Pages

الجمعة، 24 يونيو 2016

قصة، كراون دايسي ١٩

كراون دايسي، و كريسْتِّل .... الفصل التاسع عشر ....

خواطر

قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل .
 الجزء الثاني، 
الفصل التاسع عشر.

 

بدأ الربيع العربي، بإطلالة مُبكّرة تُنذر بالوجوم، والسموم، وعواقب الأمور. 
كانت أخبار المشرق العربي، تملئ الصحف، والمجلات، والأخبار، بشتى ألوان الكذب، والخداع، والتدجيل، وكانت تتساءل الدكتورة، كريسْتِّل  الأم، امام زبائن مكتبها الحقوقي في باريس، وهم يعرضون مشاكلهم، ويطلبون مشورتها القانونية، انها لم تعّد تناقش من يقول ان التاريخ العربي، وخاصة التاريخ اللبناني كاذب، ومُغاير للحقيقة، نظرا ً وبالرغم،  نحن على مشارف القرن الواحد والعشرين، المترابط معلوماتيا ً،،،، ما زالت تتدّفق الأخبار المتناقضة، في وسائل الاعلام الحكومية، والخاصة والأجنبية، حتى انها قالت، كل خبر يصدر من لبنان، بحاجة الى هيئة دولية للتحّقق من صحته. 
كانت الدكتورة كريسْتِّل ، في بدايات القرن الواحد والعشرين، وهي خريجة جامعة السوربون، قد ذاع صيتها، ولمعت خبرتها، في مجال المرافعات القانونية، امام المحاكم الجنائية الدولية، وامام محكمة العدل الدولية، وقد برعت في المرافعة ضد جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الانسانية، وجرائم الحرب، خاصة، جرائم أوغندا، والكونغو.  
 كانت كريسْتِّل  ترفض ان تُرافع، في محكمة دولية، خاصة تتعلق بجرائم أُرتكبت في العالم العربي، وخاصة موطنها لبنان، حتى أنّ والدها، حاول عبثا ً ثنيها عن هذا القرار، لانها كانت تقول له، ان حقوق الانسان، منعدمة على ارض الواقع، في عالمنا العربي، وخاصة لبنان، بالرغم من ان صفحات الدساتير البالية،  في طول البلاد العربية، وعرضها فاحت روائحها، لعفونة في الموّاد، نظرا ً لعدم تطبيقها. 
كان والد كريسْتِّل  قد قارب، التسعين من عمره، فإنتقل من بيروت الى الإقامة الدائمة في باريس، نظرا ً لصعوبة الحياة في لبنان، بعد ان إشرأب اللجوء من الجوار، في الاعناق، فإنعدمت ابسط، الضرورات الحياتية، كالكهرباء، والمياه، وطرق التواصل السلكية واللاسلكية، بالاضافة، الى ان حفيدته  كريسْتِّل، شغله الشاغل، وشغفه الدائم. 
أما كريسْتِّل، الابنة الجميلة، والتلميذة الجامعية النجيبة، قد قاربت أواخر عشرينيات عمرها، قد أنهت أُطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه في علوم الماورائيات، والأساطير.
كانت كريسْتِّل  الابنة، تتردد كل يوم على مكتب والدتها، وقد نشأت بينهن علاقة شقيقتين، اكثر منها، علاقة، ما بين الام وأبنتها. 
كُن ّٓ يخرجن الى المطاعم، ودور الأزياء، سويا ً ، وكن َّ يرتّٓدن، صبيحة كل احد، مطعم لبناني، في احد شوارع باريس الشعبية، لتناول الفول والحمّص. 

كانت كريسْتِّل، تُلاحظ أمورا ً ترافق والدتها، منها :
-/ كثرة الزهور الذابلة، داخل وخارج كتبها، وملفاتها المنتشرة في ارجاء المكتب، وقد لفتها ان مُدبّرة المكتب، لا ترمي زهرة ذابلة واحدة، أن بقيت على طاولة الاجتماعات، او وقعت أرضا ً، بل تُعيدها الى طبق مليئ، بهذه الزهور الذابلة.
-/ كانت تستعمل هذه الزهور، علامة ما بين الصفحات، فإن ارادت ان تُشير الى صفحة ما، تنزع هذه الزهرة، ومن ثم تُعيدها الى ذات المكان. 
-/ كان على مكتب والدتها الفاخر، رٓسْم ْ بخط اليد لهذه الزهرة، داخل أطار من الذهب الخالص. 
-/ كان في داخل حقيبة يد والدتها، وعلى مدار الأيام،  منذ طفولتها، مرآة صغيرة، غطاؤها مرسوم عليه ازهار من ذات النوع. 
الى ان سمعت يوما ً والدتها، تعاتب مٌدبرة مكتبها، وتسألها لماذا تنقص أعداد الزهور، وهل تقوم برميها. 
لم تعهد كريسْتِّل  الابنة، والدتها بهذا الغضب، 
وعلى ماذا ؟
ازهار ذابلة، يجب ان تُرمى، بالنفايات. 
دخلت كريسْتِّل  مكتب والدتها، وهدأت من روعها، وقالت لها سأنزل فورا ً لأشتري لك باقات من الزهور النضرة، اليافعة بدلا ً من هذه الذابلة. 
قالت والدتها، إياك ان تزيّني مكتبي، باي نوع من الزهور، 
فسألتها، ما هذا النوع من الزهور، لم أر مثله في حياتي. 
قالت لها والدتها، ان اسم هذه الزهرة، كراون دايسي، وهي زهرة برية تنمو في براري وجبال لبنان. 
توقفت كريسْتِّل  عن الحديث، بسبب دخول زميل والدتها، وعميد كلية الاداب والعلوم الانسانية، في السوربون الى المكتب، بناء على موعد سابق. 
دخل عميد الكلية، مكتب كريسْتِّل  الام، ولحقت بهم كريسْتِّل  الابنة، ودار الحديث بينهم حول ألاطروحة، التي تُعّدها كريسْتِّل  حول علوم الماورائيات، والأساطير. 
قال لها، عميد الكلية، ان موضوع الاطروحة، هو حساس جدا ً نظرا ً ان عالمكم العربي يجتاحه اليوم التزّمت الديني، وحروب التكفير المدّمرة، التي بمُجملها تجافي فكرة الاسطورة، وتنعت علومها بالزندقة، إن أُعتبرت انها تتماشى مع عصرنا المتمّدن، وبالتالي ان معظم الأساتذة، الذين يتقنون العربية، في فرنسا تجنبوا نقاش الاطروحة، وبالتالي قررت الكلية الاستعانة، بأستاذ جامعي متخصص بهذا الحقل، من احدى الجامعات الأميركية، وأننا حاليا ً ننكب على دراسة الأسماء واختيار الانسب. 
لم تعترض كريسْتِّل  الام، على زميل دراستها، ورأيه، بل أستعجلته ان يُسْرع في إختيار الاسم. 
وبينما كان يهّم عميد الكلية بالخروج من مكتب والدتها، قام  بتسليم كريسْتِّل  الابنة، لائحة بالكتب، التي يقترح عليها ان تقرأها. 
قامت كريسْتِّل  بتوديع والدتها، على ان تراها مساء ذلك اليوم. 
لما وصلت الى غرفتها، إستلقت كريسْتِّل  على سريرها، وفتحت ورقة العميد، وقرأت اسماء الكتب، وهّبت كالمجنونة الى حاسوبها، تفتش بالإنترنيت، عن كتاب بعنوان :
قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل .
 للكاتب .......
إصدار جامعة هارفرد. 
للعام ٢٠١٥
وغلاف الكتاب، 
عليه،  نصف صورة  فتاة  تُشبه والدتها، وهي صبية،  تضع أكليلا من ازهار، كراون دايسي، 
وفي صفحة الغلاف الأخير، مجموعة ازهار من كراون دايسي على شكل قلب.
لم تنم كريسْتِّل  الابنة، تلك الليلة، 
فازهار كراون دايسي، الذابلة  في مكتب والدتها. 
والمرآة في حقيبة والدتها، عليه رسومات من زهرة كراون دايسي. 
والاهم، الأهم، رسم زهرة كراون دايسي بخط اليد، داخل أطار مُذهّب. 
والأهم، الأهم، والأهم، صورة غِلاف الكتاب لنصف وجه فتاة ......
تُشْبِه ..... أُمَّها، وهي صبية في عُمْر الزهور ....... 

قصة كراون دايسي، وكريسْتِّل . 
الجزء الثاني، 
الفصل التاسع عشر. 
فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا
٦ شباط ٢٠١٦ 

 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق