Pages

الثلاثاء، 28 يونيو 2016

مِن هدايا ... مسلموا الأطراف، والأذناب ... الى مسلمي العرب ... التطبيع التركي الإسرائيلي.

سِر ْ العلاقة بين الامبراطورية العثمانية، واليهود. 

دراسة تاريخية.   

بعد ان نشُط َ التحّرك  الدبلوماسي التركي خلال هذا العقد تجاه الدول العربية خاصة، سوريا، ولبنان، وفلسطين، ظاهره  الوّد، والمحبة، والتقارب، يقابله تحّرك دبلوماسي، غلافه  عداء سافر، تجاه اسرائيل، وباطنه غير ذلك. 
وكعادتي،  التي لم، ولّن أغيّرها، ما زالت نظرتي الى بعض المؤرخين العرب هي هي، لأني  ما زلت اعتقد أنهم  برعوا، في التحّريف، واستباحوا الكذب، وشرّعوا، الأباطيل. وقد اطلّعت  على ما دوّنوه عن فترة الحكم العثماني الذي دام لقرون أربعة، على البلاد العربية، ان الخير الوفير والرغد،  في العيش، كان من ممّيزات هذا الحكم، كذلك خيّم على هذه البلاد ظلال وافرة، من العدل والتسامح، وقد أبحرت الحرية وسط الشعوب العربية دون عواصف وأعاصير ورفّرفت أعلام  العزة، والكرامة، في طول البلاد العربية وعرضها. 
مما لا شك فيه، ان هذا الكلام مليئ بالارهاصات، والتلفيق الممنّهج، لان تأريخ الحقبة العثمانية، قام به كتّبة مأجورين أطلقت عليهم، فيما مضى مسمّى، مؤرخو المصاطب. 
حتى أكون منصفا ً، وصادقا ً، وعادلا ً، ان المؤرخين  العرب في ناحية واحدة فقط  صدقوا، وهي ان الامبراطورية العثمانية استعادت أمجاد المسلمين العرب،  بعد ان طحنتهم الخلافات العربية منذ سقوط الخلافة العباسية المدّوي وما بعدها،
إن قبائل  الشعب التركي الذين أخذوا من الاسلام دينا ً قدموا،  من اسيا الوسطى واحتّلوا القسطنطينية، وهزمّوا  الامبراطورية البيزنطية، بخلاف أقرانهم العرب المسلمين الذين لم يحافظوا على الأندلس، وكان وصف المؤرخ المقرّي خير دليل على الذِّلَّ والهوان عن السلطان محمد الحادي عشر ابو عبدالله، عندما انصرف عن عاصمته غرناطّة، حيث تأوه ودمعّت عيناه، فنهرّته أمه وقالت له :
يحق لك ان تبكي كالنساء ملكا ً، 
لم تستطع ان تدافع عنه كالرجال .... 

كذلك حتى أعطي الخلافة العثمانية حقها،  قبل الدخول في بحثي عن كيفية تعاملهم مع العرب المسلمين، والمسيحيين، واليهود، على حد سواء، ان احد المؤرخين في الغرب قال، ان هزيمة المسلمين العرب في الأندلس، هي  شذوذ عن القاعدة التي تذهب الى ان المدنيّة العربية الاسلامية، ترسخ وتعمّر حيثما تحّل أقدام العرب ما عدا اسبانيا. وهذا في حد ذاته تبجيل وتكريم للمسلمين الأتراك، خلاف أقرانهم المسلمين العرب، لأنهم حافظوا على القسطنطينية الى الأبد. 


في العلاقة ما بين العرب والإمبراطورية العثمانية :

كانت سِمة وسياسة الأتراك في حكمهم للعرب، هي الاحتقار والإهانة، وما زالت لغاية تاريخه وصمات العار تتدّلى من عبارات ومفردات عانى منها الأجداد، كالسخرة، والانكشارية، والسفربرلك ... والملاحظ ان المعاناة دامت لقرون أربعة وانتهت يوم ٣٠ أيلول ١٩١٨ عندما احتّل  سلطان باشا الاطرش دمشق، ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة، وهزم الجيش التركي الذي كان يعاني سكرات الموت، بعد ان دبّ المرض في جسم السلطنة العثمانية المتهالكة خلال الحرب العالمية الاولى. 

والمستهّجن والملفت للنظر، ان المؤرخين العرب لم يدوّنوا هذا الحدث التاريخي المتمثل  برفع العلم العربي، وإنزال العلم التركي لان، النفاق، والدجل، والتدليس، التاريخي المدسوس عند مؤرخي العرب، يحول دون ذلك. 
 وبالرغم من وفرة الأعياد عند العرب، الرسمية، والدينية منها،  لم  يحدّدوا يوما ً للاحتفال برفع العلم العربي، الذي قضى في رمزيته، على الحكم العثماني البغيض، أسوة بالبلاد التي تحترم علمها. 

وإذا ألقينا نظرة على الحكّام، والمتصرفين، الذين عينّهم الباب العالي لفرض سيطرتهم على البلاد العربية، نرى بعضهم أتراك، والبعض الاخر من البلاد التي احتّلوها في أوروبا، مثل ألبانيا، وأحيانا ً من أرمينيا، ولم تدفعهم شهامتهم، ان يقوموا بتعيين متصرف او حاكم عربي، مسلم، او مسيحي على اي بلد أوروبي، احتّلوه ومن ثم حكموه، وذلك لترسيخ سياستهم في تهميش، وإحتقار المسلم العربي. 
كانت لديهم سياسة، ضرب زعماء العشائر العربية، بعضهم ببعض، وقد ابتدّعوا طرقا ً، في لبنان، وسورية، قي تقوية شيخ، او أمير، على اخر، فدّب الهِزال والهوان، في البنيتين اللبنانية، والسورية، من اجل ان يسود الظلم العثماني لفترات أطول. 

اما في علاقاتهم مع المسيحيين، العرب، لم يأت ِ التاريخ على ذكر أمور مُستهجنة في حقهّم، كما كان التعامل مع المسلمين العرب، الذين أمعنوا في أذلالهم، وكبت انفاسهم، وقد ذُكِر ان المسيحيين العرب، لاقوا العذاب، والاستبداد من ابراهيم باشا المصري، الذي تعود أصوله وجذوره الى، العرق التركي، وقد يكونوا بذلك تبادلوا، وتقاسموا  الأدوار في فرض سيطرتهم المبنية على إذلال العرب. 

اما اليهود العرب، لم يقع نظري على مستند، يُبرز او يفيد ان عملاء، وحكّام الامبراطورية العثمانية، المنتشرين في أصقاع البلاد العربية،  قد استعمّلوا  أساليبا ً تحقيرية تجاه اليهود،  كتلك المستعملة تجاه العرب المسلمين والمسيحيين، ومَرّد ذلك سيأتي بحثه لاحقا ً.

وقد ذكر المؤرخين العرب المنافقين، ان الإمبرطورية العثمانية شقّت الطرق، ومدّت سكك الحديد، وضربت العملة، وقونّنت الأحكام، واشادت دورا ً للحكم ( سرايا ) وغير ذلك من تفخيم في غير محله. 
كانت نوايا الامبراطورية العثمانية، لا تصب في خانة، مصلحة العرب، لان قوانين الأحوال الشخصية كانت معروفة ومطبقة، وفقا ً للشريعتين الاسلامية والمسيحية، قبل الحكم العثماني بقرون عديدة، والقونّنة كان هدفها فرض مذهب واحد، وهو المذهب السني بالنسبة للمسلمين، نظرا ً لتعدّد المذاهب.
أمٌا في مسالة، مدّ سكة الحديد المعروفة، بسكة حديد الحجاز والتي كان لها مقر في ساحة البرج ( بيروت ) وفي دمشق، والتي عاث المؤرخون المنافقون، العرب  في تعظيم شأنها، والإعلاء من قدرها، لم يكن هدفها زيادة العمران في طول البلاد العربية، لانه تبيّن  من الأوراق السرية والوثائق المعتمدة، ان الباب العالي في بداية  القرن الثامن عشر، لاحظ تنامي نشاط  الحركات التحرّرية في البلاد العربية، بعد ان تأثر الجو العربي المقاوم، والثائر، بأفكار الثورّة الفرنسية، وبمعتقدات الثورّة الأميركية، وقد لاحظنا ان بعض المفكرّين العرب المسلمين، وخاصة، وبصورة أقوى  المسيحيين، استلهموا هذه المبادئ وجاهروا بها إبان البطش العثماني. وحتى يفّوتوا الفرص التحررّية وامتدادها، أشار المهندسون الأتراك على الباب العالي،  وهم من عليّة القوم بالعلم، والإدراك، والمعرفة ان يستعمل ذات الأسلوب الذي اعتمده الرئيس الأميركي آبراهام لينكولن، في القضاء على تمرّد الولايات الجنوبية، بأن ينشر سكك الحديد في طول الولايات الشمالية وعرضها. وقد برهنت هذه الاستراتيجية في المواصلات، تأثيرها في الحرب الأهلية وساعدت الحكومة الفدرالية بالقضاء على التمّرد لتوفر عاملي،  السرعة في التموين، ونقل الجنود. 
وقد أخذ الباب العالي بهذه النصيحة، وباتّت سكة حديد الحجاز، في اول عهدها، بتصرف الجيش العثماني لنقل الجند والعتاد لقمع التمرد والحركات. 

في العلاقة بين الامبراطورية العثمانية واليهود. 
وقد بدأت هذه العلاقة بين الأتراك واليهود، بعد فتح القسطنطينية بالعام ١٤٥٣ وقد تبين من كتب التاريخ للشعب اليهودي، انهم كانوا موجودين في  الأناضول منذ القرن الرابع قبل الميلاد، واستمر وجودهم حتى في ظل الإمبراطورية العثمانية، وقد صدرّت عدة فرمانات من السلاطين، من اجل حمايتهم، وعدم المسّ بمصالحهم وأرزاقهم. 

وايضاً تعود هذه العلاقة، الى يوم سقوط الأندلس، على يد أمراء ورجال الكنيسة الإسبان، حيث استقبلت الامبراطورية العثمانية، اليهود الذي جرى تهجيرهم من الأندلس، بالعام ١٤٩٢ وكان في جعبتهم  أفكار وفلسفات العرب المسلمين الذين رافقوهم في رحاب العلم الواسع الغني، ومن سخريات او حظوظ القدّر ان بعض الكتب الفلسفية التي ألفّها  المسلمون العرب، بقيت في حوزة اليهود، والباقي تّم حرقه او أتلافه، كما يذكر التاريخ، محنة التكفير التي اجتاحت الأندلس في يوم مظلم من ليالي التاريخ المضيئ.  
وقد ذكر التاريخ، بالتفصيل الدقيق هذه الهجرات اليهودية الى رحاب الامبراطورية العثمانية. 
-/ من اسبانيا.  بالعام ١٤٩٢ 
-/ من البرتغال.  بالعام ١٤٩٧ 
-/ من سيسيليا.     بالعام ١٤٩٨ 

وقد أوصى السلطان بايزيد الثاني، موظفيه وحكّامه بتسهيل واستقبال اليهود، ومساعدتهم بشكل جيد، وقد اصدر فرمانا ً لأمراء الولايات قائلا  فيه :
لا تعيدوا يهود اسبانيا، وإستقبلوهم بترحاب كبير، ومن يفعل عكس ذلك ويعامل هؤلاء المهاجرين معاملة سيئة، او يتسبّب لهم باي ضرر، سيكون عقابه الموت. 
وقد ذكرت كتب التاريخ، ان المهاجرين اليهود جرى نقلهم بالسفن الحربية العثمانية، وتم تسكينهم في اسطنبول، وأدرنة، وسيلانبك، وأزمير وغيرها من المدن. 
وبهذه الطريقة وجد اليهود الاستقرار، والأمان في ظل الامبراطورية العثمانية، بعيدا ً عن الملاحقات الدينية. 
وفي شهر شباط من العام ١٥٥٦م، وبعد ان أحرق بابا روما بولس الرابع ٢٥ يهوديا ً مُعمّدين  قسرا ً، وجّه السلطان، رسالة الى البابا طلب منه تحرير المساجين اليهود بشكل فوري، وقد خضع البابا لرغبة السلطان وطلبه. 

سكن اليهود في الطرق التجارية للإمبراطورية ( اسطنبول ، سالونيك ، ايزمير  وغيرها من المفاصل التجارية )
وقد برع اليهود، في القطاع المصرفي، وفي العمل على الأحجار الكريمة، وصياغة الذهب، والفضة، وإمتهان الطّب، والترجمة، والطباعة، وما زالت هذه المهن والحرف بيدهم. 
كما تعود هذه العلاقة، الي ايام السلطان العثماني  محمد الثاني ، في القرن الخامس عشر، عندما استقبلت اسطنبول اليهود المهجّرين من اليونان، وتم توزيعهم على دمشق والقدس، والقاهرة. 
كذلك في القرن الخامس عشر، وصلت مجموعة من الاشكيناز بعد ان طُردوا من الدول الجرمانية، وقد وزعهّم  الباب العالي وفق طريقته في استقدام اليهود، وزرعهم وتوزيعهم في البلاد العربية. 
وقد ذكر الدبلوماسي الاسرائيلي أبا إيبان، انه بعد فتح القدس على يد السلطان سليم الاول، وإرساء قواعد هذا الفتح في عهد السلطان سليمان القانوني، عرف الشعب اليهودي في فلسطين معنى الحياة الانسانية والمساواة، وذاق طعم الأمن والطمأنينة، ولهذا السبب ما زال المؤرخين اليهود، يعترفون بالجميل للسلطان سليمان القانوني، حتى انهم يشبهّونه بالنبي سليمان. 

يتضّح من أعلاه، عمق العلاقة ما بين اليهود والإمبراطورية العثمانية. 

وأخيرا ً ما بين التقليد، والحداثة اعتبرت الحاخامية الكبرى اليهودية المؤسسة، التركية الأبرز، والتي احاط بها مجلسا ً علمانيا ً، حيث قام رئيس حاخامات اسطنبول بتأليف لجنة من اجل تقديم مشروع، للحكومة التركية بالعام ١٩٦٥ يتضمن نصوص دستور الحاخامية المؤلف من ٤٨ مادة في خمسة فصول، وما زال معمولا ً به لغاية تاريخه. 
أخيرا ً ...
ومن مساوئ هذا الزمن الرديئ، ان تقع البلاد العربية المتخاصمة، ما بين فكي كماشة، من الشرق ايران، التي تحلم بأمجاد الامبراطورية الفارسية البائدة، ومن الغرب تركيا، التي تحلم ايضا ً بأمجاد الامبراطورية العثمانية البائدة. 
والملفت للنظر، ان المؤرخين، المسلمين العرب سطّروا في كتّبهم الاكاذيب والاضاليل، بالنسبة لهاتين الإمبراطوريتين، بسبب دافع ديني فقط. 
واليوم، يسير على دروبهم في النفاق، بعض الحكّام العرب، الذين ما زالوا يتوسلون الذَّل، والهوان من ايران، وتركيا، في حروبهم المُذِّلة، والمشرذّمة لشعوبهم، والتي سجّلها التاريخ المعاصر، انها اكبر، وأطول، وأظلم هجرة، وتهجير يشهدها العالم اليوم.  

 

أعداد
فيصل المصري 
اورلاندو / فلوريدا 
تشرين الثاني  ٢٠١٥
صليما / لبنان
٢٩ حزيران ٢٠١٦








 

 

تسونامي، بريطاني ... ومن ثُم أميركي.

تسونامي ...
الانسحاب من الاتحاد الاوروبي.
سيلحقه تسونامي ترامب، باميركا.  
سِمَّة القرن   ٢١  القوقعة  !!! 
أما العرب ... وما أدراك. 



من الثوابت التاريخية الصحيحة، ان الهجرة للعالم الجديد بعد كولومبس، بدأت من اجل جني الذهب، وانتهت للهرب من ظلم الحكم في أوروبا، والقهر الكنسي المتمادي من رجال الدين المسيحي. 

حتى نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، كانت الرغبة لدى سكان العالم الجديد التقوقع في تلك الاصقاع وعدم التدخل في شؤون أوروبا والعالم، إلا اذا  ( إفتعلوا ) لهم  عمداً تحديا ً صارخا ً او إستفزازا ً او إهانة،  مُحرجة، كتلك في بيرل هاربور، او في برجي نيويورك، حتى تتحرّك الغريزة، ويدخلون الحروب المدمّرة ...  

والشواهد على ذلك كثيرة، أخرها مجزرة أُورلاندو. 

من الثوابت التي بدأت تظهر على سطح الأحداث، في كل من اميركا وبريطانيا، ان نبض الشارع مغاير تماما ً لمن يتوّلى السلطة، اي ان الشعب بدأ يتململ، ويتكلم، وينتقد الحكّام، دون خوف او وجّل.  

اول الغيث، السقوط المدوّي لرئيس الحكومة في بريطانيا دافيد كاميرون، بالرغم من الدعم المعنوي الذي تلقاه من الرئيس أوباما، والمرشحة للرئاسة هيلاري كلينتون.

والذي سيرث كاميرون ،،، بوريس جونسون شبيه دونالد ترامب، أقلّه بالشكل. 

جونسون كان عُمدة لندن، وقد خلفه عمدة جديد اصوله إسلامية باكستانية. 

وقد سبق وكتبت في احدى مدوناتي عن السبب الذي أوصل هذا الباكستاني المسلم، لهذا المنصب، الرفيع والرفيع جدا ً في بلد يحتضن اهم سلالة مسيحية،  ملكية في العالم، وما تعني ذلك من أعراف، تعود الى مئات السنين.  

من الثوابت التاريخية الصحيحة ايضا  ان المِحّن والحروب التي ضربت بنيان الدين الاسلامي، والمسلمين العرب، لم تكن من الأديان السماوية الاخرى فقط،،،، بقدر ما كانت من مسلمي، الأمصار او مسلموا الأطراف من غير العرب. 
 
وكعادة المؤرخين العرب، في الكذب والتدجيل لم يأتوا على ذكر الأفات والأضرار التي كان يقوم بها مسلموا الأطراف، في جسم الاسلام العربي،  بل تجرأ القلّة منهم عن الإفصاح سرا ً عن الاساءات التي قام بها هؤلاء، بحق الاسلام العربي، خاصة ما فعله بني عثمان، والفرس، ويليهم في ذلك ايضا ً أهل  خراسان وجوارها مِن ملّل وعلّل. 

أما المستشرقون، فقد أبلوا بلاء ً حسنا  في تعداد النكسات  والضربات التي إفتعلها هؤلاء في بنيان الاسلام العربي. 

ولاني تعلمت من التاريخ دروسا ً... لا ارى في عمدة لندن المسلم الجديد خلاف ما فعله مسلموا الأمصار والاطراف بالماضي، وما يفعله مسلموا الأمصار والاطراف حاليا ً في سوريا والعراق، بحق المسلم العربي.  

وإذا، قمت بإحصاء منتسبي داعش ومن هم في عِداد حشودهم ترى جنسياتهم من مسلمي الأطراف والقلة القليلة من المسلمين العرب.  

والعرب المسلمون، كعادتهم لا  يقرأون ولا يتجرأون، وتجتاح تفكيرهم حثالة الاعلام الغربي لانها سهلة الوصول الى عقولهم المتحجّرة ، خاصة ما يجري اليوم في السباق الى البيت الأبيض، وما يدور في سوريا والعراق، وأهون الإتهامات عن ما يجري اليوم ان يرموا المسؤولية كلها، على الغرب، أما ان يقولوا ان علة العلل هي من مسلمي الأمصار،، هو كلام يصّب  ويسيئ في الاسلام  كدين سماوي، وبالتالي مرفوض بالرغم من هول الويلات والخراب والدمار والبدِّع في صلب العقيدة، والتخريب في الإيمان الصحيح.   

 
هناك نبض في الشارع الاوروبي والاميركي، كانت بداية خيراته ما حصل في إستفتاء بريطانيا. 

هذا النبض هو إستعادة بلادهم من قبضة ملوك وأُمراء المال اولا ً، ومن ثم التقوقع. 

اما في بلاد العرب الاسلامية، التقوقع سيكون في كهوف ما قبل التاريخ، ويبقى السؤال .. هل بلاد المسلمين في الأمصار..  سيكون ...  مماثلا ؟ الجواب هو بالنفي، لأنهم ينقلون جهلهم ويرسلونه الى بلاد العرب للفساد والإفساد الديني، حتى يبقوا بمنأى .... كما فعلوا بالماضي وما زالوا يفعلون، وما دور تركيا وإيران اليوم في الحرب العربية الدائرة، الا خير دليل. 

عناوين عريضة، سنشهد فصولها في قادم الأيام، وإن تعمّدت الإيجاز في عرضها، لان اللبيب من الإشارة يفهم. 

في حلب. يحاول طرفي النزاع طَي صفحة الحرب المدمرة في عاصمة سيف الدولة، وأبي فراس الحمداني ونبي الشعراء إبو الطَّيِّب، وكما يقول المثل :
نيّة الجمّل ... 
تُغاير نيّة ألجمّال. 
اي نية اميركا وروسيا، معا ً ... تختلف عن نية النظام في موضوع حلب بالذات، والتاريخ القريب سيشهد. 

فيصل المصري

صليما / لبنان
٢٨ / حزيران ٢٠١٦


السبت، 25 يونيو 2016

قصة، لمبة ...

قصة لمبة ...
أمام منزلي، في لبنان. 

لا أتعجّب في لبنان، ان لا تُحَّل ابسط الأمور الصغيرة ....
 لأن الناس على دين ملوكها. 

من القواعد الذهبية في هذا البلد، انك بحاجة الى لجنة دولّية حتى تعرف الحقيقة، لأن الكذب مُتفشي كالسرطان، على أعلى المستويات. 

إليكم قصة لمبة البلدية،  امام منزلي :

هذه اللمبة، إذا كانت مُضاءة .. بالنهار .. تُعلمني ان كهرباء المولّد الخاص، تمُدّني بالطاقة ويتوجّب عليي بالتالي الاقتصاد في إستعمالها، لان كهرباء الدولة مقطوعة.
والعكس صحيح.  

في السنة الماضية كانت هذه اللمبة تعمل بإنتظام، أما هذه السنة ماتت ولم يجر ِ دفنها، او حتى تبديلها.  
 

منذ قدومي الى لبنان، منذ أكثر من شهر وأنا أُعاني، وأتوسّل، وأستجدي
مسؤولي البلدية، والمولّد الخاص ان يقوموا بإستبدالها. 

هذا، يقول من صلاحية ذاك. 
وذاك، يقول من صلاحية هذا. 

لم أصّل الى نتيجة، لغاية تاريخه. 

في السنة الماضية، وقعت في مأزق كهربائي لان الطاقة التي تصلني أقل بكثير من المتفق عليه، وقد تمكنت أن أحل المشكلة بتخيير صاحب المولد الخاص  :

التوسّط مع دولة رئيس الحكومة ..
او مهاتفة صاحب ..المعالي وزير الطاقة ...
 او الذهاب الى عوكر من اجل إقناع سفير الولايات المتحدة ... للتوسط. 

وقد حُلَّت المعضلة الشائكة، بالسنة الماضية. 

وحتى أكون بمأمن هذه السنة ...
ولا أستعجل الأمور ...
 قد يكون أمر تغيير هذه اللمبة، مرتبط إرتباطا ً وثيقا ً ... بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، لانها...  من الأمور العويصة، والعويصة جدا ً ... تُعادل مآساة الربيع العربي، والآلام الشعب اللبناني، الذي يحيا من دون واسطة. 
 
فالانتظار، سبيلي. 
وحسبي الله ...
وهو نِعْم الوكيل ....

الفقير للواسطة اللبنانية. 
فيصل المصري. 
صليما / لبنان. 
أواخر حزيران ٢٠١٦

الجمعة، 24 يونيو 2016

الفصل الأخير، من قصة كراون دايسي .. وكريستل.

الفصل الأخير من كراون دايسي، وكريسْتِّل ....

خواطر

 كراون دايسي، وكريسْتِّل ،
الفصل الثاني والعشرون، والأخير .... 




كانت إدارة جامعة السوربون، قد حضّرت له برنامجا ً كاملا، متكاملا ً لمدة ثلاثة ايام، تسبق مناقشة أُطروحة كريسْتِّل. 
 كان يرافقه في هذه الأنشطة، الصديق الجديد المُستجّد، عميد كلية العلوم الانسانية، حيث نشأت بينهما علاقة متينة، وقد اظهر له كل الاحترام، لمّا عرف ان اصوله، وجذوره، لبنانية. 
وفي احد اللقاءات، تساءل عميد الكلية وقال، انه امر ٌ عجيب، وغريب ٌ.... أيها اللبنانيون، في بلاد الاغتراب تتسلقون سلالم المجد، والشهرة، والصيت الحسن، اما في الوطن، فانكم تتّخبطون، وترجعون الى كهوف التاريخ المهجورة،
واسترسل بالحديث، وقال له :
هل تعلم ان الطالبة كريسْتِّل  .....، لديها جذور لبنانية، مثلك ؟
قال له، وكيف ؟
اجابه، ان والدتها لبنانية، 
وقد تزوجت من أستاذها جاك .....، 
وأنجبت منه كريسْتِّل.  
سأله، 
ما اسمها، واسم عائلتها. 
قال له، ان إسمها، الحالي ايضا ً كريسْتِّل، لانه عندما تزوجّت قامت بتغيير إسمها من نضال، الى كريسْتِّل . 
لم يتمالك نفسه، وبدأ يشعر بصداع شديد، وألم حاد في أنحاء جسمه، وطلب ان يستريح، ولمّا إسترجع أدراكه، طلب من العميد، ان يُكمل حديثه.   
قال له العميد، اوّد ان أبلغك ايضا ً، ان الدكتورة كريسْتِّل  طلبت مني ان ادعوك، الى حفل عشاء في دارتها، عشية يوم مناقشة الاطروحة. 
قال له بغضب ظاهر، عجيب امركم أنتم في فرنسا، تُخلطون الصداقة مع العمل، كيف تطلق عليها لقب دكتورة، وهي لم تُناقش أطروحتها بعد. 
ضحك العميد، ضحكة فرنسية عالية، صدحت بإرجاء أروقة الجامعة. 
انها الدكتورة كريسْتِّل ، والدتها، هي التي ستقيم هذا الحفل، وقد دعَّت اليه  نُخبة من رجال القانون، كالمحامين، والقضاة، وزملاء زوجها من اساتذة السوربون، لانها قررت التوقف عن المرافعات القانونية، امام المحاكم الدولية، والوطنية، والتفرغ كلية ً للتأليف والكتابة، والانخراط بالهيئات الدولية للإغاثة، بعد ان شاهدت الخراب، والدمار، والقتل، والتهجير، والسبي في بلاد العرب.
وقع هذا الخبر عليه كالصاعقة، لانه منذ ثلاثة ايام، بعد ان استلم هذه الهدية :
وهو يُسارع، في ان يلتقي بها،
وهو يُصارع، في عواطفه، وأشجانه،
نظر الى العميد وقال له، يبدو انك صديقها، اجابه أني صديق، ورفيق زوجها، الذي توفي منذ عشر سنوات، وزوجتي محامية، تعمل في مكتبها. 
قال له، منذ شهر دعتنا الى لبنان، انا وزوجتي وابنتها كريسْتِّل، لحضور حفل تسليم، منزل سائقها، الى جمعية مدنية تُعنى بالزهور البرية، لان لديها شغف خاص بزهرة لبنانية برية اسمها، كراون دايسي. 
سأله، ما علاقة سائقها، بها حتى تهّب منزله الى هذه الجمعية. 
أجابه، حسب ما أخبرتني زوجتي، ان سائقها لما عجز، طلب ان يعود الى وطنه، ولم يكن له من مُعيل، قامت واشترت له أرضا ً واقامت عليها، منزلا ً صغيرا ً من حسابها الخاص، وبقيت تُعيله، حتى مماته، وإستمرت في طقس ٍ إعتادت عليه، وهو زيارة قبره، كل سنه في تلك القرية النائية. 
سأله، 
ما اسم هذه القرية ؟
قال، له سأعود الى جهاز الخليوي، لأَنِّي لا اتذّكر الاسم، ولكني قُمْت  بتصوير لافته على مدخل القرية، تظهر فيها اسم القرية، وعلوّها عن سطح البحر. 
كانت الضربة القاضية، التي هزّت كيانه :
انها، قريته، 
انها، قرية الآباء والاجداد. 
وتابع العميد، وكله شغف بتقليب صور هاتفه، 
ويقول :
أُنظُّر، أُنظُّر ... كيف زرعت حديقة منزل سائقها كلها، بزهرة كراون دايسي، وكيف طلبت من الجمعية، ان تهتم بالأزهار البرية، خاصة كراون دايسي، وأنها تزوّد الجمعية، وتدعمها بالاموال، منها ومن تبرعات  أصحابها. 
قال له، انها امرأة رائعة، 
وصلت الى اعلى مراتب الشهرة، وكانت وما زالت تُعتبر من اهم محامي المحاكم الدولية، ليس في فرنسا فحسب، بل في العالم. 
ولكن كان ينقصها شيئ واحد، كما تقول ابنتها. 
اجابه ما هو الشيئ الواحد ؟
اجابه،
وصلة واحدة، 
من شعار إتخذته طيلة حياتها،
وصل، ما إنقطع،
ولن ينقطع .....
توقفت انفاسه، وفاق من غيبوبة، دامت ٤٠ سنة. 
عندما ،،، سأله، هل قبلت الدعوة ؟
 بعد مناقشة الاطروحة، أمر عليك بالفندق، مع زوجتي.

دخل الى غرفته في الفندق، وهو مهمومٌ، حزينٌ، مقهورٌ،
وسأل نفسه، 
هل، وجود كريستل في حياته، بعد أربعين عاما ً ... 
هو، نعمة ٌ ...
أم 
هو، نقمة ٌ ...
وبينما هو في صراعٍ، متمادٍ، متهاوٍ ...
وإذ بصوت الهاتف، يقضُّ، كيانه. 
كان الصوت المقابل إمرأة، أجابها فورا ً .... كريسْتِّل ؟
أجابت، نعم، 
مستر واو ...
لم تتمالك نفسها، وعادت الى سجيّتها، والى سابق عهدها، في سيل جارف من الأسئلة : مثل،
أين، وكيف، وماذا، وإذا، ووووووو
أجابها، كما كان يُجيب في الماضي. 
أي سؤال، أُجيبك ؟؟؟
بكّت كريستل،
وبكى هو،
قال لها، اراك غدا ً الساعة الثالثة،
أجابت، لن تراني، 
لأَنِّي ما زلت أتذّكر لما، دخلت قاعة المحاضرات، في الجامعة، منذ اكثر من أربعين عاما ً، وكنت مُتخّفيا ًعني، وانا قلِقة عليك، وبقيت طيلة المحاضرة، أشيح بنظري، يُمنة ً ويُسرة ً، وخلفي، وأمامي، ابحث عنك، ولمّا ألتقينا قلت لي لا تسأليني عن المحاضرة، بل إسأليني كم مرة نظرت الى الخلف، وكم مرة وقع قلمك.... 
انا اليوم، سأستعيد ثأري. 
تغير الجو، من البكاء، الى الضحك،
قال، أين ستجلسين إذن ؟؟
قالت له، عليك بالبحث. 
قالت له، هل وصلتك دعوتي ؟
أجابها، نعم
وان صديقك اخبرني، كل شيئ ،،،
وعادت تسأله، 
هل أخبرك هذا، ذاك، تلك، 
أجابها، نعم 
ولكنه لم يخبرني بأمر واحد. 
قالت، ما هو ؟
قال :
هل ما زلت تُحبيني ؟
إجابته، طبعا ً، أكيد، ومؤكد، ونعم، وأكثر، وأقوى، 
سألها :
هل وجدت، وصلة، 
وصل ... 
ما إنقطع ،،، 
ولن ينقطع. 
نعم، وجدتها ،،، 
معك. 
وسألها، 
وبقي يسألها، 
وتسأله
الى ان قال لها،
هل الاسطورة، أصبحت قصة حقيقية ؟
قالت، نعم. 
إذن، كيف ستبدأ الان، القصة الحقيقية ؟
بيني، وبينك ؟
قالت، له ،،،
لا ادري، 
لا ادري
لا ادري

انتهت،
 قصة، كروان دايسي، وكريستل.  
وبدأت،
قصة، لا ادري، لا ادري. 



 قصة، من قصص :
كراون دايسي، وكريسْتِّل .


أعداد 
فيصل المصري. 
اورلاندو / فلوريدا
٦ شباط ٢٠١٦
  
   
 

الفصل الأخير من قصة كراون دايسي، وكريستل.

الفصل الأخير من كراون دايسي، وكريسْتِّل ....

خواطر

 كراون دايسي، وكريسْتِّل ،
الفصل الثاني والعشرون، والأخير .... 




كانت إدارة جامعة السوربون، قد حضّرت له برنامجا ً كاملا، متكاملا ً لمدة ثلاثة ايام، تسبق مناقشة أُطروحة كريسْتِّل. 
 كان يرافقه في هذه الأنشطة، الصديق الجديد المُستجّد، عميد كلية العلوم الانسانية، حيث نشأت بينهما علاقة متينة، وقد اظهر له كل الاحترام، لمّا عرف ان اصوله، وجذوره، لبنانية. 
وفي احد اللقاءات، تساءل عميد الكلية وقال، انه امر ٌ عجيب، وغريب ٌ.... أيها اللبنانيون، في بلاد الاغتراب تتسلقون سلالم المجد، والشهرة، والصيت الحسن، اما في الوطن، فانكم تتّخبطون، وترجعون الى كهوف التاريخ المهجورة،
واسترسل بالحديث، وقال له :
هل تعلم ان الطالبة كريسْتِّل  .....، لديها جذور لبنانية، مثلك ؟
قال له، وكيف ؟
اجابه، ان والدتها لبنانية، 
وقد تزوجت من أستاذها جاك .....، 
وأنجبت منه كريسْتِّل.  
سأله، 
ما اسمها، واسم عائلتها. 
قال له، ان إسمها، الحالي ايضا ً كريسْتِّل، لانه عندما تزوجّت قامت بتغيير إسمها من نضال، الى كريسْتِّل . 
لم يتمالك نفسه، وبدأ يشعر بصداع شديد، وألم حاد في أنحاء جسمه، وطلب ان يستريح، ولمّا إسترجع أدراكه، طلب من العميد، ان يُكمل حديثه.   
قال له العميد، اوّد ان أبلغك ايضا ً، ان الدكتورة كريسْتِّل  طلبت مني ان ادعوك، الى حفل عشاء في دارتها، عشية يوم مناقشة الاطروحة. 
قال له بغضب ظاهر، عجيب امركم أنتم في فرنسا، تُخلطون الصداقة مع العمل، كيف تطلق عليها لقب دكتورة، وهي لم تُناقش أطروحتها بعد. 
ضحك العميد، ضحكة فرنسية عالية، صدحت بإرجاء أروقة الجامعة. 
انها الدكتورة كريسْتِّل ، والدتها، هي التي ستقيم هذا الحفل، وقد دعَّت اليه  نُخبة من رجال القانون، كالمحامين، والقضاة، وزملاء زوجها من اساتذة السوربون، لانها قررت التوقف عن المرافعات القانونية، امام المحاكم الدولية، والوطنية، والتفرغ كلية ً للتأليف والكتابة، والانخراط بالهيئات الدولية للإغاثة، بعد ان شاهدت الخراب، والدمار، والقتل، والتهجير، والسبي في بلاد العرب.
وقع هذا الخبر عليه كالصاعقة، لانه منذ ثلاثة ايام، بعد ان استلم هذه الهدية :
وهو يُسارع، في ان يلتقي بها،
وهو يُصارع، في عواطفه، وأشجانه،
نظر الى العميد وقال له، يبدو انك صديقها، اجابه أني صديق، ورفيق زوجها، الذي توفي منذ عشر سنوات، وزوجتي محامية، تعمل في مكتبها. 
قال له، منذ شهر دعتنا الى لبنان، انا وزوجتي وابنتها كريسْتِّل، لحضور حفل تسليم، منزل سائقها، الى جمعية مدنية تُعنى بالزهور البرية، لان لديها شغف خاص بزهرة لبنانية برية اسمها، كراون دايسي. 
سأله، ما علاقة سائقها، بها حتى تهّب منزله الى هذه الجمعية. 
أجابه، حسب ما أخبرتني زوجتي، ان سائقها لما عجز، طلب ان يعود الى وطنه، ولم يكن له من مُعيل، قامت واشترت له أرضا ً واقامت عليها، منزلا ً صغيرا ً من حسابها الخاص، وبقيت تُعيله، حتى مماته، وإستمرت في طقس ٍ إعتادت عليه، وهو زيارة قبره، كل سنه في تلك القرية النائية. 
سأله، 
ما اسم هذه القرية ؟
قال، له سأعود الى جهاز الخليوي، لأَنِّي لا اتذّكر الاسم، ولكني قُمْت  بتصوير لافته على مدخل القرية، تظهر فيها اسم القرية، وعلوّها عن سطح البحر. 
كانت الضربة القاضية، التي هزّت كيانه :
انها، قريته، 
انها، قرية الآباء والاجداد. 
وتابع العميد، وكله شغف بتقليب صور هاتفه، 
ويقول :
أُنظُّر، أُنظُّر ... كيف زرعت حديقة منزل سائقها كلها، بزهرة كراون دايسي، وكيف طلبت من الجمعية، ان تهتم بالأزهار البرية، خاصة كراون دايسي، وأنها تزوّد الجمعية، وتدعمها بالاموال، منها ومن تبرعات  أصحابها. 
قال له، انها امرأة رائعة، 
وصلت الى اعلى مراتب الشهرة، وكانت وما زالت تُعتبر من اهم محامي المحاكم الدولية، ليس في فرنسا فحسب، بل في العالم. 
ولكن كان ينقصها شيئ واحد، كما تقول ابنتها. 
اجابه ما هو الشيئ الواحد ؟
اجابه،
وصلة واحدة، 
من شعار إتخذته طيلة حياتها،
وصل، ما إنقطع،
ولن ينقطع .....
توقفت انفاسه، وفاق من غيبوبة، دامت ٤٠ سنة. 
عندما ،،، سأله، هل قبلت الدعوة ؟
 بعد مناقشة الاطروحة، أمر عليك بالفندق، مع زوجتي.

دخل الى غرفته في الفندق، وهو مهمومٌ، حزينٌ، مقهورٌ،
وسأل نفسه، 
هل، وجود كريستل في حياته، بعد أربعين عاما ً ... 
هو، نعمة ٌ ...
أم 
هو، نقمة ٌ ...
وبينما هو في صراعٍ، متمادٍ، متهاوٍ ...
وإذ بصوت الهاتف، يقضُّ، كيانه. 
كان الصوت المقابل إمرأة، أجابها فورا ً .... كريسْتِّل ؟
أجابت، نعم، 
مستر واو ...
لم تتمالك نفسها، وعادت الى سجيّتها، والى سابق عهدها، في سيل جارف من الأسئلة : مثل،
أين، وكيف، وماذا، وإذا، ووووووو
أجابها، كما كان يُجيب في الماضي. 
أي سؤال، أُجيبك ؟؟؟
بكّت كريستل،
وبكى هو،
قال لها، اراك غدا ً الساعة الثالثة،
أجابت، لن تراني، 
لأَنِّي ما زلت أتذّكر لما، دخلت قاعة المحاضرات، في الجامعة، منذ اكثر من أربعين عاما ً، وكنت مُتخّفيا ًعني، وانا قلِقة عليك، وبقيت طيلة المحاضرة، أشيح بنظري، يُمنة ً ويُسرة ً، وخلفي، وأمامي، ابحث عنك، ولمّا ألتقينا قلت لي لا تسأليني عن المحاضرة، بل إسأليني كم مرة نظرت الى الخلف، وكم مرة وقع قلمك.... 
انا اليوم، سأستعيد ثأري. 
تغير الجو، من البكاء، الى الضحك،
قال، أين ستجلسين إذن ؟؟
قالت له، عليك بالبحث. 
قالت له، هل وصلتك دعوتي ؟
أجابها، نعم
وان صديقك اخبرني، كل شيئ ،،،
وعادت تسأله، 
هل أخبرك هذا، ذاك، تلك، 
أجابها، نعم 
ولكنه لم يخبرني بأمر واحد. 
قالت، ما هو ؟
قال :
هل ما زلت تُحبيني ؟
إجابته، طبعا ً، أكيد، ومؤكد، ونعم، وأكثر، وأقوى، 
سألها :
هل وجدت، وصلة، 
وصل ... 
ما إنقطع ،،، 
ولن ينقطع. 
نعم، وجدتها ،،، 
معك. 
وسألها، 
وبقي يسألها، 
وتسأله
الى ان قال لها،
هل الاسطورة، أصبحت قصة حقيقية ؟
قالت، نعم. 
إذن، كيف ستبدأ الان، القصة الحقيقية ؟
بيني، وبينك ؟
قالت، له ،،،
لا ادري، 
لا ادري
لا ادري

انتهت،
 قصة، كروان دايسي، وكريستل.  
وبدأت،
قصة، لا ادري، لا ادري. 



 قصة، من قصص :
كراون دايسي، وكريسْتِّل .


أعداد 
فيصل المصري. 
اورلاندو / فلوريدا
٦ شباط ٢٠١٦
  
   
 

قصة، كراون دايسي .. وكريستل ٢١

كراون دايسي، وكريسْتِّل .... الفصل الواحد والعشرون ...

خواطر

قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل . 
الجزء الثاني، 
الفصل الواحد والعشرون.

المواجهة ....

بدأ التوتُّر يخيّم، في شهر تموز من العام ٢٠١٥ في المنزل الريفي في ضواحي باريس، حيث وصلت لتوّها كريسْتِّل ، ومعها رزمة بريد، تحتوي على ثلاثة كتُّب، كان عميد الكلية قد نصحها بالتمّعن في قرائتها، نظرا ً لان مؤلف هذه الكتّب، هو الاستاذ، القادم من أميركا لمناقشة أُطروحتها، في الاول من أيلول.  
دخلت كريسْتِّل  غرفتها، فتحت الرزمة، وهالها ان ترى احد الكتب بعنوان ....
قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل . 
وصورة الغلاف، لوحة زيتية، لنصف صورة وجه فتاة،  تُشبه والدتها، عندما كانت صبية، يافعة. 
والغلاف الاخر من الكتاب، باقة من زهور كراون دايسي على شكل قلب. 
اما الإصدار، 
كان في ٢٠ نيسان من العام الحالي ٢٠١٥
اما الإهداء، 
فهو موجه الى :
 يوم، ٢١ نيسان، حيث يتقابل الليل والنهار. 
لم تلّب ِ نداء والدتها للغداء، بقيت كريسْتِّل  تقرأ، وتقرأ، وتقرأ، وتفّك الألغاز، وتحِّل الشفرات، والرموز. 
بدأت دموع كريسْتِّل الابنة، تحجب عنها القراءة، وتنفّست الصعداء، لما حلّت :
 لغز، الزهور الذابلة، 
والزهور، بين صفحات الكتب، 
والمرآة، التي لا تفارق حقيبة والدتها، 
ورسم الزهرة داخل الإطار الذهبي. 
نظرت الى تاريخين، 
٢٠ و ٢١ 
تاريخ نشر الكتاب، 
وتاريخ، الإهداء. 
عرفت كل شيئ، ولكن غاب عنها لغة الأرقام التي تُجيدها والدتها، وتؤمن بها. 
دخلت والدتها غرفتها، وهي تستعجلها، العشاء بعد ان غابت عن طاولة الغداء. 
وقالت لها :
كريسْتِّل ، حبيبتي يكفيك هذا النهار من القرّاءة، 
لم تُجِب كريسْتِّل ، لان الدموع ما زالت تبلّل وسادتها، فتقدمت والدتها، ونزعت الكتاب من بين يديها، ورمته جانبا ً الا انها استدركت صورتها، على الغلاف، وتصفّحته بعجلة، ونظرت كريسْتِّل ، الى والدتها والدموع تنهمر، 
وقالت لها :
لا أسئلة عندي، 
زهرة كراون دايسي، عرفتها،
 ولكن، رقم ٢٠ ورقم ٢١، ماذا يعنيان. 
 والصورة الزيتية التي تُشبهك، من أين. 
اريد تفسيرا ً يا، أمي. 
إنهارت الام، على صدر ابنتها، واجهشت بالبكاء، 
وقالت لها، سأخبرك كل شيئ. 
دخلت الام الى غرفتها، وجلبت حقيبة يدها، وأخرجت منها المرآة، وكان بداخلها،
 صورة، نصفها موجود، وهي صورة المؤلف، 
والنصف الاخر، صورة غلاف الكتاب.
اما رقم ٢٠ دلالته، ان جدتك، كانت تصّر حتى أخر يوم في حياتها، انه يوم مولدي. 
اما الحقيقة في تذكرة الهوية، هو يوم ٢١. 
ماذا تريدين ان تعرفي اكثر. 
أجابت كريسْتِّل  والدتها، لا شيئ،  
ولكن أود ان أبلغك، ان رفيق الصبا، وحبيب عمرك الذي لم يفارق كيانك، هو الذي سيناقش أطروحتي. 
وقع الكلام كالصاعقة، على الام، 
صرخت كريسْتِّل  بأعلى صوتها، 
ساعدوني، ساعدوني،
هب ّٓ جدُّها، 
ما بك، ما بك،
نُقلت الدكتورة كريستل، الى المستشفى،
 كما نُقلت نضال منذ أربعين عاما ً ...
ولمّا فتحّت عينيها، قالت 
إبنتها، وهي العالمة القديرة :
اليوم يا أٌمي، أصبحت الاسطورة، قصة حقيقية. 
وفي المقلب الاخر من الكرَّة الارضيّة، كان حبيب كريسْتِّل  الذي قارب أواسط الستينات من عمره، يسأل نفسه، لماذا قبل ان يُسافر، فإنه آن الاوان ان يترّجل عن صهوة جواده، فقرر ان، لا  يسأل الطالبة الأسئلة التعجيزية، التي أعدّها، لا بل رمى معظمها في سلة المهملات، وقال في نفسه، يكفي ان هذه الطالبة، تحمل اسم بطلة روايتي الاخيرة، حتى تجتاز كل الحواجز. 
قرر، ان يعطيها درجة إمتياز، لان أطروحتها فيها نظريات سبق له ان نشرها في مقالات ومدوّنات. 
تقرر موعد سفره، قبل ٥ ايام من مناقشة الاطروحة.  
كان في استقباله، بمطار  أورلي عميد الكلية، ترافقه كريسْتِّل الابنة.
بعدها، انتقلوا الى جادة الشانزليزيه، 
فقال وهو يُكّلم نفسه، ويُكلمهما، لو تدرون، ان هذا الشارع كنت احلم به منذ ٤٠ عاما ً، وقد تحقّق حلمي، 
ووجه كلامه، قائلا ً ....
ألا تعتقدين مَس كريسْتِّل، هذه أسطورة ؟
أجابته كريسْتِّل ،
ألا تعتقد، انه يجب ان تكتمل، حتى تصبح قصة حقيقية ؟
نظر اليها، وقال :
معك حق، دكتوره، كريستل ...
يجب ان تكتمل، 
يجب ان تكتمل،
حتى تتحوَّل الى قصة حقيقية.  
فرح عميد الكلية، 
وتفاجئت كريسْتِّل،   
وقال لهما، 
يبدو ان مِس كريسْتِّل ، ستتحفّنا، يوم المناقشة. 
لما وصلوا الى الفندق، عرضت كريسْتِّل  على الضيف ان تدعوه الى السير في الشانزليزيه، فأجابها ... بكل سرور، مِس كريسْتِّل .  
سار مع كريسْتِّل،  والمساء لا يطّل بسبب الأنوار المنبعثة بإرجاء هذا الشارع العريض، فدعّته الى مقهى رصيفي. 
لاحظت، انه لا يناديها الا مِس كريسْتِّل . 
 
بعد ان ودعتّه، على باب الفندق، قالت له أرجو ان تقبل مني هذه الهدية المتواضعة. 
إبتسم وقال لها، لماذا ؟
قالت له :
ان لديك تعبيرا ً رائعا ً في روايتك، قصة كراون دايسي، وكريسْتِّل ،،،، اعجبني. 
سألها ما هو التعبير ؟
قالت له، 
..... وٓصْل ِ ... ما إنقطع. 
ولن ينقطع ...
تعّجب، وأخذته الدهشة. 
سلمتّه الهدية، وإنصرّفت. 
دخل غرفته، وفتح الهدية وانبهّر نظره، 
إذ الهدية، عبارة عن زهرة كراون دايسي،
 من صناعة كريستال شواروفسكي، الأبيض والأصفر،
مغطّى، برسم هذه الزهرة،
 ممهورا ً ،،، بتوقيعه 
وبتاريخ، الاول من أيلول -١٩٧٤
لم يقو على الكلام. 
لم ينم، 
وإنفجّر فجرا ً،،، هائما ً في شارع الشانزليزيه ....
يفّتش عن كريسْتِّل . 
وانه، فهم مُقدِمة الاطروحة. 
وانه، فهم وصل، ما إنقطع ... ولن ينقطع. 
وانه، فهم ... يجب ان تكتمل ....

قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل. 

فيصل المصري 
أُورلاندو / فلوريدا
٦ شباط ٢٠١٦ 
 



  


قصة، كراون دايسي .. وكريستل ٢٠

كراون دايسي، وكريسْتِّل ... الفصل العشرون ...

خواطر

قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل.
 الجزء الثاني، 
الفصل العشرون. 


اقبل ربيع العام ٢٠١٥ على كريسْتِّل، الام شبيها ً بالربيع الجاثم على أُمَّة بلاد العرب. 
في بلاد ما بين النهرين، جرّت الدماء أنهارا ً، وعلا عواء الكلاّب المسعّورة، وماتّت الضمائر ميتّة الجيّاف، وأشرأب التزمّت الديني، وغرز انيابه، وأظافره في عقول البشر، فدخلوا الكهوف نياما ًً .. نوما ً أبديا ً سرمديا ً
اما كريسْتِّل  الام، سواء كانت في باريس، او في موطّنها، الذي كان، لبنان، أقبلّت على الستين من عمرها، وهي تبدو رتيبة، حزينة، قلقّة، شاحبة، شاردة، لا يوقظها الا أمران :
 -/ مُناقشة أطروحة ابنتها كريسْتِّل  .....، الذي بات بعد عدة أشهر. 
 -/ وأسئلة ابنتها المتكرّرة، بصورة شبه يومية، عن زهرة كراون دايسي، وعلاقتها بها، كزخات المطر، في ليل عاصف ماطر، مُكفهّر.  
كريسْتِّل  الام، تألقت في، فرنسا، وفي بلاد الفرنكوفونية، وشق ّ صيتها آفاق، السماء، وعلّا  نارها أقواس المحاكم. 
وكريسْتِّل  الابنة، على قاب قوسين ان تنال الدكتوراه، في علم،  لم يجرؤ غيرها، على سبر غوره. 
كانت كريسْتِّل  الام، تحلم معظم حياتها، بلقاء مع حبيب، لا يحدث الا بالأساطير، والقصص الخرّافية.
وكانت كريسْتِّل  الابنة، ناشطه جدا ً فى علوم الماورائيات. 
فتقاطع علم كريسْتِّل  الابنة، مع احلام  كريسْتِّل  الام. 
كانت كريسْتِّل  الابنة، تلاحظ في أمها حُزن عميق، وتحاول جاهدة ان تُقنعها، بالسفر في سياحة الى الولايات المتحدة، حتى انها، حرضّت عميد كليتها، وصديق والدتها، بان يُجبّرها على قبول الدعوة التي وجهتها اليها، مؤسسة مارتن لوثر كينغ، لحقوق الانسان، في ذكراه السنوية. 
وعوضا ً عن السفر الى أميركا، آثرت السفر الى مرقد العم فؤاد في ذكرى موته. 
رافقت كريسْتِّل  الابنة، والدتها الى لبنان، خوفا ً وشفقة عليها، لانها كانت تلاحظ وتراقب والدتها، قبل ايام من السفر، انها خرجت الى مكتبها في يوم العطلة، فلحقتها لترى مشهدا ً لم تألفه في حياتها :
أمها تبكي، وتقّلب صفحات الكتّب، وتنزع الزهور الذابلة، وتقوم بوضعها داخل صندوق خشبي صغير، بطريقة فاق ترتيبها كل تصّور، 
فتقدمت الى والدتها، وأطبقت عليها تغمرها، وتقول لها :
ما بك يا أمي، يا حبيبتي...
لماذا، تنزعين هذه الزهور، من بين صفحات الكتب ...
ان عمر هذه الزهور، يفوق عمري ...
لماذا، لماذا ...
بكّت الام، وبكّت الابنة. وأمسكت يد والدتها، وخرجن سوية الى الشانزليزيه، يمشييّن، ويبكيّن، والصندوق الخشبي الصغير، مُقفل بأحكام على صدرها ....

فور وصولهن الى مطار بيروت صباح ذلك النهار الربيعي، طلبت والدتها من سائقها الصعود فورا ً الى قرية حبيبها، حيث مرقد العم فؤاد. 
لم تتمالك كريسْتِّل ، الابنة العاشقة لوالدتها، ان تبقى طيلة الوقت، مرمية كل جسمها، وحواسها، وعقلها، على صدر والدتها، وكأنها طفلة صغيرة، تُقبلها، وتُعانقها وتقول لها، ماذا انا فاعلة يا أمي إن غبّت عني، فالشوق الى رائحتُك، وحنانك، وعطفك، لن أجده، في المعمورة، كلها. 
قولي لي :
ما بك ؟
لماذا، حلّت هموم الكون على أكتافك ؟
لماذا، سكنت الاحزان قلبك ؟
انك تقتلين حبي لك، بعدم البوح لي. 
انت تقولي عني، أني أسطورة حياتك، التي ستتحّقق. 
أخبريني،
لماذا : 
آثرت القدوم الى هذه القرية في لبنان، على ان تقبلي دعوة   تكريم اعظم رجل في تاريخ أميركا الحديث.
ماذا تنوين فعله ؟
أجابتها، سترين. 
لما وصّلن الى القرية، ودخَّلن منزل العم فؤاد المقفل، لاحظت ان ازهار كراون دايسي البرية، قد غطت معظم ارجاء الحديقة، فإنقشعت اساريرها، وطلبت من سائقها، ان يحفر حفرة صغيرة، وقامت بدفن الصندوق الخشبي، الذي حملته من باريس، والذي يحتوي على زهور كراون دايسي الذابلة، وقامت، وقطفت اجمل زهرة واحدة من كراون دايسي  من الحديقة، وألقتها على الصندوق برفق وحنان، وبدأت بيدها، تلقي التراب على الزهرة والصندوق، حتى اختفى كل شيئ. 
عادت ادراجها الى السيارة. 
ولم تغسل يديها ذلك النهار. 

قصة، كراون دايسي، وكريستل. 
الجزء الثاني. 
الفصل العشرون. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا

٦ شباط ٢٠١٦
 

قصة، كراون دايسي ١٩

كراون دايسي، و كريسْتِّل .... الفصل التاسع عشر ....

خواطر

قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل .
 الجزء الثاني، 
الفصل التاسع عشر.

 

بدأ الربيع العربي، بإطلالة مُبكّرة تُنذر بالوجوم، والسموم، وعواقب الأمور. 
كانت أخبار المشرق العربي، تملئ الصحف، والمجلات، والأخبار، بشتى ألوان الكذب، والخداع، والتدجيل، وكانت تتساءل الدكتورة، كريسْتِّل  الأم، امام زبائن مكتبها الحقوقي في باريس، وهم يعرضون مشاكلهم، ويطلبون مشورتها القانونية، انها لم تعّد تناقش من يقول ان التاريخ العربي، وخاصة التاريخ اللبناني كاذب، ومُغاير للحقيقة، نظرا ً وبالرغم،  نحن على مشارف القرن الواحد والعشرين، المترابط معلوماتيا ً،،،، ما زالت تتدّفق الأخبار المتناقضة، في وسائل الاعلام الحكومية، والخاصة والأجنبية، حتى انها قالت، كل خبر يصدر من لبنان، بحاجة الى هيئة دولية للتحّقق من صحته. 
كانت الدكتورة كريسْتِّل ، في بدايات القرن الواحد والعشرين، وهي خريجة جامعة السوربون، قد ذاع صيتها، ولمعت خبرتها، في مجال المرافعات القانونية، امام المحاكم الجنائية الدولية، وامام محكمة العدل الدولية، وقد برعت في المرافعة ضد جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الانسانية، وجرائم الحرب، خاصة، جرائم أوغندا، والكونغو.  
 كانت كريسْتِّل  ترفض ان تُرافع، في محكمة دولية، خاصة تتعلق بجرائم أُرتكبت في العالم العربي، وخاصة موطنها لبنان، حتى أنّ والدها، حاول عبثا ً ثنيها عن هذا القرار، لانها كانت تقول له، ان حقوق الانسان، منعدمة على ارض الواقع، في عالمنا العربي، وخاصة لبنان، بالرغم من ان صفحات الدساتير البالية،  في طول البلاد العربية، وعرضها فاحت روائحها، لعفونة في الموّاد، نظرا ً لعدم تطبيقها. 
كان والد كريسْتِّل  قد قارب، التسعين من عمره، فإنتقل من بيروت الى الإقامة الدائمة في باريس، نظرا ً لصعوبة الحياة في لبنان، بعد ان إشرأب اللجوء من الجوار، في الاعناق، فإنعدمت ابسط، الضرورات الحياتية، كالكهرباء، والمياه، وطرق التواصل السلكية واللاسلكية، بالاضافة، الى ان حفيدته  كريسْتِّل، شغله الشاغل، وشغفه الدائم. 
أما كريسْتِّل، الابنة الجميلة، والتلميذة الجامعية النجيبة، قد قاربت أواخر عشرينيات عمرها، قد أنهت أُطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه في علوم الماورائيات، والأساطير.
كانت كريسْتِّل  الابنة، تتردد كل يوم على مكتب والدتها، وقد نشأت بينهن علاقة شقيقتين، اكثر منها، علاقة، ما بين الام وأبنتها. 
كُن ّٓ يخرجن الى المطاعم، ودور الأزياء، سويا ً ، وكن َّ يرتّٓدن، صبيحة كل احد، مطعم لبناني، في احد شوارع باريس الشعبية، لتناول الفول والحمّص. 

كانت كريسْتِّل، تُلاحظ أمورا ً ترافق والدتها، منها :
-/ كثرة الزهور الذابلة، داخل وخارج كتبها، وملفاتها المنتشرة في ارجاء المكتب، وقد لفتها ان مُدبّرة المكتب، لا ترمي زهرة ذابلة واحدة، أن بقيت على طاولة الاجتماعات، او وقعت أرضا ً، بل تُعيدها الى طبق مليئ، بهذه الزهور الذابلة.
-/ كانت تستعمل هذه الزهور، علامة ما بين الصفحات، فإن ارادت ان تُشير الى صفحة ما، تنزع هذه الزهرة، ومن ثم تُعيدها الى ذات المكان. 
-/ كان على مكتب والدتها الفاخر، رٓسْم ْ بخط اليد لهذه الزهرة، داخل أطار من الذهب الخالص. 
-/ كان في داخل حقيبة يد والدتها، وعلى مدار الأيام،  منذ طفولتها، مرآة صغيرة، غطاؤها مرسوم عليه ازهار من ذات النوع. 
الى ان سمعت يوما ً والدتها، تعاتب مٌدبرة مكتبها، وتسألها لماذا تنقص أعداد الزهور، وهل تقوم برميها. 
لم تعهد كريسْتِّل  الابنة، والدتها بهذا الغضب، 
وعلى ماذا ؟
ازهار ذابلة، يجب ان تُرمى، بالنفايات. 
دخلت كريسْتِّل  مكتب والدتها، وهدأت من روعها، وقالت لها سأنزل فورا ً لأشتري لك باقات من الزهور النضرة، اليافعة بدلا ً من هذه الذابلة. 
قالت والدتها، إياك ان تزيّني مكتبي، باي نوع من الزهور، 
فسألتها، ما هذا النوع من الزهور، لم أر مثله في حياتي. 
قالت لها والدتها، ان اسم هذه الزهرة، كراون دايسي، وهي زهرة برية تنمو في براري وجبال لبنان. 
توقفت كريسْتِّل  عن الحديث، بسبب دخول زميل والدتها، وعميد كلية الاداب والعلوم الانسانية، في السوربون الى المكتب، بناء على موعد سابق. 
دخل عميد الكلية، مكتب كريسْتِّل  الام، ولحقت بهم كريسْتِّل  الابنة، ودار الحديث بينهم حول ألاطروحة، التي تُعّدها كريسْتِّل  حول علوم الماورائيات، والأساطير. 
قال لها، عميد الكلية، ان موضوع الاطروحة، هو حساس جدا ً نظرا ً ان عالمكم العربي يجتاحه اليوم التزّمت الديني، وحروب التكفير المدّمرة، التي بمُجملها تجافي فكرة الاسطورة، وتنعت علومها بالزندقة، إن أُعتبرت انها تتماشى مع عصرنا المتمّدن، وبالتالي ان معظم الأساتذة، الذين يتقنون العربية، في فرنسا تجنبوا نقاش الاطروحة، وبالتالي قررت الكلية الاستعانة، بأستاذ جامعي متخصص بهذا الحقل، من احدى الجامعات الأميركية، وأننا حاليا ً ننكب على دراسة الأسماء واختيار الانسب. 
لم تعترض كريسْتِّل  الام، على زميل دراستها، ورأيه، بل أستعجلته ان يُسْرع في إختيار الاسم. 
وبينما كان يهّم عميد الكلية بالخروج من مكتب والدتها، قام  بتسليم كريسْتِّل  الابنة، لائحة بالكتب، التي يقترح عليها ان تقرأها. 
قامت كريسْتِّل  بتوديع والدتها، على ان تراها مساء ذلك اليوم. 
لما وصلت الى غرفتها، إستلقت كريسْتِّل  على سريرها، وفتحت ورقة العميد، وقرأت اسماء الكتب، وهّبت كالمجنونة الى حاسوبها، تفتش بالإنترنيت، عن كتاب بعنوان :
قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل .
 للكاتب .......
إصدار جامعة هارفرد. 
للعام ٢٠١٥
وغلاف الكتاب، 
عليه،  نصف صورة  فتاة  تُشبه والدتها، وهي صبية،  تضع أكليلا من ازهار، كراون دايسي، 
وفي صفحة الغلاف الأخير، مجموعة ازهار من كراون دايسي على شكل قلب.
لم تنم كريسْتِّل  الابنة، تلك الليلة، 
فازهار كراون دايسي، الذابلة  في مكتب والدتها. 
والمرآة في حقيبة والدتها، عليه رسومات من زهرة كراون دايسي. 
والاهم، الأهم، رسم زهرة كراون دايسي بخط اليد، داخل أطار مُذهّب. 
والأهم، الأهم، والأهم، صورة غِلاف الكتاب لنصف وجه فتاة ......
تُشْبِه ..... أُمَّها، وهي صبية في عُمْر الزهور ....... 

قصة كراون دايسي، وكريسْتِّل . 
الجزء الثاني، 
الفصل التاسع عشر. 
فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا
٦ شباط ٢٠١٦ 

 
 

قصة، كراون دايسي ١٨

كراون دايسي، و كريسْتِّل .... الفصل الثامن عشر ...

خواطر

قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل .
 الجزء الثاني، 
الفصل  الثامن عشر
وعلى جري عادتها في فرض الشروط التعجيزية، طلبت كريسْتِّل  من جاك ،،،،،، الزوج المُحتّمل، ان يُعلمها عن الهدية التي سيقدمها لها قبل الزواج. 
وبما انه، ينتمي الى عائلة ثرية، وسياسية، قام بتعدّاد ما ستؤول اليها من ألحقوق العينية، والمادية، والجواهر، ومزرعة في ريف باريس. 
أجابته كريسْتِّل ، كل ذلك لا يعنيني، ولا يهمني، ولا يُثير إهتمامي، او فضولي. 
أجابها جاك، متعجبا ً... 
ماذا، تطلبين ؟
اريد هدية الزواج ان تكون، الجنسية الفرنسية. 
أجابها دون تردّد، بعد عقد القران، باقل من ثلاثة أشهر، يصلك بالبريد شهادة، تُثبت حصولك، على الجنسية الفرنسية. 
قالت كريسْتِّل ، أعلم ذلك، 
ولكني أريدها قبل الزواج، وان شروط أستحقاقي هذه الجنسية متوّفرة، ولكن القانون الفرنسي، وَمِسخه، القانون اللبناني، ينخّر فيهما الفساد الاداري، يحتاج الى توّسط، وغش، وخداع، وكذب، لنيل الجنسية، خلاف القانون الأميركي الذي لا يؤمن إلا، بسيادة القانون. 
هذا هو شرطي، حتى أُعلن قبولي بالزواج منك. 
لم يحتّمل والدها، هذا الشرط التعجيزي، 
فسألها، لماذا كل هذا، 
ما دمت ستحصلين على الجنسية الفرنسيه، دون هذا الشرط.  
أجابت كريسْتِّل ،  بعنفوان، وتحّد ٍ، وكبرياء، يُخفي في حناياه، الغصّة، والقهر، وحتى فقدان الامل. 
أُريد تغيير إسمي، وهويتي، وجنسيتي، وإنتمائي، قبل الزواج، وعلى الطريقة التي أريدها. 
إني أكره إسمي، 
أني أُريد إسما ً جديدا ً، غير هذا الاسم. 
إسمي القديم، نضال، اصبح من الماضي. 
إسمي الجديد هو، كريسْتِّل . 
أجابها الزوج المحتّمل، سأفعل ما بوسعي. 
وقد فعل، باقل من ثلاثة أشهر، إذ وصل الى كريسْتِّل ، كتاب يدعوها الى مقابلة، وإمتحان خطي في تاريخ فرنسا. 
نجحّت فيهما، كريسْتِّل . 
وأصبح اسمها الجديد كريسْتِّل  ..... 

كان العم فؤاد، وبعد عدة سنوات قضاها في فرنسا، قد إستاءت صحته، وأصبح مريضا ً هزيلا ً لا يبرِّح غرفته، بسبب كِبر سنه، وعجزه، وقد سمعته يوما ًيطلب من والدها،  خِفية عنها، أن يُعيده الى لبنان، حتى يموت هناك، فأنتفضت كالسيل الجارف، لتقول، لن يحصل هذا، قبل ان يسمح الأطباء الذين يعالجونك، بالسفر. 
قال لها العم فؤاد، بالرغم ان لا عائلة عندي في لبنان، ولكني أفضل الموت هناك. 
قالت له كريسْتِّل ، انت عائلتي، 
لن أتركك تُغادر فرنسا، الا بعد موافقة الأطباء، وقد حجزت لك غرفة في المستشفى، سأكون معك، حتى تنتهي من جميع الفحوصات الطبية. 

وليكن، معلوما ً لديك، ستبقى معي حتى أنهاء مراسم الزواج، وتسافر معنا الى لبنان، وتستقر هناك، تحت رعايتي، وإشرافي، مُعزّزا ً، مُكرّما ً حتى أخر يوم في حياتك. 
أجهشت كريسْتِّل  بالبكاء، وضمت العم فؤاد الى صدرها، وقالت له، سيكون لك ما تريد :
سأشتري لك أرضا ً في  قريته، 
وابني لك بيتا ً ،، قرب  منزل أهله :
حتى أُوفر عليك، التعّب في :
أن تُخبرُني، إذا رجع، 
أن تُعلمني، لو عاد، 

ألى هذا  الحد، ما زلت تُحبينه، 
سألها  العم فؤاد. 
أجابت كريسْتِّل ، والدموع تلمع في عينيها :
غيّرت إسمي، 
حتى الناس من حولي يذكّروني به، كلما ينادوني.
لم يعلم بهذا الاسم، الا انت، وأُمي، وهو. 
كلكم ستغيبوا عني، إلا اسم كريسْتِّل ، 
الذي، أحبّٓه حبيبي، 
وناداني، به حبيبي،
وسيبقى هذا الاسم لي، ومن هو بعدي.
كانت مراسم الزواج عادية جدا ً....
إختارت يوما ً لحفل الزواج، يعود تاريخه، الى يوم قدوم العم  فؤاد منذ عدة سنوات من لبنان، حيث أعلمها انقطاع أخبار حبيبها، وقد وقع هذا النهار في الثالث، من ذلك الشهر. 
لما علم والدها، بان كريسْتِّل  قررت يوم زواجها في الثالث من الشهر المقبل، لم يوافق، باعتباره يُصادف يوم الخميس، وهو يريده ان يكون السبت، او الأحد. 
اصبح كل من هو حول كريسْتِّل ، لا يُناقش، او يُجادل اذا هي قررت تاريخا ًً، لان علم الإعداد، والارقام بات هاجسها. 
عاشت كريسْتِّل، سعيدة مع زوجها، وزادت سعادتها لما رُزقت بابنة، أطلقت عليها اسم كريسْتِّل . 
وعاد العم فؤاد، يُعيد ويقول  :
الست الكبيرة، كريسْتِّل . 
والست الصغيرة، كريسْتِّل . 
كانت الست الكبيرة كريسْتِّل، تتنقل ما بين باريس، وبيروت، 
تُدير، مكتبا للاستشارات القانونية الدولية، في باريس. 
وتدير، مكتبا ً في بيروت، لإدارة اعمال والدها، الذي تقاعد عن العمل، وسكن في باريس، يلهو، ويقضي اجمل أوقاته، مع كريسْتِّل  الصغيرة، التي شارفت على دخول ذات الجامعة، السوربون في باريس.
اما العم فؤاد، فانه قد توفي، ودفن في قرية حبيب كريسْتِّل. 
وبقيت كريسْتِّل، تزور قبر العم فؤاد كل سنة، 
وتسأله :
هل،  رأيته،
هل،  زارك،
هل، هل، ووو هل. 
أما زوجها، الدكتور جاك ......، فقد توفي ايضا ً وبناء لطلبه، كان مرقده الأخير، في قصره بريف باريس. 

قصة، كراون دايسي، وكريسْتِّل . 
الجزء الثاني. 
الفصل الثامن عشر. 
فيصل المصري 
اورلاندو / فلوريدا
٦ شباط ٢٠١٦