الاثر العربي، في الفكر اللَّاتيني.
عِندما، كُنَّا ... عُظٓماء.
الأثر العربي، في الفكر اللَّاتيني.
كان الفكر العربي القديم، أشبه بالمنارة التي تقام، على الشواطئ لتهدي البحّارة الى مرفأ الآمان.
تسّرب الفكر العربي، الى الغرب اللاتيني في أمكنة عدة، أهمها :
اسبانيا، وصقلية، وبيزنطية، وكان في كل بلد من هذه البلاد نَفَرٌ، ينهلون علوم العرب بنهم وشغف، شديدين، منهم من كان اسقفا ً او رجل دين مسيحي، او فيلسوفا ً او عالما ً راقت له ما وصل اليه العرب من رقيّ علميّ رفيع.
اما، العلماء اليهود كانوا صلة الوصل بين اللغتين العربية، واللاتينية، وأخذوا دور السريان، في النقل والترجمة.
كذلك، كان للفرس الدور الممّيز في النقل والترجمة ما بين اللغتين الهندية، والعربية.
لما احتّل العرب اسبانيا، تفرّغ القادة لإرساء دعائم الحكم، وانصرف العلماء، والفلاسفة الى شق طريق من اجل ان يسلكه الفكر العربي الى أوروبا اللَّاتينية، وباتّت أوروبا، جزء ً من العالم الشرقي، لان الفتح العربي اصبح صلة الوصل بين الثقافتين.
في القرن العاشر، احتّلت قرطبة مكانة علمية مُميّزة في ارجاء أوروبا، فانتقل اليها طلاب العلم، ونافستها طليّطلة، بحكم موقعها الجغرافي ما بين اسبانيا العربية وإسبانيا، القديمة، ولم يمنع هذا من ان التّقت بذور العلم العربية، والإسبانية معا ً وغدّت، طليطلة بركانا ً ينفث الحمّم العلمية العربية الى ارجاء العالم إِلَّلاتيني.
انشأ الأسقف ريموند، في طليطلة، مدرسة للترجمة، وطارت شهرتها ارجاء أوروبا فاكتّظت بالمترجمين وطلاب العلم.
اما في إشبيلية، وفي القرن ١٣ برزت مدرسة للترجمة وأُخرى للعلم ايضا ً ...
في صقلية، بعد ان احتّلها النورمان في القرن ١١، بقيّت هذه الجزيرة، محافظة على طابعها العربي، حضاريا ً وعلميا
نظرا ً لبقاء العرب اكثر من قرنين فيها، واللافت، ان ملوك النورمان، قاموا برعاية علماء العرب وأغدقوا عليهم وأكرموهم وفي طليعتهم، عبدالله الإدريسي، حتى انه يقال ان بعض ملوك النورمان، ومنهم بصورة خاصة الملك فريدريك الثاني، في أواسط القرن ١٣، كانوا من هواة الحضارة العربية وقاموا، بإستدعاء علماء العرب الى البلاط الملكي محاطين باسمى معاني التكريم والتبجيل، والعناية، الشديدة.
في هذه الحقبة من الزمن، بدأت عوارض التمّخض، الفكري والعلمي، والعمراني تجتاح أوروبا، فاتجه طلاب العلم، والمعرفة صوب اسبانيا وصقّلية، واتجّه فريق اخر الى قلب الشرق العربي.
فازدهر علم الترجمة، المبني على المقاصد، والمعاني لا الألفاظ والمباني، إذ قام الكتّبة، والمترجمون بالاطلاع على المنجزات الفكرية العربية، فازدهرت الترجمة من العربية الى اللاتينية في القرنين ١٢ و ١٣ وكان المترجم الألمّعي، اسطفان الأنطاكي وهو عالم إيطالي من مدينة بيزا حيث مكث في صقلية ثم انتقل الى إنطاكية، واهتّم بترجمة كتب الطب.
اما المترجم، جيرار الكريموني، قصد طليّطِلة طلبا لكتاب، المجسطي لترجمته، ولكنه عكف على دراسة اللغة العربية حتى يتّم له نقل تقاويم المجريطي الفلكية، ومؤلفات الزهراوي في الطب وشرح أرسطو للفارابي، واصول الهندسة لإقليدس.
اما هرمان الدلماشي، وروبرت الراتيني، نقلا كتاب الجبر، والمقابلة للخوارزمي، ونقلا ايضا ً القرآن الكريم الى اللاتينية.
اما كتاب الحيوان، للجاحظ، نقله ميخائيل سكوت الى اللاتينية.
بقيّت، مؤلفات الفلاسفة العرب مرجعا ً في الجامعات الأوربية حتى أواخر، القرن ١٨.
اخيرا ً .... لا يمكن نكران أفضال الفلاسفة ابن سينا، وابن رشد، في التوفيق ما بين الشريعة والفلسفة، حيث أعتمد الفلاسفة الغربيين في ذلك الوقت على الاستفادة منها للدفاع عن ارائهم المتعددة.
كذلك، لا يمكن إغفال ما ألفه الغزالي، في تسفيه آراء الفلاسفة، وتأييده التعليم الديني، المحافظ.
في هذا الجو العابق بالعلم، تعرّضت الكنيسة المسيحية الى بوادر خلاف ما بين اربّاب الدين، وأهل العلم كما كانت الساحة الاسلامية في حراك علمي تجديدي على يد الفلاسفة العرب، المذكورين أعلاه.
وبقيت الكتب العربية المترجمة الى اللغات الاخرى، يجري تدريسها في حواضر العلم الأوروبية، الى آمد قريب.
وأختم بالقول،
.... عِندما، كُنَّا .... عُظٓماء ....
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
١٩ شباط ٢٠١٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق