عيد الشُّكر الأميركي،
وجذوره التاريخية.
Thanks giving day.
لم تجتّمع البشرية، على أمر ٍ واحد، كما إجتمعت على تقدير الارض، وتكريمها، حيث حِيكت القصص، وأُنشدت ألاغاني، وصِيغت الملاّحم، وأُلصقت أجمل وأنبل العبارات، في وصف الارض :
بأنها آلهة الخصب،
وآلهة الخلق،
وينبوع الحياة الابدية.
كان العامود الذي إعتصموا به، هو الشكر، والعرفان، والوفاء، لما تقدّمه الارض لبني الانسان، والبشرية عامة ً.
وهذا لا يعني، أن الوفاء والشكر، شيمة من شيّم الانسان، التي يعمل عليها ويزيدها، بل تراه على الأرجح، يٓجنح منذ ( هابيل وقابيل، إن وُجِدا ) أن يأخذ الغدّر طقسا، ً والغزو طريقة ً، وقلة الوفاء وسيلة، والقتل منهجا ً، والسبي رجولة ً، وقد طغّت هذه الصفات، على منحى حياته، كما نشاهده اليوم.
ولقد، ترك لنا هذا الانسان، حيزا ً، نتكلم عنه اليوم، وهو، عِرفانه وشكره للأرض، وذلك باحتفالاته السنوية.
بادئ ذي بدء، ليست الولايات المتحدة، من أوجد هذه المناسبة، بل سبقتها أُمَم وشعوب قبلها.
وقد تعدّدت أسماء هذا العيد، المخصص لشكر الارض وخيراتها.
اولا ً : عيد الشُّكر في الولايات المتحّدة الأميركية :
يقع هذا العيد، في، الخميس الرابع، من شهر تشرين الثاني ، من كل عام، ويُصادف هذه السنة نهار الخميس الواقع فيه ٢٦/ تشرين الثاني،
يعود، بدء الاحتفال بهذا العيد، الى العام ١٦٢٠ عندما وصل المهاجرون الى مدينة بليموث في ولاية ماساتشوستس، اليوم.
لم يكن، لدى المهاجرون اي خبرة في الزراعة.
جرى تعليمهم، من قبل أعضاء قبيلة هندية، عن طرق الزراعة، والصيد.
وكان اول موسم حصاد، اقامه المهاجرون، إستغرق، ثلاثة ايام، دعّوا فيه الهنود ليشكرونهم على المساعدة، والصلاة، لان الله قد منّٓ عليهم بزرع وحصاد، وفيرين ....
وبقي الشعب الأميركي على عادّته في نهاية موسم الحصاد، يقوم بالصلاة والشكر، وإقامة أشهى الطرق في إعداد الديك الرومي، وأتخذوا من هذه المناسبة، لمّ شمل العائلة، وابتدعوا طرقا ً حتى في تكريم ديك رومي واحد، يؤخذ في إحتفال مهيب الى رئيس الجمهورية، حتى يصدر أمرا ً رئاسيا ًً يتضمن إعفائه من الذبح.
هذه المراسم الاحتفالية، التي دأب الشعب الأميركي على إقامتها سنويا ً، أثارت همّة الحكومة الفيدرالية في إعلاء شأن هذه المناسبة، حيث أقر ّ الكونغرس تعديلا ً دستوريا ً، بالعام ١٩٤١ ، تكريما ً لهذه المناسبة.
ثانيا ً : الجّذور التاريخية :
وكما أوضحت بالمقدمة، ان الانسانية، كان يختلج عقولها، وقلوبها، شعور يتراوح في إظهار الفرح، والحزن، كما كان ينتابها ويهيّمن عليها، الشكر لما تقدّمه الارض :
١/ في العصر البابلي :
المقصود بالعصر البابلي، هو حضارات سومر، أكاد، أشور، كلدان، وبابل. في هذا العصر، وفي هذه البقعة الجغرافية، وفي الخصوبة التي تمتاز بها تربة، ما بين النهرين، كان للزراعة شأن عظيم، وقد رُصِّعت الملاحم، بأوصاف الخير، والشكر، للآلهة على الحصاد، والنعمة التي توّفرها الارض.
كان لديهم ؛
عيد، حصاد الشعير.
عيد، قطف التمور.
وذلك، في الاول من نيسان، اي عند، حلول فصل الربيع.
كان القصد، من هذين العيدين، إبراز ولادة الحياة.
ويعود تاريخ إحياء هذه الفكرة، الى الألف الرابع، او الخامس، قبل الميلاد. لذلك، هو يُعّد، أقدّم احتفال أُقيم في التاريخ.
إن بذور هذا العيد، قد لقّحت، وخّصبت اغلب الأعياد التي تُوفي، وتُعطي الارض حقها، وذلك عند أغلب الحضارات اللاحقة.
-/ عيد الربيع، أكيتو، الاشوري.
يُعّد هذا العيد رمزا ً لخصوبة الارض، وحبلِّها، بكل ما هو اخضر، وهو لون الحياة، والترحيب والاحتفال، بالطبيعة، والابتهاج، بقدومها وبخيراتها الموسمية.
٢ / عيد النيّروز الفارسي.
يقع في ٢١ آذار من كل عام.
وهو، يوم الإعتدال الربيعي،
ورأس السنة الفارسية في ايران.
خصائص هذا العيد، نسيان الاحقاد، إطعام الفقراء، لانه بنظرهم عيد الانسانية، والفرح، والرحمة.
٣ /الخلافة العباسية :
في العراق، لا يمكن، إلا ان يكون أهل بلاد الرافدين، ملتصقين بالتراث الشعبي، المستّمد من حضارة عريقة كالبابلبة، وقد جرت تسمية العيد، بالربيع الشامي.
٤ / في مصر، الأقباط :
جرّت التسمية، ب النيروز القبطي.
٥ / عند الأكراد، جرّت تسميته ب النيروز الكردي.
٦ / في سوريا، انتقل الميراث السومري، وجّرت تسميته بعيد الربيع الشامي.
٧ / اليزيديون كانت تسمية العيد، سري صال.
٨ / السريان، احتفلوا بهذا العيد. كذلك، الصابئة المندائيون.
٩ / اليونانيون احتفلوا بعيد الربيع.
١٠ / عيد شم النسيم المصري، وما زال، فإنه يعود الى الفراعنة، لانه بَعْث الحياة، وهو اول الزمان، وبداية خلق العالم.
١١ / العيد عند اليهود :
مذكورة، في سفري، اللاويين، والتثنية، ويعتبر يوم ١٥ شباط عيد، الأشجار والفاكهة.
الخاتمة :
يتّضح، من أعلاه ان ألجنس البشّري، اتفّق وبالإجماع، على تقديم شعائر الشُكر، والعرفان، والجميل، للأرض وما تقدّمه من خير، ومحاصيل، وزرْع ٍ، ونبْت ٍ، وفواكهة ٍ، وخضار ٍ، وثمار ٍ، وماء ٍ، زُلال، وأنهم بذات الوقت، إختلفوا على كل شيئ، بما في ذلك الأديّان السمّاوية، التي هبطّت من الأعالي، من اجل شيئ، يسمو، ولا يُسمى عليه، ويعّلو، ولا يُعلى عليه، ولكنهم أمعنَّوا في الفرقة فيما بينهم، وقد أطلقت على ذلك في مدونتي،
( محنة الأديان السماوية ).
وما يحصل الان، خير دليل وبرهان.
أعداد
فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا
٢٦ تشرين الثاني ٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق