الموحدُّون الدروز، والتصَّوف ..
دراسة تاريخية، ودينية عن التصَّوف :
المُقَدِّمة : تعريف معنى التصَّوف :
تاريخيا ً ...
- التصَّوف هو إتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات، وترك المذموم منها ..
إنه من الصُفَّة، لأن صاحبه تابعٌ لأهل الصُفَّة وهم مجموعة من المساكين الفقراء كانوا يقيمون في المسجد النبوي الشريف، ويعطيهم النبي محمد، من الصدقات والزكاة طعامهم، ولباسهم ..
- إنه من الصوف، لأنهم كانوا يؤثرون لبس الصوف الخشن للتقشف ..
- إنه من الصفاء الروحي ..
- يقول إبن تيمية أن الصوفيَّة تعود أصلها إلى صوفَّة بن أدبن طابخة، وهو من قبيلة عربية كان أفرادها يُعرفون بالنسك، والتزهُّد ..
- أما إبن الجوزي، فإنه ينسب الصوفيين إلى ( صوفَّة بن مرَّة ) والذي نذرت له والدته أن تعلقه بأستار الكعبة، فأطلق إسم صوفي، على كل من ينقطع عن الدنيا وينصرف إلى العبادة فقط ..
- أما بعض الباحثين، والمؤرخين المختصين بعلوم الديانات القديمة من غير المتصَّوفة، يؤكدون ان الكلمة تعود إلى أصل يوناني، هي كلمة :
(سوفيا)، ومعناها الحكمة ..
( يُراجع بذلك، البيروني، والدكتور محمد جميل غازي، من المُحدِّثين الذين قالوا :
الصوفية كما نعلم أسم يوناني قديم مأخوذ من الحكمة (صوفيا) وليس كما يقولون إنه مأخوذ من الصوف ..
- أما المؤرخ العربي الصادق، إبن خلدون، فإني أذكر ما قاله في كتابه ولاة مصر لان فيه الكثير من الدلالات المطموس ذكرها، لما زار القاهرة ايام الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، أكتفي بذكرها دون أي تعليق ..
يقول إبن خلدون عن بدء ظهور التصَّوف :
- إنه ظهر بالإسكندرية طائفة يسمَّوْن بالصوفية يأمرون بالمعروف ..
- وقد أيَّد المسعودي في كتابه، مروج الذهب
كلام إبن خلدون في تاريخ نشأة التصَّوف في مصر، أثناء خلافة الحاكم بأمر الله ..
ومن هذين المصدرين، إبن خلدون، والمسعودي يُستدَّل أن هذه الجماعة التي عاصرت الحاكم بأمر الله، عُرفت بأنها مارسَّت التصَّوف في عيشها، وعُرفت أيضا ً بأنها تأمر بالمعروف ..
تعريف :
لم يقتصِّر التصَّوف على دين سماوي، دون غيره ..
ولم يقتصِّر التصَّوف على الرجال، دون النساء ..
بل، إختلفت التسمية لغويا ً، ولكن بقي المعنى مُلاصقا ً بالأصل ..
يقال مثلا ً ..
المتصَّوف، الزاهٍّد، العابِّد، الناسِّك، الفقير لله وغير ذلك من مرادفات ..
وكذلك يقال، العابدَّة، الزاهدَّة، الناسِّكة ..
وقد إتبعَّت الاديان السماويِّة، تراتبيَّة، هرمية لوصول المتصَّوف، او المتصَّوفة الى سُدرَّة المُنتهى في الكمال الروحي ..
( اي أعلى الدرجات الروحية )
- في الدين الاسلامي ..
عندما يصِّل المتصَّوف الى سُدرَّة المنتهى، يقال له الولِّي، او مولانا ..
أي أسمى الدرجات ..
وقد أتيت على ذِكْر سيرة بعض هؤلاء المتصَّوفين في مُدوِّناتي، مثل الشيخ محي الدين إبن عربي، والشيخ جلال الدِّين الرُّومِي، والسيدة الفاضلة رابعة العدويَّة ..
- في الدين المسيحي ..
عندما يصل الناسِّك، او الزاهد، او العابد الى سُدرَّة المنتهى، يقال له قديسا ً بعد تطويبه، وفق إجراءات مُعقّدة، وطويلة قد تأخذ عقودا ً او قرونا ً من الزمن ..
وقد ذكرت في إحدى مُدوِّناتي، عن سيرة القديس شربل، والقديسة رفقا من لبنان، وهناك عدد وفير من القديسين والقديسات في الغرب، حفِلَّت بهم الكتُّب ..
أما لفظة، او كلمة القداسة ..
عند الموحدُّون الدروز، فقد أتى ترداد هذه الكلمة، او هذا اللفظ عند الإشارة الى أحد الاولياء، كأن يقال :
قدَّس الله سِرَّه .. تقال للأمير السيِّد عبدالله التّنوخي، على سبيل المثال لا الحصر ..
او ..
قدَّس الله سِرَّها .. في المقامات والمزارات ..
- في الديانة اليهودية ..
عندما يصل العَابِد، او الزاهد الى سُدرَّة المنتهى، يقال له نبيا ً وقد أَتَّت أسفار العهد القديم على ذكرهم ..
مثلا ً :
في أسفار النبي موسى الخمسة، وأسفار الأنبياء مثل هارون، يشوع، داوود وغيرهم ..
هذا فيما يتعلق بالتصَّوف ..
أما الاصولية المتشددَّة، والراديكالية في المسلك، الديني، الدي يتبَّعه البعض من أتباع الاديان السماوية، وبات الان مُنتشرا ً كالنار في الهشيم، والذي أدى، ويؤدى الى الحروب والدمار الذي عاشته أوروبا في القرون الوسطى، ونعيشه الان في هذا القرن ..
فإنه، لعمري ...
لم تأت ِ على ذكرهما، الكتُّب السماوية ...
لان الأنبياء والرُسُّل كانت رسائلهم ...
بشارَّة، ومحبة، وخير، ورغد، وسعادة للبشرية ..
وما نشهده اليوم، خلاف ذلك ..
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق