مِن عُظماء العرب :
موسى ابن نصير،
وطارق بن زياد.
صنعا المجد معا ً ...
والتقّيا، في جهنم سويا ً ...
أن تصنع المجد وتكافأ، هذا هو المعروف، والتقدير ....
ولكن ان تصنع المجد، وتلقى جهنم، فهذا هو بئس المصير...
في هذا البحث لن أتناول أمجاد موسى ابن نصير، وطارق ابن زباد لان كتب التاريخ، قد صمّت آذاننا عن هذين العظيمين الذين انارا ظلمات أوروبا في قرونها الوسطى، ولكن سأوجز قدر المستطاع انتصاراتهما في احتلال اسبانيا.
يقول المؤرخ ابن عذارى، وأيده البلاذري، ان الأمويّين عينوا ولاتهم على شمال افريقيا بدء ً من عقبه بن نافع، بالعام ٦٧٠ م ثم حسان ابن النعمان الغساني، ثم موسى ابن نصير، بالعام ٦٩٩ م ، وقيل ان والد موسى كان، نصرانيا ً مثله مثل والد ابن اسحق صاحب السيرة وقد أسرهم خالد بن الوليد، في في بيعة عين التمر، إذ رآهم يقرأون الإنجيل. ويزعم البعض ان موسى ابن نصير، من بني لخم، ويذهب اخرون انه يماني .
وتعود لموسى ابن نصير، انه اخضع ساحل افريقيا الشمالية حتى المحيط الأطلسي . وكان لموسى، مولى بربري اسمه، طارق ابن زياد، حيث لمع نجمه فجأة بالعام ٧١١ م لانه اقدم على فعل جريئ وإجتاز البحر الى اسبانيا، ودوّخ واحتّل، نصفها .
يقول الإدريسي، في ذكر الأندلس منتخبات من نزهة المشتاق، ان طارقاً في نهاية صيف ٧١١،م بات وأمسى سيد اسبانيا المطاع .
بعد هذا الانتصار الكاسح، دبّت الغيرة في نفس موسى ابن نصير ، وغلت مراجله من الحسد ، فقام بالعام ٧١٢ م على تجهيز جيش قوامه ١٠٠٠٠، جندي وأبحر الى اسبانيا ، حيث تعّمد اركاع القلاع والحصون، التي عجز عنها طارق ، والتقيا في طليطلة.
ماذا يقول المؤرخ ابن عذارى، والمؤرخ ابن الحكم، عن هذا اللقاء الذي حصل بينهما :
قام ابن نصير، بتوبيخ طارق وضربه بالسوط، وسار به مشدود الوثاق لتقدمه في اسبانيا دون رأيه، وهو مولاه.
وفي خريف السنة نفسها ٧١٢ م ورد الى موسى ابن نصير كتاب من الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان، يأمره فيه بالعودة الى دمشق متهما إياه بمثل ما اتهم هو، عامله طارق ابن زياد.
خرج موسى من الأندلس وسار بالغنائم سالكا ً طريق البر الى دمشق، وكان برفقته ٤٠٠ أمير قوطي تعلو رؤؤسهم التيجان الذهبية وعدد لا يحصى من الغلمان ، ولما بلغت اخبار الموكب دمشق ، تلقى موسى ابن نصير الأوامر من ولي العهد سليمان بن عبد الملك، ان يؤخر في وصول الموكب لان غرضه في ذلك ان يصل الموكب غداة ارتقائه العرش، لان أخيه الوليد كان مريضا ً.
( لمزيد من تفاصيل الموكب ومرض الخليفة الوليد يراجع ابن عذارى وابن عبد الحكم وابن القوطية وغيرهم ...)
لم يمت الخليفة ، ودخل موسى ابن نصير دمشق في شباط ٧١٥ م واستقبله الوليد بن عبد الملك في الجامع الأموي أحسن استقبال وقدم للخليفة الهدايا، والغنائم .
لما تولى الخلافة سليمان بن عبد الملك اثر وفاة أخيه الوليد ، اول ما قام به ان فتح باب جهنم، وأدخل موسى ابن نصير، فيه وأَحكم إقفاله، بحيث ان ذوّقه ألوان العذاب، وأنزله الى أحط دركات المذلة فاقامه بالشمس يوما ً كاملا ً الى ان خر ّٓ مغشيا ً عليه ومن ثم جرده من سلطته، وصادر أمواله.
وقد شوهد فاتح افريقيا، وقاهر اسبانيا في شيخوخته، يستعطي في قرية نائية في وادي القرى من اعمال الحجاز .
( يراجع في نهاية موسى ابن نصير ابن خلكان ، ابن الأثير والمقري وابن القوطية )
فقرة استطرادية.
يقول ابن خلكان، انه من جملة الغنائم التي قدمت للخليفة الأموي، والتي حملها موسى ابن نصير، المائدة العجيبة التي نسبت الخرافات ان الجان صنعها لسليمان ابن داوود، وان الرومان نقلوها الى روما من بيت المقدس ومن روما، نقلها القوط وصار ملوكهم يتنافسون على ترصيعها بالحجارة الكريمة، وحفظت هذه المائدة في كاتدرائية، طليطلة ، ويقول ابن خلكان الى ان طارق ابن زياد كان قد أخفى رِجلا ً من ارجل المائدة، عندما طلبها موسى ابن نصير، لانه اذا صار في حضرة، الخليفة اخرج الرِجل للدلالة على انه هو الذي أصابها، فيصدقه الوليد.
ولسؤ الحظ ، لم ينل موسى او طارقاً ، حظوة ً او تكريما ً ، بل التكريم الذي ناله طارق ابن زياد، وصله من الغرب بتسمية المضيق الذي عبره لاحتلال اسبانيا، باسمه .
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢١ شباط ٢٠١٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق