ضاعت الأندلس بعد أن عمَّ الفساد.
مُلوك الطوائف فِي لبنان إنْ إختلفوا
على توزيع السرقات.
هل يضيع لبنان ؟
المقدمَّة التي لا بُدَّ منها :
في لبنان يُطلق مصطلح "ملوك الطوائف" على الزعماء السياسيين الذين يُعتبرون رموزاً للأحزاب والطوائف الرئيسية في البلاد، تاريخياً جرى توزيع السلطات السياسيَّة ما بين الطوائف والأحزاب التي تمثلها، حيث تتصارع من أجل النفوذ والمنافع والمراكز القيادية، وتعود هذه المنظومة إلى الميثاق الوطني الذي جرى توقيعه في العام ١٩٤٣ والذي يعتبر أساس الفساد السياسي اللبناني.
ومع ذلك يبقى هذا المصطلح له طابع ساخر لأنَّ الأديان السماويَّة مُنذ هبوطها على البشريَّة ما زالت تزرع الشقاق والحروب فيما بين الشعوب، بعد أن نجحت هذه الأديان السماويَّة في طمس الحضارات السامية التي سبقتها والتي سادت البشريَّة لقرون عدَّة مِن الفلسفة والفكر والعلم والأخلاق والعمران مثل الحضارة الرومانية واليونانية والسومريين والفراعنة وحضارة وادي الهندوس في شبه القارة الهندية وحضارة الصين القديمة، وحضارة الإغريق وحضارة المايا والأزتيك في الأميركيتين ( العالم الجديد ).
وقد لخَّص أبو العلاء المعري نظرته بالأديان وقال شعراً :
في اللاذقية ضجة ما بين أحمد والمسيحُ …
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يصيحُ …
كلٌ يعظِّم دنيه يا ليت شعري ما الصحيحُ …
الصحيح هو ما نشهده هذه الأيام مِن حروب دينيَّة.
في المُدوَّنة :
في هذه المدوَّنة سأُوضح أوجه الشبه ما بين الأندلس ( الأمس ) ولبنان ( اليوم ) وكيف يطير الْمُلْك أو الحكم.
إنَّها دروس من التاريخ العربي.
كانت بعنوان ملوك الطوائف في الأندلس.
وأصبحت اليوم بإسم ملوك الطوائف في لبنان.
إلى ملوك الطوائف فِي لبنان، دعوني أقوم بتذكيركم بما قاله مؤرِّخ الأندلس أحمد بن محمد المقرِّي في ضياع الأندلس ( بينما السلطان محمد الحادي عشر أبو عبدالله منصرفٌ عن الأندلس حانت منه التفاته أخيرة إلى عاصمة ملكه غرناطه، ودمعت عيناه فنهرته أُمَّه وقالت له يحق لك أن تبكي كالنساء مُلكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال.
استوطن هذا السلطان بعد رحيله عن الأندلس كما قال ( المقرِّي ) مدينة فاس وفيها توفي سنة ١٥٣٣ مخلفاً أولاداً كانوا عرضة للعوز والفقر ويعدّون من جملة الشحاذين.
( يراجع في ذلك كتاب، النفح، للمقرِّي جزء ٢ ص ٨١٤ و ٨١٥. أذكر ذلك لانَّ نهاية هذا السلطان كانت مُخزية وفِي الوقت ذاته عبرةً لمن يعتبر ).
دعوني أيضاً بتذكيركم ما قاله إبن خلدون ( أنَّ الترف يقود إلى حبُّ الدنيا والتمسُّك بالحياة وإنَّ الشخص الذي يُحبُّ الدنيا ينشغل بها، فيُعرض عن الأرض والعرض والدين والكرامة وإذا أذِن الله بانقراض المُلْك من أُمة حملهم على ارتكاب المذمومات وانتحال الرذائل ).
هذه المُدونَّة لا تتناول المآثر الفكرية للعرب في الأندلس، ولا تتناول الأدب والشعر بأقسامه كالموشحات ولا العلوم الفلكية والجغرافية والرياضيات، ولا تشير إلى أثر الحضارة العربيَّة على الغرب، حيث كانت أوروبا تعيش في عهد الظلمات العلميَّة والفكريَّة والدينيَّة.
كما وأنَّ هذه المُدوَّنة لا تتناول الاهازيج اللبنانيَّة الكاذبة والسخيفة ( لبنان يا قطعة سما، لبنان بلد الإشعاع والنور وأهلًا بالطلِّة والوطن في ظلام دامس ).
في الأندلس كان للشعب مآثر جمَّة وعظيمة ولهذا السبب كان ضياعها حدثٌ تاريخي، وهذا ما ينطبِّق أيضاً على الشعب اللبناني الذي حينما تحل أقدامه في بلاد الإغتراب يعلو شأنه من دون التقيد أو النظر إلى طائفته أو دينه.
أُنهي هذه المُدوَّنة بالقول :
يُخطئ من يظن أنَّ ملوك الطوائف فِي لبنان إختلفوا أو يختلفون على حقوق طوائفهم أو مذاهبهم السماويَّة.
يُخطئ من يظن أنَّ الإستبلشمانت العالميَّة حاملة السوط ومسَّاس الانضباط لا تُحبِّذ الإبقاء على ملوك الطوائف فِي مواقعهم مع تغيير في الموروث.
ولهذا السبب سيحِّل الخسوف ويعود الوطن المذبوح للتسكُّع ومِن ثم الخلاف والاختلاف على النهب والسرقة مِن المساعدات الدوليَّة والعربيَّة بعد سنوات.
الشعب اللبناني سينعم في الظلمة التي أرخى عتمتها ملوك الطوائف وورثتهم.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
تموز ٢٠٢٣
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق