Pages

الأحد، 8 فبراير 2015

التاريخ، والتأريخ من منظور إبن خلدون !!

كتابة التاريخ، 
وأصول التأريخ، 
من منظور ابن خلدون. 
قبل إعادة نشر دراستين لي، عن العلاقة ما بين اليهود والامبراطوريتين الفارسية، والعثمانية، اري لزاما ً ان أتكّلم  عن ابن خلدون. 
 ابن خلدون، الذي عاش في مدينة إشبيلية بالأندلس، وُلد في العام ٧٣٢ هجرية. 
وضع ابن خلدون، كتابا ً في التاريخ، وأُصول التأريخ. 
وقد سُمي هذا الكتاب، ( بالمقدمة )، أفرغ فيه علمه الغزير والواسع. 
إعتمد ابن خلدون في مادة التاريخ على :
-/ الطبَّري. 
-/ المسعودي. 
-/ ابن الأثير.  
كان، ابن خلدون يأخذ على المؤرخين، التزَّلف لذوي السلطان، وأخذ الأخبار على عِلاّتها دون التقصي، والتشيّع للمذاهب، يضاف الى الجهل، بطبائع العمران. 
كان ابن خلدون، اذا أراد ان يكتب تاريخا ً عن شعب من الشعوب، كان يدرس طبائع البلد، واخلاق البشر، ومنحى حياتهم، وعاداتهم، وأخلاقهم حتى يصل الى موجبات إنحلال، وسقوط، او نجاح، وتقّدم،  هذا الشعب. 
يضاف الى ذلك، إهتم ابن خلدون بنشأة العلم والتعليم، لانها ظاهرة في العمران البشري، ويندّرج تحت هذا، العلوم الإلهية، لمعرفة الحقائق الإلهية، في ما وراء العالم المحسوس، الذي بنظره، يفهم النمط، الذي تسير عليه الشعوب.
في دراستي، عن اليهود وعلاقاتهم مع الفرس، والعثمانيون، حذّوت طريقة ابن خلدون. 
-/ قرأت التوّراة  مرارا ً.
-/ قرأت عن تاريخ الفرس، والشعب الفارسي، وأخيرا ً الإيراني، ما يكفي. 
-/ قرأت عن تاريخ بني عثمان، منذ ان كانوا في سهول اسيا الوسطى، قبل غزوّهم المظّفر الى القسطنطينية، وما زِلت اقرأ، كيف استعّمروا الشعوب، والبلاد العربية عدّة قرون.
أمّا، دراستي َّ المتعلقتين، بالفرس، وبني عثمان، لم أضع رأيي الشخصي، لان الأمانة تقضي بنقل الحقيقة، إذا كانت مستندة الى أمهات الكتب، وانا لست إلاّ، من ينهل من بطونها.  
 اولا ً : الفرس. 
 بعد القراءة المتأنية لهذا الشعب، يُدرك الانسان ان، الفرس شعب جدّي، يتوق الى العلم أينما كان مصدره، لان العلم والمعرفة، يوصلانه الى القوة التي يطمح لها، دائما ً وأبدا ً.
ثلاث محطات علمية تاريخية، خاض غمارها هذا الشعب :
١/ لمّا أرخى صولجان بأسه على ارض بابل، في الازمنة الغابرة، كان غازيا ً للأرض والنفوذ، بقدر ما كان غازيا ً وجامعا ً، ومستفيدا ً، ومحافظا ً، ومقدِّسا ً للتراث البابلي العميق، والتاريخ يشهد له بذلك. 
وهذا السِّر في الحفاظ على الحضارات، التي زهّت قبل الحقبة الفارسية، إجتهد في تطبيقه، وتكريسه قبلهم، شعوب سوّمر، وآكاد، وبابل .. الخ. 
٢/ لمّا وصل الفرس، الى ارض بابل، كان جماعة من الشعب اليهودي، يقيم منذ نبوخذ نصَّر ، وكانوا من صفوة اليهود بالعلم، والمعرفة، في مجالات الطب، والزراعة،
والتاريخ، والتأريخ، وقد  ُذكر أن ّ اليهود، في عز ٍّ بابل،  كانت كلمتهم مسموعة، ونصائحهم مقبولة، وتدوين قصص أنبيائهم مسموحا ً.
وقد نشأت علاقة جيدة بين اليهود والفرس، ذُكرّت في التوّراة ، أدّت الى إعادتهم الى ديارهم، وأن بقي جزء لا يستهان به في بلاد فارس. 
٣/ توقّهم لأدراك العلوم الإلهية، يمكن معرفتها وتأكيدها قدوم سلمان الفارسي الى الجزيرة العربية في رحلة الإيمان المعروفة، قبل الوحي، وما تلاه من نشر تعاليم الدين الاسلامي الحنيف.  
اما الغرب، في علاقته مع ايران اليوم، دائما ً، هناك خيط رفيع يعرفه الغرب، وهو، ألتبّصر وعدم الخفّة يفرضان نفسهما في أي محادثات مع ايران. 

ثانيا ً : الامبراطورية العثمانية. 
مما لا شك فيه ان بني عثمان شعب مقاتل، سبق العرب في الوصول الى القسطنطينية، ومكث هناك الى الأبد. 
هناك فرق مهم جدا ً بينه، وبين الشعب العربي الذي أرخى نير الاستعمار على رقبته، لقرون طويلة، وإن كان الشعبين يدينان بالإسلام دينا ً، ولكن يمتاز العثماني على العربي، في انه لا يخاف من بني جلدته، كما هو العربي، واليكم الدليل :
-/ عندما كان خالد بن الوليد يجتاح بخيله الصحراء العربية وصولا ً، الى أسوار دمشق المُحَصَّنة، ورده كتاب عزله من الخليفة عمر بن الخطاب، ليس بسبب الخيانة، ولكن خشية أن يفتتن به العرب، لان البعض ظن َّ، ان النصر من عند خالد، وليس من عند الله عزَّوجل. 
-/ عندما أشار موسى ابن نصير، باحتلال القسطنطينية، بعد ان استتّب له أمر الأندلس، بان يجتاح أوروبا من فرنسا باتجاه عاصمة بيزنطية. 
رفض الخّطة، الخليفة الأموي القابع في دمشق، خوفا ً من ضياع الخلافة الأموية على يد غاز ٍ جديد. والتاريخ يشهد كيف كانت اخر ايام موسى ابن نصير، وطارق ابن زياد. 
( يراجع دراستي عنهما في المدونة ). 
حادثتين، في التاريخ العربي، تجعل ابن خلدون اليوم يقف حائرا ً، محتارا ً امام الفرص الذهبية التي ضاعت امام العرب، لأننا شعب نخاف من بَعضُنَا البعض. 
ولا يمكننا تجاهل ان تاريخ العرب المجيد، انتهى :
 شرقا ً، بسقوط بغداد، على يد التتّار،   
وغربا ً، بسقوط الأندّلس. 
وأخيرا ً، إن َّ السِمّة التي تغلب الطبع العثماني، منذ الجدّ الاول، هي ركوب التيار المتدفق أينما وُجد، في سبيل تحقيق غاياته، لأنك تراه إستفاد من العاطفة الدينية الاسلامية الجارفة، لاحتلال الأمصار، ولمّا رأى ان موجة العلمانية، تدخلّه جناّت أوروبا، لم يتوّرع اتاتورك، ان يركبها. 
ومنذ أوائل القرن الماضي، بعد سقوط الخلافة، لا تدري أية موجة ستركبها تركيا اليوم. 

إعداد
فيصل المصري
اورلاندوا / فلوريدا 
شباط ٢٠١٥

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق