير بالجنس الآري ( الفارسي ) ويُمكن الاستفادة منه من خلال اغرائه بالمال.
من هذا السرد التاريخي يُمكننا إدراك ما يجري الأن من علاقات سريَّة ما بين إيران وإسرائيل.
يراجع في ذلك مُدونَّتي :
( إختلاف الرأي لا يُفسد للوِّد قضية.
هذا هو سِرْ العلاقة ما بين الإمبراطورية الفارسية ( إيران ) واليهود ( إسرائيل) اليوم.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٥ تشرين أول ٢٠٢٠م.
المرجع :
المُدونَّات الفيصليَّة
كتاب ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ )
الطبعة الاولى حزيران ٢٠١٨م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق