إبن خلدون أصدق المؤرِّخين.
لو كان حياً ماذا سيقول عن حُثالَّة حُكَّام لبنان 🇱🇧 ومؤرِّخيه.
المقدمَّة التي لا بُدَّ منها :
سألني صديق قديم مُنذُ أيام ( الدراسة الثانوية ) والمتابع على قراءة مُدوَّناتي عن الموحِّدين الدروز، قائلا إنَّك استندت إلى إبن خلدون والمقريزي وإبن الأثير مِن المؤرِّخين القدامى والقليل جداً من المُحدِّثين في تصحيح الأكاذيب والافتراءات التي طالت تاريخ هذه الطائفة الكريمة، علماً أنَّي من باب المعرفة والحشريَّة وأنا في شرخ الصبا لَمَّا تصادقنا ( يا شيخ فيصل ) لم يتسنَ لي الإطلاع إلَّا عل عكس هذه المعلومات والحقائق عن مذهبكم، وبالرغم مِن التلفيقات والكذب تجاه طائفتك بقينا أصدقاء خاصة لمَّا التقينا بعد فترة في المملكة العربيَّة السعوديَّة وأنتَ تُمارس وظيفة مُستشار لشؤون أصحاب السُّمو الملكي الأُمراء والأميرات في شركة الجفالي ( كهرباء جده ).
أُصارحك القول ( يا شيخ فيصل ) أنَّي ذُهلْت عندما قرأت كتابك ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) فضلاً عن المُدوَّنات التي تنشرها لك صفحة غوغل الوثائقية.
ابتسمت وقُلت له ..
هذا يعني أنَّك كنت في جهلٍ مُطبق عن معتقدي الديني، وبقينا أصحاب وأصدقاء حتى تاريخ نشر كتابي.
أجاب بصراحته المُحببَّة ..
أه … ك شيخ فيصل …
هكذا كان يُناديني ( شيخ فيصل ) وهو لقَّب يُعطى إلى كل من ينتمي لهذه الطائفة الكريمة.
أجبته فوراً يا صديقي، لولا المستشرقين الأجانب كانت الحقيقة عند العرب وعندك أنتَ بالذات ما زالت مطموسة مخفية حتى تاريخه، لأنَّ التاريخ العربي التليد والمجيد يشهد على ذلك بعد أن حُرقت ونُهبَّت وسُرقَّت المكتبات العامرة بالكُتُّب والمجلدات في كل من بغداد والقاهرة والإسكندرية والأندلس. وما بقي من مُجلدات أُخفيَّت قروناً حتى ظهرت بالمكتبات الوطنية العالميَّة مثل مجلد إبن الأثير الذي وجد في ألمانيا والذي تكلَّم عن حُثالَّة البشر واحقرهم صلاح الدين الأيوبي مِن دون كذب ورياء لأنَّه كان يرافقه في حملاته العسكريَّة ويعرف حقارته ونذالته.
بعد هذا الحديث مع صديق قديم، الذي ما انفكَّ يُناديني ( شيخ فيصل ) وأبتسم في كُل مرَّة وأقول له يا صاحبي ما أنا بشيخ مُلْتَحٍ أو بِالزَّيْ مُعتمرٌ ولكن
لي قولٌ سبق وأدخلته في روايتي كراون دايسي وكريستل والذي أؤمن به كالعقيدة والإيمان الراسخين في العقل، وهو إنَّ كل خبر يصدر عن أي بلد عربي هذه الأيام، وخاصة موطني لبنان لا بد مِن تشكيل لجنة دولية محايدة للتحقُّق من صحته. لهذا السبب يا صاحبي رغبت في استحضار إبن خلدون ذلك المؤرِّخ العربي الصادق بدلاً من لجنة دولية لأنَّها تدين ولاءً للإستبلشمانت العالميَّة في الغرب لأنَّها كاذبة أيضاً،
في المُدوَّنة :
قُلتُ لصاحبي، إذا حضر إبن خلدون أصدق المؤرِّخين سأسأله كيف سيؤرِّخ ويدوِّن مُجريات ما يحدث في لبنان.
مما لا شك فيه، إبن خلدون سيحضر إلى لبنان لأنَّه يحِّب التجوُّل والتجوال، ولأنَّه جاب بلاد العرب كلها، من الأندلس إلى حواضر بلاد الشام وشمال أفريقيا، وهو العليم البصير والقدير في أحوال وتاريخ هذه الشعوب.
سيقول إبن خلدون في تعريفه عن حُكَّام لبنان اليوم أنَّهم المنتسبين والمنحدًّرين من أُصول الكذب وينابيع النفاق والدجل والرياء، ومِن نسل العواهر.
وعن كيفية دخول قصورهم ومساكن ذوي الحل والربط، سيقول إبن خلدون عليك إجتياز الحواجز الإسمنتية وأبراج المراقبة العالية والمواكبة الأمنية وأرتال السيارات المرافقة وهي تسرح وتمرح سعيدة مُتباهية مُتعالية في الشوارع والازِقَّة تصدَّح بأبواقٍ عالية ونهيق بشرٍ مُقزز، سيقول إبن خلدون أنَّ الأشخاص الذين يحرسون ويقودون سياراتهم يعتمرون قُبعات سوداء ونظاراتٍ سوداء وقفازاتٍ سوداء وأحذيةٍ سوداء وسحنةٍ سوداء وأشكال على شكل قردَّة تخرج من شبابيك السيارات أو كلاب تنبح بأصوات وحركات بهلوانية أقل ما يقال عنها أنها مُقرفة مُقززة على شاكلة من تواكبهم وترافقهم وتحميهم.
أمَّا لدى سؤال إبن خلدون عن الأموال المنهوبة مِن خزينة مغارة علي بابا والحرامية، يقول إبن خلدون أنَّها لن تعود إلى خزينة الدولة اللبنانيَّة لأنَّ الحرب الأُوكرانية الروسية أثقلت العبء المالي على دول القارة الأوروبية العجوز وخاصة ألمانيا، وقد أفتت الإستبلشمانت الأميركيَّة أن تُصادر هذه الدول الأموال المنهوبة بحجة قانونية وهي أنَّ جُرم تبييض الأموال يسمح لهذه الدول المصادرة.
وأضاف إبن خلدون أنَّ تاريخ الإدارات الأميركية المتعاقبة عندما تُحِّل أزمة عالميَّة، تخلق أزمة أخرى أكثر تعقيداً، وهذا ما يحصُل في أزمة حاكم مصرف لبنان.
لهذا السبب يا صديقي اعتمدت كثيراً على إبن خلدون في المُدوَّنات الفيصليَّة التي أنشرها، وإليك نبذة عن تاريخ وسيرة إبن خلدون، الذي عاش في مدينة إشبيلية بالأندلس، وُلد في العام ٧٣٢ هجرية. وقد وضع كتاباً في التاريخ وأُصول التأريخ، وقد سُمي هذا الكتاب (المُقدِّمة) أفرغ فيه علمه الغزير والواسع، وقد اعتمد إبن خلدون في مادة التاريخ على، الطبَّري والمسعودي وابن الأثير. كان إبن خلدون يأخذ على المؤرِّخين التزَلُّف لذوي السلطان وأخذ الأخبار على عِلاّتها دون التقصي، والتشيُّع للمذاهب، يضاف إلى الجهل بطبائع العمران.
كان إبن خلدون إذا أراد أن يكتب تاريخاً عن شعب من الشعوب كان يدرس طبائع البلد وأخلاق البشر ومنحى حياتهم وعاداتهم وأخلاقهم حتى يصل إلى موجبات انحلال وسقوط أو نجاح وتقدُّم هذا الشعب.
يضاف إلى ذلك اهتم إبن خلدون بنشأة العلم والتعليم، لأنها ظاهرة في العمران البشري، ويندرِّج تحت هذا العلوم الإلهية لمعرفة الحقائق الإلهية في ما وراء العالم المحسوس، الذي بنظره يفهم النمط الذي تسير عليه الشعوب.
كان إبن خلدون صادقاً وهذه ميزة نادرة عند المؤرِّخين العرب، لان مادة التأريخ كانت تُعطى من البلاط والحاشية للكتبَّة المتزلفين والمتشيعين لمذهب من المذاهب الإسلامية، لذلك كان الإعتماد الغربي على مادة التاريخ العربي ينصَّب على ما أتى به إبن خلدون.
وهناك مثل صارخ يتعلَّق بتدوين تاريخ الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، حيث كان إبن خلدون
وهو مسلم سُنِّي يعترض على القول بأن الحاكم بأمر الله ألغى الصلاة وغيرها من فرائض الدين الإسلامي إذ قال في كتابه المشهور المقدمة :
إنَّه زعمٌ لا يقبله ذو عقل ولو صدر من الحاكم بأمر الله شيئاً منه لقتل لوقته ..
في الحقيقة إنَّ شيخ المؤرِّخين إبن خلدون زار القاهرة مروراً بأراضي الخلافة الفاطميَّة في شمال افريقيا. يقول في دُرَّة تاج التاريخ (المقدمة ) ما قاله صدقاً في الحاكم بأمر الله لا كذباً وتلفيقاً كباقي المؤرِّخين الآفاقين والكذابين المنافقين والمرتشين.
وبما أنَّ الناس على دين ملوكها ..
فإنَّني في مادة التاريخ أدين ولاءً لإبن خلدون وأُبحر في كتبه حتى أصل إلى شاطئ الصدق والامانة والنزاهة، ولا تؤاخذني يا صديقي على الإطالة لأني كنت تلميذاً بمدرسة الجاحظ وتعلمت منه الاستطراد في الشرح.
فكما أحبَّ إبن خلدون الترحال والتأريخ، والجاحظ عشق الاستطراد، هكذا أنا يا صديقي تلميذ نجيب في مدرستهما.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
أيار ٢٠٢٣
المرجع : المُدوَّنات الفيصليَّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق