ليلة الجمعَة، وما أدراك ب ليلة الجمعَة ....
دراسة تاريخية عن ليلة الجمعَة ..
من خلال الاديان السماوية ..
وتحديدا ً عند الموحدِّين الدروز ..
ليلة الجمعَة ..
وما أدراك ب ليلة الجمعَة ...
ومع أني لست مُتعصِّبا ً او مُتزمِّتا ً لمعتقدي الديني ..
إلا أن نهمي، وشغفي، للتعمُّق بالاديان السماوية لم يتوقَّف ..
بقيت، الروح ظمأى ..
طالبة ً، الشِرب من رأس العين ..
لم أترك سانحة في حياتي إلا ونهلت من، الكُتُّب السماويَّة ..
أثار إعجابي، التلمُّود ..
وأراح قلبي، الكتاب المُقَدَّس ..
وأروى عطشي، القرآن الكريم ..
وتعلَّق عقلي، بمسلك التوحيد ..
وإن أنسى ..
لم أنس َ الحضارة البابلية، من أكاد، الى سوّمر، الى بابل ..
فغرفت ما طالت يدَّي من حِكْمَة، ورؤيا، وعلم مكنون ..
وقد تبين لي ..
التماثُل، والتشابُه في كل المُعتقدَّات، والملِّل، والشرائع ..
وإن لكل دين سماوِّي ...
يوم ٌ واحد ..
يُقدَّس، ويُكرَّم ..
وقد تقاطعَّت المسيحية، والإسلام على يوم الجمعَة في التعظيم، والتكريم، وإن تأخر يوم اليهودية الى نهار السبت، ولكن ذُكِر يوم الجمعة، أن فيه تحضير ليوم السبت ..
يُهّمُني، ان أُحيط القرّاء الكرام، أن هذه الْمُدوّنة ليست في وارد الدخول والبحث، في المعتقدات السماويَّة، او الغوص بالايمان العميق لكل دين سماوي ..
بل هذه الْمُدوّنة، هي تدوين تاريخي ليوم الجمعَة، والليل الذي يسبقه وما يرافقه من طقوس، وأدعيَّة وصلوَّات، وإبتهالات ..
لهذا ..
أردت أن أسبح، في بحور الاديان السماوية ..
وأطير عاليا ً في أجوائها ..
وأهيم فرحا ً في أراضيها ..
بحثا ً عن يوم الجمعَة ..
وهذا ..
ما وجدته ..
- عند الاسلام :
قال النَّبِي مُحَمَّد صَلَّى الله عليه وسلم :
خير يوم ٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعَة ..
فيه خُلق آدم ..
وفيه أُدخل الجنة ..
وفيه أُخّرج منها ..
ولا تقوم الساعة إلا في يوم، الجمعة ..
رواه مسلم ..
ومن هذا الحديث الشريف، يتبين :
أنّ ليوم الجمعة فضلا ً، ومكانة ً، وقيمة عظيمة ً ..
خصَّها الله بها، دون غيره من أيام الأسبوع ..
- عند المسيحية :
يوم الجمعة، يحتفل به المسيحيون ..
أهميته تذكار، صلب يسوع المسيح، وموته، في الجلجلة، ودفنه ..
ويوم الجمعة، دائما ً وابدا ً في أُسبوع الآلام ...
جمعة الآلام ..
ويعرف يوم الجمعَة بعدة أسماء، أشهرها ..
الجمعة العظيمة، هو يوم احتفال ديني بارز في المسيحية ..
وأعطي أسماء أُخرى :
الجمعَة السوداء ..
والجمعَة الجيدة ..
والجمعَة المقدسَّة ..
والجمعَة الحزينة ..
وجمعَة عيد الفصح ..
ويوم الجمعة عند المسيحية ..
فيه تذكير أن صلب السيِّد المسيح قد تم في هذا اليوم ..
اما في العهد القديم، فإن بعض الآباء الأوائل، يطلقون على يوم الجمعَة مأساة الجمعة العظيمة، لانه يقع في يوم تضحية إبراهيم ابو الأنبياء بإبنه اسحَّق ..
- اما في الديانة اليهودية، ما وصل إلينا عن يوم الجمعَّة، كان من فقهاء الدين الاسلامي :
يقول بعضهم ..
الظَّاهِر أَنَّهُ فُرِضَ عَلَيْهِمْ تَعْظِيم يَوْم الْجُمُعَة بِغَيْرِ تَعْيِين وَوُكِلَ إِلَى اِجْتِهَادهمْ لِإِقَامَةِ شَرَائِعهمْ فِيهِ فَاخْتَلَفَ اِجْتِهَادهمْ فِي تَعْيِينه ..
وَقَدْ جَاءَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام أَمَرَهُمْ بِالْجُمْعَةِ وَأَعْلَمَهُمْ بِفَضْلِهَا فَنَاظَرُوهُ أَنَّ السَّبْت أَفْضَل ..
فَقِيلَ لَهُ : دَعْهُمْ ..
وَلَوْ كَانَ مَنْصُوصًا عليه بالتوراة، لَمْ يَصِحّ اِخْتِلَافهمْ فِيهِ ..
وَأَبْدَلُوهُ وَغَلِطُوا فِي إِبْدَاله ..
وليس بعجيب أن يُذكر لهم يوم الجمعة، بعينه ..
ثم يخالفون ..
وسِمَّة المخالفة عندهم، مشهورة ..
والتورَّاة يذكر معاناة النبي موسى عليه السلام مع قومه ..
وأخيرا ً ..
من أجل تاكيد ان يوم الجمعَّة عند المسلمين من أهم الأيام، وأعظمها، وأقدسها ...
أُضيف هذه المستندات الفقهية، والأقوال حتى أكون قد أوفيت هذا اليوم حقَّه ..
عن أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَة سَيِّدُ الأَيَّام ِ ..
وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّه ِ ..
وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّه ِ مِنْ يَوْم ِ الأَضْحَى وَيَوْم ِ الْفِطْر ِ ...
فِيه ِ خَمْسُ خِلال ٍ :
خَلَقَ اللَّهُ فِيه ِ آدَمَ ..
وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيه ِ آدَمَ إِلَى الأَرْض ِ ..
وَفِيه ِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ ..
وَفِيه ِ سَاعَة ٌ لا يَسْأَل ُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْد ُ شَيْئًا إِلا أَعْطَاه ُ ، مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَاما ً ...
وَفِيهِ تَقُوم ُ السَّاعَة ُ ..
مَا مِنْ مَلَك ٍ مُقَرَّب ٍ وَلا سَمَاء ٍ وَلا أَرْض ٍ وَلا رِيَاح ٍوَلا جِبَال ٍ وَلا بَحْر ٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْم ِ الْجُمُعَة ِ ..
رواه ابن ماجه ..
وحسَّنه الشيخ الألباني، في صحيح الجامع ..
- ليلة الجمعَّة ..
وما أدراك ..
ب ليلة الجمعَة ..
عند الموحدُّون الدروز ..
ليلة الجمعَة عند الموحدُّون الدروز لها قُدسيَّة خاصة، عند مشايخهم الأتقياء، ولدى العامة على حد سواء ..
يقول الدكتور صالح زهر الدين في كتابه ألقيِّم، تاريخ المسلمين الموحدِّين الدروز، مُوثقا ً كلامه بما أتى على ذكره كل من ( عباس أبو صالح، وسامي مكارم في كتابهم تاريخ الموحدِّين الدروز السياسي في المشرق العربي ) ما يلي :
ليلة الجمعه في 1 محرم سنة 408 هجري أصدر الحاكم بأمر الله سجلا ً يعلن فيه بداية دعوة التوحيد، ونودي بحمزه بن علي إماما ً للموحدِّين الدروز ..
ويضيف الدكتور صالح زهر الدين، أن النصر الذي احرزه حمزه، ضد نشتكين الدَرَزي زعيم المرتدين، والذي أدى إلى مقتل هذا الاخير، كان في ليلة الجمعَة من سنة 410 هجري، ١٠١٩ / ١٠٢٠ م.
إنطلاقا ً من ذلك، تتخذ ليلة الجمعَة مكانتها عند الموحدُّون الدروز، فإنها ليلة مقدَّسة، ليس عند مشايخهم الإجلاء فقط، بل عند العامة منهم، مع ان البعض يجهل السر الكامن في قدسيتها، وما يستتبع ذلك من أنه يُحرَّم في هذه الليلة إجراء عقد زواج، او أي حفل زفاف ..
أخيرا ً ..
إن ليلة الجمعَة عند الموحدِّين الدروز، يُكمن فيها سر كبير في الإيمان، وقُدسيته وكما أسلفت تُمثل رمزا ً عظيما ً في ترسيخ جذور مذهب، ومسلك التوحيد ..
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
نهار الجمعَة في ٨ كانون الاول ٢٠١٧
0 comments: