الموحدُّون الدروز.
نهج وطقوس العرفانية.
وصولاً للنبي شعيب عليه السلام.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
بمناسبة الزيارة السنوية لمقام النبي شعيب، ألقى فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي لطائفة الموحِّدين الدروز في فلسطين كلمة تحدث فيها عن أوضاع الدروز في سوريا ولبنان والأردن والجاليات الدرزية في كل مكان.
كعادته، وعادة من سبقه المرحوم الشيخ الفاضل الجليل أمين طريف كانت وستبقى هموم الدروز في سوريا ولبنان من أولى الأولويات بالفعل لا بالقول عند الرئاسة الروحيَّة في فلسطين، والتاريخ يشهد على ذلك.
في هذه المناسبة، أود أن أُلقى ضوءً تاريخياً حتى يعرف مشايخنا الأجلاء سِرْ العلاقة ما بين الموحِّدين الدروز والنبي شعيب عليه السلام.
تعريف لغوي للعرفانية :
العرفان في اللغة مشتَّق من " عَرَفَ "، ويُعْنى به المعرفة ..
يقول إبن منظور :
"عرف. العرفان. العلم ..
عَرَفَه، يَعْرِفُهُ، عِرْفَة، وعِرْفاناً، وَمَعْرِفَةً ..
ورجل عروفٌ .. وعَروفة ..
عارف يعرف الأمور، ولا ينكر أحداً رآه مرة ..
والعريف والعارف، بمعنى مثل عليم، وعالم ..
والجمع عرفاء ..
العرفان في الاصطلاح عبارة عن المعرفة الحاصلة عن طريق المشاهدة ( القلبية )، لا بواسطة العقل ولا التجربة الحسَّية.
وهذا اللون من المعرفة يحصل في ظلِّ العمل المخلص بأحكام الدين، وهو الثمرة الرفيعة والنهائية للدين الحقيقي.
وعلى هذا الأساس قدَّم أصحاب الإختصاص تعاريف متعدِّدة للعرفان، من أبرزها ما جاء على لسان القيصري :
(( هو العلم بالله سبحانه، من حيث أسماؤه وصفاته ومظاهره وأحوال المبدأ والمعاد والعلم بحقائق العالم وبكيفيّّة رجوعها إلى حقيقة واحدة، هي الذات الأحدية ومعرفة طريق السلوك والمجاهدة، لتخليص النفس عن مضايق القيود الجزئية وإتصالها إلى مبدئها وإتصَّافها بنعت الإطلاق والكلّية ))
في المُدونَّة :
هذه الْمُدونَّة لا تبحث في عقيدة الموحدِّين الدروز الذين يقطنون في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين وبلاد المهجر ..
هذه الْمُدوَّنة تبحث في تاريخ المعتقدات الإيمانية والوجدانية التي إنتشرت بين الشعوب قبل هبوط الاديان السماوية الثلاثة على الارض، والذين أُطلق عليهم ( العرفانيون، او الغنوصيون )، ومنهم الموحدُّون الدروز ..
ماذا تعني العرفانية، وما هي علاقتها بالموحدِّين الدروز ..
أولاً - ( تعريف العرفانية، التي زهت بين الشعوب قبل الأديان السماوية ) :
لقد أثبتت الدراسات الجديَّة والعميقة والمؤتمن على مصداقيتها، أنه في الازمنة الغابرة كانت هناك فئة من البشر إهتمَّت بالروحانيات، أكثر من الجسمانيات، وإهتمَّت أيضاً ببواطن الأمور ومغازيها العميقة، ومفاهيمها البعيدة، أكثر من المظاهر التي إهتم بها وعمل بها عامة الناس ..
هذه الفئة من الناس تعمقَّت بالحقيقة التي وراء الشريعة والناموس ..
وقد أطلق المؤرخون، والفلاسفة على هؤلاء الجماعة، العرفانيين باللغة العربية، وبالغنوصيَّة باللغة الإنكليزية ..
إذاً :
الغنوصيَّة أو العرفانية ..
مصطلَّح حديث يجمع الديانات القديمة التي إنعزل أتباعها عن العالم المادي الذي خلقه خالق الكون، وإنغمسوا في العالم الروحاني ..
وقد تبين أن العديد من الديانات القديمة تأثرَّت بالأفكار العرفانية، او الغنوصيَّة والتي تقول بأن العرفان هو المعرفة أو التنوير أو الخلاص والتحرُّر، أو التوَّحد مع الله، والوصول إليه من خلال ممارسة الخير، والزهد في المال حتى الفقر، والتبتُّل والسعي وراء الحكمة من خلال مساعدة الآخرين ..
ثانياً - ( العرفان، او العرفانية عند الموحِّدين الدروز ) ..
يقول الزعيم السياسي لطائفة الموحِّدين الدروز في لبنان المرحوم كمال جنبلاط، إن العرفان هو في كل دين وفلسفة منذ فجر التاريخ، منذ آدم وأخنوخ وهرمس والفلاسفة اليونانيين وفلاسفة الإسلام وإخوان الصفا والصوفية والباطنية ..
هذه العرفانية هي أصل عقيدة التوحيد عند الموحِّدين الدروز الذين زهوا وعاشوا في أرض مهبط الاديان السماوية ومارسوا طقوسهم العرفانية، ولهذا إلتصق الاسم على المُسمَّى وأمسَت هذه الفئة من الناس تُعرف فيما بعد بالموحِّدين الدروز ..
يضيف المرحوم كمال جنبلاط أنَّ سيدنا شعيب عليه السلام هو أبرز هؤلاء العرفانيين، وأتباعه هم العرفانيون في كل عصر وزمان ومنهم الدروز ..
هؤلاء العرفانيون، هم الموحدُّون الذين آمنوا برسالة آدم ونوح وإبراهيم وشعيب وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم ..
وهم الذين حملوا هذه الرسالات بمفاهيمها العرفانية والباطنية، وتمسكوا بالدعوة الدرزيَّة فيما بعد ..
ذلك أن ( العرفان التوحيدي ) هو ذاته العرفان ( الغنوصية ) الذي يمكن أن تجده في كلِّ مكان من العالم، والذي نجده عند حكماء الهند الأوائل ..
هذا التعريف للعرفانية الذي شرحه أحد أشهر السياسيين لطائفة الموحدِّين الدروز، وهو من العرفانيين مسلكاً وإيماناً المرحوم كمال جنبلاط، كذلك أحد أرقى وأتقى الأتقياء، والذي عاش طيلة حياته على هذا المسلك العرفاني الإيماني التوحيدي المرحوم فضيلة الشيخ أمين طريف، طَيَّب الله ثراه، سيكون هذا التعريف، الإطار الديني لهذه الْمُدوّنة بالاضافة الى العمق التاريخي والجغرافي لهذه الفئة من الناس التي تُعرف اليوم بالموحِّدين ( الدروز )، الذين عاشوا في مهبط الوحي المسيحي، قبل إنبعاث الدين المسيحي ..
ثالثاً - ( النبي شعيب، نظرة تاريخية ) ..
حسب ما ورد في النَّص القرآني ..
النبي شعيب عاش بعد النبي إبراهيم، وقد إعتبره الدين الاسلامي واحداً من الأنبياء العرب المذكورين بالاسم في القرآن الكريم، مع الأنبياء العرب الآخرين، صالح، هود، إسماعيل ومحمد عليهم السلام ..
- ويقال، إنَّ النبي شعيب كان معروفاً من قبل المسلمين الأوائل بأنه " الواعظ البليغ بين الأنبياء " لأنه كان قد مُنح موهبة وبلاغة في لغته ..
- ويقال أيضاً أن النبي شعيب هو حمُّو، النبي موسى عليه السلام وهو كاهن مديان الذى لجأ إليه موسى عندما هرب من فرعون مصر، وتزوَّج إبنته صفُّورا ..
- ذُكر النبي شعيب في القرآن الكريم ١١ مرَّة وإن الله تعالى بعثه في قومه ( مدين ).
- كما ذكر القرآن الكريم أن الله بعث شعيباً إلى أصحاب الأيكة، فراح القوم يعبدون الأيكة ( الأيكة هي الغيظة الملتفة الأشجار ) من دون الله تعالى إضافة إلى تطفيفهم في الكيل والميزان، فذكَّرهم شعيب بعاقبة هذا الأمر فردُّوا عليه بالتكذيب لنبوته، فطالهم من الله عذاب عظيم.
- آمن شعيب بنبي الله إبراهيم ..
وهاجر معه ودخل دمشق، وكان فصيحاً مفوَّهاً حيث كان بعض السلف يسمي شعيباً بخطيب الأنبياء لفصاحته وحلاوة عبارته وبلاغته في دعوة قومه إلى الإيمان ..
أُرسِل شعيب إلى أهل مَدْيَن برسالته كما جاء بالقرآن الكريم ..
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
كان أهل مدين قوم كُفَّار ضالين يعبدون الأيكة والأشجار والنباتات إضافة إلى أنهم في الخلق والأخلاق سيئين ..
وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم ..
فدعاهم شعيباً إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ..
- لم تكن قضية نبي الله شعيب قضية توحيد، وأُلوهية فقط، بل إنه كذلك كان فيه تعديل وتقويم لأسلوب حياة الناس، فبدأ شعيب في توضيح أمور سوء تعاملهم، وكما وُصِف ذلك في المصحف الشريف :
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ﴾
ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم، ولم يعطوا الناس حقهم وأبخسوا الناس في أشياءَهُمْ ..
فقال لهم نبيهم، كما ورد في القرآن الشريف :
﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾
وتوعدهم بالرجم والطرد، من رحمة الله.
﴿ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ﴾
ومُذكّرا ً إياهم بما قد يكون قد بقي عندهم من أخلاق أو قيَّم ..
﴿ بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾
ما عند الله خير لكم.
﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
- وأنه يريد الخير لهم، وأنه ليس موكلاً عليهم، ولا حفيظاً عليهم، ولا حارساً لهم ..
إنما هو رسول يبلغهم رسالات ربه وأن كل ما يريده هو خير لهم.
﴿ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ﴾
أخذ قومه يحاججونه بأسلوب جدلي وتهكمي مريض، وقد وصف المصحف الشريف قولهم.
﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيد.
كيف يتركوا عبادة آبائهم للأشجار والنباتات ..
وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله وحده ..
أي جرأة من شعيب هذه ؟
لم ييأس نبي الله شعيب من قومه، فحاول إيقاظ مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله، بأمر منه ..
فذكرهم بقوم نوح وبقوم هود وبقوم صالح وبقوم لوط ..
وأراهم أنَّ سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين، فالله غفور رحيم ..
لكن كلام نبي الله شعيب زاد قومه إعراضاً وبعداً عنه، قائلين كما وصف في المصحف الشريف ..
﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾
لقد كان ضعيفاً بمقياسهم ..
ضعيفاً لأن الفقراء والمساكين، هم فقط من إتبعوه ..
أما عليِّة القوم فإستكبروا وأصروا على طغيانهم ..
ونسوا وأنكروا أنَّ القوة بيد الله، والله مع أنبياءه ..
واستمروا بكفرهم وتهديدهم قائلين كما جاء في المصحف الشريف ..
﴿ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ﴾
فقالوا له :
لولا أهلك وقومك ومن يتبعك لحفرنا لك حفرة وقتلناك ضرباً بالحجارة، فعندما أقام شعيب الحجة عليهم، غيَّروا أسلوبهم فتحولوا من السخرية إلى التهديد ..
لكن شعيباً تلطَّف معهم متجاوزاً الأساءة إليه ..
وسألهم سؤالاً كان هدفه إيقاظ عقولهم ..
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّه ﴾
لكن قوم شعيب وصلوا الى حدٍ ضاقوا به ذرعاً ..
فإجتمع رؤساء قومه وقرروا الدخول بمرحلة جديدة من التهديد ..
هدَّدوه أولاً بالقتل ..
ثم تحوَّلوا بتهديدهم، الى طردِه من قريتهم ..
فخيرُّوه بين التشريد أو العودة إلى ديانتهم، وملِّتهم التي تعبد الأشجار والنباتات.
ولكن نبي الله شعيب أفهمهم أن مسألة عودته الى ملِّتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها، فكيف بهم يسألونه تنفيذها ..
لقد نجَّاه الله من ملِّتهم ..
إنه هو الذي يدعوهم إلى ملِّة التوحيد ..
فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر ؟
دخل الصراع والمكابرة بقوم شعيب، بأن بدأوا يطالبونه بأن ينزل عليهم العقاب ..
وإنتقل الصراع إلى تحدٍ ..
راحوا يطالبونه بأن يُسقط عليهم كسفاً من السماء، إن كان من الصادقين ..
وراحوا، يسألونه عن عذاب الله ..
فأوحى الله إليه أن يُخرج المؤمنين، ويخرج معهم من القرية ..
خرج شعيباً والمؤمنين ..
وجاء أمر الله كما ذُكِر بالمصحف الشريف ..
﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ94كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ 95 ﴾
جاءتهم غمامة كبيرة أظلتهم ففرحوا بها وتصوَّروا أنَّهاتحمل لهم المطر، ثم فوجئوا بالغضب وأنهم أمام عذاب عظيم في يوم عظيم ..
أدركتهم صيحَة جبارة من السماء جعلت كل واحد منهم يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه ..
لقد صعقَّت الصيحَّة كل مخلوق حي ..
فلم يستطِّع أي منهم أن يتحرَّك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه، كل ما
إستطاعه هو أن يجثم في مكانه مصروعاً بالصيحَة ..
رابعا ً - ( النبي شعيب، تقديسه، وتعظيمه عند الموحِّدين الدروز ) ..
- مقام النبي شعيب في حطين ( فلسطين ) ..
- إن الموقع الجغرافي لمقام النبي شعيب يبدو بعيداً عن أي إستيطان درزي، لانه يقع بالقرب من بحيرة طبريا، ولا يوجد بجواره أي قرية درزية، وأقرب قرية منه هي قرية المغار.
ولهذا الموضوع أهميَّة خاصة، حيث أن المقام كان لفترة طويلة مِن الزمن حتى أواسط القرن الماضي موضع خلاف بين الأوقاف الاسلامية الفلسطينية الممثلة بالمفتي أمين الحسيني والهيئة الروحية لطائفة الموحِّدين الدروز في فلسطين على ملكية المقام والارض المحيطة به ..
ولا يسعني في هذه الْمُدوّنة، وأنا المُطَّلع على أوراق النزاع القانوني ومجريات الدعاوى العقارية على ملكية المقام، إلا أن أقف خاشعاً بكل أجلال وإحترام لفضيلة المرحوم شيخ عقل طائفة الموحِّدين الدروز آنذاك أمين طريف الذي قام بتثبيت ملكية هذا المقام للدروز، بعد جهد جهيد ..
لمقام النبي شعيب عليه السلام، أهمية بالغة في حياة الموحِّدين الدروز في فلسطين، وهذا لا يعني ان النبي شعيب يُقدَّس فقط بالنسبة لدروز فلسطين، بل يجري تعظيمه وتقديسه أيضاً لدى دروز لبنان وسوريا والأردن، وقد تحوّل مع الوقت إلى رمز وشعار للموحدِّين الدروز، وذلك للاسباب الآتية :
- المقام هو أقدم، وأهم موقع ديني لدروز بلاد الشام، أي ( فلسطين، وسوريا، ولبنان، والأردن ) وقيل ان المقام بُني بعد إنتشار الدعوة الفاطمية بحوالي مائة سنة فقط ..
- جرى ترميم مقام النبي شعيب بالعام ١٨٨٢ من قبل الرئاسة الروحية في فلسطين آنذاك ..
- النبي شعيب عليه السلام هو من أهم الشخصيات الدينية لدى الموحدِّين الدروز ..
- النبي شعيب، هو الذي دعم وأرشد وعَلَّمَ النبي موسى أصول الإدارة، والزراعة وتنظيم صفوف شعبه، كما أنه كان معه حينما تسلَّم الوصايا العشر، ونزلَّت عليه النبوءة ..
- يحظى النبي شعيب عليه السلام، بقدسيَّة عندالطوائف والأديان كافة، وبمكانة تاريخية هامة عند رجال التاريخ والفكر ..
- زيارة مقام النبي شعيب، أصبحت طقساً سنوياً اي في اليوم الخامس والعشرين من نيسان من كل عام، وقد بدأ هذا النهج عام 1884 ..
- تحوُّل مقام النبي شعيب إلى رمز عند كافة الموحدِّين الدروز، والى قُدسية عالية الإيمان بالنبي شعيب عليه السلام ..
أخيراً :
لا بد أن أُشير بكل إحترام وتقدير لسماحة شيخ عقل الموحدِّين الدروز في فلسطين اليوم، فضيلة الشيخ موَّفق طريف، سليل البيت المُشبع بالايمان المعروفي، الذي ما إنفك فضيلته مُنكباً بكل إخلاص للحفاظ على بركة وعظمَة وقدسيَّة مقام النبي شعيب عليه السلام، عن طريق إصدار قرارات عن الهيئة الدينية في المقام، تقضي بمنع نشر أي شريط إن كان تسجيلاً صوتياً او فيديو يتضمن أشعاراً دينية او أي كتابات تمس بالدين ..
كذلك ومن خلال الاطلاع على مسيرة فضيلة الشيخ موفق طريف الروحية الدينية، لا يغرب وجهه عن تفقُّد أحوال أفراد عشيرته في بلاد الشام والدفاع عن مصالحها ..
وأخيراً ..
وليس أخراً ..
وبما أن الطاعة هي العبادة ..
فالأولى الإتباع لا الابتداع ..
ولأن الموحِّدين الدروز يطلقون على أنفسهم، إسم الموحدُّون ..
وإنطلاقا ً من ما أوردته في هذه الْمُدوّنة ..
تراهم، يفضلون تسمية بني معروف نسبة لجذورهم في العرفانية ..
فيصل المصري
صليما / لبنان
٢٦ نيسان ٢٠١٩
المرجع : كتاب الموحِّدون الدروز عبر التاريخ
الطبعة الأولي حزيران ٢٠١٨
بيروت / لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق