في عُيون المرأة ...
ومنزلِّتها عبر التاريخ.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
( كان واضحاً وبادياً عليه ميله إلى التاريخ القديم، وآداب الشعوب التي زهَّت قبل الأديان السماويَّة …
وذهب أبعد من ذلك مِن أنَّ إيمانه واعتقاده بالأساطير ترسَّخ في حياته … )
مُقتبس مِن قِصَّة كراون دايسي، وكريستل.
هذا ما قمت به الهروب إلى هواية كنت أعشقها أيام الصِّبا والشباب آلا وهي قراءة التاريخ والغوص في بِحاره تنقيباً عن الأصفاد والأحجار الكريمة، وبحثاً عن ذاتي.
وجدت ذاتي في التاريخ.
وقد أكرمني بعض الأصدقاء في خلع الألقاب ( كالمؤرخ ) وما شابه.
ما عدا كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) الذي فيه سرد تاريخي مُوثَّق، رغبت في أن أبحث حصراً في تاريخ بعض الشخصيات والأعلام التي سطرَّت بصمات على جبين تاريخ شعوبها.
كذلك خصصَّت بعضاً من أبحاثي لمعرفة نظرة الشعوب عبر التاريخ :
- بالنسبة للآلهة التي كانت تُعبد قبل الاديان السماويَّة، ( سبق ونشرتها).
كذلك :
- بالنسبة لأنامل المرأة ومنزلتها التاريخية، ( سأنشرها لاحقاً).
- والآن هذه مُدونَّتي عن ( في عُيون المرأة ومنزلتها عبر التاريخ )
كُل ذلك في إطار تاريخي بحت.
في المُدونَّة :
في عُيون المرأة ومنزلتها عبر التاريخ :
- لقد أَجْمَع الشعراء والأُدباء والفلاسفة والنحَّاتبن والرسَّامين، وأهل العشق والحُب …
أنَّ أَجْمَل ما في المرأة هو عيونها …
لأنَّها أسرت عقول ذَرَّية أدم عليه السلام.
وسلبَت عقول الرجال ردحاً من أعمارهم.
في بحثي هذا سأتناول نظرة الشعوب إلى العيون ...
وأقَّف لأقدِّم الخشوع، والطاعَة الى فحل الشعراء وأميرهم قاطبة في كل زمان ودور ( جرير ) شاعر بني أُميَّة والقائل :
إنَّ العيون التي في طرفها حٓوٓرٌ ..
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا ..
وإن أنسى، لن أنسى ( قيس بن الملوَّح ) والقائل :
إنَّ العيون التي بالوصل تُضحكني ..
هي العيون التي بالهجر تُبكيني ..
وإن أنسى، ذكِّروني ب ( بشَّار إبن بُرد ) والقائل :
يا قوم أُذني لبعض الحَّي عاشقةٌ ..
والإذن تعشق قبل العين أحيانا ..
هؤلاء الفحول الثلاثة ...
أخبروكم وحذَّروكم وأنذروكم ونبَّهوكم ...
إنَّ عيون المرأة .. تقتل ولا تُحيي.
إنَّ عيون المرأة .. تجعلك تبتسم ومن ثمَّ تُبكيك.
إنَّ عيون المرأة ..
يُنافسها عذب صوتها، ولكنَّه لا يأخذ مقام العيون.
بعد هذا أستطرِد بالقول :
أنَّ للعيون ..
لغةٌ لا يدرك مراميها إلا من لاقى صبابتها.
وأوجعته نظراتها.
وأخمدَّت أنفاسه سهامها.
تاريخياً :
أحبَّ البابليون عيون المرأة وإعتبروا أنَّ فيها سحر …
تشعُّ وهجاً هادئاً ..
وتجذب وتسحُر ..
فيها دمعة سخيَّة …
وعاطفة ساميَّة …
تدُّل على الحُلم والدِّعة والسكون والطمأنينة والذكاء والفطنَة.
هذا الحُّب للعيون قابله خوف ومهابة منها …
إذ يختبئ فيها أيضَّا الخُبث والدهاء والخيانة والشرّ والفتك.
عبر التاريخ إعتقد البابليون ..
أنَّ للعيون قوة آمرة ناهية ، تُخضع من حولها وتصرع الانسان وتُكبِّله.
أمَّا في العصر الجاهلي ..
فقد كان الغزَل يتَّصل بالمرأة ويشيد بجمالها، ويعتبر أنَّ اجمل العيون عيون المها وهي كالظبي في كحل العينين.
وقد برع في هذا المجال الشعراء :
امرؤ القيس ...
وخاله المهلهل، الذي كان عاشقاً للنساء الى جانب كونه فارس العرب.
أما النسيب :
فهو وصف المرأة في العيون ...
لانَّ فيها تأثير ساحر على عقل الرجل وقلبه وعواطفه ومشاعره.
دائماً كان بدءُ القصيدة بالعيون ..
فتفيض الدموع السخيَّة لؤلؤً مِدراراً ...
ملخَّص القول في عيون المرأة عند الجاهلي ....
العيون فيها السحر بكل ما توحيه النظرَات من إشارات أو إيحاءات :
قد تكون نظرة إعجاب.
قد تكون نظرة إزدراء.
قد تكون نظرة قبول.
قد تكون نظرة رفض.
وكما قلت لا بد من تقديم واجب الاحترام، لقائل هذين البيتين في العيون، أقصد أمير الغزل في عصر بني أميه جرير الذي إن أراد الرجل ان يُبدع في الغزل، لا بدَّ أن يقول لحبيبته ما قاله جرير :
إنَّ العيون التي في طرفها حوَّر ..
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا.
يصرعَن ذا اللبِّ حتى لا حراك به ..
وهنَّ أضعف خلق الله أركانا.
ويقال أنَّ جرير وصف العيون في بيتين، من الشعر فقط وقد إختصَّر في هذين البيتين كل ما قاله البابلي والجاهلي لا بل فاق وتقدَّم أشواطاً ...
أما رأيي في العيون ..
فأقول :
ما زالت عيون المرأة، تُظهر الشئ الجميل.
وما إنفكَّت عيون المرأة تحمِّل الشعور النبيل.
وما أدراك من عيون المرأة التي ترزح بالهم الثقيل.
هي العيون التي تحكي ما يعجز عن قوله كل لسان فصيح.
هي العيون التي تحرسها رموش من نخيل.
هي العيون التي تُشفي كل عليل.
هي العيون التى تسقي كل سقيم.
وأخيراً وليس أخراً ..
- وما زالت نظرات المرأة تُسحر، وتحكي، وتأسر كل القلوب.
- وما زالت جفونها شاطئ أمان لكل ربَّان تائه في البحار.
- وما زال سواد وبياض عيونها، يذكِّرك بالزمن الجميل.
- وما زالت ألوان عيونها مداد لريشة كل فنان معيد.
وما زالت تحكي لكل عاشق مريد.
وما زالت العيون ..
تحكي ...
إن .. بطُل الكلام.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
٢٣ اذار ٢٠١٩م.
المرجع : المُدونَّات الفيصليَّة.
كتاب : أعلام وحوادث وشخصيات تاريخيَّة.
الطبعة الاولى : حزيران ٢٠١٨م.
بيروت / لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق