Pages

الأربعاء، 31 مايو 2023

أدركوا اللغة العربيَّة قبل أن تضيع. شابات وشباب اليوم واللغة العربيَّة.



 

أدركوا اللغة العربيَّة قبل أن تضيع !

شابات وشباب اليوم واللغة العربيَّة.     


المُقَدِّمة التي لا بُدَّ منها :


عندما قال أحد فلاسفة الأندلس وهو من أصل أسباني lane pool Moors أنَّ للعرب مآثر جمَّة وعظيمة في الأندلس، وكان ضياعها حدث تاريخي لا يُصدَّق

وعندما قال أيضاً أينما حلَّ العرب حلَّت الحضارة وازدهر العلم ونَمَت الثقافة وازدادت المعرفة، لأنَّهم يغرفون من البلاد التي احتلوها كل مفيد

ما قاله هذا الفيلسوف الأسباني كان يقصد به ( عرب الأمس ) فهؤلاء فتحوا مشارق الأرض ومغاربها وأثروا الحضارة الإنسانية بكل ما هو نفيس، في العلوم  وفِي الآداب وفِي الشعر والموسيقي والطب والفلك وعلم الحساب وغيرها الكثير الكثير

والمُحزن والمؤلم إنَّ عرب اليوم صحيح أنَّهم اجتاحوا أصقاع الأرض، لكنَّهم اجتاحوها لجوءاً سياسياً هرباً مِن حُثالَّة حُكَّام أوطانهم، وملاذاً دينياً في بلاد أهل الكتاب تجنباً لفتاوى فقهية تثير البغضاء ما بين مذاهب الدين الواحد، وطلباً للرزق الحلال في بلاد الإغتراب. 

عرب اليوم  اجتاحوا بلاداً غير أوطانهم  منبوذين مضطهدين تائهين في بقاع الأرض المترامية، ومن بقي منهم في الوطن بات  يتوسَّل الرزق الحلال  من ذوي الأمر والسلطان

وتسألون بعد هذا عن مصير اللغة العربيَّة لهذا الجيل العربي الجديد جيل الشباب وهو في بلاد الإغتراب يطلب العلم في مدارس وجامعات تُدَّرس اللُغَّات الأجنبيَّة. 

وتسألون بعد هذا الذِّل والهوان والهجرة مِن الأوطان العربية بسبب حُكَّامنا وكذب مؤرِّخينا وسرقة المال العام. 

لعمري، أين أنت يا إبن خلدون والمُقدِّمة الشهيرة التي أخذت فيها على المؤرِّخين والفقهاء العرب مآخذ التزلُّف والكذب والافتراء وإخفاء الحقيقة

لعمري، أين أنت يا المُثنَّى إبن حارثة الشيباني ويا خالد إبن الوليد لَمَّا نزع كلاً منكما النجوم  من أكتاف قادة بلاط كسرى عُنوةً، وداست أقدامكما معابد مجوس بلاد فارس لمَّا كُنتما حُماة الديار والشرف والكرامة والنخوة العربيَّة، بدَّل النجوم التي يلتقطها عسكر اليوم من صالونات الحُكَّام تزلُّفاً وتملقاً مِن ذوي السلطان ليضعها على كتفه حتى يُنافس الطاووس نافخاً صدره، بينما الديار سائبة والأمصار تسرح  فيها شرقاً أرتال مِن بني فارس، وغرباً صيحات مِن بني عُثمان وغيرهما

رحمك الله يا شاعر العرب المتنبي عندما قُلت نبوءتك،  نامت نواطير العرب الأقحاح عن  الثعالب المحيطة بنا. 


في المُدونَّة :

هذه المُدونَّة وضعتها قبل أن تضيع اللغة العربيَّة المكتوبة، أو المحكيَّة وتصبح لهجات ولكْنات تتفرَّع من الأصل

ولطالما قال أحد فقهاء المسلمين ( أدركوا الفتوى قبل أن تضيع ).  

وقال أحدهم أيضاً ( أدركوا لغة القرآن ) في اليوم العالمي للغة العربيَّة

وأنا أقول ( يا عرب أدركوا اللغة العربيَّة قبل أن تضيع مِن سوء أفعالكم ). 

لن أغوص في تاريخ اللغة العربيَّة إلى أعماق التاريخ، بل سأبدأ من العصر الذي سبق الإسلام، وسيلاحظ القارئ الكريم أنَّي أتجنَّب في مُدوِّناتي ذكر مُصطلح العصر الجاهلي، لأنَّه إذا كانت الجاهليَّة تعني الجهل من الناحيَّة الدينيَّة، أو الجهل والجهالة بوجود الله فأنَّه لا يجوز ويتنافى مع وجود الديانتين السماويتين اليهوديَّة والمسيحيَّة وجماعة الصابئة والأحناف الذين وحَّدوا الله في أرض العرب عشيَّة ظهور الإسلام، أمَّا إذا كان المقصود فئة مِن العرب كانت على الوثنية وفِي هذه أيضاً جدليَّة. ( تُراجع مُدونَّتي عن الوثنيَّة والأحناف ). 

أقول … مِن اللغة العربيَّة كان أرَقُّه وأجمله  ما وصل إلينا من العصر الذي سبق الإسلام.  

في هذا العصر، كان المفكرون والشعراء والخطباء يخطبون ودَّ اللغة العربية ويلتمسون دررها ويغرفون من نبعها.  

ومن حسن الحظ أنَّ التاريخ حفظ لنا  القصائد الطويلة التي سُميَّت بالمعلقات، وقد ذهب بعض الروَاة إلى أنها قصائد، كُتبَّت بماء الذهب وعُلِّقت على أستار الكعبة.  


وبرغم وفرة ما وصل إلينا من أدب  وشعر العصر الذي سبق الإسلام، إلَّا أنَّ الضياع قد أتى على الكثير من أخبارهم، وخاصَّة القديمة منها

يقول أبو عمرو بن العلاء

" ما إنتهى إليكم مما قالته العرب إلا أقلَّه، ولو جاءكم وافراً، لجاءكم علمٌ  وشعرٌ  كثير " ..


ويقدِّر الباحثون عمر الأدب المدوَّن الذي وصل إلينا من ذلك العصر، بقرنين من الزمان قبل الإسلام.  

وبسبب رفعة شأن اللغة العربيَّة، أقام العرب لها أسواقاً  للشعر يتفاخرون، ويتبارون فيها ويتبادلون فيها الخبرات وكل ما هو جديد من شعر أو نثر أو خطابة.  

كان للعرب، حُكَّام  يفصلون بين المتنافسين، من أشهرهم النابغة الذبياني، الذي كانت تضرب له قُبَّة حمراء يجلس تحتها  فيحكم بين الشعراء .. 

ومن الحُكَّام أيضاً أكثم بن صيفي وحاجب بن زرارة والأقرع بن حابس وعامر بن الظَّرِب  وعبد المطلب وأبو طالب وصفوان بن أمية وغيرهم.  

ومن أشهر أسواق العرب حتى ظهور الإسلام سوق عكاظ، وسوق ذي المجاز وسوق مَجنَّة  والمربد.  


إعتَاد العرب وتباهوا وتفاخروا بين جميع الأُمم  على تسمية أنفسهم بأنهم  أُمَّة  تنطق  بالضاد.  

والحق يقال أن القُدرة على نطق الضاد هي الميزة الوحيدة التي يستطيع فيها العرب التميُّز عن بقية الأُمم التي لها لُغَات مختلفة.  

ولكن إذا كان حرف الضاد يجمع العرب، فإن حرف القاف يُفَرِّقُهم. وفي ذلك يقول أحد البحَّاثة العرب في علم اللغات : ( حسب معرفتي لم أجد أحداً ينطُق القاف بالصوت الكلاسيكي واللغوي وفقاً  للقُرآن الكريم غير الموحِّدين الدروز ).  

هذه الميزَة اللغويَّة التي إعتاد الموحِّدون الدروز أن يطبقوها في التخاطب الشفهي فيما بينهم أصبحت مضرباً للمثل، وباتّت تدُّل فوراً  على الهويَّة الدينيَّة أو  المذهبيَّة لكل من ينطق ب حرف القاف، فضلا عن ذلك أصبحت  جزءً  من تراثهم الذي يحافظون عليه، لا بل يجب أن تُصان كما لؤلؤة العين

وللدلالة على ذلك … 

المصريون وأهل بلاد الشام لا ينطقون القاف مطلقاً ويحلون الهمزة محلها.  

في السودان وجنوب العراق يحلون حرف الغين محلها.  

وفي منطقة الخليج ووسط العراق وصعيد مصر ينطقون القاف بالكاف المعجمَّة.  


وقد إعتبر البعض أنَّ التركيز على لفظ القاف في التخاطب لدى الموحِّدين الدروز يعطي الدلالة  على لغتهم  العربيَّة الصحيحة، لأنَّ هذه اللهجة الموزونة تكون بأنَّهم  يلفظون مخارج الحروف جميعها، مثل ال الظاد أو الضاد أو القاف أو الذال، وهم الأقرب إلى اللغة العربيَّة الفصحى في العصر الحديث

وَمِمَّا لا شك فيه أنَّ الموحِّدين الدروز حفظوا وحافظوا على اللغة العربيَّة، وصانوها، لأنها لغة يقارب عمرها 4000  سنة.  

والجدير ذكره، أن اللغة العربيَّة  لغة مقدسَّة نطق بها وتعلَّمها النبي اسماعيل عليه السلام،  ويقال أنَّه أول من نطق بالعربيَّة الفصحى.  

والاهم من ذلك،  أُنزِل القرآن الكريم  باللغة العربيَّة .  

وجاء في القرآن الكريم ..

قال تعالى (( وهذا لسان عربي مبين ) ..

وكذلك قال : (( وهذا كتابٌ  مُصَدِّقٌ  لساناً عربياً لينذر )) 

وأخيراً

إنَّ  الموحِّدين الدروز  حافظوا  بشكل عام على هذا الإرث العريق وهذه الحضارة القديمة.  

والذي يُلفت النظر أنَّ الموحِّدين الدروز القاطنين في جبال بلاد الشام وخاصة لبنان وسوريا والأردن والجليل والكرمل مازالوا يلفظون مخارج اللغة العربيَّة  بالشكل الصحيح، ويتكلمون بها بفنون مفاتنها وبصلابة نحوها  وبلاغة ترتيب جملها.  

وفي هذا .. تأكيد على نسلهم العربي الأصيل.  

وفِي هذا .. أطلب من بني معروف في الجليل والكرمل وسوريا ولبنان والأردن اعتماد اللغة العربية مُحادثة وكتابةً وتوريثها لأولادكم لأنَّكم أنتم حُماة اللغة العربيَّة ومخارج ألفاظها



فيصل المصري

أُورلاندوا / فلوريدا

حزيران ٢٠٢٣. 

المرجع : المُدونَّات الفيصليَّة 

كتاب الموحِّدون الدروز عبر التاريخ


الجمعة، 26 مايو 2023

إبن خلدون أصدَّق المؤرِّخين، لو كان حياً ماذا سيقول عن حُثالَّة حُكَّام لبنان.


 

إبن خلدون أصدق المؤرِّخين. 

لو كان حياً ماذا سيقول عن حُثالَّة حُكَّام لبنان 🇱🇧 ومؤرِّخيه. 


المقدمَّة التي لا بُدَّ منها :

سألني صديق قديم مُنذُ أيام ( الدراسة الثانوية ) والمتابع على قراءة مُدوَّناتي عن الموحِّدين الدروز، قائلا إنَّك استندت إلى إبن خلدون والمقريزي وإبن الأثير مِن المؤرِّخين القدامى والقليل جداً من المُحدِّثين في تصحيح الأكاذيب والافتراءات التي طالت تاريخ هذه الطائفة الكريمة، علماً أنَّي من باب المعرفة والحشريَّة وأنا في شرخ الصبا لَمَّا تصادقنا ( يا شيخ فيصل )  لم يتسنَ لي الإطلاع إلَّا عل عكس هذه المعلومات والحقائق عن مذهبكم، وبالرغم مِن التلفيقات والكذب  تجاه طائفتك بقينا أصدقاء خاصة لمَّا التقينا بعد فترة في المملكة العربيَّة السعوديَّة وأنتَ تُمارس وظيفة مُستشار لشؤون أصحاب السُّمو الملكي الأُمراء والأميرات في شركة الجفالي ( كهرباء جده ). 

أُصارحك القول ( يا شيخ فيصل ) أنَّي ذُهلْت عندما قرأت كتابك ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) فضلاً عن المُدوَّنات التي تنشرها لك صفحة غوغل الوثائقية.    

ابتسمت وقُلت له ..

هذا يعني أنَّك كنت في جهلٍ مُطبق عن معتقدي الديني، وبقينا أصحاب وأصدقاء حتى تاريخ نشر كتابي. 

أجاب بصراحته المُحببَّة ..

أه … ك شيخ فيصل

هكذا كان يُناديني ( شيخ فيصل ) وهو لقَّب يُعطى إلى كل من ينتمي لهذه الطائفة الكريمة. 

أجبته فوراً يا صديقي، لولا المستشرقين الأجانب كانت الحقيقة عند العرب وعندك أنتَ بالذات ما زالت مطموسة مخفية حتى تاريخه، لأنَّ التاريخ العربي التليد والمجيد يشهد على ذلك بعد أن حُرقت ونُهبَّت وسُرقَّت المكتبات العامرة بالكُتُّب والمجلدات في كل من بغداد والقاهرة والإسكندرية والأندلس. وما بقي من مُجلدات أُخفيَّت قروناً حتى ظهرت بالمكتبات الوطنية العالميَّة مثل مجلد إبن الأثير الذي وجد في ألمانيا والذي تكلَّم عن حُثالَّة البشر واحقرهم صلاح الدين الأيوبي مِن دون كذب ورياء لأنَّه كان يرافقه في حملاته العسكريَّة ويعرف حقارته ونذالته.  

بعد هذا الحديث مع صديق قديم، الذي ما انفكَّ  يُناديني ( شيخ فيصل ) وأبتسم في كُل مرَّة وأقول له يا صاحبي ما أنا بشيخ مُلْتَحٍ أو بِالزَّيْ مُعتمرٌ ولكن 

لي قولٌ سبق وأدخلته في روايتي كراون دايسي وكريستل والذي أؤمن به كالعقيدة والإيمان الراسخين في العقل، وهو إنَّ كل خبر يصدر عن أي بلد عربي هذه الأيام، وخاصة موطني لبنان لا بد مِن تشكيل لجنة دولية محايدة للتحقُّق من صحته. لهذا السبب يا صاحبي رغبت في استحضار إبن خلدون ذلك المؤرِّخ العربي الصادق بدلاً من لجنة دولية لأنَّها تدين ولاءً للإستبلشمانت العالميَّة في الغرب لأنَّها كاذبة أيضاً، 

في المُدوَّنة :

قُلتُ لصاحبي، إذا حضر إبن خلدون أصدق المؤرِّخين سأسأله كيف سيؤرِّخ ويدوِّن مُجريات ما يحدث في لبنان. 

مما لا شك فيه، إبن خلدون سيحضر إلى لبنان لأنَّه يحِّب التجوُّل والتجوال، ولأنَّه جاب بلاد العرب كلها، من الأندلس إلى حواضر بلاد الشام وشمال أفريقيا، وهو العليم البصير والقدير في أحوال وتاريخ هذه الشعوب.  

سيقول إبن خلدون في تعريفه عن حُكَّام لبنان اليوم أنَّهم المنتسبين والمنحدًّرين من أُصول الكذب وينابيع النفاق والدجل والرياء، ومِن نسل العواهر.  

وعن كيفية دخول قصورهم ومساكن ذوي الحل والربط، سيقول إبن خلدون عليك إجتياز الحواجز الإسمنتية وأبراج المراقبة العالية والمواكبة الأمنية وأرتال السيارات المرافقة وهي تسرح وتمرح سعيدة مُتباهية مُتعالية في الشوارع والازِقَّة تصدَّح بأبواقٍ عالية ونهيق بشرٍ مُقزز، سيقول إبن خلدون أنَّ الأشخاص الذين  يحرسون ويقودون  سياراتهم يعتمرون قُبعات سوداء ونظاراتٍ سوداء وقفازاتٍ  سوداء وأحذيةٍ سوداء وسحنةٍ سوداء وأشكال على شكل قردَّة تخرج من شبابيك السيارات أو كلاب تنبح بأصوات وحركات بهلوانية أقل ما يقال عنها أنها مُقرفة مُقززة على شاكلة من تواكبهم وترافقهم وتحميهم. 

أمَّا لدى سؤال إبن خلدون عن الأموال المنهوبة مِن خزينة مغارة علي بابا والحرامية،  يقول إبن خلدون أنَّها لن تعود إلى خزينة الدولة اللبنانيَّة لأنَّ الحرب الأُوكرانية الروسية أثقلت العبء المالي على دول القارة الأوروبية العجوز وخاصة ألمانيا، وقد أفتت الإستبلشمانت الأميركيَّة  أن تُصادر هذه الدول الأموال المنهوبة بحجة قانونية وهي أنَّ جُرم  تبييض الأموال يسمح لهذه الدول المصادرة.  

وأضاف إبن خلدون أنَّ تاريخ الإدارات الأميركية المتعاقبة عندما تُحِّل أزمة عالميَّة، تخلق أزمة أخرى أكثر تعقيداً، وهذا ما يحصُل في أزمة حاكم مصرف لبنان. 

لهذا السبب يا صديقي اعتمدت كثيراً على إبن خلدون في المُدوَّنات الفيصليَّة التي أنشرها، وإليك نبذة عن تاريخ وسيرة إبن خلدون، الذي عاش في مدينة إشبيلية بالأندلس، وُلد في العام ٧٣٢ هجرية. وقد وضع كتاباً في التاريخ وأُصول التأريخ، وقد سُمي هذا الكتاب (المُقدِّمة) أفرغ فيه علمه الغزير والواسع، وقد اعتمد إبن خلدون في مادة التاريخ على، الطبَّري والمسعودي وابن الأثير.  كان إبن خلدون يأخذ على المؤرِّخين التزَلُّف لذوي السلطان وأخذ الأخبار على عِلاّتها دون التقصي، والتشيُّع للمذاهب، يضاف إلى الجهل  بطبائع العمران. 

كان إبن خلدون إذا أراد أن يكتب تاريخاً عن شعب من الشعوب كان يدرس طبائع البلد وأخلاق البشر ومنحى حياتهم وعاداتهم وأخلاقهم حتى يصل إلى موجبات انحلال وسقوط أو نجاح  وتقدُّم  هذا الشعب

يضاف إلى ذلك اهتم إبن خلدون بنشأة العلم والتعليم، لأنها ظاهرة في العمران البشري، ويندرِّج تحت هذا العلوم الإلهية لمعرفة الحقائق الإلهية في ما وراء العالم المحسوس، الذي بنظره يفهم النمط الذي تسير عليه الشعوب.

كان إبن خلدون صادقاً وهذه ميزة نادرة عند المؤرِّخين العرب، لان مادة التأريخ كانت تُعطى من البلاط والحاشية للكتبَّة المتزلفين والمتشيعين لمذهب من المذاهب الإسلامية، لذلك كان الإعتماد الغربي على مادة التاريخ العربي ينصَّب على ما أتى به إبن خلدون

وهناك مثل صارخ يتعلَّق بتدوين تاريخ الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، حيث كان إبن خلدون

وهو مسلم سُنِّي يعترض على القول بأن الحاكم بأمر الله ألغى الصلاة وغيرها من فرائض الدين الإسلامي إذ قال في كتابه المشهور المقدمة : 

إنَّه زعمٌ لا يقبله ذو عقل ولو صدر من الحاكم بأمر الله شيئاً منه لقتل لوقته .. 

في الحقيقة إنَّ شيخ المؤرِّخين  إبن خلدون زار القاهرة مروراً بأراضي الخلافة الفاطميَّة في شمال افريقيايقول في دُرَّة تاج التاريخ (المقدمة ) ما قاله صدقاً في الحاكم بأمر الله لا كذباً  وتلفيقاً  كباقي المؤرِّخين الآفاقين والكذابين المنافقين والمرتشين.

وبما أنَّ الناس على دين ملوكها ..

فإنَّني  في مادة التاريخ أدين ولاءً لإبن خلدون وأُبحر في كتبه حتى أصل إلى شاطئ الصدق والامانة والنزاهة، ولا تؤاخذني يا صديقي على الإطالة لأني كنت تلميذاً بمدرسة الجاحظ وتعلمت منه الاستطراد في الشرح

فكما أحبَّ إبن خلدون الترحال والتأريخ، والجاحظ عشق الاستطراد، هكذا أنا يا صديقي تلميذ نجيب في مدرستهما


فيصل المصري 

أُورلاندوا / فلوريدا 

أيار ٢٠٢٣



المرجع : المُدوَّنات الفيصليَّة.