Pages

الثلاثاء، 10 مارس 2020

من سرق ذهباً أودع سجناً … من سرق بلداً بويع مُلكاً !!

من سرق ذهباً أودع سجناً … 
من سرق بلداً بويع مُلكاً




المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :


لم تعُّد  تُلفت نظري الشعارات اللبنانية ولا الأمثال العربية عن السرقة، لأن في لبنان وفِي العالم العربي حُكَّام  سرقوا شعوبهم بشراهة وقباحة دون وازع من ضمير، وقد وصف أحد الأجانب وليم لانغلاند هذه الزمرة من اللصوص إذ قال :
( من يسرق مرة يُصبح هو وذريته لصوصاً إلى الأبد ). 

في لبنان والعالم العربي تظُن للوهلة الأولي وأنت تستمع الى خطابات المسؤولين والحُكَّام انك في حضرة شيخٍ معمعَّمة عمامته، أو قسيس مجلببَّة عبائته أو رجل دين من طوائف ومذاهب عبق بها جو بلاد العرب تعصُّباً.
في مُدونَّتي هذا سأصُّب جام غضبي على حُكَّام وطني ( لبنان ) الذين سرقوا الشعب دون هوادة ولا رفَّة عين. ولي ملئ الثقة أنَّ معظم شعب لبنان سيشاركني في هذا الغضب المُقيت المصحوب بدعوات من أمهات نضبت دموعها، وأباءٍ حُرموا من تعب وشقاء العمر. 
في مُدونَّتي هذه سأُشير إلى ( سرقتين للشعب اللبناني ) حصلتا  خلال ٢٥  عاماً الماضية. 

الأولى : سرقة الأموال غير المنقولة ( عقارات )  تمَّت عن طريق شركة سوليدير إعتباراً من العام ١٩٩٤م. 
الثانية : سرقة الأموال المنقولة ( ودائع ومدخرات اللبنانيين ) عن طريق مصرف لبنان وبقية المصارف إعتباراً من العام ٢٠٢٠م.

كل ذلك برعاية :
 - القوانين اللبنانية وفقاً للتسويات ما بين ملوك وأمراء الطوائف في لبنان. 
 - وفيئاً تحت قبَب برلمانية ينعم بدفئها لصوص القرن الحالي. 
 - وتحت مظلَّة واقية من الرسالات السماوية لاسيما المسيحية والإسلام. 

التي تدعو جميعها الى  تحريم ( السرقة ) وفرضت عقوبات رادعة  في الكتاب المقدس والقرآن الكريم والقوانين اللبنانية المرعية الإجراء وما أكثرها. 

في الديانة السماويَّة المسيحيَّة :

«لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ». (متى 18:19)
لاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَكْذِبُوا، وَلاَ تَغْدُرُوا أَحَدُكُمْ بِصَاحِبِهِ”. (اللاويين 11:19)

في الديانة السماويَّة الإسلاميَّة :

يا
 أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ
وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الممتحنة 60:12)

في المُدونَّة  :

سرقة الأموال غير المنقولة ( سوليدير ) 

سوليدير (الشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط بيروت ). 
شركة عقارية أنشأها مجلس الإنماء والإعمار سنة 1994 بهدف اعادة إعمار وتطوير وسط بيروت التجاري، برعاية وفكرة وإبداع وتخطيط من  دولة رئيس الوزراء في لبنان المُلقَّب بالشيخ القادم من الجزيرة العربية ( السعودية ) رفيق الحريري  الذي جرى قتله لاحقاً بإنفجار على تخوم حلمه ( سوليدير ) مقابل مسبح السان جورج لأسباب أخرى لا تتعلق بالأموال غير المنقولة  والمنهوبة والمسروقة في قلب مدينة بيروت لأفراد أبرياء من هذا الشعب المقهور. 

كانت وسط بيروت قبل الحرب الأهلية ( ١٩٧٥م. وما بعدها ) من أجمل المدن المطلة على بحر الابيض المتوسط. 
كانت شوارعها تتضمَّن  أسواقاً منها المغطى ومنها المكشوف، والتي حافظت على أسمائها المشهورة : كسوق الطويلة، وسوق الجميل، وسوق أياس، وسوق الصاغة والساحات التاريخية، كساحة العجمي وبركة العنتبلي. 

بعد أزمة الحرير ومحنة المجاعة وغير ذلك من أسباب  بعد الحرب العالمية الأولي في بداية القرن الماضي هاجر رهط كبير من اللبنانيين الى العالم الجديد طلباً للرزق الحلال وإيفاءً للديون المتراكمة. 

كان أمل اللبناني المغترب أن يمتلك عقاراً في وسط بيروت إذا حالفه الحظ في بلد الاغتراب. 
بعد إنتهاء الحرب الأهلية تفتقت الحيلة للصوص لبنان بأن يستغلوا كلمة إعادة إعمار وسط بيروت التي كانت جبهة حرب طوال سنوات لم يخسر فيها هذا الفريق ولم يربح فيها ذاك الفريق الاخر، بل كان القصد من الطرفين المتقاتلين هو التدمير المُمنهج والتخريب  المتعمَّد  لوسط بيروت حتى يتحقق حلم سرقة العصر. 

كان الرئيس الليبي آنذاك معمر القذافي يستغرب كيف كان يدفع الأموال لهذا الفريق حتى يحسم المعركة ولم يربح معركة واحدة من كل المعارك التي كانت شبه يومية، حتى إعترف في نهاية المطاف أنَّه كان مغفلاً مع لصوص جبهة وسط بيروت. 

لا داعي لنكأ جراح الضحايا وهم كُثر، لأنَّ اللصوص الحاكمة وضعوا اليد على المال غير المنقول عن طريق الإستملاك، أو فرضوا على أصحاب  العقارات  رزمة  ثقيلة من المواصفات حتى يقوم  المالك الأصلي بتأهيل عقاره.  
في كلا الحالين ( استملاك ومواصفات ) تمَّت سرقة العصر الأولى.  

سرقة الآموال المنقولة ( مدخرات الشعب اللبناني في المصارف )

لن أسترسل كثيراً لأن معاناة اللبناني اليومية لا داعي لذكرها، في تكرار التسوُّل اليومي أمام المصارف من أجل حفنة من دولارات هو كان يمتلكها. 
والحقيقة تقال أنَّ السارق الأكبر هو مصرف لبنان الذي كان يغِّض الطرْف عن  قانون النقد والتسليف والرقابة على المصارف وصلاحيات كل من وصل الى وظيفة ( مفوض الحكومة اللبنانية لدى هذا المصرف ). 

مصرف لبنان يضاهي البنك الفيدرالي الاميركي في قيمة  ( رواتب وتعويضات ) الحاكم ونوابه وسائر المحظوظين الذين وصلوا الى سدرة منتهى الاستفادة من هذا المصرف. 

وبالرغم من القوانين المالية الصارمة وقعت سرقة العصر الثانية. 

أخيراً وليس أخراً …

ما زلت أتوقع من السلطات الاميركية في عهد  ولاية الرئيس دونالد ترامب الحالية، أن تفرض عقوبات مالية ليس على المقربين من حزب الله اللبناني ( الشيعة فقط ) بل ستطال العقوبات الاميركية المقربين من حزب الله ( المسيحيين أيضاً ) وغداً لناظره قريب في موعد أقصاه  شهر تشرين الثاني من العام الحالي عندما  يقرر الشعب الاميركي ويدعو  الرئيس  ترامب للإقامة  في البيت الابيض لأربع سنوات إضافية. 


فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا 

١٠ اذار ٢٠٢٠م. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق