مُدوِّنة فيصل المصري.
والآلهة ..
كانت على شكل إمرأة ...
يتخبَّط العالم العربي اليوم وخاصة الاسلامي، وخصوصا ً أهلنا في لبنان في تدوير الزوايا من أجل نَحْت تمثال لحقوق المرأة، في الأحوال الشخصيَّة، كالزواج، والطلاق، والحضانَّة، والإرث والوصيَّة وغير ذلك عن طريق ضربة إزميل من هنا، او ريشة من هناك، فإما القانون يكون آية في الجمال على شَكل المرأة، او فضفاضا ً مُخيبا ً للآمال على شاكلة من نحتَه او رسمَه ...
وللتذكير ...
يجب ألا يغيب عن دهاقنَّة السياسة ومُشرِّعي القوانين الحالييِّن، أن الشعوب في غابر الازمان والأكوان، كانت تعبِد ألآلهة، وهي مؤنث وعلى شكل إمرأة، ويَتَّخِذون أجملهُّن، وأعطَرهُّن، وأمشقهُّن لتُعبَّد ...
فإن أعطيتم حقوقا ً لها الان، فهي ليسَّت مِنَّة، او حسنَّة ...
لأن الباري أعطاها، وأَسْبَغ عليها الجمال، والحب، والخير، والبركَة ...
وهاكم الدليل، بالوثائق ...
- آلِهَة الحب .. وآلِهَة الجمال ...
آلهة الحُّب، ما زلنا نعبدها ..
آلهة الجمال، ما زالت تبهرنا ..
مهما قيل ...
ومهما وحدّنا الله عزَّ وجّل وفق طقوس الأديان السماوية ...
ما زالت تجثم بحنان على قلوبنا، آلهة الحُّب ..
وما زالت ترافقنا في حلّنا وترحالنا، آلهة الجمال ..
اليوم، ساتجّول معكم، وأُعيدكم الى الماضي البعيد، ولكنه قريب داخل افئدتكم ..
سأبحث عن آلهة الحُّب ...
لأقول لها ...
ما زالت، تعاليمك ... تُعبَّد.
ما زالت، تراتيلك ... تُغنَّى.
ما زالت، أُغنياتك ... تردَّد.
اما آلهة الجمال ..
سأقول لها ..
كم ولدِّت جميلات ... في جنس حوَّاء.
كم وهبت من عيونك .. سحراً للفاتنات.
كم زرعت من سنابل شعرك .. للبنات.
كم وزعت إبتسامات، على شفاه السيدات.
وكم رصعّت لؤلؤ ً في أسنان العاشقات.
وكم قطفت النجوم لتوّزع على الحالمات.
وكم أرخيت من ظلال القمر لباسا ً للاميرات.
وكم أشرقت شمسا ً في قلوب الأمهات.
وكم أعطيت حنانا ً في صدور الأخوات.
أكتفي، يا آلهة الحُّب ..
هل تسمعي ندائي.
ويا آلهة الجمال ..
هل تدركين، بحالي.
-في عُمق التاريخ ..
أين كُنت ِ ؟؟
ظهرَّت فكرة عبادَّة الآلهة لأول مرة في التاريخ، عند سومر العراقية، ومصر الفرعونية ..
ثم أخذتها الأُمم المجاورة، كالأكاديين، والكلدانيين، والآشوريين، والفينيقيين واليونانيين، والرومانيين ..
حسب الأساطير القديمة التي وضعها هوميروس، كانت الآلهة على شكل البشَّر من حيث الصورة، ومن حيث الخلق ..
كان الفيلسوف اكسانوفان يقول :
إن الناس هم الذين خلقوا الآلهة على شاكلتهم، وصفاتهم، وهواهم، ثم عبدوها ..
ثم تطورَّت فكرة الآلهة ..
فمنهم من إعتبرها أرواحا ً لطيفة، ومنهم من جعلها أجساما نورانية ..
- في معجم الأساطير اليونانية، والرومانية ..
( منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي في دمشق، أعداد سهيل عثمان وعبد الرزاق الأصفر )
- وفي موسوعة الأساطير العربية، أعداد شوقي عبد الحكيم.
- وفي كتاب الالوسي بلوغ الأرب في معرفة احوال العرب.
كانت أفروديت، آلهة الجمال عند اليونان.
كانت عشتروت، آلهة الجمال عند البابليين.
كانت إيزيس، آلهة الجمال في مصر.
كانت فينوس، آلهة الجمال عند الرومان.
كانت العزَّى، آلهة الجمال عند العرب.
إعتبرَّت الأساطير ان آلهة الجمال، هي الأنموذج الأعلى للجمال الأنثوي، المعبودَّة ..
- وقرينة الشمس رمز الخصوبة، والأمومة ..
- فهي بشعرها الليِّن الغزير الذي ترسله على متنيِّها، يفوح منه ريح المِسْك والعنبر، والطيب ..
- وبحركتها الأنثوية المغناج، تظهر وكأنها من بنات الخدور ..
- أما جِسْمها الممتلئ، وبطنها الخميص، واوراكها الثقيلة، وعروقها التي يترقرق فيها الشباب النضر ..
- فهي جسم شابة ممتلئ بالنضارَّة، والحيويَّة مما يزيدها غنّى وخصوبة ..
وقد إعتبر الأصمعي، وغيره ما ورد من سجلات الأساطير، ان آلهة الجمال كان فيها البياض، والحسن، والبهجة، وأضافوا صفات لآلهة الحُّب الطرَّب، والسرور، واللهو ..
واخيرا ً ..
إن النظر إليها يجلب الفرح، ويخفِّف من أوجاع الحُّب، والعشق ..
وإعتقدوا انها تثير غرائر الجنس، لطغيان أُنوثتها لما تسببه من سِحْر على الرجال ..
- أما الشعراء فكان وصف ثغر الآلهة ( الجمال والحب ) باسم ونبع ُ للخير المطلق، ومصدر لماء الحياة ..
وقد إعتبروا في وصفهم لمعبودتهم، كل مايشبه الآلهة في كون رضابها كالخمر المعتق، وهو عنصر مقدَّس لانه يمثل دم الآلهة، او العسل المصَّفى ذي الطبيعة المُقَدَّسة، لانه يؤدي الى النشوَّة الروحية، كما يصدر عنه رحيق الحياة ..
- إتفقَّت جميع الأُمم في أساطيرها على تشبيه المرأة، للآلهة ( جمال او حب ) لان الآلهة كانت على شبههُّن، فتحولَّت المحبوبَّة الى شذى ً وعطرا ً، وعِشقا ً، وهياما ً، وشغفا ً.
- وثغرُها، كثغر الآلهة فيه خليط من المِسْك، والكافور، والأقحوان .. - وجعلوا فمها أطيب رائحة، واذكى عطراً ..
وقد إختلط في الأساطير التفرقَّة بين آلهة الجمال، وآلهة الحب ..
فإن نقصُّت صفة على الاولى، زيدَّت للآلهة الثانية ..
- في القرآن الكريم، ذِكْر لهذه العبادة التي كانت ما تزال حيَّة في الأذهان الى عهد قريب بالإسلام حيث يقول تعالى :
( أفرأيتم اللاّت والعزّى، ومناة الثالثة الاخرى )
وأخيرا .. وليس أخرا ً ..
وكيف يكون، أخرا ً ..
ما دام الحديث، عن المرأة ..
وما دام الحديث، عن الآلهة ..
أترك للقارئ العزيز ..
كيف كان حال الشعوب التي عبدَّت آلهة الحُّب ..
وحال الأُمم التي عبدَّت آلهة الجمال ..
في غابر الأزمان والأكوان ..
وما نحن عليه اليوم ..
فلا ارى تناقضاً، بين الأمس واليوم ..
لا بل أرى تطابقا ً في وصف الحبيبَّة او الزوجَّة، بأنها ملكة للجمال. بدلا ً ان تكون آلِهَة ..
ونقوم دوما ً ..
بخلع آلِهَة الحُّب ل نُجلس مكانها، من نعشَّق او من نُحِب ..
وننزَّع صولجان آلهة الجمال، من يدها، لنعطيه الى حبيبتنا ..
ونسرِق التاج من راس آلهة الجمال، لنزيِّن به رؤوس ملكات الجمال في عالمنا هذا ..
وهل بعد هذه الْمُدوّنة ...
تستكثرون، على المرأة ..
حقوقها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٤ تشرين اول ٢٠١٧
faissal el masri في 1:48 م
مشاركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق