Pages

الجمعة، 27 نوفمبر 2020

رُبَّ أخٍ لَمْ تلِدهُ أُمَّكَ …


 


رُبَّ أخٍلَمْ تلِدهُأُمَّكَ

وإن كان بالدم بعيد ..


تمهيد :

قال أحد الحكماء ..

لا تثق في شمس الشتاء ولا في الدنيا فأنَّها دار الفناء، 

ولكن ثق في أخٍ لم تلده لك أُمَّك، ولَكن ولدته  لك  الأيَّام

فإذا كان أجمل مافي الورد الرحيق، فأن أجمل مافي الدنيا الصديق


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :


القصد من هذه المُدونَّة

أنَّها فُسحة أمل وشعلة تضيئ في نفق هذه الأيَّام المُكفهِّرة التي تحيق بالوطن الأُم وأنت في بلاد الإغتراب غير مُتمكن من إدارة المال العيني الذي تملكه أو أموالك  وتعبك الذي  أودعته في المصارف والذي  بات على قاب قوسين أو أدنى من سرقته بفعل هندسات وصفقات أصحاب الفخامة والعطوفة والدولة والسعادة.

أنَّها تُعيد الروابط العائلية بعد أن وَهُنت، ومودَّة ذوي القُربي بعد أن ذبُلت

في هذه الأجواء أعتقد وأرجو أن تعتقدوا معي أنَّ هناك ( أخوة أو أخوات ) لنا لم تلِدهم أُمهاتنا، يتمنون لنا الخير والنصيحة المُثمرة وهم بعيدون عن الحسد والغيرة.  

علينا فقط أن نبحث عنهم لأنَّهم موجودون طالما الخير موجود.  

شخصياً أمضيت أنا وأخوتي معظم حياتنا خارج لبنان، وقد كُتُب علينا أن نقتفي أثر والدنا يرحمه الله في الهجرة من وطننا لبنان، وجميعنا نفذنا وصيَّة الوالدين بأن يكون لنا مقر سكن في قريتنا الوادعة ( صليما ) بالرغم من عدم الاقامة الدائمة فيها.  

سأروي لكم قصَّتي مع أخ لم تَلِده  أُمِّي، وَمِنْ نِعَم الله أنَّ لي أُخوة أشقاء أفتخر بهم وأعتَّز

ولكن أن يزيدني الله بأخٍ فإنَّه من النِعَم والخيرات والبركات.  

هذه القصَّة حقيقيَّة، حصلت وما زالت تحصل معي حتى تاريخه


في المُدونَّة القصَّة :

منذ أواخر سبعينات القرن الماضي هاجرت وتركت لبنان وقريتي صليما وَلمَّا أزَل في الغُربة

بعد وفاة والدي يرحمه الله في أواخر ثمانيات القرن الماضي، ترك لي من الارزاق ما زلت أنعم بها، مِنها دكَّان صغير ملاصق لباب كنيسة القرية، وصل إلى والدي بالإرث عن والده رحمهما الله وأسكنهما واسع رحماته

خلال الحرب الأهلية اللبنانية وبسبب قِدَم بناء الدكان تداعَّت جدرانه وأصبح من الضروري إصلاحه وتثبيت دعائمه وسقفه وجدرانه. ولأنَّه ملاصق لباب كنيسة القرية وأنا الموحِّد الدرزي  وحفاظاً على إرث أبي وجدي، وتكريماً لكنيسة القرية إيماناً بالعيش المشترك، إرتأيت أن أقوم بترميم هذا الدكان على أفضل ما يُرام

وبما أنه لكل امرءٍ من دهرِه ما تعوَّدَ، فأنا اعتدت أن أكون طيلة سنوات حياتي المهنيَّة مُستشاراً

وبما أنَّي لا أُقيم في قريتي قصدت أحد أقاربي المُقيمين لأخذ النصيحة والمشورة، وسألته أن يقترح إسم أفضل وأذكى مهندس في القرية، ومن عائلتي حتى يقوم بإصلاح ما خَرَّبه الزمان في هذا الدكان

هذا الشخص القريب لي في النِّسَب إسمه سعيد بهاء الدين المصري.  

اقترح الأخ سعيد إسم أحد  المهندسين من العائلة وفِي الوقت ذاته هو صديقه

عندما سمعت بإسم هذا المهندس، رفضته فوراً وبالمطلق، وطلبت إلى قريبي أن يقترح اسم مهندس آخر، ويُعلِمني به على وجه السرعة لأَنِّي نويت السفر خارج لبنان.   

في اليوم الثاني زرت قريبي الأخ سعيد مُجدَّداً للغرض ذاته، وسألته عن المهندس البديل الذي ينصحني به. فأجابني على الفور

( إنَّه هو نفسه الذي اقترحته بالأمسإنَّه  المهندس أنور كميل المصري ). ..

رفضت الاقتراح للمرة الثانية وقلت له بالحرف الواحد ..

( إنَّه المهندس الذي لا يبتسم لرغيف السخن ؟ ). 

وأردفت : ( لا اريد التعاطي معه .. ولن أُصلح الدكان ..

وسأسافر وأُبقيه كما هو عليه حتى لو وقع الدكان على الأرض ). 

أجابني قريبي بسخريته المحببَّة على قلبي  :

( سافر مع السلامة .. وليس لدي إسم غير المهندس أنور كميل المصري ).  

لم يكن أمامي إلَّا  الخضوع لنصيحة قريبي لضيق الوقتقلت له

( حدِّد لي موعداً مستعجلاً  مع المهندس أنور ).  

حتى لا يطول الشرح ..

اجتمعنا الثلاثة في منزل قريبي وكان الاجتماع بارداً  كشتاء القطب الشمالي.  

رسمت للمهندس أنور  أفكاري على وجه السرعة، واتفقنا على الخطوط العريضة، وطلبت اليه أن يتصرَّف وكأنَّ  هذا الدكان له، وإنَّي مُسافر غداً.  


بعد أن أنجز المهندس أنور إصلاح الدكان، تفاجأت بما صار عليه وأكثر ممَّا توقعت، ذوقاً وجمالاً وإخلاصاً ونصيحةً.  

كان الدكان الصغير، صغيراً بمساحته، مُبعثراً ببنائه، وأصبح مع المهندس أنور كميل المصري صرحاً لصداقة كبيرة.  

بدأت أواصر الصداقة المتينة بيني وبين المهندس أنور كميل المصري تعلو مداميكها، حتى وصلت إلى سقف الصداقة، ومن ثمَّ  الى رِحاب الأخوَّة

أصبحت لا أقطع خيطاً إلَّا  وأسال رأيه وموافقته، وترعرعت بيننا الأخوَّة إلى أن طلبت منه يوماً أن يبني لي منزلاً في قريتي وأنا غير موجود

لم أنسَ ذلك النهار مهما طال مُكوثي في هذا العالم المُتقلِّب والمُتغير، وأنا لتوِّي أغادر القصر الجمهوري في بعبدا بعد أن تشرفت بمقابلة الرئيس أميل لحود بناءً لموعد طلبه لي صديقي  المرحوم نصري لحود ( شقيق الرئيس أميل ) رئيس المحكمة العسكرية، أنِّي اتصلت هاتفياً بالمهندس أنور كميل المصري وطلبت منه وضع التصميم النهائي لمنزلي الذي اتفقنا عليه قيد التنفيذ، والاستحصال على التراخيص المطلوبة قانوناً والبدء بورشة البناء


بعد فترة زمنيه مقبولة أنجز المهندس الأخ انور  بناء منزلي وأنهى تأهيل الحديقة  بأفضل ممَّا توقَّعت وبأقل تكلفة مما توخَّيت.

كنت أزوره بين الفينة  والأُخرى لأقوم بتسديد الفواتير المتوجِّبة عليَّ.  

كان المهندس أنور يدفع ويسدَّد عني إن تأخرت.

كان الأهل والاصدقاء يسألوني عن  تكلفة هذا وذاك وذيك، كنت أقول لهم

( لا أعرف تكلفة هذا وذاك وذيك بل أعرف المجموع ).  

كانت تصلني إتصالات هاتفية وحتى بالمواجهة أنَّ المهندس أنور كميل ظلمك بالتكلفة.  

وأنَّ المهندس أنور كميل غشَّك بتلك.  

كنت أسمع بأذني اليمنى وأخرِّجها من اليسرى.  

مفاتيح بيتي ودكاني وممتلكاتي بحوزة وإدارة الأخ انور كميل المصري.  

الآن

وغداً

وإلى ما أبعد من غد.  


شاع صيت صداقتي معه بين الأهل والأصدقاء

إن سألني أحدهم عن منزلي واملاكي في قريتي بيعاً أو إيجاراً  أو  ما شابه.

أُحيلهم إلى المهندس أنور.     

وإن سأل أحدهم أُخوتي الذين أصبحوا في لبنان يقيمون، عن منزلي أو أملاكي في قريتي، يحيلونه دون تردد إلى المهندس أنور.      

قبل أن ينتقل إبن عمتي الذي كان مقيماً معي في فلوريدا إلى الرفيق الأعلى، قال لي :

( أنَّ أجمل هديَّة قدَّمتها له هي أنَّني اقترحت عليه إسم المهندس أنور كميل المصري حتى يُنهي له أمراً عقارياً كان عالقاً في لبنان ).  

إنَّه الأخ.  

إنَّه المهندس أنور كميل المصري.  

إنَّه الهندسة التي أطلقتها تحبُباً  عليه اسماً  ولقباً.

إنَّه أخي.  

الذي لم تَلِده .. أُمِّي ..


فيصل المصري

أُورلاندو / فلوريدا 

كانون الثاني ٢٠٢٣م. 


المرجع : المُدونَّات الفيصليَّة

كتاب : أعلام وحوادث وشخصيات تاريخيَّة

الطبعة الاولى حزيران ٢٠١٨ 

بيروت / لبنان


هناك تعليق واحد:

  1. خلال وقت مرهق بالفعل لشراء منزل جديد ، تخلط بين كونك موظفًا لحسابك الخاص حديثًا والذهاب إلى الخارج خلال المواعيد النهائية وستكون لديك فوضى! لحسن الحظ ، حصلنا على المساعدة والدعم من قرض الاتحاد الأوروبي لضمان سير الأمور بسلاسة ولمساعدتنا على تجاوز العقبات غير المتوقعة التي واجهناها. بذل الفريق جهودًا لا نهاية لها لضمان الوفاء بالمواعيد النهائية وسيقوم بالاتصال بمحاسبنا ووكيل العقارات لدينا ، وفي الوقت نفسه يبقينا في الحلقة في جميع المراحل ، بما في ذلك بعض المكالمات الهاتفية الدولية. شكراً جزيلاً لكم على كل ما قدمتموه من مساعدة وعلى قرض 7،000،000 يورو الذي تم إرساله إلى حسابنا بتاريخ 14/10/2022. لن يكون لدينا منزلنا الجديد الرائع بدون القرض. بالتأكيد لن نتردد في التوصية بخدماتك للآخرين ونتطلع إلى استمرار العلاقة ؛ أرسل لهم بريدًا إلكترونيًا على EuropeanUnion_loansyndication@outlook.com أو whatsapp للاستجابة السريعة على +393509828434 لأي مساعدة مالية ، فهم شركة صادقة وموثوقة بدون رسوم تسجيل. هم الشركة الوحيدة التي أرسلت لنا قرضًا حقيقيًا لحسابنا.

    ردحذف