في سر العلاقة بين الامبراطورية الفارسية،
ايران اليوم، واليهود.
في بحثي هذا، سأُنقِّب ْ، عن سِر العلاقة ما بين الامبراطورية الفارسية، واليهود على إثر سقوط بابل وحضارة بلاد ما بين النهرين، على يد الفرس الذين قدموا من الشرق، فاندثّرت حضارة، وقامت امبراطورية على أنقاضها.
ينقسم بحثي الى :
اولا : نبوخَذْ نصَّر الملك الأكادي، وقد أطلق عليه الفرس اسم بختنصر.
ثانيا ً : قُورش ْ الكبير الملك الفارسي.
ثالثا ً: في سر العلاقة ما بين اليهود، والفرس.
اولا : نبوخذ نصَّر : من عام ٦٠٥ الى ٥٦٢ ق.م. دام حكمه ٤٣ عاما ً.
في القرن السادس قبل الميلاد استعادّت الإمبراطورية البابلية مجدّدا ً ازدهارها، ومجدها، في عهد الملك نبوخذ نصَّر، وكان هذا الملك قائدا ً عسكريا ً فذّا ً ورجلاً محبا ً للبناء والعمران.
احتّل فلسطين، وجمع اليهود البارزين في العلم والطبابة، والفلك، والفلسفة، والتاريخ، والدين، وأخذهم أسرى الى بابل، وكان عددهم ما يقارب ٣٠٠٠ أسير. ثم ولّى ملكا ً منهم اسمه صدقّيا، على فلسطين، الذي اقسم لنبوخذ نصَّر بعدم تكرار الاعتداءات على حدود بابل، وقد عُرف هذا، بالسّبي البابلي الاول.
ثَبُت في التاريخ، ان نبوخذ نصَّر، حاصر مجددا ً أورشليم لمدة سنة، لان مملكة يهُوَّذا كعادة اليهود، في عدم الالتزام بالمواثيق، ونقض الاتفاقات المعقودة، لم تَصْدُق، في عهدِها الذي قطعته له، بعدم الاعتداء على حدود بابل، فاضطّر الى ان يدخلها فاتحا ً بالعام ٥٨٧، ق. م. وتأديبا ً لليهود قرّر ان يسبي معظم السكان، ومنهم ملك اليهود صدقِيا، وكان عدّدهم حوالي، أربعين الف أسير، ومن ثُم ّ أقدم على احراق هيكل سليمان.
وبهذا أنهى نبوخذ نصَّر، حكم سلالة الملك داوود على يهوّذا، في العام ٥٨٧ ق.م، وقد أُعتبر لاحقا في التوّراة، باسم السبي البابلي الثاني.
نبوخذ نصَّر، بعد هذه الانتصارات العسكرية، أُعتبر اعظم الملوك في ذاك الوقت قاطبة ً، لانه وعلى أيامه كان في بابل، اعظم امبراطورية إمتّدت من الخليج العربي حتى بلاد فارس.
إنصرف هذا الملك، الى انشاء الحدائق المعلّقة التي أُعتبرت فيما بعد، من عجائب الدنيا السبع. ويمتاز عهده بان إنتقلت بابل من الحكم الآشوري، الى الحكم الكلدّاني بعد ان إجتاح عاصمتها نينوّى بمساعدة الميديين،
نبوخذ نصَّر، في كتاب اليهود، ورد ذكره في سفر النبي دانيال، الذي كان في عداد اليهود الذين سبّاهم الملك الكلداني. وقد عُرف ان نبوخذ نصَّر إحتاجه، لمّا عجز كهنة بابل من تفسير حلمه، وهذا خارج عن نطاق هذا البحث.
ولأن، نبوخذ نصَّر، إقترن اسمه بالسبي اليهودي، ما زال اسمه يهّز كيانهم، ووجدانهم، وقد عمّلوا على تشويه صورته، وصورة بابل، وتحريف التاريخ، ويقال ان لوح السبي، قد إختفى.
ثانيا ً : أعظم ملوك الامبراطورية الفارسية، قورّش الكبير.
أرسى هذا الملك، الامبراطورية الفارسية المترامية الأطراف، وباتّت في العام ٥٣٠ ق. م. أكبر امبراطورية في العالم. وقد اثنى عليه كتَّاب العهد القديم ، لانه أعاد اليهود، وأرجعهم الى بلادهم في أورشليم القدس، بعد ٧٠ سنة من السبّي، وقد بذل لهم الأموال الطائلة لتجديد بناء الهيكل ( هيكل سليمان ) الذي هدّمه الملك نبوخذ نصَّر. وقد ذَكرت كُتب اليهود، ان الإمبراطور الفارسي، قورّش أمر، بإعادة نفائس الهيكل التي استولى عليها جيش بابل، والتي كانت مخزونة في خزائن الملوك والمعابد.
وقد ذكرت بعض الكتب، التي قام بتدوينها اليهود، ان قائد الجيش الفارسي ( غوبر ياس ) لما احتّل بيت المقدس، سنة ٥٣٨ ق.م. أخذ معه في عِداد جيشه، من أراد من اليهود المسبيّين، وسمح لهم ببناء الهيكل في القدس، مدفوعا ً برغبة إيجاد جماعة موالية للإمبراطورية الفارسية.
وقد إعتبر اليهود، ان الملك قورّش هو المخّلص الالهي او حتى المسيح المنتظر.
وقد ذكرت بعض الروايات ان عدد اليهود الذين عادوا مع قائد هذه الحملة ( غوبر ياس ) بلغ ٤٢٠٠٠ شخصا ً، وتضيف هذه الروايات، ان زعيم اليهود الذي رافق الجيش الفارسي، كان اسمه زرو بابل وانه من سلالة الملك يهو ياقيم.
أقام اليهود سلطة دينية تحت سيطرة الفرس، واستخدموا العبرية في معاملاتهم التجارية والدينية على حد سواء.
ثالثا ً : في سر العلاقة التاريخية ما بين اليهود والفرس.
لقد ثَبُت تاريخيا، ان اليهود قامت بينهم وبين الشعوب التي أحاطتهم عدّاوات، مُكلفة، ومُتعبة، وحروب ومناوشات، طاحنة، لقد عادوا، المصريون، والاراميون، والفلسطينيون، والكنعانيون، والاشوريون، والبابليون، والكلدانيون، والإغريق، والروم، والنصارى، والأنباط، ثم العرب المسلمون.
لم يُصادق اليهود، في كل تاريخهم القديم، الا المجوس الفرس، الذين بدورهم، حالفوهم وناصروهم.
وقد ذكرت كتب التاريخ، ان اليهود بالرغم من السماح لهم بالعودة، بإشراف الادارة الفارسية، الا ان الكثير من السبّي أعجبتهم ارض بابل، اما القّلة المتشددة، التي عارضت الاندماج هي التي حافظت على بني اسرائيل من الاندثار، وقد تمتّع اليهود في منطقة القدس، بالاستقلال الذاتي تحت الهيمنة الفارسية.
وقد غالى بعض المؤرخين العرب، ان الرأي الإيراني حول اليهودية، يقوم اليوم على ذات الأسس التي وضعها الإمبراطور قورّش، عند تحريره اليهود من السبي البابلي، وهي ان اليهود جنس له شبه كبير بالجنس الآري ( الفارسي ) ويمكن الاستفادة منه من خلال إغرائه بالمال.
أعداد
فيصل المصري
اورلاندوا / فلوريدا
شباط ٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق