كيفية تفسير الدساتير،
وكيفية تطبيقها.
بادئ ذي بدء، هذا البحث ليس بحثا ً قانونياً، او دراسة فقهية، إنما هو من واقع الحياة اليومية لكل إنسان، يعيش في بلد يحترم فيه الدستور ويطبّق في آن .
من المتعارف عليه، ان الدستور هو اعلى، وأسمى قانون في البلاد، وان تضارب الدستور، مع اي نص قانوني ، وُجب لزاما تطبيق الدستور.
سأعتمد في هذا البحث، على مقاربة بسيطة جداً بين لبنان، والولايات المتحدة الأميركية، حيث ان كلا البلدين، لديهما دستور مكتوب، وقد كتب الدستور الامريكي في العام ١٧٨٧، والدستور اللبناني أُعتمد في أواسط القرن العشرين، عند نيله الاستقلال، بالعام ١٩٤٣.
وقد انعم الله هذه الأيام، على لبنان بمجلس نيابي معظم أعضاؤه ( ١٢٠ ) جهابذة في القانون، وفقهاء في القانون الدستوري. بالمقابل، لا يتعدى أعضاء الكونغرس الأميركي بمجلسيه الشيوخ، والنواب ( ١٠٠ شيخ + ٤٣٥ نائب ) اي ما مجموعه ٥٣٥.
والمفارقة، انهم ليسوا بالضرورة جهابذة، او عباقرة، في علم القانون الدستوري كما زملائهم في لبنان، لان لديهم محكمة عليا، تفسّر وتطبّق موّاد الدستور، ولا حاجة الى تنظيرهم.
وبما ان الدستور بصورة عامة، ينظّم عمل الدولة، اي الحكومة ويحدِّد وظائف السلطات فيه، انه ايضاً يحمي حقوق، الأفراد اي المواطنين
بناء عليه، سأعطي مثلا عن دور الدستور في تنظيم وتحديد السلطات.
في انتخاب رئيس الجمهورية، في كلا البلدين :
سيلاحظ القارئ الكريم، باني املأ صفحات عدة في انتخاب رئيس لجمهورية لبنان ، بينما مسألة انتخاب رئيس لأقوى، وأعظم، دولة في هذا العالم، لا تأخذ اكثر من سطرين، او ثلاثة، على ابعد تقدير، ومرّد ذلك انه بالرغم من ان الدستور اللبناني حديث العهد، مقارنة بالاميركي ، إلا انه كلما يتّم انتخاب لرئيس في لبنان، اي كل ٦ سنوات ، يتم إستحضار أرواح من كتبوه، إذا ماتوا او يتم إستحضار، من عاشوا أثناء وضع الدستور ، ليفسّروا مواد انتخاب الرئيس ، فيدخلوا في روح الدستور، وفي روح واضعه، او ارواح واضعيه، وينبشون القبور علهّم يعرفون ما كان يقصده واضع الدستور ، ولا يغيب عن بالهم ان يستنبشوا ويفتشوا في كتب عملاق فرنسي، مشرِّع مثل جوسران ، او عبقري في فقه الدستور كالنابغة، عبد الرزاق السنهّوري ،
ومع ذلك لا يصلون الى نتيجة واحدة.
وإن تنسى، لا تنسى الجهابذة النواب الذين سيدلون بدلوهم الواحد بعد الاخر ، ومع ذلك، ومع ذلك ايضاً لا يصلون الى رأي واحد .
وبذلك لا يتم انتخاب رئيس للجمهورية.
وان هذه المعاناة تحصل كل ٦ سنوات.
اعتقد ان هذه الفقرة اصبحت واضحة حتى ننزع عن النواب الكرام، اي ملامّة، او عتّب، او تقصير في مسالة عدم الانتخاب ، لان ادوار العذاب وقهر النفس، وتحمل المسؤولية تجعلنا نشفق، على نواب الامة.
ما حددّته بالفقرة السابقة، يمكن للقارئ الكريم ان يفهم ما يجري اليوم ، من تأجيل، تلو التأجيل، بالاضافة ً الى أني لست مع القائلين ان نواب الامة، او رؤساء الكتل النيابية ينتظرون كلمة السر ، معاذ الله ان أُفكر في هذه المقوّلة لاني ما زلت مقتنعا ان الله انعم على لبنان، بنوّاب قلّ نظيرهم، وسبق واسلفت انهم بزّوا زملائهم الأميركيين.
لذلك استبعد هذا القول جملة وتفصيلا لان الضمير المهني لا يسمح بهكذا نعوت.
اما كيف يتم انتخاب أقوى رئيس بالعالم اجمع ؟
حدّد الدستور الأميركي، انه يتم إنتخاب رئيس للبلاد،
كل ٤ سنوات.
اي نهار الثلاثاء،
بعد اول اثنين،
من شهر تشرين الثاني .
وهذا سيكون بالعام ٢٠١٦.
يلاحظ كيف حددوا اليوم ( الثلثاء )
الذي يلي، اول يوم اثنين.
من شهر تشرين الثاني.
والفارق بين لبنان وأمريكا ، انهم في لبنان يستحضرون روح الدستور وواضعه ، اما في اميركا، لا يزعجون روح، او أرواح واضعيه، فلا داعي الى جهابذة، لان الدستور واضح مع انه قديم العهد بالعمر، ولا داعي لذكر إجراءات الانتخابات الإدارية لانها تعود الى موظفي كل ولاية .. الخ
ومعلوم ان الدستور الأميركي مستوحى من وثيقة الاستقلال آلتي وضعها توماس جفرسون، وأُقرّت بالعام ١٧٧٦ اي قبل وضع الدستور بعدة سنوات ،
وبالرغم من ذلك لا يستحضرون روح توماس جفرسون، ورفاقه أمثال بنجامين فرانكلين، او جون أدامس.
كذلك ولسخرية القدر لم يكن واضعي الدستور الأميركي، عباقرة بالقانون وجهابذة كما في لبنان، بل كان بعضهم صحافيون بصحف ذي انتشار.
المقاربة المخزّية هي في المهل، التي حددها كل دستور لانتخاب الرئيس ، واعتقد بالرغم من أني لست جهبذا ً في القانون ان المهل بكلا الدستورين واضحة. جداً وضوح الشمس.
اخيرا ً،
إن كان القصد من عدم انتخاب. رئيس الجمهوريه في لبنان هو،
عدم وضوح النص الدستوري،
او كان بسبب عدم إعطاء كلمة السر
او كان بسبب عدم وضوح الرؤية. في الحرب الدائرة في سوريا.
او كان بسبب عدم كفاءة نواب الامة.
او كان بسبب في العجلة الندامة وفي التأني السلامة.
او كان السبب كما انتم يولىّ عليكم.
او كان، او كان، او كان،
فان مجموع أعلاه، يفضي الى نتيجة واحدة
ألا وهي، ان لبنان لم يستحّق استقلاله عن جدارة، بعد ،،،،،،
فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق