Pages

السبت، 31 أغسطس 2019

العرب والفروسيَّة المُنقرضَّة. عرب الأمس وعرب اليوم.


العرب والفروسيَّة  المُنقرضَّة
عرب الأمس وعرب اليوم

المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :




كانت دليكة هي الفرس
وكان  المُثنَّى بن حارثة الشيباني هو الفارس

تمهيد وما قبله تمهيد :

وما زال صاحبي يُصرُّ على  سؤالي !
لماذا أعتبر في العديد من مُدونَّاتي وأبحاثي أنَّ  مصيبة الإسلام العربي، تكمُن في مسلمي الأمصار والأقطار المتاخمة والبعيدة غير العربية .. 

ولماذا تعصُّبِّي لقوميِّتي العربيَّة، وأنا بعيد هناك في الغربة الغاربة ؟
ولماذا لا زلت أعتقد أن تدجين، أو تهجين  الشعوب غير العربية بالدِّين الإسلامي سبَّب أَذيَّة للمسلمين العرب ؟.  

أجبْتُ صاحبي ..

إن كنت تدري بالربيع العربي والكواسر التي عاثت في بلاد الشام من المسلمين غير العرب فتلك مصيبةٌ ..
وإن كنت لا تدري بالفروسيَّة العربية من فارسٍ وأفراسٍ فالمصيبة أعظمُ !  

يا صاحبي ..

إقرأ مُدونَّاتي، وهذه بالذات عن العرب قبل وبعد الإسلام، وسيأتيك اليقين مِدراراً كما جاء في سورة الإنعام مِن القرآن الكريم، ( يُرسل السماء عليكم مِدراراً ) ..

تعريف :

من هو الفارس العربي ..

هو المُثنَّى بن حارثة الشيباني، الذي دَّك حصون  الفُرْس قبل الإسلام ..

هو الذي أسْلَم في السنة العاشرة للهجرة النبوية، وعندما قصد المدينة المُنوَّرة، لم يُدرك النبي محمد لأنَّ روح الرسول صعدَّت إلى باريها فلم ينل شرف السلام عليه، وتوفي المُثنَّى في السنة الرابعة عشر هجرية ..

هو الذي كلَّفه الخليفة أبو بكر الصديق بقتال الفرس قبل بعث خالد بن الوليد إلى العراق ..
هو الفارس العربي، الذي إمتطَّى الفرس الأصيلة دليكة ..
هو الذي قال عنه عمر بن الخطَّاب لمَّا عرف أنه يدِّك حصون  وممتلكات فارس دكاً :
( مَنْ هذا الذي تأتينا وقائِعهُ قبل معرفة نَسَبَهُ ) ؟

أجابه قيس بن عاصم التميمي
" أما إنه غَيْرُ خامل الذّكر، ولا مجهول النسب، ولا قليل العدد، ولا ذليل الغارة، ذلك المثنَّى بن حارثة الشيباني .."

هو الذي قال للخليفة أبي بكر الصديق :

إن أمدَدْتني وسمعَتْ بذلك العرب أسرعوا إليَّ، مع أَنِّي أُخبِرُك يا خليفة رسول الله، أن الأعاجمَ تخافنا، وتتْقينا .. 

فقال له عمر بن الخطاب
يا خليفة رسول الله، أَبعِث إليه خالد بن الوليد مدَداً. 
وفعَّل ْ الصدِّيق وكان لها ..
هو الذي كان يُسمِّيه عمر بن الخطاب، مؤَمِّر نَفْسه ..
هذا هو الفارس العربي الذي إنقرَض ..
وإليكم الفرس الأصيلة .. 


تعريف لغوي :
الفرس العربي ..


فرس ( مفرد ) .. 
وأفراسٌ  وفروسٌ ( جمع ) ..
وهو حيوان أهلى،  وحشي ..
سلالاته عديدة  أشهرها  الفرس العربي ..

ويقال ..
للفرس الذكر حصان
وإنَّ   اوَّل َ، من إستأنسها  بعد أن  كانت وحشية إسماعيل إبن ابراهيم الخليل ..

وعن النبي داوود ..
أنَّه كان لديه ألف  فرس، وقد ورثها عنه سليمان ..
وقال إنَّ أحبَّ  إليه ما ورثه هذه  الخيل ..

 -/الفرس العربي :

يعتبر الفرس العربي من أقدم السلالات في العالم، وقد إعتنى العرب بها، وكان الهمُّ عند العربي في الجاهلية، وحتى في الإسلام،  المحافظة على نسل الفرس ..

ومن مظاهر الإعتزاز العربي بالخيل ..
أنَّ  العربي أعطاها أسماءً وأنساباً ..

فسجَّل للخيل ( شجرة ) حتى لا تشوب أصالتها زغَل في دمها، لتبقى نقيَّة ً صافية، حتى أنه منع على الفرس الذكر الأصيل من التزاوج مع أفراس مجهولة، حتى لا يضيع النسب ..  

قال إبن رشيق القيرواني ..
في تكريم الخيل عند العرب :

أنهم كانوا لا يهنئون إلا بثلاث
- غلامٌ يولد.  
- أو شاعرٌ  ينبغ
- أو فرسٌ تنتج.  

وقد بلغ العرب  في تعظيمهم للخيول  ما لم تبلغه أُمَّة من الأُمم في التباهي والتفاخر والتنافس والتكريم والإكرام وفي حسن تربيتها ..

أما صاحب الأغاني، أبي  الفرج الأصبهاني قال :
إنَّ العرب أضافوا لفظة الخيل إلى بعض الأسماء، مثل  الشاعر الجاهلي زيد الخيل، وذلك لشغفهم بها ..

ولشدَّة تعلقهم بالخيل .. كان الإشراف يخدمونها بأنفسهم ويسقونها الماء الدافئ في الشتاء ويفتخرون بذلك وأعتبروا ذلك من مآثرهم  .. 
حتى أنهم كانوا  يلبسونها غطاءً في الرأس لعزَّتها ..

أما المؤرخ إبن الكلبي صاحب كتاب ( أنساب الخيل )
يقول :
أنَّ  أصل الخيول العربية وفحولها يعود الى البقيَّة الباقية من خيول النبي سليمان، التي كانت تسابق الريح  وتقطع  شرق وغرب الارض دون كَلَّل أو  ملل ..  

وقد ذكر التاريخ العربي القديم داحس والغبراء، اللتان تسبَّبتا  بالحرب الضروس بين قبيلتي عبس وذبيان، والتي دامت ما يقارب ٤٠ عاماً ..

وقد بلغ بالعربي أن تغنَّى بجمال الفرس  حتى قال :

إنَّ عيونه واسعتين، صافيتين، برَّاقتين، كحلاوين، شاخصتين، مملوءتين، كعيون ( المها ) لأنَّ  لديها أجمل العيون بين المخلوقات، لرقَّة الجفنين ووفرة الرموش، وإنَّ  أُذنيه صغيرتين ..
ولكن السمع عند الخيل خارق ومرهف، وإنَّه يستشعر الخطر ..
وإنَّ  حاسَّة الشم لدي الحصان، تلعب دوراً  في التعرُّف على صاحبه وعلى الخيول الاخرى .. 
وكذلك الحواس الأخرى، كالتذوُّق والنظر، لهما تأثير في رفع شأن نَسَب الفرس الأصيل .. 
وإن صدره كبير، ومتسِّع، تؤهِّله  لسباق المسافات  الطويلة والصبر على المشّقات.

خلاصة الوصف في الفرس العربي الأصيل :

إنَّ الخيلُ معقودٌ في  نواصيها الخيرُ إلى يوم القيامة .. 
وظهور الخيل عزٌ وبطونها كنزٌ ..

وقد أضاف إبن الكلبي في كتابه المذكور أعلاه :
أنَّ  العرب كانت تربط الخيل في الجاهلية والإسلام معرِّفة بفضلها وما جعل الله تعالى فيها من العز وتشرفاً بها وتخصُّها وتكرِّمها  وتؤثرها، على الأهلين، وتفتخر بذلك في أشعارها وتعتدُّ بها ...الخ.  

يقول البلاذري في كتابه فتوح البلدان ..
إنَّ بعضا ً من المجوس عبدوا الخيل ..

وفي حفريات الشعوب الوثنيَّة كانت تماثيل الخيل تقدَّس، تقرباً من الآلهة ..

أمَّا العربي، فإنَّه أحبَّ  الخيل، لانها أنيسته ورفيقته في حلِّه وترحاله، وكانت المأساة الكبرى للعربي إذا نالت سيوف الأعداء  ورماحهم فرسه، فيقع  في إحساس عميق وحزن لا يوصف ..

وهذا أمرؤ القيس وعنترة بن شداد وغيرهما، نظروا الى خيولهم، نظرة المحب العاشق الولهان ..

ويقال إنَّ  إمرؤ القيس، هو فريد عصره، والعصور التي تلَّت، كون فرسه أكثر الافراس شهرة في الشعر العربي، لا بل لا يمكن العثور عليه في مملكة الحيوان، لأنَّه  غريبٌ عجيبٌ  وكأنَّه  أسطورة ..

كان أُمرؤ القيس ينصرف عن هموم  الصيد بالتغزُّل بفرسه معتزاً ومعجباً بها مفتخراً  بكمالها وسرعتها لا تكلُّ أو  تملُّ مهما عدت ..

وإذا أردنا التوسُّع في الثقافات غير العربية في مسألة الخيول :

نرى في معجم الأساطير اليونانية الرومانية، حصان طروادة لدى الإغريق وقِصَّته مشهورة في التاريخ ..

كذلك أشار، إبن الكلبي في كتابه أنساب  الخيل ..
إلى حصان الملك سليمان إبن داوود ..

أمَّا صورة الفرس فلا تجد أفضل من بيت شعر أُمرؤ القيس :

مِكرٍ  مِفرٍ  مُقبلٍ  مُدبرٍ  معاً

كجلمودِ  صخرٍ  حطَّهُ  السيلُ  من  علِ

إلى أن قال :
ورحنا يكاد الطرف يقصر دونه
متى ما ترق العين فيه تسفلِ 

وأخيراً  .....
هل أيقنت يا صاحبي فيما أقول ..
ولا تسلني .. 
بل واسيني على ما أقول ..


فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا




المرجع :
المُدونَّات الفيصليَّة 
كتاب :
أعلام وحوادث وشخصيَّات تاريخية. 
الطبعة الاولى حزيران ٢٠١٨
بيروت. لبنان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق