مسيرات عسكريَّة غيرَّت مجرى التاريخ.
ذكرى موقعة اليرموك ٢٠ آب ٦٣٦م.
خالد ابن الوليد في الصحراء العربية.
شيرمان في ( جورجيا ) الولايات المتحدة الاميركية.
باتون في قلب أوروبا.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها …
منذ سقوط بغداد وغياب الأندلس وضياع فلسطين، أتحسَّر ألماً عندما أرى النجوم والسيوف تعلو أكتاف جنرالات العرب عموماً، ويشدني الحنين والشوق والشغف لأستذكر جنرالات الوغى الذين رموا النجوم المذهبَّة أرضاً وعاثوا بأرض الأعداء إجتياحاً، وغيروا مجرى التاريخ.
يعِّج العالم العربي اليوم، وتضيق الارض بالجنرالات العرب.
منذ إستقلال دولهم عن حُثالة بني عُثمان، وعن غطرسة الانتداب الإنكليزي، وغباء الانتداب الفرنسي وبلاد العرب تجنح نحو الهاوية دون أن يرِّف للعسكر جفن فيه قلق من تردِّي الأوضاع.
كان الحلم يختمر في عقول الشعوب العربية، بعد أن بادَّت الإمبراطورية العثمانية الى الآبد، وبعد أن أفل نجم الانتدابين الإنكليزي والفرنسي، ليخرج من هذا الحلم الأمل بالتغيير نحو الأفضل والأجدى كرامةً ونفعاً وووووو الخ.
وها نحن العرب نتسكَّع في دول الكون طلباً للرزق والعلم والمعرفة والكرامة والعيش مع مقومات الحياة الشريفة التي غابت عن الأوطان العربية.
إخترت من الجنرالات العرب العظماء عربيٌ، سيفه مسلول هو الجنرال خالد إبن الوليد. ( سيف الله المسلول ).
ومن غير العرب جنرال فاخر بأن جزمته العسكرية لونها من لون تراب الإنفصاليين، هو الجنرال شيرمان.
وجنرال كان يخلع على كتفه النجوم، ويرمي بعضها لجنده تكريماً لإنتصارهم، هو الجنرال باتون.
في المُدونَّة :
خالد ابن الوليد، في صدر الاسلام، صال وعاث تدميراً على من تجرأ وفكّر في الردّة عن الاسلام.
صاحب الازميل واليد الطولى في دّك وتهشيم معالم امبراطورية بيزنطة وأحلام ورثة كسرى أنو شروان.
ويليام شيرمان في أواخر الحرب الأهلية الأميركية في العام ١٨٦٤م. أخذ الضوء الأخضر، من قائد الجيش الفدرالي الجنرال غرانت على ( تقطيع أواصر ولاية جورجيا بالجنوب بدءً من العاصمة أتلانتا حتى السافانا على المحيط الأطلسي في الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية، ومن ثمَّ صعوداً إلى معقل الانفصاليين الانفصاليين في كارولينا الجنوبية والشمالية، ليلتقي مع الجنرال الجنرالGrantغرانت في كماشة خنقت الانفصاليين بعد سنوات من الحرب المدمرة.
الجنرال باتون، في أواخر الحرب العالمية الثانية، تحديداً في نهاية العالم ١٩٤٤ وبداية العام ١٩٤٥م.
كان على راس الجيش الثالث الأميركي تمكن هذا القائد الفّذ أن يجتاح قلب أوروبا بسرعة فائقة، بدءاً من النورماندي مروراً بمعركة Bulge وفك الحصار عن Bastogne, وقد أُعتبر هذا الجيش أسرع جيش بالعالم.
أمَّا خالد ابن الوليد، فيقول ابن عساكر والواقدي إنَّه كان يقاتل في العراق، إذ بكتاب يأتيه من الخليفة الراشدي أبي بكر الصديق يأمره بالشخوص فوراً الى جبهة الشام لنجدة جيوش الاسلام فيها.
يقول الطبري وإبن الأثير في كتابه ( الكامل في التاريخ ) إنَّ خالداً بدأ سيره من الحيرة في آذار ٦٣٤م. واتجه غرباً مخترقاً قلب الصحراء إلى واحة دومة الجندل
الجوف حديثاً وهي واحة تقع على منتصف الطريق بين العراق والشام، وانحاز من دومة إلى وادي السرحان ثم تجنَّب المرور في بُصرى وهي أوَّل مداخل الشام لأنَّها منيعة الحصون ودخل قراقر ثم دخل الى سُوى إلى الشمال الشرقي من دمشق بعد مسيرة ٥ ايّام في البادية القاحلة.
كان دليل خالد بن الوليد رجلاً من قبيلة طيئ يدعى رافع ابن عمير.
وقد تزوّد بماء كثير، أمَّا الخيل فقد كان يسقيها من أكراش الرواحل من الجمال إطفاء لعطشهم، أمَّا اللحوم فكانت تقدم طعاماً للحيش، وبلغ عددها حوالي ٨٠٠.
وقد أمر خالد ابن الوليد جنده أن لا تركب الخيل إلا في ساحات الوغى
فاجئ خالد ابن الوليد مؤخرة جيش الروم بعد رحلة دامت ١٨ يوماً، وهنا بدأ جيشه بالضرب بقوة، فأتى مرج راهط من مضارب الغساسنة على بعد ١٥ميلا من دمشق، حيث فاجأهم في يوم فصحهم وهم نصارى، حتى وصل الى بُصرى ( اسكي شام ) واتصل بالجيوش العربية التي كانت لقيت الروم في اجنادين في ٣٠ من تموز من سنة ٦٣٤، فكشفهم وهزمهم وقتل عددا كبيرا منهم
عندما وصل خالد بن الوليد بُصرى اجتمع القوّاد وأمرّوه عليهم.
في ٢٥ شباط سنة ٦٣٥ تقدم خالد بن الوليد حتى وصل أمام باب دمشق الشرقي الشرقي وقد استسلمت في أيلول من سنة ٦٣٥ بعد حصار دام ٦ أشهر.
يقول البلاذري إنَّ خالداً أعطى لأهل دمشق عهداً وأماناً على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم لا يهدم ولا يسكن شيئاً من دورهم لهم بذلك عهد الله وذمة رسوله ( صلعم ) والخلفاء والمؤمنين، ولا يعرَّض لهم إلا بالخير إذا أعطوا الجزية.
يوم اليرموك :
كان هرقل ملك الروم قد حشد جيشاً يُقارب ال ٥٠ الف جندي، وولى أخاه ثيودورس عليه.
أسرع خالد ابن الوليد مع ٢٥ الف جندي إلى أن اشتبك الجيشان في يوم حارٍ أراده خالد ابن الوليد في ٢٠ أب ٦٣٦ فهزمهم، وقتل ثيودورس، فلما وصل الخبر إلى هرقل وهو في طريقه الى القسطنطينية، قال مودعاً ارض الشام.
( عليك يا سورية السلام ونعْمَ البلد هذا للعدو )
يقول البلاذري كان فتح الشام فتحاً يسيراً…
وباستتاب سيطرة خالد ابن الوليد على جميع البلاد السورية من سيطرة البيزنطيين، ورد كتاب من الخليفة عمر بن الخطاب إلى عبيده ابن الجراح ينعي أبي بكر ويعيِّنه قائداً للجيش بعد أن عزل خالد ابن الوليد.
وكان ذلك بعد معركة اليرموك.
أو خلالها والله اعلم.
هذه المسيرات، العسكرية غيّرت مجرى التاريخ.
خالد ابن الوليد يعّد قاهر الإمبراطوريتين، البيزنطية والفارسية.
كافأه الخليفة عمر ابن الخطاب بأن عزله من أُمرة الجيوش.
الجنرال شيرمان عجَّل في إنهاء الحرب الأهلية الاميركية المُدمرَّة.
بعد الحرب الأهلية عاد هذا الجنرال الى الحياة كأي مواطن عادي ورفض العروض المغرية لتولي أي منصب حكومي رفيع.
بعد فترة من الزمن أطلقت الولايات المتحدة الاميركية إسمه على دبابة Sherman. وكانت من أهم الدبابات في الحرب العالمية الثانية.
الجنرال باتون هو الذي دبَّ الذعر في الرايخ الثالث وقضى عليه.
الجنرال Patton ، أقيم له نصب تذكاري أمام إحدى أهم الأكاديميات العسكرية في العالم ( ويست بوينت )، وأطلقوا إسمه على دبابة Patton، والتي تعتبر من أشد الدبابات ضراوة.
بالنسبة للجنرال خالد ابن الوليد، لم يقع نظري على أكاديمية عسكرية تحمل إسمه، ويكفي أنَّ لقبه هو ( سيف الله المسلول ).
فيصل المصري
في ذكرى موقعة اليرموك
٢٠ آب ٦٣٦م.
٢٠ آب ٢٠١٩م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق