إبن خلدون أصدق المؤرِّخين.
ولبنان اليوم.
تمهيد :
وسألني إبن خلدون، لماذا تصِّر على استحضار أرواحنا أنا وغيري بالرغم مِن أنَّنا غادرناكم مُنذُ زمن بعيد، أين الرجال في زمانكم ؟
أجبت إبن خلدون : فاقد الشيء يطلبه دائماً !
اكفهرَّ وجه إبن خلدون وقال : أقلقني جوابك !
شكرت إبن خلدون لحضوره، واستأذنته السؤال عن الشعب اللبناني الحالي في ظل هذه الأزمة الخانقة.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
لَمَّا نشرت مُدونَاتي عن الوضع في لبنان قُلت أنَّه يندرج تحت المثل الشعبي ( فالج لا تعالج )، لأنَّه بات معروفاً لدى المقيم والمغترب أنَّ عشق بعض اللبنانيين للشعارات أصبح مهزلةً ومادة للترفيه الرخيص.
كان لزاماً عليَّي أن أعرف لماذا الشعب اللبناني أو العامة منه يتصرفون كلٌ على هواه في مشاهد هزلية ومسرحيات سخيفة من الهزء والاستخفاف، حتى أنَّي نشرت مُدونَّتي ( ما هكذا تورد الإبل ( الثورات ).
فوراً تذكرت إبن خلدون واستدعيته ليعطيني تعريفاً وتشخيصاً عن هوية الشعب اللبناني.
ماذا قال إبن خلدون ؟.
تعريف لشخصية الضيف إبن خلدون :
عاش إبن خلدون في الفترة ما بين (1332 - 1406م)، ولد في تونس وتخرَّج من جامعة الزيتونة، تولَّى الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر.
تُعتبر مؤلفات إبن خلدون من أهم المصادر للفكر العالمي، ومن أشهرها كتاب العبَّر، وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر، ومقدمته المشهورة.
يُعتبر ابنُ خَلدون مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ.
لهذه الأسباب كلها هذه هي مُدونَّتي الجديدة عن لبنان اليوم :
يقول إبن خلدون " الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها ".
والقهر يعني الظلم، أي سلب الإنسان حقوقه دون مبرر.
في الشعوب المقهورة (كما هو الوضع في لبنان ) عندما تسوء أخلاقها :
يكثُر المنجِّمون والأفّاكون والمتفيهقون والانتهازيون وتعمُّ الإشاعة وتطول المناظرات وتقصر البصيرة ويتشوَّش الفكر. ( كما في توقعات عملاء المخابرات على التلفزَّة ).
في هذا الجو ينعم الحاكم بالترف والنعمة ويلف حوله ثلة من المرتزقين والوصوليين يحجبونه عن الشعب، فيوصلون له من الأخبار أكذبها. ( أزلام السلطة اليوم )
يضيف إبن خلدون : الحاكم الظالم يظهر له الشعب الولاء ويبطن له الكره والبغضاء، فإذا نزلت به نازلة أسلموه ولا يبالون.
وإذا رأيت الدول تنقص من أطرافها، ( كما في ترسيم الحدود البحرية ) وحكّامها يكنزون الأموال فدقّ ناقوس الخطر.
وإنَّ أيّام الأمنِ وأيام الرَّغد تمضي سريعاً، وأيّام الجوعِ وأيّام الحروبِ والفتن تكون طويلة وانتشار الفساد يدفع بعامّة الشعب إلى مهاوي الفقر والعجز عن تأمين مقتضيات العيش، وبداية لشرخ يؤدّي إلى انهيار الدولة. كما واقع الحال اليوم.
يضيف إبن خلدون من أهمّ شروط العمران سدّ حاجة العيش والأمن :
أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
وإذا فقد الناس ثقتهم بالقضاء تزداد حالة الفوضى، فالقضاء هو عقل الشعب ومتى فقدوه فقدوا عقولهم.
( القضاء في لبنان اليوم )
قال إبن خلدون إنَّ رجال الدولة لا يتركون غنيّاً في البلاد إلا وزاحموه في ماله وأملاكه. ( سرقة أموال المودعين من المصارف ).
والعدل إذا دام عمَّر، والظلم إذا دام دمَّر.
لم أجد في لبنان كلاماً يناقض ما ذكره إبن خلدون.
لو كان حيّاً إبن خلدون لِما تردد في وصف حُكَّام لبنان بالحُثالة خاصة وأنَّه أتى على ذكر سرقات المصارف للمودعين، ومفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وفساد القضاء.
وأُنهي مُدونَّتي بما قاله نابليون بونابرت :
إنَّ الأمم التي تكف عن الشكوى تكف عن التفكير.
وما قاله : الأديب المصري مصطفى الرافعي يقول : " إنَّ الشعب الذي لا يجد أشياء كبيرة يتمجَّد بها هو الذي تُخترع له الألفاظ الكبيرة ليلتهي بها "، ( شعارات ) لهذا نجد بعض الأنظمة العربية تمنح شعوبها قدر كبير من الحرية الاجتماعية الكفيلة بغسل الأدمغة وتفريغها من أصلها، وهذا ما نشهده اليوم من نشرٍ للغسيل على أسطح وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان.
أمَّا المنظمة العالمية للشفافية نشرت على الملأ إنَّ جميع الدول العربية ينتشر فيها الفساد، وكان تقييمها يتراوح ما بين "فاسد جدا" ، "وفاسد"…
ومن القرآن الكريم :
وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا سورة الإسراء الآية 16 …
أمَّا أنا فأقول :
وحسبي الله ونعم الوكيل.
فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا
كانون الثاني ٢٠٢٣م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق