إذا كان الكلام من فضَّة …
فالسكوت من ذهب.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
يسألني بعض الأصدقاء لماذا توقفت عن الكتابة بعد تكليف الدكتور حسان دياب تشكيل الحكومة إثر ( لبنان ينتفض ).
كان جوابي ( إذا كان الكلام من فضَّة، فالسكوت من ذهب ).
يضاف إلى ذلك مقولَّة أرددها ( لا يُنسب لساكت قول ) حتى لا يُقال أنِّي قلت كذا أو كيف أو لماذا جرى تكليف هذا الشخص وهو يحتل مركزاً مرموقاً ( نائباً لرئيس الجامعة الاميركية في بيروت )، ليصبح بين ليلة وضحاها رئيساً للحكومة اللبنانية.
يضاف إلى كل ذلك أنَّي كنت منهمكاً ولا زلت بمشاهدة سيرك هزلي جوَّال في العاصمة الأميركية واشنطن وبالتحديد في قاعتي الكونغرس الاميركي ( مجلس النواب ومجلس الشيوخ ) من رايات هذا السيرك الذي يضم حُثالة المهرجين من بقايا مستنقعات الإستبلشمانت الاميركية البغيضة العمل على محاكمة الرئيس ترامب تمهيداً لعزله من سِدَّة الرئاسة.
( لاحقاً سأكتب مُدونَّة في هذا السيرك ).
ولكن من ملاحظاتي على ما يجري في لبنان إليكم الأتي :
لم أعد أفهم بأي مجرَّة يدور لبنان، وبالأخص ما جرت تسميته ( لبنان ينتفض ) أو ما وصلت اليه التسميَّة ( ثورة ).
الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحركه عدم الرضا أو التطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب وقد وصف الفيلسوف الإغريقي أرسطو شكلين من الثورات :
- التغيير الكامل من دستور لآخر.
- التعديل على دستور موجود.
والثورة هي ظاهرة اجتماعية تقوم بها فئة أو جماعة ما هدفها التغييروتعبر عن انتقال السلطة من الطبقة الحاكمة إلى طبقة الثوار.
والذي يحدث الأن في لبنان أنَّ السلطة الحالية هي ما زالت كما كانت في السابق، والدليل على ذلك طريقة تأليف وتشكيل الحكومة حيث جرى توزيع الحصص والمقاعد الوزارية والمنافع .
كذلك لم يَعُّد يعنيني ما يقوله البعض عن ضرورة موافقة الإستبلشمانت السنيَّة اللبنانية ( السياسيَّة والدينيَّة ) على هذه الشخصيَّة قبل تكليفها، بقدر ما يَهُمُني أن أتوصَّل إلى التأكُّد من موافقة الإدارة الأميركية على هذه الشخصية التي لا تمخر عباب هذا الهيجان اللبناني غير المسبوق إلاَّ إذا أخذت الموافقة.
سياسات الإدارات الأميركيَّة المتعاقبة في منطقة بلاد الشام يعرفها أُمراء وملوك الطوائف في لبنان كذلك يفهمها جيداً من يمسك بالأمور في الجوار لأنها تُبلَّغ لهم شخصياً أو عن طريق رسائل، مثلاً :
- موافقة الولايات المتحدة الأميركية على دخول الجيش السوري أثناء حكم الرئيس حافظ الأسد الى لبنان ( الحرب اللبنانية )، لأن الإدارات الاميركية المتعاقبة حتى اليوم ليس لديها القناعة بأنَّ الجيش اللبناني قادر على ضبط الأُمور الأمنية لعدة أسباب يعرفها القاصي والداني ومنهم وزيرة الداخلية السابقة الجنرال الجهبذ المخيف دون نجوم على الأكتاف كباقي جنرالات الوغي اللبنانيين ( ريَّا الحسن ) عندما كان يستضيفها المهرِّج التلفزيوني مارسيل غانم صاحب برنامج صار الوقت.
- الأمر الأميركي للرئيس السوري بشار الأسد بالخروج من لبنان بعد جريمة قتل رئيس الوزراء اللبناني آنذاك رفيق الحريري.
- الرسائل الاميركية والخطوط الحمراء التي رسمتها بعد حادثة ( البساتين / قبر شمون ) للجيش اللبناني وحزب الله فيما يتعلق بأمن الجبل وعدم دخوله في الصيف المنصرم. ( يراجع مُدونَّتي في هذا الخصوص ).
أمَّا الدكتور حسان دياب لا أشك بأنه لن يحيد قيد أنملة عن الخطوط التي رسمتها له الادارة الاميركية.
في المُدونَّة :
قديماً قيل ( العرب أُمَّة لا تقرأ )
حديثاً يقال ( العرب أُمَّة باتت لا تُقرأ ) من قبل الغرب والشرق، حتى أنَّ مضرب المثل :
( لا في العير ولا في النفير ) يُحسب لهم حساب.
والدليل على ذلك ما يجري في سهول وبطاح وجبال بلاد العرب ما بين المحيط الهادر والخليج الثائر.
ولكن من باب الحيطَّة والحذر …
وحتى لا يُقال أنَّ دروز لبنان لم يَعُّد يُحسب لهم حساب. أُنبِّه وأُشير إلى التمثيل الدرزي الهزيل في هذه الحكومة.
وحتى لا تصبح العقدَّة الدرزية في حكم لبنان مسألة وجهة نظر.
سأتوقف مُنبهاً …
ولن أُطيل في شرح وتوصيف وأسباب هذا التمثيل الدرزي الضعيف وإلى ما آلت إليه الأمور …
لأن في فمي ماء …
وأعود لأكرر إذا كان الكلام من فضَّة فالسكوت من ذهب، وحتى لا يُنسب لساكت قول.
أقول :
يرحمك الله يا ( مير مجيد )
ويرحمك الله يا ( كمال بك )
والتاريخ يشهد.
في الليلة الظَّلماءِ يُفتقد البدر …
والله ولي التوفيق.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٤ كانون الثاني ٢٠٢٠م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق