Pages

الاثنين، 29 فبراير 2016

سِر ّ .. العلاقة ما بين مي زيادة، وجبران خليل جبران .....

سِرّ ... العلاقة، ما بين :
مي زيادة، وجبران خليل جبران ...

 مي زيادة، أديبة، وكاتبة عربية. 
وُلدّت بالناصرة ( فلسطين ) عام ١٨٨٦، وتوفيّت بالعام ١٩٤١، وهي إبنة وحيدة  لأب لبناني، وأم  فلسطينية. 
تلقّت دراستها الابتدائية في الناصرة، والثانوية في مدرسة، عينطورة بلبنان. 
عام ١٩٠٧ انتقلّت مع أسرتها للإقامة في القاهرة، حيث درسّت في كلية الآداب، وأتقنّت اللغة الفرنسية، والإنكليزية، والإيطالية، والألمانية. 
أما اللغة العربية، كانت مربط خيلها، لانها تابعت تعمُقِّها في الأدب العربي، والتاريخ الإسلامي، والفلسفة  في، جامعة القاهرة. 
 كانت محّط الأنظار إليها، وخاصة مجلسها الأدبي كل نهار ثلاثاء من كل أسبوع. 
إمتازت مي زيادة، بإظهار جمال اللغة العربية، وروعتها في إداء المعنى. 
مِن أعمالها :
 ديوان شعر، كتبته باللغة الفرنسية.
وعدة مؤلفات :  
أزاهير حلم. 
باحثة البادية. 
كلمات وإشارات.  
المساواة.  
ظلمات وأشعة. 
بين الجزر والمد.  

الصحائف.

علاقة مي زيادة، بجبران خليل جبران. 
لم تلتق ِ مي في كل حياتها، بجبران خليل جبران، ولكن المراسلات، بينهما دامت  عشرين عاما ً من  ألعام ١٩١١ وحتى  وفاة  جبران خليل جبران في نيويورك، بالعام ١٩٣١.  
إتخذّت المراسلات بينهما صيغة غرامية، عنيفة، ويُعتبر هذا هو .. 
حُب ُّ حياتها .. بالرغم من كونه، حُبّا ً  روحيا ً ... خالصا ً ... وعفيفا ً... من دون، أي ... لِقَاء. 
لم تتزوج مي زيادة، بالرغم من كثرة،  مُريديها، وطلابِها، بل بقيت حتى بعد وفاة جبران خليل جبران، على هواه، وماتت على هواه.  

عانت مي زيادة، الكثير بعد وفاة والدها عام ١٩٢٩، ووالدتها عام ١٩٣٢. 
أما الزلزال الذي هد ّٓ كِيانها، ومحق حياتها، وأرداها، جِيّفة ً حيّة، تنهشها الكلاب المسعورة، من أهلها، والذئاب الكاسرة من أصدقائها، كان بعد وفاة الشاعر جبران خليل جبران، ومن ثم والدتها. 
تدهورّت صحة مي زيادة الجسدية، والنفسية  حيث ارسلها  أصحابها إلى لبنان،  حيث يسكن ذووها، ظنا ً منهم انها ستلقى الرعاية، والحنان. 
أُدخلّت، زورا ً وبهتانا ً الى مستشفى الأمراض العقلية،  يطلق عليها العصفورية، قرب مدينة بيروت. 
وأُسيئت معاملتها، من أقرب الناس،
فإحتجت الصحف اللبنانية، وبعض الكتّاب والصحفيون  على السلوك السيء لأقاربها، فنُقلت إلى مستشفى خاص في بيروت.   
ثم، خرجت إلى بيت مستأجر،
ثم، أقامت عند الأديب، أمين الريحاني عدة أشهر، 
ثم، عادت إلى مصر.
ثم، الى إنجلترا ... أملاً في أن تغيّير المكان، قد يُساعدها،
ثم، عادت الى مصر،  
ثم عادت إلى روما، 
ثم عادّت إلى مصر، حيث استسلمت لملاك الموت وتوفيّت، في مستشفى المعادي بالقاهرة، عن عمر ٥٥ عاما ً... وهي ما زالت صبية، تليق لها الحياة، لو لم  يكن  الغدر  وقلّة  الوفاء يرافقانها في حِلِّها وترحالها. 

يتبين من تاريخ معرفتها بالأديب، جبران خليل جبران بالعام ١٩١١ وحتى وفاتها بالعام ١٩٤١ أن حياتها، كلها :
مليئة، بالآلم، والعذاب، والقهر، والمعاناة، وغدر الناس، وخيانة اقرب المقربين. 
أما الجُرح الذي بقي ينزف دما ً من قلبها، كان إسمه جُرح ُ،، جبران. 
قيل، في مي زيادة :   
هدى شعراوي، الأديبة المصرية قالت  في تأبينها :
كانت مي، المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفّة. 
وكُتبت في رثائها، مقالات كثيرة بينها مقالة :
لأمين الريحاني، نشرت في جريدة المكشوف اللبنانية عنوانها  .... 
إنطفأت ... مي ....
نعم، إنطفأت، وذبُلت، وذابت، وذُبحت ....

من غدر الزمان ...
وقلة الوفاء، والجحود، والنفاق ...
لم يمش ِ وراء نعش مي زيادة سوى ثلاثة من الأوفياء : 
أحمد لطفى السيد، من مصر. 
خليل مطران، من لبنان. 
وأنطوان الجميل، من لبنان.  
قالت مي زيادة قبل ان تموت :
أنا امرأة،  قضيت حياتي بين قلمي، وأدواتي، وكتبي، ودراساتي، وقد انصرفت بكل تفكيري، إلى المثل الأعلى. 
وهذه الحياة، الأيدياليزم،  أي المثالية التي حييتُها، جلعتني أجهل ما في هذا البشر، من دسائس.
تُعتبر، قصّة الحب التي جمعت ما بين الشاعر، والأديب جبران خليل جبران، والأديبة اللبنانيّة مي زيادة، من أسمى  قصص الحب قاطبة ً، لانها مليئة  بالشغف، والحب العذري،  وقد أمسّت من كلاسيكيّات فنّ المراسلة، عند العرب، وفي العالم أجمع.
لم يلتقيا .....
الاّ في عالم الفكر، والروح، والخيال ....
إذ كان جبران مقيماً في أميركا، وكانت مي، في القاهرة. 
لم يكن حبا ً ... وليد نظرة ٍ ....
بل كان حبا ً ... نشأ، ونما، عبر مراسلات أدبية،  ومساجلات، فكرية، وروحية ....
تآلف ... القلبان ....
وتعانقّت ... الروحان ...... 

كانت، البداية بعد كتاب جبران، الأجنحة المتكّسرة. 
وكانت، النهاية الموت المحتوم. 
وما بين الحياة، والموت ... 
كان، سيل ُ الرسائل التي كان كل منهما، يبحث عبرها، عن روح الآخر .. في يقظته وأحلامه. 
كان، كل منهما، يسعى لرؤية ذاته في روح  صاحبه....  
يكاد يكون، حبهما صوفيا ً... لأنه تخطى حدود، الزمان، والمكان والحواس، الى عالم تتحّد فيه قوة، الوجود ..

كان، النقاش بينهما ... يأخذ احيانا ً منحى المعاكسات، التي تحوّل عسل القلب، إلى مرارة ألمذاق. 
كان، يضفي على علاقتهما شفافية روحية، تغمرهما بالسعادة ....
أما سوء التفاهم، أن حصَّل .... كان يؤلمهما، ويؤدي الى القطيعة احيانا ً .... 
ولكن شِدّة ولع، كل منهما بالآخر، كانت تدفعهما، للتصالح مجددا ً ...
كانت، مي في حياة جبران الصديقة، والحبيبة الملهمة، وصلة الوصل بينه وبين وطنه، لبنان.  

وعلى الرغم، من  ما كُتب عن علاقات جبران الغرامية،  بالنساء امثال  السيدة الأميركية ماري هاسكل، فأن حُبِّه  لمي زيادة، كان الحب الوحيد الذي ملك، قلبه، وخياله، ورافقه حتى نهاية حياته.
 كان حُبِّه ل مي زيادة معادلا ً  حُبِّه  الكبير  لوطنه، لبنان، ولسحر الشرق، والدم العربي، الذي يجري في عروقه.
أما مي زيادة، في اواخر أيامها، أستبدّت رسائل، جبران خليل جبران بعقلها، وقلبها، وفؤادها،  وكانت تلجأ الى هذه الرسائل على إنفراد حين يَغلِبها الوجد، ويقضي على مضجعها، ألإشتياق ... 
وتتأمل في  صوّر جبران التي هي بين يديها، وقد كتبّت على إحداها  بخط يدها :
وهذه مصيبتي منذ أعوام ....

يُعتٓبر جبران خليل جبران، من الأدباء الذين أغنوّا، وأثرّوا  فن المراسله عند العرب، بما تركه من رسائل لفتّت نظر الباحثين، وأثارت فضولهم  فعبروا من خلالها إلى عالم جبران المليء بالرموز، والأسرار ..
 أقام  جبران خليل جبران صرحا ً جديدا ً...
وفتح  فتحا ً واسعا ً ...
وأدخل، الروعة، في دنيا الأدب العربي.
كيف، كان وصف جبران خليل جبران، ومي زيادة حبهما في الرسائل المتبادلة. 

كل هذا الحب، الذي ملئ قلبيهما ...
كان، كل منهما يخشى التصريح به والبوح، بعواطفه .... 
يلجأ .. جبران .... للتلميح.   
ويرمز إليه، ويضع عبارات وصوّر مبتكره، وجميله .. 
لم ينادي ،،، مي ... قط  بكلمة، حبيبتي. 
لم يخاطبها، باللغه المألوفة،  للعشاق.  
غير أنه عبّر عن حُبِّه لها،،، بما هو أبلغ ...
عندما قال :
أنت تحيين ... فيّي ... 
وانا أحيّا فيك ِ ... 
ووصف علاقته بها :  
بأنها أصلب، وأبقى بما لا يقاس من الروابط الدموية،  والأخلاقيه.  
وبعد أن، باح لها، بِحُبِّه .. رجاها ان تُطعم النار رسالته، اذا لم تجد لبوحه ... الصدى، المرجو في نفسها. 
كان يكتب لها :
تقولين أنك تخافين الحب ... 
لماذا تخافينه ؟ 
أتخافين، نور الشمس ؟ 
أتخافين، مدّ البحر ؟ 
أتخافين، طلوع الفجر ؟ 
أتخافين، مجيء الربيع ؟ 
لماذا .. يا ترى تخافين،،،، الحب ؟

أنا أعلم، أن القليل في الحب، لا يرضيك ِ ... 
كما أعلم، أن القليل في الحب، لا يرضيني ... 
أنت ِ .. وأنا ... 
لا .. ولن نرضى ... بالقليل.  
نحن، نريد الكمال ..
الكثير .... 
كل شيء ...
لاتخافي، الحب ... 
يا رفيقة، قلبي ... 
علينا، أن نستسلم إليه، رغم مافيه من الألم، والحنين، والوحشه ...  ورغم، مافيه من الألتباس، والحيرة  ..
وأخيرا ً ...
يقال، ان أهل مي زيادة، وبعض الاقارب، قد أطلعوا على صلتها بجبران خليل جبران في حياتها، ولكن المرجّح انها كانت حريصه على اخفائها عن الناس جميعا ً .. وأبقتها سرا ً دفينا ً في نفسها حتى ذلك اليوم الذي فُجعت بموته عام ١٩٣١. 
بعد انقضاء شهر على وفاته، اعترفت ميّ لقرائها بوجود مراسلة طويله بينها، وبين جبران وذلك في مقالة :
 (جبران خليل جبران يصف نفسه في رسائله) ضمنتها فقرات قصيره من رسائله اليها،  وعبرّت عن حزنها العميق عليه مصورة ً غربتها وغربته في الوجود بعبارات، موجعه قالت فيها :

حسنا ً ... فعلت بأن رحلت.   
فاذا كان لديك كلمه أخرى، فخير لك أن تصهرها وتثقفّها،  وتطهرها لتستوفيها في عالم، ربما يفضل عالمنا هذا في أمور شتى. 
حسرات، وحجرشات، وأوجاع مي زيادة، الحزينة 
كادت ان تخنقها ....
لا بل خنقتها ...
دون رحمة ٍ ... 
ودون هوادة ٍ....

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
سوبر تيوزداي
الاول، من آذار ٢٠١٦

الخميس، 25 فبراير 2016

في لبنان. قليل من السياسة، وتُخمّة في الكذب.

قليل من السياسة،
وتُخمّة ... في الكذّب.  

كنت فيما مضى، أسرق من وقتي وأُضِّيعه سدى ً ، لأعرف ماذا يدور، ويحصل في موطني، لبنان. 
ولم أكن  أعرف  بالنهاية، 
 شيئا ً....
لسبب بسيط ....
لان الجميع يغرف من الكذب، ما تحمله، عضلة لسانه.   

إلى أن وصلت إلى قناعة تامة، الى لبنان، بلد صغير  لا يحتمل السياسة، ولكنّه، مُشبّع، ومُتخّم بالكذب. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٥ شباط ٢٠١٦

الأربعاء، 24 فبراير 2016

وكانت أخر زيارة، له ... للجِسْر ...


وكعادته، كل يوم في ان يزور الجِسْر ....
وقف على حافته، مشدوها ً ...
لا يرى الماء تتدّفق، ويُسْمّٓع خرِيرُها ...
مٓسٓح َ عينيه، لعّٓل غشاوة أخفّت نظره ...
لم يعْلق ْ  شيئا ً على عينيه ....
ومع ذلك، نظر مُجدّدا ً ....
إختفّت المياه ...
بالرغم أن الثلوج تكسوا الجبال ...
والمطر في الليلة الماضية، كان منهمِرّا ً بغزارة ....
إحتار في أمر هذا النهر، الذي توقّف عن الجريان ... فجأة. 
وبينما يهٍّم، في العودة ..
حزينا ً ... لإختفاء النهر ...  
سمع صوتا ً ... يُناديه. 
إنه الجِسْر ...
يقول :
عُد ْ ...
كيف تذهب، ولا تريد ان تعرف سبب إنحسار مياه النهر ...
إنه مِثْلُك ٓ ...
يُعاني ....
يُقاسي ....
يتحمّل ...
خيبات، وجحود، وقلة الوفاء ....
أن مياهه، تصُّب في البحر ...
سُدوده، تروي أرضا ً بغير ذي زرع ...
توّقف، وإنحبسّت مياهُه ....
مِثْلك ٓ ... انت. 
مِثْلُك ٓ ... انت. 
وكانت، أخر زيارة له .... للجِسْر. 

فيصل المصري 
أُورلاندو / فلوريدا

أخر يوم، له ...
في زيارة الجِسْر. 


إمرأة آلوادي المُقَدَّس .... النهاية.

امرأة الوادي المُقَدَّس. 
اللقاء ألمثير للجدل.
النهاية، والبداية. 


لمّا حط ّٓ سِرب الهُدهُد امام الرجل العجوز ....
أخذته الدهشة، ولم يتمالك نفسه من إبداء الاستغراب، لهذا العدد من الطيور ...
وبادر العجوز ...  
السؤال، الى الهُدهُد.  
من،،،، صحبُك ٓ ؟
ومن، أرسَلك ٓ ؟
أجابه، الهُدهُد ...
انهم، وفد من علماء الوادي المُقَدَّس .... 
أتينا ... لمقابلتك ٓ ...
وإلاجتماع، بك ٓ ...
هي :

إمرأة الوادي المُقَدَّس ... التي أرسلتني، إليك مع هذا الوفد الكبير. 
وهذه، هي القصقوصة ... التي نحملها إليك ....
كانت،
على غير عادة القصاقيص، التي سبقّت.... 
بدء ُ الاحرُف ِ عطر ٌ، ونهايته ُ سِحر ٌ ....
فيها، من الظاهر، والباطن .. ما يعجز عن فِهمه ... 
إلا .. هو ....
أحس ّٓ  برائحة العِطْر .... 
ونال منه، السحر ....
أدرك،  باطن  الكلام، من ظاهره ...
رفض، ان يحتفظ بهذه القصقوصة  بالصندوق المرصّٓع .... 
أسوة، بالتي سبق  واستلمها ....
نظر العجوز  إلى الهُدهُد  ورفاقه ....
وقال :
قُل ْ ،،،  لها لن يكون هناك لقاء ً سرياً .... 
بالرغم، من أنها قد هزّت كياني، ووقعت في شباكها.... 
ولكني، لست مستعدا ً للموت على يدها ... 
وفقا ً ، لطقوس ٍ أكل  الدهر  عليها،  وشرّب  .....
قُل ْ .. لها، 
يكفيني انها تمكّنت من ان أطوي، صفحة الماضي .... 
بعد عقود ٍ من البحث، عن حبيبتي ....
وَقُل ْ ،،،، لها أيضا ً ....
بأني أقفلت الصندوق  الخشبي المرّصع  بكل القصاقيص التي استلمتها منها ....
وَقُل ْ،  لها أيضا ً ....
طال إنتظاري، لان ملاك الموت يحوم حولي ....
نظر اليه الهُدهُد .... 
وقد إحمرّت  احدى عينيه ... 
فخاف عليه، الرجل العجوز .. وحاول ان يداويه ...
قال،  الهُدهُد ....
دعك ٓ من هذا  ...
لست بحاجة، ان تُداوي عيني .... 
معي، وفد العلماء .....
أتينا، لنبلغك انها تبدّلت، وتغيرّت .....
وقد تركّت، هذه العادة ....
وأنها تطلب، ودُّك ٓ ... 
وتأمل ُ ان تلتقي، معها ....
لتبُت ُ لك مشاعرها، وحبها، وتعلقها، بك ....
أجابه الرجل العجوز ....
أدركت ذلك،  من باطن النص لا من ظاهره ... 
وأنها، توقفت عن قتل الرجال، بعد ان تقضي وطّرها منهم ....
ولكني،  لست مستعدا ً لهذا اللقاء ،،،  السرّي ....
أني، رجل ٌ عجوز ٌ مثقل ٌ بهموم  الدهر ِ .... 
لا،  أقوى على السفر ....
ولمّا سمعت إمرأة الوادي المُقَدَّس، من ثاقب نظرها، لكلام الرجل العجوز ....
أمرت،  الهُدهُد .....
من خلال عينها التي، ترى وتراقب .....
أن،  يسأل الرجل العجوز ... 
إذا،،،،،
قٓدِمٓت ْ إليه ... هي ...  
هل،  يستقبلها ...
ويلتقي بها ...
أجابه،  العجوز ...
كيف لي، ان أستقبلها وانا على باب القبر .... 
وملاك الموت يحوم، فوق راسي ... 
إيذانا .. بالرحيل ...
من، 
أُلبّي ...
ملاك الموت ...
أم ّ ... هي ....
قالت .... للهُدهُد ...
قل ْ ... له فورا ً ...
سأقضي، على ملاك الموت ... حالا ً ....
إن وافق، على لِقائي ...
ولم تنتظر جوابا ً من الرجل العجوز ....
بل عاجلّت، ملاك الموت ...
بِشُهِّب ٍ مضيئ  ....
وأضرّمت، به نارا ً مشتعلة ً ....
وهدر ّ صوته، من الألم  ...
وخيّم صُراخه، وعويله، في ارجاء المكان ....
ثم ما لبث، ان وقع صريعا ً ... في مكان بعيد ... دون حِراك.  
وقالت، للهُدهُد ...
قُل ْ ... له.  
إني ... قادمة ....
قُل ْ ... له.  
إني مثل،  أبي.  
أنا ... إمرأة  سماوّية ....
قُل ْ ... له.  
أن ينظر في، عينيك حالا ً .... 
ليرى صورته،  الجديدة ...
تقدّم الرجل العجوز، نحو الهُدهُد .....
ونظر الى عينيه ... التي ظهرت على شكل مرآة ....
رأى، بأُم العين،  أن شكلّه ... بدأ يتغيّر ..... 
الى عمر ٍ اقل ....
الى ان اصبح، كما كان في ريعان الشباب ...
فإنبهّر، وتعجّب ...
لم يصدِّق، ماذا  حل ّٓ به ....
وكيف عاد الشباب الغض ّٓ  ... اليه ...
رقص،  من كِثرة  فرحه ....
وما، لبثّت ... ان مرّت ... غيمة  بيضاء  كلون  الثلج  ....
وما، لبثّت ان أينعت، ثمار الأشجار  في غير ميعادها ....
وما، لبث ان غطّى، المكان  حشيش احمر اللون ...
وما،  لبث ان نبتّت زهور ٌ ورياحين ٌ متعددة ُ الألوان، والأشكال ...
وما،  لبث ان عبق ٓ الجو  برائحة  البخور، والعنبر ....
وانفلقّت .. السماء ...
ونزِلّت امرأة الوادي  المُقَدَّس ....  
يرافقها، نسر ٌ وعقاب ٌ ....
وأمرا  ... الجمع، بالسجود ....
تمايلت،  إمرأة الوادي المُقَدَّس  وهي  تسير ... نحوه. 
وتطاير، الغنج، والدلال ....منها. 
وأوْمأت بيدها،  للهُدهُد .... ان يُخلي المكان  وصحبه. 
تقدّمت امراة الوادي المُقَدَّس ... نحو  حبيبها.  
وكان، بأجمل حِلة ٍ ... 
واذكى، رائحة ٍ ... 
وجسم ٍ ممتلئ ...
وتصافحا .... 
وأذنّت للشمس،  بالمغيب .... 
وأشارت للقمر ... بالظهور ...
وتبادلا، القُبّل ... على ضوءه....
وإختلّت .. به ...
وبعد،  ان قَضّت وطّرها منه ....
إصطحبته، معها للوادي المُقَدَّس .... 
حبيبا ً ....
ورفيقا ً .... 
وزوجا ً ... 

انتهت، على ان تٓبْدأ ْ ....
فيصل المصري 
أُورلاندو  / فلوريدا
٢٤ شباط ٢٠١٦ 
الحقوق الأدبية، 
محفوظة لدى ولاية فلوريدا.  




إمرأة آلوادي المُقَدَّس ... ( ٨ ) ...

إمرأة الوادي المُقَدَّس. 
الهُدهُد  حكيم ٌ  ... في قومه. 
 (٨ )

إستأذن الهُدهُد  إمرأة الوادي المُقَدَّس بان يصطحب معه رفاقه، للاجتماع بالرجل العجوز. 
رفضت هذا الطلب ،،،،، 
لان الاجتماع الذي تريده ان يكون  سريا ً .. قد تنتشر أخباره بالوادي،
وقالت له، ما زلت يا هُدهُدّي .. كاتم أسراري. 
وكيف لي، الوثوق  برفاقك. 
وبناء ً ... لإصراره. 
وافقت، إمرأة الوادي المُقَدَّس  ان  يصطحّب معه رفاقه،  شرط ان تضع عينها، محل احدى عيناه، حتى ترى  كيف  تسير الامور. 
لانها تريد ان تُراقب ... رفاقه. 
لم يكد الهُدهُد  أن  وصل الى قومه، حتى علّت الصّيحات، ودبّت الفرحة وأقيمت، حفلات  الغناء، والرقص، والموسيقى.  
توقّف الهُدهُد،،، 
وقال لقومه :
إرتكبت في حياتي اخطاء ً ... عديدة. 
ولكن، هذه أعظمها. 
أني، خِنت الأمانة. 
كانت، إمرأة  الوادي المُقَدَّس  تحاول افهامنا، من خلال تصرفاتها وعاداتها، أنّ علينا اتباع  طقوس  جديدة  في حياتنا. 
كان، سبب انتقامها من الرجال ....
إفهامنا، بان لا نترك أولادنا صغارا ً .... كما فعل والدها، لمّا رحل تاركا ً والدتها، مع طفلتها الصغيرة. 
كان، وقف إعدامها للرجال ....
إعلامنا،  بان العفو عند المقدرة، هو الأسمى. 
كان، عشقها لهذا الرجل ....
دليلا على انه لا عوائق، او حواجز، أمام الحب ....
وان إلاعمار، إن زادت، لا تقف حجر عثرة ٍ امام جبروت .. الحب. 
وكان، إصرارها ان أُدبِّر لها، لقاء ً سريا ً مع ذلك الرجل، دليلا ً ساطعا ً على نيتها، في بدء حياة مثل .. أهل الوادي ألمُقدّٓس.  
من، 
منكم على إستعداد لمرافقتي لإقناع ذلك الرجل العجوز  للقاء امرأة الوادي المُقَدَّس.  
تطّوع، عدد ٌ كبير ٌ من طيور الهُدهُد  للذهاب معه ... 
وقال للطيور المرافقة له. 
إن الرجل العجوز بعد ان قرأ القصاقيص، بات يخاف إمرأة الوادي المُقَدَّس، ولا يأتمنها.
والأمر يحتاج منّا ... حيلة ً ذكية ً لإقناعه.   
لحق بركب الهُدهُد  سرب ٌ من الحكماء. 
وكانت، عين امرأة الوادي .. تحرس، وتراقب. 

فيصل المصري 
أُورلاندو  / فلوريدا
٢٤ شباط ٢٠١٦ 




إمرأة آلوادي المُقَدَّس ... ( ٧ ) ...


امرأة الوادي المُقَدَّس. 

  محاكمة الهُدهُد، 
( ٧ )

وبعد ان رُفِعَت الجلسة. 

طلبت، إمرأة الوادي المُقَدَّس، ان تخلد للراحة، وان تبقى وحيدة. 
إعتادت، ان يكون الهُدهُد معها، كل ليلة .... 
يكلمّها، يناجيها، يقصّ عليها قصصا ً حتى  تنام. 
هذه الليلة، هي غير كل الليالي. 
منذ ان إلتقت ذلك الرجل، الذي وطأ الوادي تعلقّت روحها، بروحه. 
وأقسمت ان تبطل عادتها، في الانتقام  لوالدتها.  
لم تقض ِ وطّرها، مع اي رجل من الوادي منذ ان إلتقت به ....
ان جذوة الإخلاص له، جعلتها تتوقف عن عادة إلانتقام ...
كانت تلك الليلة، قلقة ...
ولم تتمّكن، من  النوم  حتى انبلاج  الفجر ....
أُنهكت،  قواها ...
وأتعبها، التفكير ... وخارت  ...
وما زالت، تؤمن بان الهُدهُد ... هو كاتم أسرارها، وكليمها، ورفيقها. 
رياح الحنين،  للهُدهُد  قضّت مضجعها ....
فنادت المنادي، ان يأتوها، بالهُدهُد ...
لما دخل عليها، كان مُحبّطا ً مُدركا ً المخاطر التي تنتظره  .....
طلبت اليه، ان يستمع اليها جيدا ....
ويجيب، على أسئلتها ....
وقالت له :
أنت تعرف، أني توقفّت عن عادة الانتقام ....
وانت تعلم، اني وقعت في غرامه، وعشقه ....
أجابها : نعم 
لماذا إذن ؟؟
أعطيته، قصاقيصا ً غير التي أعطيتك ... إياها ...
قال، إني : 
خائف ٌ، عليك ِ ....
وخائف ٌ، عليه ِ ...
خائف ٌ عليك ِ ...
لانه :
رجل ٌ. كهل ٌ. مسن ٌ. 
لا. يصلح ُ لك ِ ...
وخائف ٌ  .. عليه ...
لأنه، سيوقف،  البحث  عن  حبيبته  الاولى  ...
إنتفضّت، إمرأة  الوادي  المُقَدَّس.  
وقالت، للهُدهُد :
هل دبّت الغيرة، في قلبك ... يا أيها الهُدهُد  ؟؟
هل تصرفك هذا، يمنعني من الالتقاء به ؟
هل تعتقد، ان العمر يقف حاجزا ً بيني، وبينه ؟؟
إن روحي،  تعلقّت ،،،، بروحه. 
وقد أرجع، الى عادة الانتقام. 
اليك ... أيها الهُدهُد  فرصة، وحيدة. 
حتى لا تكون، اول ضحايا الانتقام الرهيب. 
إرتعد الهُدهُد  خوفا ً ....
وقالت له :
حتى غروب هذا النهار ...
عليك، ان تُدبِّر لقاء ً  ... لي معه ...
وان يكون، هذا اللقاء .. سريا ً .... 
وإلا ....
وإلا ...

أعداد
فيصل المصري 
أُورلاندو  / فلوريدا
٢٤ شباط ٢٠١٦




الثلاثاء، 23 فبراير 2016

إمرأة الوادي المُقَدَّس ... ( ٦ ) ....

إمرأة آلوادي المُقَدَّس.  
محاكمة الهُدهُد. 
( ٦ )

وسألت إمرأة الوادي المُقَدَّس، الهُدهُد، بغضب شديد. 
لماذا، 
لماذا، أعطيته هذه القصاقيص ....
بدا عليها، الإنتقام ... عن سبق إصرار، وترصّد. 
ولكنها، قررت باللحظة الاخيرة، محاكمة الهُدهُد، حتى تلِّقن سكان الوادي، ان، كل من يخالف، رأيها ...
او كل، من يخون،  ثقتّها ...
او كل، من يعبث بأمن الوادي ....
سيكون مصيره، كمصير الهُدهُد، الذي كان أقرب الناس الى قلبها. 

إستدعّت، ملك الأسود من عرينه. 
ونادّت، التنين من مغارته. 
وساقت، قطيع الغزلان من مراعيها. 
وأشارت، لسرب من الهُدهُد ان يغطّ. 
وأعادت، الشمس الى قرص السماء. 
وأمرت، الأنهار ان تعود  لتتدّفق ... من ينابيعها.  
على، يمينها جلس ملك الأسود. 
وعن، يسارها وقف التنين. 
وأمرت، الأسد بزئرة بدء محاكمة، الهُدهُد.  
فإهتّزت، الجبال وتعالت بلبلة،  الأصداء. 
وزجرّت، التنين بان يقذف حممّه ...
فاشتعل، الوادي، 
وأُضرمت، النار في كل مكان. 
وساد، السكون والصمت أرجاء، الوادي. 
وقف، الهُدهُد ،،،، 
يرتجّف خوفاً، 
تقدم سرب من الهُدهُد  والدموع  تنهار من عيونهم ....
يطلبون، العفو، والمغفرة، والمعذرة. 
سألته، إمرأة ألوادي المُقَدَّس. 
لماذا،،،،، 
أعطيته القصقوصة،
التي فيها، ان أبي رجل ٌ سماوي ٌ ... 
انا، كنت  أُريده ان يعلم اني ...
من والد بشري، وأم بشربة ...أيضا ً ...
انت،  جعلته يهاب مني ... 
ويخاف، من هيئتي ...
زئِر الأسد،،،، زئرة إرتعدت فرائص الهُدهُد.  
وما لبث، الهُدهُد  ان سقط  مغشيا ً عليه ... 
مدّت، يدها وإعادت اليه ... توازنه. 
لماذا، 
قلت له ان اسراباً من الهُدهُد  قدَّمت  لي الغذاء، والحماية، والرعاية.
هذا شأنكم، يا أهل الوادي ....
بان تمدحوا أعمالكم، وتجعلوا من قدمتم له خدمة ً ان يكون عبدا ً لكم طيلة، حياته. 
وصرخت امرأة الوادي، بأعلى صوتها،
يا أهل الوادي ...
ليس، عندكم نبتة العطاء. 
فالشمس، من عندي تعطيكم النور طوال النهار. 
والقمر، والنجوم، ينيران دروبكم بالليل. 
والأزهار، من حقلي ان اعطتكم. 
لا تعطوها، شيئا ً بالمقابل. 
كل فعل، تأتوه تطلبون مردودا ً ...
في،
 القصقوصة، 
الاولى، 
والثانية، 
سأعفي، عنك أيها الهُدهُد ....
لان الوفاء، يسري في عروقي ...
والغدر، ليس من شيمتي ... 
ونكران الجميل، لست من أهله ...
انت،  أيها الهُدهُد :
كنت،  رفيقي منذ الصبا ...
أفشيت سرا ً ... يمكنني، ان اتجاوزه ...
تعالّت تغريدات أسراب الهُدهُد فرحة ً وسجدّوا لامرأة الوادي المُقَدَّس.  
وقالت،  لهم ان المحاكمة، في القصقوصة الثالثة، والرابعة .....
ستبدأ غداً ...
وطلبّت من ملك الأسود، ان يزئر إيذانا ً برفع الجلسة.  
فيصل المصري
أُورلاندو  / فلوريدا
٢٣ شباط ٢٠١٦




إمرأة آلوادي المُقَدَّس .... ( ٥ )

امرأة الوادي المُقَدَّس. 
 ( ٥ )

......
وأمسكت الهُدهُد ....
وزجرّته، وكادت أن تقتله .....
هل أخذت قصقوصة، غير التي أعطيك إياها كل يوم ؟
أجابها، الهُدهُد :
نعم ...
أطلقت،  تراتيلا ً  ذي  مقام،  حزين ....
فإنسحبّت مياه الأنهار، الى منابعها ...
وعادت الطيور، الى أعشاشها ...
وخلد ملك الأسود، الى عرينه ...
وعادت الشمس، من حيت أتت ...
ولم يبق أمامها، الا الهُدهُد  ...
نظرّت اليه ... 
وأضاءت،  الوادي ...
بعين، فيها إنتقام ...
وعين اخرى، فيها آسى، وحزن. عميقين ...
إنه، الهُدهُد ....
حبيب، قلبها ...
ورفيق، دربها ...
وكاتم، أسرارها ...
وكليمها، منذ الصِّغَر  بعد ان تركها، أهلها ...
سألته، إمرأة الوادي المُقَدَّس، بغضّب ...
ماذا أعطيته ؟
أية ُ ... قصقوصة ؟
أجابها الهُدهُد ،،،، 
والخوف، يلّف كيانه ...
أعطيته ....
القصقوصة التي كتبّها والدك لما ترك الوادي، وفيها انه رجل سماوي، تزّوج من امرأة بشرية التي هي أُمك، وقد هلكّت من الحزن، بعد رحيله الى السماء، فور ولادتك ....
وأعطيته ... 
قصقوصة ثانية، التي فيها ان أسراب طيور الهُدهُد، هي التي قدّمت لك، الغذاء والحماية، والرعاية ...
وأعطيته ... 
قصقوصة ثالثة،  التي فيها انك تٓمقُتين، وتكرهين، الرجال بسبب ما فعله والدك السماوي، لأنه هجر والدتك  وهي، في ريعان الشباب ... 
وأعطيته ... 
قصقوصة رابعة، التي فيها أسماء الرجال، الذين تقضين وطرك منهم، ومن  ثم ... تعدميهم ...
وسألته :
لماذا... 
ولماذا ... 
ولماذا، قُمْت ٓ  بهذا ...

 فيصل المصري 
أُورلاندو  / فلوريدا
٢٣ شباط ٢٠١٦




خاطرة، في التقاليد ....


.....
وبقي يتحادثّان ...
وسارت الأمور في ما بينهما، عٓلى أحسن حال ...
الى أن تذكرّت ... التقاليد ...
وقالت له :
إننّا نحتار، بتقاليدنا ...
هل، نتبعُها ...
هل، نستهزء بما تعلمناه من اهلنا، من عادات، وتقاليد ....
حتى لو كانت ما لا نريد ... او نحبّه. 
وهل، نتعامل مع أنفسنا وفق إرادة المجتمع،  الذي نحن نقيم فيه. 
وأين، الصحيح ...
وأين، الغلط ...
إنّي، ضائعة في زمن إختلفت فيه التقاليد، والاعراف ..


لا أعرف، 
من، هو الصحيح ...
ولا أعرف، 
ولن، أعرف. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٢ شباط ٢٠١٦

الاثنين، 22 فبراير 2016

إمرأة الوادي المُقَدَّس ... ( ٤ ) ...

امرأة الوادي المُقَدَّس. 
 الصندوق الخشبي المرصّع. 
الفصل الرابع. 

ولما بدأ الهُدهُد بالكلام عن الصندوق الخشبي المرصّع بالجواهر، انقشعّت غيمة ٌ سوداء كانت تلف الوادي، وتوقفّت الرياح العاتية، وساد السكون وسجدت الطيور، وعبق الوادي بروائح الزهور، وبانت روائع رسومات الحواري على مداخل الوادي، وعكست أشعة الشمس اقواس، من قُزح الألوان.
اما هي ابتسمت، وكأن الشمس، والقمر، والنجوم أُخلي سبيلهم، فتعطّر الجوّ برائحة فمها ،،،
وقالت بحنان، ما بعده، حنان ...
ومدّت يدها برفق، ما بعده، رفق الى رأس الهُدهُد ... 
وأسقّته من ريق عسلها، حتى يحلو في تغريداته ...
ويمضي دون ان ينسى شيئا ً  ...
وقالت، له تعالى يا حبيبي ...
وضمتّه اليها، قائلة ان حواسي معك ....
أخبرني ما قصة هذا الصندوق ...
قال،  لها :
أمر هذا الصندوق، عجيب ٌ ،،،،، 
مرصّع من ثلاث جهات ٍ ،،،،، 
لم ار في حياتي، جواهرا ً او احجارا ً كريمة  تضاهيها ،،،،
لا ارى حتى في الوادي، مثيلا ً لها ،،،،
ولمّا سألته، قال لي :
هذا الصندوق، كان هديتّي لحبيبتي التي أبحث ُ عنها،  منذ عقود. 
لما افترقنا، أبّت ان تأخذه معها ،،،،
وقالت لي :
إحفظ هذا الصندوق، وأعدّْه لي، إن ... إلتقينا ،،،
ومنذ ذلك الوقت، وفي كل يوم على فراقنا أضع حجرة ثمينة، على هذا الصندوق، حتى أُحصي الأيام التي غابت، عني.
ولمّا سألته أيضا ً ،،،،،
عن سبب عدم إكمال الجهة الرابعة :
أجاب، بانه توقّف عندما التقى بك، يا سيدتي ،،، 
وأصبح بدّل الجواهر، والأحجار، يحتفظ برسائلك التي ارميها له، كل يوم ....
ضحكت، وقالت :
 إذن، أحبني وانه نسي، حبيبته التي يبحث عنها ....
وأني اذا ذهبت اليه، يستقبلني ويحبني كما أُحِبُّه ،،، انا.  
أجابها، الهُدهُد :
كلا يا سيدتي، انه كاد ان يحبك، ويقع صريع غرامك ،،،،، 
لولا قصقوصة، حملتها اليه  ....
هذه القصقوصة، أخافته، وأرعبته، ودّب الذعر في كيانه ...
إنتفضّت إمرأة آلوادي المُقَدَّس من مكانها ... وصرخت. 
ما هي القصقوصة ...
التي خاف،  منها ؟
تغيّر الجو،
وتلبدّت الغيوم،
وغابت الشمس،
 
وهربت الطيور.  
وجفِلّت الوحوش. 
 
وأمسكت الهُدهُد ،،،،،،
وزجرّته، وكادت ان تقتله ،،،،
هل أخدت قصقوصة، غير التي أعطيك إياها كل يوم ؟
أجابها، الهُدهُد :
 نعم ...

انتهى الفصل الرابع. 

 فيصل المصري
أُورلاندو  / فلوريدا
٢٢ شباط ٢٠١٦





إمرأة آلوادي المُقَدَّس ... ( ٢ و ٣ ) ...

إمرأة ألوادي المُقَدَّس.
الفصل الثاني. 
والفصل الثالث. 
 
وعندما رجع الرجل العجوز الى دياره، لم يكّن  يعلم ان سِحْر  هذه المرأة قد اخذه بعيدا ً، وبدأ يتحّسر على ايام الصِّبا والشباب، ولاحظ ان عقله وقلبه، انتقلا  فجاة من التي كان يبحث ُ عنها طوال سنوات عمره  الى هذه المرأة التي إلتقاها، بالوادي. 
وبينما هو في غُربته ينتظر الطائر الميمون، كعادته كل يوم، يحمل له قصقوصة ورقية، تحكي له امرأة الوادي المُقَدَّس   أخبارها، واحوال رعيتها. إستلم  يوما ً من الأيام، قصقوصة ً ورقية، حملها له طائر الهُدهُد، تقول له فيها :

إنّ  غِيابك عني، قد أضناني. 
والشوق إليك، زاد من أحزاني. 
والنوم، غاب  عن أجفاني. 
وحُبّك،  هو كل  أحلامي. 
عُد ْ ... إلي ّٓ ،،،،،، 
لأن :
وجهك ،،،، ما زال في خيالي. 
وعِلمُك ٓ ،،،، حرّك   ... أشجاني. 
وغيرُك ،،،، لا يقرأ  افكاري ...
وأنت ،،،، أدركت  إلمامي ...

بعد ان أنهى الرجل العجوز قراءة هذه الرسالة، إعترّته  الدهشة، ولم يصدّق عيناه، ان هذه المرأة، فائقة الجمال، هامت ْ به، وتكتب اليه هذا الكلام، المشحون بالحب، والعاطفة.  
وبدأ بالتفكير المضني، والقاتل، كيف له ان يذهب اليها، وقد طلب من الطيور المهاجرة، عدم التوّقف في هجرتها. 

فضلا عن ذلك، إن  صحته  تدهّورت،  وساءت حاله، وبدأ يعّد أيامه المعدودات، وقد غلبّت حياته  التعاسة، ونهش قلبه الندامة، وسطّرت  احزان الكون في وجهه، شقوقا ً لا تُمحى :
منها خسارته حبيبته  الاولى، 
ومنها الشيخوخة، التي لا تخوّله قضاء بقية عمره مع شابة في مقتبل عمرها. 
إنتظر الهدّهد جوابا ً من الرجل العجوز. 
وقال له :
قُل لها، انه لا يمكنني الذهاب للوادي المُقَدَّس مجددا ً، للاسباب التي شرحت.
حاول الهُدهُد، ان يُثنيه ...
فقال له العجوز :
أُنظُّر ... كيف حالي. 
لا أقوى، على السفر. 
وترك الهُدهُد العجوز، بِحاله، وقِفل راجعا ً للوادي المُقَدَّس.  

اما امرأة الوادي المُقَدَّس، تضايقت لان الهُدهُد  تأخر في العودة، على جري عادته في نقل رسائلها.  
ولم تعُّد ترّتل كل شروق  شمس، أغنياتها الرقيقة، وصوتها الشجي الذي يملئ الوادي سحرا ً  وخشوعا ً، حيث كانت الطيور تسجد لرقتِّه ، وتتوقف زقرقة العصافير، لان صوتها، سيد الأصوات. 

تأتِي الطيور لتغني معها ... تمنعهم. 
تحاول الوحوش المفترسة، التوّدد اليها ... تزجرهم. 

الى ان طلبت من الجميع، ان يتركها. 
 جلست، إمرأة الوادي المُقَدَّس على حافة جرداء، ملساء  تنظر نحو الأفق، حيث بان لها الهُدهُد، فانقشّعت اساريرها، وأرخّت إبتسامة على وجهها، تميل الى الانشراح، والحبور، وشهّقت شهقة، وكأنها عودة الروح، وبسطت يدها لاستقبال الهُدهُد  الذي ما كاد يستقر، حتى بدأ بتقبيل، يدّها وخدّها وكل ما سمحت له  بان يفعل. 
وقالت له توّقف ،،،، 
اخبرني عنه ،،،،
لم يكن الهُدهُد  سعيدا، لانها منعته من إظهار حبّه لها ،،، 
وطلبت اليه ان يخبرها عنه، بالتفصيل. 
فدّبت  الغيرة، بالطائر المسكين المُتعّب من الطيران، والتحليق ...
فسجد لها، وبدأ ... يخبرها :

لما وصلت اليه، أعطيته القصقوصة، قرأها مرتين،  ثم تناول صندوقا ً خشبيا ً مرصّعا ً بالجواهر الثمينة من ثلاث جهات ووضع القصقوصة، داخل الصندوق. 

ثمّ سألته :
ماذا قال لما قرأها ؟؟

أجابها الهُدهُد، 
كان حزينا ً محبطاً، الهمّ ينهشّه، والكآبة تنخر وجهه، ونزلت من مقلتيه دمعتين، روّت الارض ...
وكان الشيب، يغرس أنيابه في رأسه ،،،
وقد تقوسّ ظهره، وبان عليه التعب والضمور ،،،،
قالت، للهُدهُد ... 
كفى، كفى، يا هذا ،،،،

وانهالت الدموع،  مدرارا ً من عينيها، تسقي  الوادي سقيا ً  غير ذي  قبل ، فتقدّمت الطيور، تواسيها ،،،،
ولم ينقطع بكاؤها، وحزنها الا، بعد ان اخبرها الهُدهُد  قصة الصندوق الخشبي المرصّع. 

قال الهُدهُد  :
سألته، عن الصندوق المرّصع ،،،،
ولماذا يحتفظ، بكل قصاقيص الورق التي ترسليها له ....
أجابني الرجل العجوز ...
ان هذه الأوراق تحتوي على كنوز، وجواهر ثمينة، فيها العلم المكنون في صدور الآلهة، وقد التقطتّها من الوادي المُقَدَّس، وانا أنهل منها ما ينقصني من علوم ٍ ما لذّ  وطاب من معرفة، لأَنِّي أتوق لمعرفة سِر ّٓ  مقاصدها، ومعانيها. 

بدأ الهُدهُد  الكلام عن الصندوق الخشبي المرصّع بالجواهر. 
إنقشعت غيمة سوداء كانت تلّف الوادي ...
وتوّقفت  الرياح  العاتية ...
وساد السكون ...
وسجّدت  الطيور ...
 وعبق الوادي، بروائح الزهور ...
وبانت روائع رسومات الحواري، على مداخل الوادي ...
وعكست أشعة الشمس، اقواس من قُزح الألوان، البهّية ....

اما،  هي إبتسمت ...
وكأن الشمس، والقمر، والنجوم، أُخلي سبيلهم ...
فتعطّر الجوّ برائحة فمها الزكية ...
وقالت، بحنان ما بعده، حنان ...
ومدّت يدها برفق ما بعده، رفق ...
الى رأس الهُدهُد ....
وأسقّته من ريق عسلها، 
حتى يحلو في تغريداته، ويمضي دون ان ينسى  شيئا ً ...

وقالت له :
 تعالى، يا حبيبي ....

وضمّته اليها، قائلة :
ان حواسي معك ...
أخبرني، ما قصة هذا الصندوق  ؟؟

انتهى :
 الفصل الثاني. 
والفصل الثالث. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٢ شباط ٢٠١٦

إمرأة الوادي المُقَدَّس .. ( ١ )



إِمرأة الوادي المُقَدَّس ،،، 
وعودة البطّل، الى ريّعان الشباب. 
هي رواية، سبق ونشرتها في السنة الماضية في مدونتي.  
أُعيد نشرها، تلبية لطلب بعض الأصدقاء ألجُدّد.  
      --إمرأة الوادي المقدَّس --

تدور أحداث  هذه القصة  الخرافية، في الحقبة التاريخية المعروفة  بالحضارة  البابلية، وما سبقها من فترات  كانت البشرية  تبحث عن وسائل، وطرق، حتى ترتقي الى معرفة  سر الكون  والخليقة. 

في احدى البقاع، نشأ شاب، وفتاة تعارفا، وتحّابا، وعشّقا بعضهما البعض، وكانا يلتقيان  في السهول، والحقول، والهضاب، يساعدان الأهل في الزرّْع، والحراثة، ويلتقيان في المواسم، والأعياد، وكانت الفرحة تُغمِّر قلوبهما، لا يعّكر صفاء  حبهما  اي حاجز او مانع.

في جو من المعتقدات، والطقوس  المختلفة، ترعّرع  حبهّما لانه هو، كان يمارس طقوسا ً دينية، تختلف عن طقوسها، ولكنهما لم يتقاتلان، او يتخاصمان، لان الشعوب في تلك الفترة من الزمن،  كانت تنعم برقي في ممارسة المعتقدات، والنظم،  وإن كانت متعدّدة، بحيث  تحترم، كل  فئة  عادات  ومعتقدات الشعوب الاخرى، لا بل كانت الشعوب،  تترك  ممارسة المعتقدات، للكهنة، والسحّرة  والمنجّمين،  دون  تدّخل  او عبث او خصام  في معتقدات الطرف، الاخر. 

كان حُبّهما حديث الأهل، ولكنهما إعتقدا ان هذا الحب قد أخذ مداه وأتفقا، على ان يوقفا هذه القصة، وان يرحل كل منهما في سبيله. 

اعتقد الشاب، والفتاة أنهما أدركا أقصى درجات الحب، ولكنهما لم يدركا سر الكون، والخليقة في حياتهما هذه، ولهذا ..... 
تعانقا، وافترقا، على أمل ان يلتقيا في جيل اخر. 

كان، قدّر هذا الشاب، وقدّر هذه الفتاة، غير ما كُتب لبقية الناس، لأنهما قد  خُلقا  من  اجل غاية، لا يدركها الا القلّة القليلة من البشر.  تختلف عن بقية من عاش حولهما، وهي البحث عن المعرفة، والإيمان. 
هو ذهب، غربا ً مكان غروب الشمس. 
وهي ذهبت، شرقا ً مكان  شروق الشمس. 

كان الوداع، صاخبا ً ومؤثرا ً وقد كره الأهل ان  يهاجر الابن، وان ترحل الابنة، ولكن الإصرار من الطرفين  كان سيد القرار. 
ما ان حطّ،  رحاله بعد حين  في ارض خصبة، حتى بدأ يقارع الحياة، وهو في عزّ شبابه، بالحراثة، والكّد، والتعب، وكان حنينه  دائما وأبدا ً الى حبيبته، يتذّكرها ويحلم  كل ليلة بان يلتقي بها. 
زاد حنينه، وشوقه، وحبه، وشغفه، بها سنة بعد سنة. 
ولكن، هذا الحب الدفين، لم يمنعه من البحث والتقّصي عن سر الكون، فبقي ينهل من العلوم  بحثا ً عن الحقيقة، حتى وصل الى مشارف المعرفة، فإطمأن قلبه واستراحت، هواجسه التي أقلقته، وجعلته  يرحل مخلفا ً حبيبة  عمره. 

الى ان خطّرت  له فكرة، 
أن يبدأ جديا ً في البحث عن رفيقة، وحبيبة الصِّبا، بعد ان ادرك من العلم ما كان مخفيا ً عليه. 

كان ينتظر، ويراقب  الطيور المهّاجرة  كل سنة، تمُّر من سماء مكان  وجوده، وتعود ادراجها، بعد غياب فترة من الزمن. 

سأل نفسه،  لماذا لا يستعين بهذه الطيور في البحث عن حبيبته، خاصة وانه بات قاب قوسين او أدنى، من دنو اجّله، وهو العالم والمدّرك نظرا ً لوصوله الى خواتيم العلم، والمعرفة. 

لمّا حان موعد مرور الطيور المهاجرة، أشار اليها بالتوّقف،  وطلب من الطيور التي تقود الأسراب، ان تأخذه  معها في رحلتها السنوية، وأبلغهم قصده  في  ان تساعده في البحث عن حبيبته. 

أجابته الطيور،  بالسّمع والطّاعة، واتفقوا على ان  تاخذه  في  هجرتها، كل سنه، على ان تعود به في رحلة العودة  الى محل إقامته. 

وتعدّدت  سفراته، على مدى سنوات طويلة، دون جدّوى، وأحّس ان العمر بدأ ينهشه، وخارت قواه، وغزّا الشيب مفرقه، وسيطر الندم عليه، لان العمر ضاع من دون ان يلتقي  حبيبته، ومعشوقته. 

الى ان قرّر ان يهاجر مع الطيور للمرة الاخيرة. 

في هذه المرّة، وبينما كان يأخذ قسطا ً من الراحة بعد عناء من نهار طويل، جلس واستراح  على أكمة، تطّل على واد ٍ   فيه من الأغصان المتشابكة، والاشجار المتطّاولة، والأعشاب داكنة الخضرة، والنباتات دائمة النضرة. 

 شاهد امرأة  عن بُعْد ٍ،  تعيش وحيدة  في  الوادي، لفت نظره انها فائقة الجمال، وأنها تمشي حافية القدمين، يرافقها في حلّها  وترحالها سرب ٌ من طيور الهدّهد، تصدح الجو، بالألحان الجميلة، وتأكد له، من ثاقب نظره، وعلمه العميق، ان هذه الإمرأة  كانت  فيما مضى عظيمة الشأن في أهلها، ودخل الى مكامن عقلها، وبان له، كم  من العلم والمعرفة تدركه، لانها تقوم، كل يوم بنشر وكتابة العلم، والمعرفة على أوراق الأغصان، بعد ان تمشقها. 

خطر في باله، ان ينزل الى هذا الوادي ليتعّرف على هذه الامرأة. 

كانت كل صباح، وفي وقت محدّد تمر هذه الإمرأة وعلى جري عادتها، تمشق من الأوراق، وتكتب، وتكتب، وتكتب، عليها، الى ان قرّر  في الصباح الباكر ان يسبقها، ليقرأ ما كتبته، في الأيام السابقة. 

في اليوم التالي،  وقبل بزوغ  الفجر بقليل، وصل الوادي وبدأ يلتقط الأوراق المتناثرة أرضا ً، يقرأها ويقرأها، ويحتفظ بها، بعد ان تبيّن  له انها تتضمن أكثر  من العلوم التي وصلت اليه، بعد سنوات طويلة  من عمره  قضاها يبحث عنها.
  وتبيّن  له ايضا، انها تحوي  على  علوم جديدة، لم يتوّصل اليها، وها هو يجدها في أوراق مرمية على الارض، وقد إعترته الدهشة، والاستغراب، ان القوافل التي تمّر في الوادي، وفي عِدادها اقوام من البشر، لا تعّر هذه الأوراق أي إهتمام، فإمَّا أن تدوسها الدوّاب، او تستعمل وقودا ً لإضرام النار، بالرغم انها تختزن العلم، والمعرفة وبواطن الأمور. 



في هذا الوادي، كانت القوافل تمّر، وتأخذ ما طاب لها من طعام، وشراب، وكانت إمرأة الوادي المُقَدَّس  تراقب  القوافل والبشر، ولم تكّن ترغب في ان يقيم اي إنسان في هذا الوادي، إذا كان جاهلا ً او لا يفقه من العلم والمعرفة. 
لهذا السبب، إهتمت إمرأة الوادي المُقَدَّس ، بتنظيم حقوق وواجبات الحيوانات، والطيور المقيمة، وكان السمّع، والطاعة مقياسا ً لإقامة، هذه الحيوانات، والطيور، وإلا كان ترك الوادي، والنفي الى جهة مجهولة مصير، من لم يطّع، أوامرها. 

كانت امرأة الوادي المُقَدَّس،  تأمل في  ان تلتقي من بين  ركاب القوافل التي تمّر، برجل تاخذه زوجا ً لها، يُؤنسها في وحدتها. 
ولكنها لم تفلح بإيجاد رجل، من بني البشر  يأسرها او يُعجبها، لان الجهل، والغباء كان يسيطر على ارجاء المعمورة في ذلك الوقت. 

الى ان التّقت بهذا الكهل العجوز، في الوادي يقرأ أوراق الأغصان التي تكتب عليها، ويقوم بجمعها، ويفرغ من جعبته،  وجيوبه كل مأكل، او مشرب، ليحتفظ بأوراق الشجر. 

تعجّبت من هذا العجوز، كيف أدرك  مقاصد علمها، وفهم  معاني كلماتها، وكيف إنكّب على جمع الأوراق، وحفظها. 

لم تأبه كونه زاد في العمر عتيا ً، بقدر ما لفت نظرها العلم الواصل اليه، 
فقرّرت ان تعرف من هذا الرجل. 

فاجأت امرأة الوادي المقدَّس الرجل العجوز، وهو يلمّلم  أوراق الأغصان، ويقوم بتوضيبها، ونهرّته  بصوت عال ٍ ،،،،، 
ماذا تفعل، هنا ؟
وما هذا الذي تجمعه، من أوراق أغصان ٍ متساقطة ٍ  ذابلة ٍ وضامرة ٍ ؟

لم يقو َ على إجابتها ...
أخذته الدهشة ...
وإرتعدّت فرائصه ...
وإنهارت قواه ،،، 
وتجمّعت حوله الوحوش الكاسرة، والحيوانات، الضارية تزأر كل ً بصوتها، واختلطت الأصوات، حتى قامت امرأة الوادي المقدَّس، بزجر الحيوانات طالبة ً السكوت، والخنوع، والخشوع ،،،،
فأمتثلّت لها ... 
وراق الجو من الأصوات ،،،، 
وتقدّمت نحو العجوز، تسأله،
 من انت ؟ 
ولماذا انت هنا ؟ 
وطلبت اليه ان ينزع  حذائه فورا ً لانه في ارض مُقدّٓسة. 

بدأ الرجل العجوز، بالكلام بعد ان هوّنت عليه من الجزع، والخوف، الذي اصابه، 
وقّص عليها قصته حرفيا ً.
إجابته، 
وقد بدا عليها الارتياح، ان يُكمل  جمع ما شاء من أوراق. 

وبينما العجوز منهمك ٌ في عمله، إلتفت حوله حتى يشكرها، ولكنه لم يجدها، فاختفت عن ناظريه، ودبّ الحزن على وجهه، وأكمل جمع ما يراه مفيدا ً من أوراق. 

وقد لفت نظره، انه إلتقط ورقة عن  الارض، وقد كتبت  له  هذه المرأة  على إحداها، أن ينتظر رسالة، يحملها طائر ميمون اسمه، الهدّهد تخبره من ... هي.  

الفصل الاول.
من رواية أمرأة الوادي المُقَدَّس ....

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٢ شباط ٢٠١٦  

 

الأحد، 21 فبراير 2016

مِن، عُظماء العرب ... طارق إبن زياد، و موسى إبن نصير ...

مِن عُظماء العرب :
موسى ابن نصير،
 وطارق بن زياد. 
 
صنعا المجد معا ً ...
والتقّيا، في جهنم سويا ً ...



أن تصنع المجد وتكافأ،  هذا هو المعروف، والتقدير ....
ولكن ان تصنع المجد، وتلقى جهنم، فهذا هو بئس المصير...

في هذا البحث لن أتناول أمجاد موسى ابن نصير، وطارق ابن زباد لان كتب التاريخ، قد صمّت آذاننا عن هذين العظيمين الذين انارا ظلمات أوروبا في قرونها الوسطى، ولكن سأوجز قدر المستطاع انتصاراتهما في احتلال اسبانيا.

يقول المؤرخ ابن عذارى، وأيده البلاذري، ان الأمويّين عينوا ولاتهم على شمال افريقيا بدء ً من عقبه بن نافع، بالعام ٦٧٠ م  ثم حسان ابن النعمان الغساني، ثم موسى ابن نصير، بالعام ٦٩٩ م ، وقيل ان والد موسى كان، نصرانيا ً مثله مثل والد ابن اسحق صاحب السيرة وقد أسرهم خالد بن الوليد، في في بيعة عين التمر، إذ رآهم يقرأون الإنجيل. ويزعم البعض ان موسى ابن نصير، من بني لخم، ويذهب اخرون انه يماني .

وتعود لموسى ابن نصير، انه اخضع ساحل افريقيا الشمالية حتى المحيط الأطلسي . وكان لموسى، مولى بربري اسمه، طارق ابن زياد، حيث لمع نجمه فجأة بالعام ٧١١ م لانه اقدم على فعل جريئ وإجتاز البحر الى اسبانيا، ودوّخ واحتّل، نصفها .

يقول الإدريسي، في ذكر الأندلس منتخبات من نزهة المشتاق، ان طارقاً في نهاية صيف ٧١١،م بات وأمسى سيد اسبانيا المطاع .

بعد هذا الانتصار الكاسح، دبّت الغيرة في نفس موسى ابن نصير ، وغلت مراجله من الحسد ، فقام بالعام ٧١٢ م على تجهيز جيش قوامه ١٠٠٠٠، جندي وأبحر الى اسبانيا ، حيث تعّمد اركاع  القلاع  والحصون، التي عجز عنها طارق ، والتقيا في طليطلة. 

ماذا يقول المؤرخ ابن عذارى، والمؤرخ ابن الحكم، عن هذا اللقاء الذي حصل بينهما :
قام ابن نصير، بتوبيخ طارق وضربه بالسوط، وسار به مشدود الوثاق لتقدمه في اسبانيا دون رأيه، وهو مولاه. 

وفي خريف السنة نفسها ٧١٢ م ورد الى موسى ابن نصير كتاب  من الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان، يأمره فيه بالعودة الى دمشق متهما إياه بمثل ما اتهم هو، عامله طارق ابن زياد. 

خرج موسى من الأندلس وسار بالغنائم سالكا ً طريق البر الى دمشق، وكان برفقته ٤٠٠ أمير قوطي تعلو رؤؤسهم التيجان الذهبية وعدد لا يحصى من الغلمان ، ولما بلغت اخبار الموكب دمشق ، تلقى موسى ابن نصير الأوامر من ولي العهد سليمان بن عبد الملك، ان يؤخر في وصول الموكب لان غرضه في ذلك ان يصل الموكب غداة ارتقائه العرش، لان أخيه الوليد كان مريضا ً.
( لمزيد من تفاصيل الموكب ومرض الخليفة الوليد يراجع ابن عذارى وابن عبد الحكم وابن القوطية وغيرهم ...)

لم يمت الخليفة ، ودخل موسى ابن نصير دمشق في شباط ٧١٥ م واستقبله الوليد بن عبد الملك في الجامع الأموي أحسن استقبال وقدم للخليفة الهدايا، والغنائم .

لما تولى الخلافة سليمان بن عبد الملك اثر وفاة أخيه  الوليد ، اول ما قام به ان فتح باب جهنم، وأدخل موسى ابن نصير، فيه وأَحكم إقفاله، بحيث ان ذوّقه ألوان العذاب، وأنزله الى أحط  دركات المذلة  فاقامه بالشمس يوما ً كاملا ً الى ان خر ّٓ مغشيا ً عليه ومن ثم جرده من سلطته، وصادر أمواله.
وقد  شوهد فاتح افريقيا، وقاهر اسبانيا في شيخوخته، يستعطي في قرية نائية في وادي القرى من اعمال الحجاز .
( يراجع في نهاية موسى ابن نصير ابن خلكان ، ابن الأثير والمقري وابن القوطية )

فقرة استطرادية.  
يقول ابن خلكان، انه من جملة الغنائم التي قدمت للخليفة الأموي، والتي حملها موسى ابن نصير، المائدة العجيبة التي نسبت الخرافات ان الجان صنعها لسليمان ابن داوود، وان الرومان نقلوها الى روما من بيت المقدس ومن روما، نقلها القوط وصار ملوكهم يتنافسون على ترصيعها بالحجارة الكريمة، وحفظت هذه المائدة في كاتدرائية، طليطلة ، ويقول ابن خلكان الى ان طارق ابن زياد كان قد أخفى رِجلا ً من ارجل المائدة، عندما طلبها موسى ابن نصير، لانه اذا صار في حضرة، الخليفة اخرج الرِجل للدلالة على انه هو الذي أصابها، فيصدقه الوليد.

ولسؤ الحظ ، لم ينل موسى او طارقاً ، حظوة ً او تكريما ً ، بل التكريم الذي ناله طارق ابن زياد، وصله من الغرب بتسمية المضيق الذي عبره لاحتلال اسبانيا، باسمه .

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢١ شباط ٢٠١٦











لا تَقُل ... أصلي وفصلي، أبدا ً ....

لا تقُّل أصلي وفصلي أبدا ً
إنما أصل الفتى ما قد حصَّل. 
( عمر بن الوردي، المتوفي في ٧٤٩ هجرية )

وكان، يقول لها ...
أنا أبن فلان ..
وأُمي، كانت سيدة السيدات .. 
وأخي، كان من بعد أبي ...
وأنا، سأكون ُ من بعدهما ...
وكانت، لا تَرٍّد ُ عليه ...
وبقي، يلِّح ُ عليها ...
وٓيتقرّب، منها ...
إلى أن خذلّته، ونهرّته، وهزئتُّه، وٓهجرُّته ...
وقالت، بأعلى صوتها ...
سأرحل، الى العالم الجديد ..
وإخْلِد ْ .. في سبات ٍ .. مع عالمك القديم. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢١ شباط ٢٠١٦

السبت، 20 فبراير 2016

خاطرة في، الأحاسيس ...

وكانا، يتبادلان ِ الرسائل ...
ويكتِب ُ ... لها،
تعلَّقت ُ  بك ِ .. دون ان أراك ِ ...
حتى،  أَنِّي  اذا .. فكّرّت ُ بك ِ ....
أشعر، باني، دخلت ُ .. حِياضك ِ...
وتُجيبه ُ ،،، 
أشعر ُ ،،، بوجودك ٓ ....
وأسعد ُ ،،، بدفئك ٓ .... 
وأحِس ُّ ،،،، بإحتوائك ٓ ...
وأسمع ُ ،،،، همسِك ٓ ....
وقال، لها ....
أكملي، بالله عليك ِ ...
أجابت. 
ألصمت ُ، عندي ... لغة، تسود. 
والعيون، عندي ... لغة،  تبوح. 
وقال لها ..
وماذا قالت لك ِ ... العيون ...

أجابت :
لا ... يبوح ُ لي .. ليلي. 
ولا ... املك ُ من .. أمري.
وأعجز ُ .... عن أي ... قول ِ. 
وهذا، سِحْر ٌ  في ... صمتي. 

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٠ شباط ٢٠١٦ 

عِندما، كُنَّا ... عُظماء ... أثر الفكر العربي، في الفكر العبراني.

أثر الفكر العربي،
 في الفكر العبري. 
عِندما، كُنَّا ... عُظماء. 

تطرّٓقت في أبحاث سابقة، الى أثر الفكر العربي، في  :
الفكر الإسباني.  
والفكر اللاتيني. 

في بحثي هذا، سأتكلم عن الفكر العربي، من الناحية التاريخية، وتأثيره على الفكر العبري.   
وما أوسع، رِحاب. الفكر العربي.  
وما أعظم، شأن. الفكر العربي. 
وما أعلى، جُدرانه، حتى طالت السماء. 

اولا : الفكر العربي  قبل  الاسلام. 

قبل  ظهور  الاسلام،  كانت اوضاع  العرب  فيها،  من البداوة والحضارة، والفقر، والغنى،  وكانوا،  قبائل  يتطاحنون  في  سبيل الماء  والكلأ. 

وقد، تعاقبت  قبل  الاسلام  دوّل،  اخرها  دولة،  حمير. 
 وفي الشمال،  أقام  الغساسنة، دولة  قوية  بجوار  دولة،  الروم. 

كذلك،  أقام  اللخّميون   دولة  الحيرة  بجوار دولة،  الفرس. 

وقد،  تسّربت  الى  المجتمع  الجاهلي الى جانب  الوثنية  ديانات،  كاليهودية،  والمسيحية،  النسطورية  في الحيرة،  واليعقوبية  بين الغساسنة.  

أما الأدب الجاهلي،  كان  فيه  حكمة،  فطرية :

فإنك ، ترى الشاعر طرفة  ابن  العبد،  عانى  من  ظلم  ذوي القربى، حيث قال :
وظُلم ذوي القربى أشدُّ مضاضة ً
على المرء من وقع الحسام المهندِّ
 
اما الشاعر الحكيم، زهير ابن ابي سلمى  سئم  الحياة  لطولها،
حيث قال :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين  حولا ً لا  أُبالك  يسأم 
يتضح،  من الموارد الشحيحة  التي  وصلت  إلينا، انه  لم يحظ ٓ،  المجتمع  العربي  قبل  الاسلام  بفكر ٍ،  يمكن  الركون  اليه من اجل    النهوض  بحضارة  كالتي  تلت،  ظهور  الاسلام. 

ثانيا ً : بذور الفلسفة العربية. 

لقد تمثّلت، وترسّخت  بذور الفلسفة العربية،  بالقرآن  الكريم، والحديث،  والسُّنة،  والفقه، وكانت  الرافعة  الاساسية  والوحيدة التي  أثرّت  على  الحياة  العقلية،  والنهضة  العلمية،  والفلسفية. 
  وكان من  نتائجها :
 
النهضة الفكرية. 

اللغة، والأدب. 
 
التاريخ،  والجغرافيا. 

الرياضيات،  والفلك. 

الطب،  والكيمياء. 

الطبيعيات. 

ثالثا ً :  النهضة  الدينية. 

بدأت  النهضة  الدينية، بظهور  الفرق الكلامية، كالقدّرية، والجبّرية، والصفاتية، والمعتزلة، والأشعرية. 

ومن  أسباب  هذه  النهضة،  كان،  المسلمون  في  عهدهم  الاول يأخذون  بنص  القرآن  الكريم،  وحرفية  الحديث،  ولكنهم  بعد اتصالهم  بالحضارات  المجاورة  من  فارسية،  ورومية،  وسريانية، وقبطية، اختلفت  معهم  الأوضاع  وأصبحوا بحاجة  الى  مناهج جديدة،  الامر  الذي  أدى  الى  تطور  التفكير  لدى  المسلمين، وبالتالي،  الى  النهضة  الدينية. 
رابعا ً : روافد نهضة الفكر العربي. 
 
لم  يكن  الفكر العربي  يوما  متحجرا ً بل، كان  دائم الحركة، كان في  الصحراء  يلازم  السماء  والقمر،  والنجوم،  وحركة  الكواكب،  ويحاكي  الخيال. 

وقد  استلهم  الفكر العربي  من  ثلاثة  روافد،  أشبّعت  تعّطشه، ونهمه، وتوَّجه  الى الترقي  للوصول الى  كنه،  ولب الحقيقة. 

وقد  تلّقف، ودرس،  وترجم  الكتب، والمجلدات  من الحضارات التي سبقته،  وهي  اليونانية،  والفارسية،  واللاتينية. 
وعندما،  ارتوى  الفكر العربي،  من  هذه  الروافد  وشرب  منها  ما يحتاجه  لبناء  نهضته  العظيمة،  والخلّاقة  ووصل  مستوى  فكره الى العطاء،  لم يبخل  هذا  الفكر العربي  من  ان  يغذّي الحضارات، الاخرى ( كالعبرية، والإسبانية، والّلاتينية ) من اثاره، الفكرية العميقة التي وصل اليها بعد جهد وعناء.   
وقد  أجمع، مؤرخو  التاريخ، والفلسفة، ان العرب، أينما حلّوا  كانوا لا يبخلون في العطاء، وهذه  ميزة  لم يُسطِّرها  التاريخ  لغاز ٍ يقهر الشعوب التي يحكمها، بالحديد والنار. 


اليوم،  سأكتفي في بحث :

اثر الفكر العربي ، في الفكر العبري، ( بالأندلس )

كان اليهود،  على صِلة  بالفكر الاسلامي ، في الشرق  والغرب، فنقلوا الاثار  العربية  الى  لغتهم، كذلك  نقلوا  التراث  العربي  الى اللاتينية. 

كانت،  طليطلة  المدينة  العامرة  الأندّلسية،  تعلو  قببّها  ودواوينها نهضة  علمية  حيث  رعّت الحركة  العلمية  فاجتمع، العلماء على اختلاف  مللّهم  لمعالجة  الأبحاث  وترجمة  الاثار  النفيسة  ومنهم من  كان  يجيد  العربية،  والعبرية،  واللاتينية،  والإسبانية،  وقد  شمل  عملهم،  الطب،  والفلسفة،  والفلك،  والرياضيات،  والأدب. 

اهتم  اليهود،  بالترجمة  والتأليف،  وقد  وضعوا  الكتب  باللغة  العربية  وقد  بدا  واضحا ً  تأثرهم  بالمؤلفات العربية،  أهمهم : 

 المؤلف،  يحي ابن يوسف  بن فاقوذا، الذي وضع  كتابا ً بالعربية  سمّاه،  ( الهداية  الى فرائض القلوب ) وبدا  فيه  متأثرا ً بالغزالي. 

المؤلف،  ابن  جبرول، الذي  وضع  كتابا ً سمّاه، ( ينبوع الحياة ) وقد،  تأثر  بابن  مسٌره. 

المؤلف،  موسى  ابن  ميمون، الذي  وضع كتابا سمّاه، ( دلائل الحائرين )  كان  الهدف  منه  التوفيق،  بين الشريعتين،  الموسوية والفلسفة  الإغريقية. 

وقد إستعان  المؤلفين  اليهود،  بمؤلفات  متكلمي  المسلمين، كالإشعري،  والغزّالي،  وابن مسّره،  والفارابي،  وابن سيناء،  وابن رشد،  في الدفاع  عن  تأويلاتهم،  العقلية  وعن  ارائهم  في الجمع بين  أصول  شريعتهم،  وفلسفة  الإغريق. 

ويعود السبب في هذا التأثير لان الفلسفة العربية، والفلاسفة المسلمون،  تجذّرت فيهم  الأدلة  والبينات، لثاقب  علمهم،   وكان اليهود  بأمس  الحاجة  الى  الأدلة  والبينّات، حتى  يتم  لهم  التوفيق  بين  شريعة  موسى،  والفلسفة  اليونانية. 

ويعتبر،  موسى  ابن ميمون،  أعظم  فلاسفة  اليهود، وقد  توفي بالعام  ١٢٠٤م حيث  درس على  يد  تلميذ الفيلسوف  أبن ماجه، وقد،  وضع  عدة  مؤلفات  بالعربية  أشهرها،  كتاب ( دلائل  الحائرين ) حاول  فيه،  التوفيق  بين  العقل  والدين ، متأثرا ً جداً  بابن  رشد. 

أمّا  من  اهم  نتائج  انشغال  اليهود  بالعلوم  العربية،  وبالتأليف بهذه  اللغة  ايضا ً، انه  علّت  صيّحات  من  رجال  الدين  اليهودي يعيبون  فيها على  علمائهم  انشغالهم  باللغة  العربية،  وبُعدهم عن  اللغة  العبرية  التي اصابها  الكساد. 

 وقد  وصل  تعلّق اليهود  باللغة  العربية،  ان قام  احد  مؤلفيهم، ليفي  بن  التبَّان  الى  وضع  كتابا ً  بالعربية  سمّاه ( المفتاح  في نحو العبرية ). 

اخيراً،
 وبعد  نكبة  العرب  المسلمين،  التي  حلّت  بالأندلس، 
تلتّها  نكبة اخري   حلّت  باليهود  على  يد  الإسبان. 
  ( يراجع في مدونتي في سر العلاقة  بين  الامبراطورية  العثمانية  واليهود )
 حيث يتّبين  الى أين  تمّت  هجرة  اليهود،  من  اسبانيا. 

والى أين تمّت هجرة العرب المسلمين، من اسبانيا. 
العرب المسلمون، تاهوا في البلاد العربية .....
اما اليهود، فقد إستقبلتهم الامبراطورية العثمانية بالترحاب، وفتحت لهم أهم مدنهم، وجعلوا من إستامبول، اعلى مركز، ومقام للحاخامية، في العالم. 
لم ينس ٓ اليهود ان تأبطوا معهم كُتب الفكر العربي، كلها في هجرتهم الى مقرّهم الجديد، السلطنة العثمانية. 
إنها سلطنة، سحق الكرامة العربية. 
إنها سلطنة، وئد الحريات العربية. 
ومِسخها، تركيا اليوم .... على شاكلتها. 

أعداد 
فيصل المصري 
أُورلاندو  / فلوريدا 
٢٠ شباط ٢٠١٦



   

الجمعة، 19 فبراير 2016

... عِندما، كُنَّا ... عُظٓماء ... أثر الفكر العربي، بالفكر اللَّاتيني ..

الاثر العربي، في الفكر اللَّاتيني. 
عِندما، كُنَّا ... عُظٓماء. 


الأثر العربي، في الفكر اللَّاتيني.  

كان الفكر العربي القديم،  أشبه  بالمنارة  التي  تقام، على الشواطئ  لتهدي  البحّارة  الى مرفأ  الآمان. 
تسّرب  الفكر العربي،  الى الغرب  اللاتيني  في  أمكنة  عدة، أهمها :

اسبانيا،  وصقلية،  وبيزنطية،  وكان  في  كل  بلد  من  هذه البلاد  نَفَرٌ،  ينهلون  علوم  العرب  بنهم  وشغف،  شديدين، منهم من  كان  اسقفا ً او  رجل  دين  مسيحي،  او  فيلسوفا ً او  عالما ً راقت  له  ما  وصل  اليه  العرب  من  رقيّ علميّ  رفيع. 

اما،  العلماء  اليهود  كانوا  صلة  الوصل  بين  اللغتين  العربية، واللاتينية،  وأخذوا  دور  السريان،  في  النقل  والترجمة. 
كذلك،  كان للفرس  الدور  الممّيز  في  النقل  والترجمة  ما  بين اللغتين  الهندية،  والعربية. 

لما احتّل  العرب  اسبانيا،  تفرّغ  القادة  لإرساء  دعائم  الحكم، وانصرف  العلماء،  والفلاسفة  الى  شق  طريق  من  اجل  ان يسلكه  الفكر  العربي  الى  أوروبا  اللَّاتينية،  وباتّت  أوروبا، جزء ً من  العالم  الشرقي،  لان  الفتح  العربي  اصبح  صلة  الوصل  بين  الثقافتين. 

في  القرن  العاشر،  احتّلت  قرطبة  مكانة  علمية  مُميّزة  في ارجاء  أوروبا، فانتقل  اليها  طلاب  العلم،  ونافستها  طليّطلة، بحكم  موقعها  الجغرافي  ما بين  اسبانيا  العربية  وإسبانيا، القديمة،  ولم  يمنع  هذا  من  ان  التّقت  بذور  العلم  العربية، والإسبانية معا ً  وغدّت،  طليطلة  بركانا ً  ينفث  الحمّم  العلمية  العربية  الى ارجاء  العالم  إِلَّلاتيني. 


انشأ  الأسقف  ريموند،  في  طليطلة،  مدرسة  للترجمة،  وطارت شهرتها ارجاء  أوروبا  فاكتّظت  بالمترجمين  وطلاب  العلم. 

اما  في  إشبيلية،  وفي  القرن  ١٣  برزت  مدرسة  للترجمة  وأُخرى  للعلم  ايضا ً ...
في  صقلية،  بعد  ان  احتّلها  النورمان  في  القرن  ١١،  بقيّت هذه  الجزيرة،  محافظة  على  طابعها  العربي،  حضاريا ً  وعلميا 
نظرا ً  لبقاء  العرب  اكثر  من  قرنين  فيها،  واللافت،  ان  ملوك النورمان،  قاموا  برعاية  علماء  العرب  وأغدقوا  عليهم  وأكرموهم   وفي  طليعتهم،  عبدالله  الإدريسي،  حتى  انه  يقال  ان  بعض ملوك  النورمان،  ومنهم  بصورة  خاصة  الملك  فريدريك  الثاني، في  أواسط  القرن  ١٣،   كانوا  من  هواة  الحضارة  العربية  وقاموا،  بإستدعاء  علماء  العرب  الى  البلاط  الملكي  محاطين باسمى  معاني  التكريم  والتبجيل،  والعناية،  الشديدة.  
في  هذه  الحقبة  من  الزمن،  بدأت  عوارض  التمّخض،  الفكري والعلمي،   والعمراني  تجتاح  أوروبا،  فاتجه  طلاب  العلم، والمعرفة  صوب  اسبانيا  وصقّلية،  واتجّه  فريق  اخر  الى  قلب الشرق  العربي. 
 
فازدهر  علم  الترجمة،  المبني  على  المقاصد،  والمعاني  لا  الألفاظ  والمباني،  إذ  قام  الكتّبة،  والمترجمون  بالاطلاع  على المنجزات  الفكرية العربية،  فازدهرت  الترجمة  من  العربية  الى اللاتينية  في  القرنين ١٢ و ١٣  وكان  المترجم  الألمّعي،  اسطفان  الأنطاكي  وهو  عالم  إيطالي  من  مدينة  بيزا  حيث مكث  في  صقلية  ثم  انتقل  الى  إنطاكية،  واهتّم  بترجمة  كتب الطب. 

اما  المترجم،  جيرار  الكريموني،  قصد  طليّطِلة  طلبا  لكتاب، المجسطي  لترجمته،  ولكنه  عكف  على  دراسة  اللغة  العربية  حتى  يتّم  له  نقل  تقاويم  المجريطي  الفلكية، ومؤلفات  الزهراوي  في  الطب  وشرح  أرسطو  للفارابي،  واصول  الهندسة  لإقليدس. 

اما  هرمان الدلماشي،  وروبرت  الراتيني،  نقلا  كتاب  الجبر، والمقابلة  للخوارزمي،  ونقلا  ايضا ً  القرآن  الكريم  الى   اللاتينية. 

اما  كتاب  الحيوان،  للجاحظ،  نقله  ميخائيل  سكوت  الى اللاتينية. 

بقيّت،  مؤلفات  الفلاسفة  العرب  مرجعا ً في  الجامعات  الأوربية  حتى  أواخر، القرن ١٨. 

اخيرا ً .... لا  يمكن  نكران  أفضال الفلاسفة  ابن سينا،  وابن رشد،  في  التوفيق  ما  بين  الشريعة  والفلسفة،  حيث أعتمد  الفلاسفة  الغربيين  في  ذلك  الوقت  على الاستفادة  منها   للدفاع  عن  ارائهم  المتعددة. 

كذلك،  لا  يمكن  إغفال  ما  ألفه  الغزالي،  في  تسفيه  آراء الفلاسفة،  وتأييده  التعليم  الديني،  المحافظ. 

في  هذا  الجو  العابق  بالعلم، تعرّضت  الكنيسة  المسيحية  الى بوادر  خلاف  ما  بين  اربّاب  الدين،  وأهل  العلم  كما  كانت الساحة  الاسلامية  في  حراك  علمي  تجديدي  على  يد  الفلاسفة  العرب،  المذكورين  أعلاه. 
وبقيت الكتب العربية المترجمة الى اللغات الاخرى، يجري تدريسها في حواضر العلم الأوروبية، الى آمد قريب. 
وأختم بالقول،
.... عِندما، كُنَّا .... عُظٓماء ....



فيصل المصري 
أُورلاندو  / فلوريدا 
١٩ شباط ٢٠١٦

خالد إبن الوليد ... أين انت ؟؟؟ عُد ُّ ....

أين انت .... يا خالد أبن الوليد ؟
الوطن العربي، بحاجة إليك. 
عُد ُّ ... من حيث انت. 

منذ سنوات، تُطالعك الصحف، وتُبهرك محطّات التلفّزة، عن هذا الجنرال، او ذاك، الذي خاض معركة شرّسة، لدحر المنظّمات الإرهابية التي تسرح، وتمرح، في سوريا، والعراق والسلسلة الشرقية لجبال لبنان، وغيرها من البلاد العربية.
والذي يُحيِّر انه لغاية اليوم، تزداد حِدّة الحرب ضراوة ً، وشراسة ً، وما زال الأمل ضئيلا ً بالقضاء التام، والمبرّم على هذه الجماعات، او المنظّمات، بالرغم من ان معظم الجيوش العربية، التى تُحَارب وتقاتل هذه الظاهرة الخطّرة، هي مُجّهزة عدداً، وعدّة ً، وتملك وسائل قِتَال متطوّرة جدا ً، كالطائرات، والبوارج البحرية، والدبابات، والصواريخ، وغير ذلك من وسائل هجومية، ودفاعية ايضا ً.  
وقد وردت تسّميات عدّة، لهذه الجماعات حسب ما يُصّرح به المسؤولين الرسميين العرب، منها :
-/ عصابات مسّلحة. 
-/ عصابات ارهابيه. 
-/ جماعات تكفيرية. 
 -/ الفلول الإرهابية. 
لم نسمع يوما ً من الاعلام الرسمي ان هذه .... الجماعات، والعصابات، تمتلك طائرات حربية، او بوارج بحرية، او أسطولا ً راسيا ً في اي ميناء. 
ولم نسمع يوما ً، ان الجيوش العربية تحارب جيشا ً، جراراً، او عدوا ً يملك رادارات متطورة. 
 كل ما نسمعه هو عصابات، جماعات، وفلول، وغيره من مصطلحات تبعث على الملل، والسقّم، والقنوط. 
واذا اطَّلَعْت على الإحصاءات العالمية، تُدرك علم اليقين، ان الجيوش العربية، تمتّلك اعظم ترسانة من السلاح العصري، في العالم، وينقُصها فقط وسائل التدمير النووي، اما السلاح الكيمائي، والبيولوجي، تعّج المخازن في هذه الدول بالبراميل المكدّسة. 
إذن، ولماذا التأخير في الحسم، والقضاء على هذه ...... عصابات ....الخ. ما دام السلاح موجود ومُتوّفر بكثرة. 
يدور في الأروقة الدّولية، والمحافل العالمية، همسا ً، ولمزا ً،
ويتسّرب من اللجان، المتخصصة الغربية،  (Task    (force  بعض الدراسات والمعلومات، مفادها ان الجيوش العربية بالوضع الحالي غير قادرة على الحسم، لان ما هو مُسَّرب يصل احيانا ً، الى درجة التجريح في كفاءة القادة والضبّاط ، الذين يخوضون ويخطّطون لمعارك، لا تصل الى مستوى المهنية المطلوبة، بل تُقارب او تُوازي، من يُمارس هواية، بدل ان تكون صنعته، القتال، اي خوض غمار الحروب والوغى. 
وجاء في الدراسات، ان حروبا ً كانت أقسى، وأشد هولا ً من حرب الجماعات الإرهابية، جرى القضاء عليها وإبادتها وإنزال الهزيمة النكراء بها، اما هذه الحرب التي جرّت تسميتها حرب الكرّ، والفرّ، صعُبت على جنرالات العرب، ان يحسموها، وينزعوا، فتيلها، ويُخمِدوا نارها، الذي يُدّمر ويحرق المدن، والقرى، والدساكر، في كل فر ٍّ، او كَر ٍّ،  يحصل.
وتأتيك إجابات المسؤولين والقادة العسكريين، على هذه الدراسات، ان أمر الحسم ينقصه القرار السياسي، وان حربا ً كما تراه هذه اللجان، يستّتبع تدميرا ً شاملا للمدن والقرى. 
وتأتيك الإجابة من  task Force،  على حجة التدمير بالقول، انه هناك مُدن تاريخية جرى مسحها عن خارطة التراث التاريخي، في القتال الناشب، وقد عددّوا كم من وسيط دولي حاول تحييد بعض هذه المدن، من الخراب والدمار، وآخرهم دي ميستورا.   
اما حجة القرار السياسي، كان الرد حاسما ً وسريعا ً، بالتساؤل، اي متى كان العسكر في هذه البلاد يحتاج، الى قرار سياسي في تاريخ حافل بالانقلابات العسكرية.
وخلُصت بعض التقارير الى التصريح دون مواربة، ان الدوّل العربية تجنح دائما ً الى الاستعانة بقوات اجنبية لخوض معارك بدلا ً عنها. 
ولهذا، نرى ان التدخل الأجنبي الشرقي، والغربي في هذه الحرب، ما زال خجولا ً، او من قبيل رفع العتب، ما دام تدفق المال للسلاح، يُنعش ميزانيات الدول المصّدرة. 
اما الحروب التي جرى تعدادها، على سبيل المثال لا الحصر : هي،
-/ القضاء على النازية في الحرب العالمية الثانية. 
 -/ القضاء على التمّرد في الحرب الأهلية الأميركية. 
وقد ذكرت بعض التقارير، ان الجيوش العربية الجرّارة بحاجة الى جنرالين لديهما، عقلية، وخبرة، وعلم، وكفاءة، ومهنية قتالية، في إجتياح برّي شامل يسانده كافة وسائل الهجوم، لإجتثاث هذه الدُّملة من اساسها. 
واذا رجعنا الى سجلات المعاهد العسكرية، التي أفردت تفصيلا ً كيف كانت تمتاز عقلية الجنرال الذي، تجتاح جيوشه ارض العدو، نرى ان الأوامر كانت دحر الحجر، لانه قد يكون العدو مختبئا ً تحتها، او قتل الدواجن والمواشي وحرق المزروعات حتى لا يقتات العدو إن بقي حيّا ً.
وقد اوردت بعض الدراسات، أمثلة عن جنرالين هما :
 -/ الجنرال الأميركي، جورج باطون، الذي ابتدع خطة عسكرية، شجاعة للقضاء على معاقل النازية بالحرب العالمية الثانية. 
 -/ الجنرال الأميركي، شيرمان الذي حظي بموافقة الرئيس ابراهام لنكولن، على خطته في سحق تمرّد ولايات الجنوب بالحرب الأهلية. 
أما انا شخصيا ً، فاني أُضيف الى هذه اللائحة جنرال عربي فذ هو، خالد ابن الوليد.
   
ويليام شيرمان، أشهر جنرال في التاريخ، قاد اكبر هجوم برّي، وأطول مسيرة عسكرية، في أواخر الحرب الأهلية الأميركية، بالعام ١٨٦٤، بدء ً من ولاية جورجيا بالجنوب وتحديدا ً من العاصمة أتلانتا، الى المحيط الأطلسي، ومن ثم صعوداً الى معقل الانفصاليين، في كارولينا الجنوبية والشمالية. 
لم يسلم من هذا الهجوم البري، الحجر، والبشر، والدواجن، والمواشي، والمزروعات حتى الأواني المنزلية.  
باتون  Patton، باواخر الحرب العالمية الثانية، تحديدا بنهاية العام ١٩٤٤، وبداية ١٩٤٥، كان على راس الجيش الثالث الأميركي، تمّكن هذا القائد، ان يجتاح قلب أوروبا بسرعة فائقة، بدء ً من النورماندي مروراً بمعركة  Bulge وفك الحصار عن Bastogne, وقد اعتبر، هذا الجيش أسرع جيش بالعالم.
لم يسلم من هذا الهجوم البري، ألا من إستسلم. 
اما خالد ابن الوليد، يقول ابن عساكر، والواقدي انه كان يقاتل في العراق، إذ بكتاب يأتيه من الخليفة الراشدي ابي بكر الصديق، يأمره بالشخوص فوراً الى جبهة الشام لنجدة جيوش المسلمين فيها.
يقول الطبري، وابن الأثير، ان خالداً بدأ سيره من الحيرة في آذار ٦٣٤، واتجه غرباً مخترقاً قلب الصحراء الى واحة دومة الجندل، 
وتعّد هذه المسيرة العسكرية من أطول ما سجّله التاريخ القديم، في أقلّ وقت، وفي قساوتها لانها كانت في قلب الصحراء القاحلة.  
هذه المسيرات، العسكرية غيّرت مجرى التاريخ، وأسدلت الى الأبد مقولة ان الحروب والفتن الأهلية تبقى طويلا ً.
كذلك تٌظهر هذه المسيرات ان الاجتياح البري هو الحل الأمثل، والأنجع، بدلا من حروب الكرّ، والفرّ التي تطول وتطول الى ما لا نهاية. 

إعداد
فيصل المصري 
أُورلاندو / فلوريدا
١٩ شباط ٢٠١٦






الأثر العربي، في الفكر الأسباني ....

الاثر العربي في الفكر الإسباني. 

دراسة

الأثر العربي  في  الفكر الإسباني !!
الجزء الثاني !!

المقدمة :

كانت قرطبة،  المدينة الأندلسية  محّط  أنظار العالم  الاوروبي، تحدّها،  ممالك اسبانيا غربا ً، وتنظر اليها  القسطنطينية  من  الشرق. 

اشتهرت  قرطبة،  بالتجارة، والصناعة،  وبالعلوم  ايضا ً ولكن سطع  نجم  هذه  الحاضرة  من  حواضر  الأندلس،  في  عهد عبد  الرحمن  الناصر. 
استمّر  نجم  قرطبة  عاليا ً يضيئ  ظلمات  أوروبا،  حتى  نهاية العهد  العربي، يسكنها  العلماء، والفلاسفة، والاُدباء، والشعراء   والمترجمون، من  كل  حدٌب  او صوب. 

كما  فعل  المأمون  في بغداد،  بإنشاء  بيت  الحكمة،  قام  العلماء  في  الأندلس  بالاهتمام  بترجمة  معظم  الكتب  التي سبق  للعرب  ان  نقلوها  من  اليونانية،  فضلا ً عن  الكتب  التي ألفها العرب باللغة العربية،  وقد  تعاون  العلماء  والمترجمون  في نقل  الاثار  العربية  الى  عدة  لغات،  نظرا  لغزارة  العلم والمعرفة  التي  حوتّها هذه  الكتب. 

مثال،  على  التعاون ما بين  العرب، والإسبان :

اشتهر  في  الأندلس، المترجم  العربي  يوحنا  ابن  داوود،  الذي انكّب  على  ترجمة  الكتب  العربية  الى الاسبانية، ثم  توّلى المترجم  الإسباني  دومينغو  غونديسيلفو  بنقل  ذات  الكتاب  الى اللاتينية. 

وقد  توجّت  اعمال  هذا  الثنائي  في  تعميم :
 كتاب  النفس  لابن  سينا. 

وكتاب،  مقاصد  الفلاسفة،  للغزالي. 

اولا ً :   النهضة  الدينية المهمة. 

  كانت  في  نقل :

القرآن  الكريم،  والتلمود  الى الاسبانية. 
 
وكتاب  كليلة  ودمنه،  ورسائل  في  النرد  والشطرنج  لابن  المقفع. 

ثانيا ً : الأثر العربي في حقل الفلسفة. 

من  الفلاسفة  العرب  الذين كان  يُحسب  لهم حساب في الأندلس، وفي  أوروبا قاطبة ً :
 
الفارابي. 
 
ابن مسّره. 

أبن سينا. 

الغزالي. 

ابن رشد. 

أقبل  على  هؤلاء  الفلاسفة،   علماء  اللاهوت  المسيحي، الذين كان  شانهم  كشأن  رجال  الدين اليهودي، في التماس  المزيد  من  الحجج  بغية  تأييد التعاليم  المسيحية. 

وقد  نشطت  لدى  علماء  اللاهوت  المسيحي،  فكرة  محاربة الاتجاه  الفلسفي  العقلي  بالأدلة  الجدلية  التي  برع  فيها فلاسفة  العرب المسلمين. 
ومن  الأمور،  التي  استرعت  الانتباه  ان  بعض  الفلاسفة الغربيين  تَبنّوا  آراء  الفلاسفة  العرب  لمجابهة  أقوال  اللاهوتيين،  ولا يغرب  عن  بالنا  ان هذه  الفترة  كانت  الكنيسة في  أوج  الدفاع  عن  العقيدة. 

ثالثا ً : الأثر العربي في الأدب الإسباني، والموسيقى. 

لم يحدث،  في  التاريخ  القديم  ان تعامل  الفاتح  مع البلاد التي  احتّواها،  واحتّلها،  كما  فعل الفاتح  العربي،  الذي  بسط  سلطانه على  بلاد  الأندلس. 

لم  يختلف  المؤرخون، على  ان  أدباء  اسبانيا  أُغرموا  بالأدب العربي، حيث  وجدوا  فيه  الخيال، وصفاء البيان،  ورقة  الغزل، وغزارة  الصوّر،  بالوصف الامر، الذي  حملهم  على  تقليده، وقد  ظهر  جليا ً في  الشعر الإسباني  ولا سيما،  في  الموشحّات. 
وقد  انسحب  الإعجاب  الى  الموسيقى، حيث  تسرّبت  الأنغام العربية  الى الاسبانية، وخاصة  الشعبية. 

أمّا  القصص  العربية  الأسطورية، أخذت  الحظ  الأكبر  عند أدباء  اسبانيا، حيث  اهتموا  كثيرا  بحكايات  سندباد  وقصص كليلة  ودمنه،   وقصة  حي  بن  يقظان. 
ومن  أهم  الأدباء الإسبان  الذين   تأثروا  بالأدب  العربي،   خَوَّان مانويل،  وريموندو  لوليو،  وغيرهما. 

أخيرا ً .... هذا هو  شان  العرب  في  الأندلس. 

نشروا العلم، والفلسفة، وكافة  العلوم  الاخرى، على أمم الارض، دون بخل ٍ او تبّجح،  وقدَّموا  الحجج،  والبراهين  لرجال الدين  المسيحي  واليهودي، حيث،  قامت حركات التجديد في الكنيسة  المسيحية، بعد صراع مرير، وانتقل  أحبّار اليهود  الى إستانبول، حاملين  معهم  الحجج  والبراهين، لدعم  شريعتهم،  حيث  تأسست  محافلهم، ولّما تزّل. 

اما العرب، قبل  وبعد  عودتهم، من الأندلس، قاموا  بإحراق  كتب 
الفلسفة ( وهذا خارج نطاق البحث ) 

أعداد 

فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا 
١٩ شباط ٢٠١٦


 

الخميس، 18 فبراير 2016

سقوط الأندلس ....

ملوك الطوائف، في الأندلس. 
دراسة تاريخية. 
 



هذا الدراسة، لا تتناول المآثر الفكرية للعرب في الأندلس، ولا تتناول الأدب،  والشعر، بأقسامه  كالموشحات،  ولا العلوم الجغرافية، ولا تشير الى أثر الحضارة العربية في الغرب، حيث كانت أوروبا تعيش في  عهد الظلمات العلمية، والفكرية، والدينية، وكان البلاط الملكي الإنكليزي،  يرسل اميراته الى الأندلس، ليتلقّين  أصول، الأرستقراطية من الأميرات العربيات، وكانت باريس في ليلة ممطرة،  يعجز السكان من السير، بسبب الوحول والسيول. بينما كانت غرناطة، وطليّطلة، وغير مدينة أندلسية، مرصوفة طرقاتها، ومضاءة  شوارعها .

لن أتناول في هذه الدراسة،  علوم الفلك، والرياضيات، ولا الطب، او الفلسفة ولكن،  اريد ان أشير الى اني أخذت  معظم المعلومات من ابن خلدون ( ١٣٣٢ - ١٤٠٦ ) الذي دخل، وسكن غرناطة  وغيره من المؤرخين، الذين استفاضوا بالكتابة، عن الأندلس، وأخبار ملوكها ......منهم :
الإدريسي ،،،
ابن عذارى ،،،
المقري ،،، 
ابن خلكان ، وغيرهم. 

كان للعرب، مآثر  جمّة  وعظيمة  في الأندلس، ولهذا السبب كان ضياعها بسبب  ملوك الطوائف، الذي  نحن بصدده  حدثٌ تاريخي، لا يصدق ، إذ قال بعض المؤرخين  ومنهم :

Lane - Poole , Moors in Spain
إن سقوط الأندلس،  هو شذوذ عن القاعدة  التي تذهب الى ان المدنية العربية،  ترسخ، وتعمّر  حينما تحل  أقدام  العرب، ما عدا اسبانيا.

وشذوذا ً عن القاعدة،  سأبدأ بحثي  من اخر  يوم  كان به العرب في غرناطة،  وذلك في كانون الاول من العام ١٤٩١ عندما اشتّد الحصار عليها  حيث  سقطت، في ٢ كانون الثاني من العام ١٤٩٢.

وقد ذكر هذا اليوم بالتفصيل، المؤرخ المقري إذ قال :
وبينما السلطان محمد الحادي  عشر ابو عبدالله  منصرفٌ عن عاصمته غرناطة، حانت منه إلتفاته  أخيرة الى عاصمة ملكه  فتأوه،  وجرت عبراته، ودمعت عيناه،  فنهّٓرته  أُمَّه، التي كانت مستشارته، وقالت :

 يحق لك ان تبكي كالنساء، ملكا ً لم تستطع ان تدافع عنه كالرجال ... 
ولا يزال الصخر الشاهق، الذي أطلّ عليه السلطان من قمته للمرة الاخيرة، يسمى :
( التموسسبرو دل مورو .. ) اي زفرة العربي الاخيرة. 
إستوّطن  هذا السلطان  بعد رحيله عن الأندلس، كما قال ( المقري ) فاس، وفيها توفي  سنة ١٥٣٣ مخلفاً  أولاداً، كانوا  عرضة  للعوز، والفقر، ويعدّون من  جملة الشحاذين. 
يراجع  في ذلك كتاب، النفح، للمقري  جزء ٢ ص ٨١٤ و ٨١٥. 
اذكر ذلك،  لان نهاية هذا السلطان، مُحزنة، وبذات الوقت عبرة ٌ،  لمن يعتبر ...... 

فقرة استطرادية :

هناك  قصة، عن  والدة  السلطان  محمد الحادي عشر ابو عبدالله، وكان  اسمها  فاطمة،  حيث  كانت  معه  وترافقه  كالظل،  لان  والده     أي زوجها  السلطان  الأبُّ أبي الحسن،  آثر جارية   نصرانية  عليها،  يقول، المقري  ان اسمها رومية،  فقامت بتحريض  ابنها، على زوجها ، لان، خلاقين الحسد، ومراجل الغيرة،  بدأت  تغلي  في قلب فاطمة،   وقد استطاع  الابن، ان  يخلع  أباه  واصبح  سيداً  لغرناطة. 

هذه الفقرة الاستطرادية، مهمة لمعرفة كيف كانت تدار دويلات، أمراء الطوائف .....

بعد سقوط الخلافة الأموية، المدّوي في الأندلس ، نشأ على أنقاضها  دول،  ودويلات،  كان الهّم  اليومي لهذه الدويلات  التنازع،  والتخاصم،  فيما بينها، وقد شهد النصف الاول من القرن الحادي عشر، اكثر من ٢٠ دويلة، او مدينة او مقاطعة،  تزّعمها أمراء، وسادة، عرفوا في التاريخ عند العرب :
ب ملوك الطوائف
ومنهم :
بنو جهّور ....... في قرطبة
بنو عُبَّاد  ........في إشبيلية
ابن زيري ..... في غرناطة
بني حمود ....في مالاقه
بني ذي النون ..... في طليطله
بني هود .. المنذرية في سرقسطة
بني صمادح ...في المرية
بنو الافطس ... في بطليوس
بنو برزال ..... في فرمونه

هذا غيض، من فيض الملوك، والأمراء. 

الان ، سأتناول بعض قصص وأخبار هؤلاء الملوك ، وكيف كانوا يديرون ممالكهم :
بنو عُبّٓاد :
يرجع نسبهم، الى ملوك الحيرة اللخّميين، وبرزت هذه الدويلة،  بمساع ٍ من احد أفرادها،  وكان  قاضيا في إشبيلية،  وقد إستعان برجل، يشبه الخليفة الأموي المخلوع  هشام الثاني،  ويقول  ابن خلدون، ان  هذا الخليفة قد اختفى،  كذلك أكد ابن الأثير، وابن الخطيب، هذه المعلومة التاريخية، ولكن  هذا القاضي  أبقى هذا الخليفة  المزعوم  واستمر بالحكم  الى ان مات القاضي،  وخلفه  ابنه  بوظيفة  حاجب للخليفة المزعوم، ثم  ما لبث  ان أعلن نفسه الحاكم المطلق، وسمى نفسه المعتضد،  وقد قال معظم   المؤرخين الذين ذكرتهم ( ان هذه الدويلة مهزلة المهازل )

إليكم قصة ثانية عن هذا ( الملك المعتضد ). 
كان شاعراً ،،، وكان  يطلب من  الشعراء ان يأتوه ليبارزهم في الشعر ، وكان كريما ً وله شعر فيه من الرّقة والجمال،  وفوق ذلك كان يحب النساء كثيراً، وقد توسّع في حريمه،  اذ كان له  ٨٠٠ امرأة  فارهة  الجمال. 

إليكم قصة اخرى،  
للمعتضد، ابنا ً خلف  أباه بالحكم،  اسمه  المعتّمد، قال عنه  ابن خلكان،  انه كان اكرم، ملوك الطوائف ، وارحبهم ساحة،  وقد  بزَّ  أباه  في  مضمار الأدب والشعر،  بحيث  لم يجتمع  بباب احد الملوك،  أعيان وجمهّرة، من الشعراء مثل ما كان يجتمع ببابه، وقيل انه أندّى وأكرم الملوك، قاطبة،  وأديبا ً من الطراز الرفيع ، وسريع الخاطر  وقوي  البديهة،  وكان لا يستوّزر  وزيراً  إلّا،  إذا كان أديبا ً، او شاعرا ً، وكان،  مهووسا ً بحفلات الإنس،  يحضرها  وهو متنّكر،  وقال عنه ( المقري ) ان احّب زوجاته اليه، جارية فاتنة الجمال، اسمها أعتماد. 
وهناك  قصة  طريفة  كيف  تعرّف اليها. وقد أُشتهرت، باسم إعتماد الرميّكية، وأصبحت ملكة، وولدت له أمراء، أذكياء، وكانت  رغباتها  تُطاع  وأهوائها، تكّلف الخزينة مالا وفيرا ً، مثلا  قالت  له،  بعد تساقط الثلج على قرطبه،  انها تُحّب  هذا المنظر،  على مدار السنه او أقله،  فأمر المعتمد، ان تُزرع أشجار اللوز على هضاب قرطبة،  لانها  تزهر  في اخر الشتاء،  فتظهر بيضاء كالثلج. 
وهناك قصة اخرى، عن الملكة إعتماد ألرميكّية،  وزوجها الملك المعتمد :

رأت ذات يوم ٍ، بعض النسّوة يمشينّ ، في الطين ( الوحل ) فاشتهت، ان تمشي مثلهن،  فأمر المعتمد ان تُسحق  الطيوب وتذّر،  في باحة القصر  ونُصِبّت الغرابيل ( جمع غربال ) وصبوا ماء الورد على الطيوب ، وعُجِنت بالأيدي،   وأصبحت  كالطين،  وسارّت الملكة، مع جواريها عليها . ....

وهناك قصص اخرى .. تُظهر سطوة النسوة، ومكائد الوزراء، وضعف الأمراء ....... وشراء المناصب ، والرشوة،   وغير ذلك من فساد الادارة،  حتى أينعت هذه الدويلات، وحان قطافها  بعد ان توّحد الأمراء المسيحيون  وقضوا على  هذه الدويلات الواحدة، تلو الاخرى. 

اخيراً ً، انهي بحثي، كما بدأته  بإعادة  القول الذي ورد في
Moors in Soain
....أجّل، أُقصي العرب عن البلاد  وظهر محيّا اسبانيا النصرانية، ردحا من الزمن مشرقا كالبدر، ولكن بنور مستعار،  ثم  حلّ به الخسوف،  وعم ّ الظلام  وما زالت البلاد تتسكع، في تلك الظلمة منذ ذاك الحين .......الخ

إعداد
فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا /
١٨ / شباط / ٢٠١٦