المارونية السياسيَّة
بعد إعلان دولة لبنان الكبير.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
تعريف المارونية السياسيَّة هي الإستبلشمانت الحاكمة من رؤساء الجمهورية والوزراء وكل من تسلَّم منصباً حكومياً، ولا تشمل أبناء الطائفة المارونية الكريمة.
كلما أقرأ ما يكتبه المؤرِّخ اللبناني ( الذي ما زال حيَّا أو رحل ) عن فترة ما بعد إعلان دولة لبنان الكبير بالأول من أيلول ١٩٢٠م. أشعر بقشعريرة وغثيان واشمئزاز لأنِّي أتخيل نفسي أقف أمام قاضي أو محام دفاع في محكمة من بقايا حُثالة بني عثمان حيث يصطّّف فيها شهود المصطبة كالخرفان.
وكلما أسمع أنَّ مشاكل وطني لبنان والأوضاع المُزريَّة وما آلت إليه الحال اليوم قد تسببَّ بها :
- الدروز، وما أُطلق عليهم مِن قبل الحُثالة ( بالعقدَّة الدرزيَّة ) عندما تقف عتاعيت الكلاب وتنبح وتتوعَّد بنبش القبور، بالرغم من أنَّ الدروز هم أسياداً وسيبقوا لهذا الجبل الأغَّر منذ قرون وقبل الولادة القيصرية لهذا اللبنان الكبير.
- الشيعة، وما أسموه ( بالثُنائي الشيعي ) المُتسلِّط المستقوي بأنجاس ومناكيد الفرس مُنذ سنوات قليلة وليس منذ إبَّان ولادة لبنان الكبير قبل مائة عام.
وكلما أسمع النفاق وبصوت عالٍ، البراءة لطبقة المارونية السياسيَّة التي استلمت زمام الحُكم منذ إعلان دولة لبنان الكبير وجعلت منه مزرعةً ومغارةً للثعالب والأفاقين واللصوص.
وكلما أقرأ ما يستهجنه أصحاب الأقلام الرخيصة لماذا كانت زيارات الرئيس الفرنسي والهمس والغمز واللمس في أُذن المارونية السياسيَّة الحالية.
وكلما تهزأ أذني لسماع أهازيج الدبكة اللبنانية مع مغناة الزجل والقول أنَّ الإدارة الأميركية لم تضرب بعقوباتها المالية رموز الثنائية الشيعية.
أستدرك عقلي وأقول أنَّ المارونية السياسيَّة ما انفكت جذورها تمتد إلى أُمَّة لا تقرأ، لأنَّ أميركا ومن لفَّ لفَّها أعطَّت فرنسا منذ استفحال الأزمة اللبنانية الضوء الأخضر لتذكير المارونية السياسيَّة الحالية بدولة لبنان الكبير الذي وعدت فيه وبموجبه أركان الطائفة المارونية آنذاك، وسار على ذلك النهج نفر قليل من الساسَّة الموارنة أهمهم الرئيس فؤاد شهاب صاحب فكرة دولة المؤسسات.
وكلما أقرأ ما قاله أحد ملوك السياسة في لبنان ( غداً وعند صياح الديك سيكتشف أهل الميثاق القديم وأهل العرف الجديد أنَّ لا مال في بيت المال وأنَّ مرفأ بيروت مات وانتقل إلى اشدود وعسقلان وإنَّ انابيب الخليج ستستبدل الIPC وال TAPLINEوإنَّ كل صواريخ وراجمات المذهبية من أية جهة لن تحمي لبنان .اخشى أن أقول رحمة الله على لبنان الكبير ).
وكلما أتذكَّر الانتداب الفرنسي الذي فاوض حُثالة بني عثمان حيث اقترح عليهم وضع مسيحيي الشرق تحت حماية فرنسا، تحديداً أبناء الطائفة المارونية الكاثوليكية باعتبارهم أقلية في المنطقة العربية.
وكلما أتذكَّر تاريخ الإمارات الدرزيَّة المجيد والمشرِّف ( التنوخيَّة والمعنية واللمعيَّة ) في لبنان بالرغم من كونها سادت وحكمت لبنان وما أبعد مِن لبنان أثناء سلطة وحكم حُثالة بني عثمان، كانت هذه الامارات منارةً للعدل والمساواة بين رعايا الاديان السماويَّة.
وكلما … وكلما.
وتسألوني لماذا تتقيأ أنفاسي عندما أسمع وأقرأ ماذا يحصل في لبنان، ذلك الوطن الذي بات مزرعةً وليس كياناً أو وطناً كما كان المطلوب منه والوعد الذي قطعة أركان المارونية السياسيَّة آنذاك للإنتداب الفرنسي.
لهذه الأسباب وغيرها أقول للذي يقرأ …
هذا هو لبنان الكبير منذ مائة عام …
ومَن أخذه وقطع وعداً للإنتداب الفرنسي …
خذل فرنسا الحالية …
وخسر هو الوعد والحماية …
والله أعلم …
إلى متى يبقى النسر الأميركي مُتربصاً بنظراته الثاقبة حتى ينقَّض بمخالبه الحادة رامياً من سرق مُدخراتنا وتعبنا في مزابل التاريخ وما أكثرها.
في المُدونَّة :
الانتداب الفرنسي على لبنان. ١٩٢٠ / ١٩٤٣م.
هي فترة حكم فرنسا للبنان التي نتجت عن الحرب العالمية الأولى وسقوط الامبراطورية العثمانية البائدة وبحسب تقسيمات إتفاقية سايكس - بيكو والتي تم تأييدها لاحقًا بقرارات من عصبة الأمم صدرت عام ١٩٢٠ م. والتي أجازت نظام الانتداب على المناطق العثمانية المتفككة بحجَّة المساعدة في إنشاء مؤسسات للدول الجديدة.
قام الإنتداب الفرنسي بضم عدد من المدن الساحلية ( وجبل عامل سهل البقاع والسهول الشمالية ) لتتوسع المتصرفية العُثمانيَّة لتصبح ما أطلق عليه الجنرال غورو دولة لبنان الكبير.
وبعد صراع ونفاق سياسي توافق اللبنانيون على الميثاق الوطني وأعلنوا استقلال لبنان تحت اسم الجمهورية اللبنانية عام ١٩٤٣م.
في الأول من أيلول ١٩٢٠م. أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير، وقد تم توزيع السلطات والمناصب على الطوائف اللبنانية بحيث أعطيت رئاسة الجمهورية للموارنة ورئاسة مجلس الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة.
وفي رأي المؤرِّخين أنَّ ولادة لبنان الكبير كانت نتيجة جهود البطريرك الياس الحويك. وقد ذكر الأب جورج صغبيني بعضاً من سيرة البطريرك حويك مشيراً الى أنه انتخب بطريركاً بتاريخ ٦ كانون الثاني من العام ١٨٩٩م. وأنَّه زار السلطان عبد الحميد بالعام ١٩٠٥م. ومنحه وساماً رفيعاً.
ولمّا عاد إلى لبنان رفع نصب تمثال سيدة لبنان في حريصا لأنَّها نجَّته من ظلم ذلك السلطان العثماني.
( ولم يأت هذا المؤرخ اللبناني ( الاب جورج صغبيني ) على ذكر الوعد الذي قطعه السلطان العُثمانيَ عبد الحميد إلى من ستؤول اليه حماية الموارنة خاصة وإنَّ الامبراطورية العُثمانيَّة كانت على قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار والزوال ).
في أيام البطريرك إلياس الحويك كانت الحرب العالميّة الأولى على أشُدِّها والعثمانيون يطلقون زفرات الموت، وقد لعب البطريرك دوراً بارزاً وترأس الوفد اللبناني إلى مؤتمر الصلح في باريس سنة ١٩١٩م. ليطالب باستقلال لبنان.
ظهرت بين اللبنانيين بعد زوال إمبراطورية بني عُثمان عدّة اتّجاهات جعلت الاتفاق فيما بينهم أمراً عسيراً.
وبالرغم من ذلك منح اللبنانيون البطريرك الحويك ثقتهم، وفِي سنة ١٩١٩م. فوَّض اللبنانيون البطريرك الياس الحويك ليمثلهم في مؤتمر الصلح الذي عُقد في قصر < فرساي > مطالباً باستقلال لبنان.
نجح البطريرك الحويك في مسعاه وعاد معه وثيقة الاستقلال في اليوم الأول من أيلول سنة ١٩٢٠م. .
إنَّها المارونية السياسيَّة التي بدأ يبزغ نور شمسها لتشرق الوفاق والمحبة والثقة ما بين الطوائف وتجمع المذاهب تحت دولة وطنية لكل اللبنانيين، كما رأت الدول صاحبة القرار.
وما لبثت بعد الممارسة السياسيَّة أن تحولَّت المارونية السياسيَّة إلى فكرة وحلم بالمارونية السياديَّة بالرغم من التحذيرات الفرنسية والاقليمية والدولية. ( لن أسترسل كثيراً في هذا الأمر الذي عاشه ويعيشه الشعب اللبناني )
هذا المنحى الذي سلكته المارونية السياسيَّة أدى إلى إختلاف الموارنة فيما بينهم، وإختلفوا أيضاً مع شرائح الأديان والمذاهب الاخرى في الوطن، وإستقوَّت طائفة على أخرى تارةً بالسلاح عن طريق تسويات رخيصة حيث وصل من وصل إلى سدة الرئاسة، وطوراً في غضِّ النظر عن سرقات تنهب من خيرات الوطن.
وما همس به الرئيس الفرنسي لأصحاب الشأن في المارونية السياسيَّة لم يلقَ أذاناً صاغية تسمع، وهذا ما نحن عليه الأن من غموض في الرؤية.
أخيراً …
هل العودة إلى روح إنشاء دولة لبنان الكبير هو فسحة الأمل المعطاة إلى فرنسا مِن الدول التي تسمع أنين الشعب اللبناني.
وهل باتت المارونية السياديَّة أضغاث أحلام في عالم تحلم به تركيا بعودة إمبراطوريتها البائدة، ولن تعود طالما بقي علم الغضنفر سلطان باشا الاطرش الذي رفرف عالياً إيذاناً بزوال حكم وعُهر الإمبراطوريَّة العثمانية.
وهل باتت المارونية السياسيَّة أضغاث أحلام في فضاء تحلق فيه رايات ولاية الفقيه الإيراني هنا وهناك، ولن ترفرف في بلاد المُثنَّى إبن حارثة الشيباني ذلك المارد العربي الذي دكَّ حصون بلاد فارس.
وفي أرض الكرامة التي عاشت فيها ليلي العفيفة وإبن عمها البرَّاق الذي وضع رجله في الركاب وإعتلى صهوة جواده وإجتمعت له قبائل العرب قبل الإسلام لحرب الفرس وإنتصر.
هذه هي الدماء العربية النقية الذكية التي تسري في عروقنا.
وهذه صيحاتنا …
لله درَّكم … سلطان باشا الأطرش، والمثنى إبن حارثة الشيباني، وليلي العفيفة وإبن عمها البرَّاق.
خسأ الحثالة والأنجاس.
وستبقى أرض العروبة لناء كما كانت.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٠ ايلول ٢٠٢٠م.
0 comments: