Pages

السبت، 2 نوفمبر 2019

يوميات ( لبناني ) مُهاجر، مُغترب، أو مُنتشر إضطَّر أنَّ يترك وطنه.

يوميات ( لبناني
مُهاجر، مُغترب، أو مُنتشر إضطَّر  أنَّ يترك وطنه


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

لم يتوانى الشعراء والأدباء والمغنين
لم يتوقف رجال الدين من كل الأديان السماوية
كلٌ حسب طريقته
من وصف لبنان بأنَّه قطعة سما أو غير ذلك من أوصاف تُذهل العقل والفؤاد

ومع ذلك
وبالرغم من ذلك

كان لبنان ( لبنان الصغير أو الكبير ) وما زال حتى هذه اللحظة يُشرِّد ويُهجِّر أبنائه خاصة الشباب منهم ويرميهم في أصقاع المعمورة بحجج أوجدها وخلقها من يمسك بالخناق في الرقاب والعباد

وتعددَّت الأسباب الواهية
تارة التجارة بإختلاف الدين
وطوراً ضيق ذات اليد.
والأهم عدم إنضوائهم في  قطيع  ملوك وأمراء الطوائف.
والأهم الأهم عدم إيجاد لقمة عيش شريفة تُغنيهم عن السفر والهجرة

وإليكم  عينَّة  من مُعاناة  مُهاجر، مُغترب، مُنتشر  في هذه المعمورة  كابده الشوق لموطنه لبنان، وأرَّقه إنتظار العودَّة  للديار.
كتبَ  يقول في مذكراته التي تفيض بالحنين والشوق  والرغبة  في العودَّة الى موطنه الأم لبنان

في المُدونَّة :


كان يأتي الى الجِسْر كل يوم ...
بعد أن تقدَّم بالعمر عتياً  …
وبعد أن تقوَّص ظهره ...
وغزا الشيب مفرقه ...
وبعد أن أمسَّت الوحدة أنيسته لا تفارقه ...
كان يسير كل يوم مع إشراقة شمس الصباح على ضفاف نهر قرب منزله ...
كان يستريح إن تعِب َ على ضفة النهر قُبالَة  جِسْر قديم ... 
يسندُ وجههُ على راحة ِ كفَّيه متأملاً، سارحاً … 
الهمّ  يكاد أن .. يَقْتُله . ..
وألحُزْن ُ يكاد أن .. يَعْصُرَه ... 
والألَم يكاد أن ينخره ...
ملَّ الحياة  ... 
وأوجعته الخيبات ...
وأنهكته الغربة ...
وأثقلته الأوجاع  …
يستعجل الرحيل الى موطنه لبنان
ليدفن في قبر جنباً إلى  جنب والده  ووالدته  …
ويُردِّد بأعلى صوته ...
آن الرحيل ...
آن الرحيل ...

تكرر هذا المشهد اليومي الحزين أمام الجِسْر إلى أن وذات مرَّة فاجأه الجِسْر وخاطبه بكلام بشري ... 

إنتفض مذعوراً من صوت صادر من جِسْر قديم، تلَّفت يمنة ويسرة  وعلَّت قسمات وجهه دهشة  وإستغراب كأنَّ  لوثة ً قد حَلَّت في عقله ...
تسمَّر في مكانه لا يدري ماذا يفعل، يسكنه الارتباك والقلق
عاد الْجِسْر وصرخ فيه  بنبرة قاسية غاضبة ...      

توقَّف يا هذا ...
توقَّف يا هذا ...
أوقف هذا النحيب والاحباط، والتشاؤم ...

رددَّت الوديان صدى صوت الجسْر  مرَّات  ومرَّات  وتابع  حديثه آمراً … 
إغرُف، من ماء النهر ...
وإغسِل .. وجهك ٓ ..
وإمسِح .. عرقك ..
وإمشي
وإمشي

لم يحِن  مِيعادُ عودتك  بعد
لم يحِن مِيعادُ عودتك الى موطنك لبنان  بعد ...
لم يحن ميعادُ عودتك الى موطنك لبنان بعد
لبنان ينتفض
لبنان ينتفض
لبنان  الذي تحلم به  …
سرقه  نسل  وذريَّة ملوك  وأمراء الطوائف  …
سرقوا ( لبنان ينتفض ) كما سرق أجدادهم ما خلَّفه حُثالَّة بني عُثمان، وإنتداب فرنسا.  
سرقه ملوك وأمراء الطوائف  ثانية
لم يحن ميعاد عودتك بعد
وما إن أنهى الجِسْر موعظته الغاضبة  والشديدة  اللهجَة،  وتابعت  من بعده تردَّد صوته الوديان وتهتزُّ له الارجاء  …
عاد كئيباً حزيناً  يَعُّد  وقته  الباقي في بلاد الغربة



مُقتبس من رواية :
الجسْر وحوريَّة النهر
للمؤلف فيصل المصري 
صاحب المدونَّات الفيصليَّة

٢ تشرين الثاني ٢٠١٩م

هناك 3 تعليقات:

  1. مبدع كالعادة ا. فيصل دام نبض قلبك وقلمك ودامت لبنان قطعة من الجنة

    ردحذف
  2. لم يحُن ميعادُ عودتكَ بعد
    دامَ فكركَ وقلمكَ استاذ فيصل ونأمل الا يتاخر ميعاد عودة كل غائبٍ لدياره

    ردحذف
  3. رائع كعادتك
    لا فض فوك ولا انطوى لك منبر

    ردحذف