آلهة الحُب وآلهة الجمال !
بعيداً عن السياسة !
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
تبلغَّت منذ أيام تقرير غوغل عن مُدونَّتي ( بلوغ ) حيث قرأ مُدونَّاتي وعددها ( ٩٣٥ مُدونَّة ) ما يزيد عن المليون قارئ ( ١،٠٠١،٣١٩ بالتمام والكمال ).
وقد لفت نظري أنَّ الأكثر قراءة حسب الترتيب العددي :
- آلهة الحُب وآلهة الجمال. ( أكثر من أربعة عشر الف قارئ ).
- المرأة الدرزيَّة، وما أدراك عن المرأة الدرزيَّة. ( أكثر من إثني عشر ألف قارئ ).
- ليلى العفيفة وابن عمها البرَّاق. ( أكثر من ثمانية آلاف قارئ ).
- الحاكم بأمر الله، ومبدأ حقوق الإنسان. ( أكثر من سبعة آلاف قارئ ).
- الأميرة الفاضلة السِّت زهر أبي اللمع. ( أكثر من سبعة آلاف قارئ ).
وإن أنسى لا أنسى أنِّي نشرت وطبعت ثلاثة كُتُّب في لبنان بالعام ٢٠١٨م. وهي :
- الموحِّدون الدروز عبر التاريخ.
- أعلام وحوادث وشخصيات تاريخية.
- كراون دايسي وكريستل.
وحتى أكون صادقاً مع القرّاء الأعزاء إنَّ هذا الانتاج قد أنجزته وأنا في بلاد الإغتراب ( الولايات المتحدة الاميركية ) حيث أنَّ فترة تقاعدي في ظِل قوانين الضمان الإجتماعي والصحي والشيخوخة منحتني الراحة النفسية والعودة إلى هواية القراءة والكتابة.
إلى كل الذين يذرفون الدموع من شباب وشابات لبنان اليوم عند مُغادرتهم وطنهم قسراً من حكم حُثالة التاريخ وهرباً من الافاقين والنصابين سارقي مُدخرات الشعب اللبناني أقول لهم :
لن تشرق شمس حياتكم إلا خارج هذه المزرعة التي ينهبها الأنذال والأزلام.
إنَّ أيامي أينعت وأثمرت بعد أن تهجَّرت عنوةً من وطني لبنان حيث حباني الله بأن التقيت وتعاملت مع أشرف وأنبل القوم في بلاد المملكة العربية السعودية مِن آل الجفالي الكرام حيث كنت مسؤولاً عن دائرة قضايا أصحاب السُمو الملكي الأُمراء والأميرات خلال فترة المرحوم جلالة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود والمرحوم الملك فهد بن عبد العزيز طيَّب الله ثراهما.
أقول لمن قرَّر الهجرة مِن لبنان قسراً أنَّك في بلاد الإغتراب أينما حللت لن تلتقي بأحد من الحُثالة يقول لك لن تتبوأ هذا المركز في العمل لأنَّك لست مارونياً أو سنياً أو شيعياً أو درزياً بل إخلاصك وتفانيك ونشاطك بالعمل هو الطريق إلى صعودك سلالم النجاح.
ولطالما جفَّت المآقي من الدموع.
ولطالما تصحرَّت ضمائر الحُكَّام المتسلطين من الأخلاقيات والضمائر.
ولطالما أولد هذا الوطن من لدن ورحم نفاياته سلسلة نسلٍ من حُثالة البشر لتقود السفينة في بحر هائج أمواجه من زبد عفن الطائفية وشواطئه مرساة لقراصنة دمائهم سوداء تنفث سموم الطائفية البغيضة.
إرتأيت أن أنشر تباعاً مُدوِّناتي التي لاقت رواجاً، علِّي في ذلك أغرب وجهي ووجوهكم نحو المفيد المُسلِّي بدلاً من أخبار وسياسة وإنجازات الحُثالة الذين هجَّروا والدي في زهرة شبابه من قبلي إلى جزيرة نائية من مقلب الكرة الارضية حيث ولدتني أُمِّي.
إلى والدي وإلى والدتي اشتقت اليكما.
إلى جزيرة كوراسو في البحر الكاريبي حيث وُلدت.
إلى المملكة العربية السعودية حيث رزقني الله.
إلى ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الاميركية حيث أُقيم.
أقول :
جعل الله ترابكم ذهباً.
شربت من أباركم الماء الزلال.
بئر وفائي لن ينضب فِي الدعاء لأني أخذت من خيراتكم وافضالكم .
إلى وطني لبنان.
إلى أهلي وخلّاني وأصدقائي.
أنتم أصلي.
سأعود لاخلد جنب أبي وأُمي تقرُّباً …
في المُدونَّة :
يجب ألا يغيب عن البال أنَّ الشعوب في غابر الأزمان والأكوان كانت تعبِد الآلهة وهي مؤنث وعلى شكل إمرأة ، ويَتَّخِذون أجملهُّن وأعطَرهُّن وأمشقهُّن لتُعبَّد ...
مهما قيل ومهما وحَّدنا الله عزَّ وجلّ وفق طقوس الأديان السماويَّة.
ما زالت تجثم بحنان على قلوبنا آلهة الحُّب ..
وما زالت ترافقنا في حلِّنا وترحالنا آلهة الجمال ..
اليوم ساتجوَّل معكم وأُعيدكم إلى الماضي البعيد، ولكنَّه قريب داخل أفئدتكم ..
سأبحث عن آلهة الحُب لأقول لها ...
ما زالت تعاليمك ... تُعبد.
ما زالت تراتيلك ... تُغنَّى.
ما زالت أُغنياتك ... تردَد.
أمَّا آلهة الجمال فأقول لها ..
كم ولَّدت جميلات في جنس حوَّاء.
كم وهبت من عيونك سحراً للفاتنات.
كم زرعت من سنابل شعرك للفتيات.
كم وزَّعت إبتسامات على شفاه السيدات.
وكم رصَّعت لؤلؤً في أسنان العاشقات.
وكم قطفت النجوم لتوزَّع على الحالمات.
وكم أرخيت من ظلال القمر لباساً للأميرات .
وكم أشرقت شمساً في قلوب الأُمهات.
وكم أعطيت حناناً في صدور الأخوات.
أكتفي يا آلهة الحُّب، هل تسمعي ندائي.
ويا آلهة الجمال، هل تدركين حالي.
ظهرَت فكرة عبادَة الآلهة لأول مرَّة في التاريخ، عند سومر العراقية ومصر الفرعونية، ثم أخذتها الأُمم المجاورة كالأكاديين والكلدانيين والأشوريين والفينيقيين واليونانيين والرومانيين ..
حسب الأساطير القديمة التي وضعها هوميروس، كانت الآلهة على شكل البشَر من حيث الصورة ومن حيث الخلق.
كان يقول الفيلسوف اكسانوفان :
أنَّ الناس هم الذين خلقوا الآلهة على شاكلتهم وصفاتهم وهواهم ثم عبدوها ..
ثم تطوَّرت فكرة الآلهة، فمنهم من اعتبرها أرواحاً لطيفة ومنهم من جعلها أجساماً نورانية ... الخ.
- في معجم الأساطير اليونانية والرومانية ( منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي في دمشق، أعداد سهيل عثمان وعبد الرزاق الأصفر )
- وفي موسوعة الأساطير العربية أعداد شوقي عبد الحكيم.
- وفي كتاب الألوسي بلوغ الأرب في معرفة احوال العرب.
كانت أفروديت آلهة الجمال عند اليونان.
كانت عشتروت آلهة الجمال عند البابليين.
كانت إيزيس آلهة الجمال في مصر.
كانت فينوس آلهة الجمال عند الرومان.
كانت العزَّى آلهة الجمال عند العرب.
اعتبرت الأساطير أنَّ آلهة الجمال هي الأُنموذج الأعلى للجمال الأنثوي المعبودَة قرينة الشمس رمز الخصوبة والأمومة فهي بشعرها الليِّن الغزير الذي ترسله على متنيها تفوح منه ريح المِسْك والعنبر والطيب وبحركتها الأنثوية المغناج تظهر وكأنَّها من بنات الخدور.
أمَّا جِسْمها الممتلئ وبطنها الخميص وأوراكها الثقيلة وعروقها التي يترقرق فيها الشباب النضر فهو جسم شابة ممتلئ بالنضارَّة والحيويَّة ممَّا يزيدها غنّى وخصوبة ..
وقد إعتبر الأصمعي، وغيره ما ورد من سجِلَّات الأساطير، أنً آلهة الجمال كان فيها البياض والحُسن والبهجة، وأضافوا صفات لآلهة الحُّب الطرَب والسرور واللهو. وأنَّ النظر إليها يجلب الفرح ويُخفف من أوجاع الحُّب والعشق، واعتقدوا أنَّها تثير غرائر الجنس لطغيان أُنوثتها لما تسببه من سِحْر على الرجال ..
أمَّا الشعراء فكان وصف ثغر الآلهة ( الجمال والحب ) باسم، ونبعٌ للخير المطلق، ومصدر لماء الحياة، وقد اعتبروا في وصفهم لمعبودتهم كل مايشبه الآلهة في كون رضابها، كالخمر المعتَّق وهو عنصر مقدَّس لأنَّه يُمثِّل دم الآلهة أو العسل المصفَّى ذي الطبيعة المُقَدَّسة، لانه يؤدِّي الى النشوَّة الروحيَّة كما يصدر عنه رحيق الحياة ..
اتفقت جميع الأُمم في أساطيرها على تشبيه المرأة للآلهة ( جمال او حب ) لأنَّ الآلهة كانت على شبههم كما أسلفت سابقاً، فتحوَّلت المحبوبَة إلى شذىً وعطراً، وثغرُها كثغر الآلهة فيه خليط من المِسْك والكافور والاقحوان وجعلوا فمها أطيب رائحة وأذكى عطراً ..
وقد اختلطت في الأساطير التفرقَة بين آلهة الجمال وآلهة الحب ..
فإن نقُصت صفة مِن الأُولى زيْدت على الثانية ..
في القرآن الكريم هناك ذِكْر لهذه العبادة التي كانت لا تزال حيَّة في الأذهان إلى عهد قريب في الإسلام، حيث يقول تعالى :
( أفرأيتم اللَّات والعزَّى ومناة الثالثة الأُخرى )
وأخيرا وليس أخراً ..
وكيف يكون أخراً ..
ما دام الحديث عن المرأة ..
وما دام الحديث عن الآلهة ..
أترك للقارئ العزيز ..
حال الشعوب التي عبدَت آلهة الحُّب ..
وحال الأُمم التي عبدَت آلهة الجمال ..
في غابر الأزمان والأكوان ..
وما نحن عليه اليوم ..
فلا أرى تناقضاً بين الأمس واليوم ..
لا بل أرى تطابقاً في وصف الحبيبَة أو الزوجَة، بأنَّها ملكة للجمال بدلاً مِن أن تكون آلِهَة ..
وغالباً ما نقوم بخلع آلِهَة الحُّب ونُجلس مكانها من نعشَق أو من نُحِب.
وننزَع صولجان آلهة الجمال من يدها لنعطيه إلى حبيبتنا ..
ونسرِق التاج من رأس آلهة الجمال لنزَّين به رؤوس ملكات الجمال في عالمنا هذا ..
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
١١ تموز ٢٠٢٠م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق