Pages

السبت، 18 أغسطس 2018

مُداخلتي يوم حفل توقيع كتابي في المكتبة الوطنية، بعقلين بتاريخ ٢٧ تموز ٢٠١٨

مُداخلتي التي ألقيتها في المكتبة الوطنية - بعقلين، خلال الندوة حول كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) يوم ٢٧ تموز ٢٠١٨م

تقديم للكلمة المُعدَّة سابقاً ..

حتى أكون صريحاً وصادقاً معكم، بَدَّلْت وعَدَّلْت في مُداخلتي التي سألقيها في هذه الندوة، بعد الذي حصل في محافظة السويداء من هجوم سافر، ودنئ، ومنحَّط من قبل تنظيم أقل ما يقال عنه، أنه من  حُثالة النسل البشري

كنت قد عاهدت نفسي، ووعدت من أحترم نُبلهم وصدقهم، أن أتوقف عن إستعمال التعابير القاسية في مدوناتي القادمة، ولكن بعد الذي حصل في محافظة السويداء بالامس القريب، قررت الإبقاء على إستعمال  مفرداتي
الحُثالة، والمنافقين، والدساسين، والمغرضين، والأفاقين، والمبغضين لتكون أمضى من السيف المسلول، بحق من يتطاول على الموحِّدين الدروز أرضاً، وعرضاً، وتاريخاً، وعقيدة.

فليعذرني، من وعدتهم
لكل إمرءٍ من دهره ما تعودا
وتعودت، أن أقول كلمتي، وأمشي


فيما يلي مُداخلتي :

لما بدأت ( غوغل ) بنشر مُدونَّاتي عن تاريخ الموحِّدين الدروز، تعمَّدت أن لا أتطرَّق للعقيدة الدرزية، تحسباً وتهيباً.

حسبي القول، أني وقفت على إفتراء لا يمكن وصفه أو تدجينه من بعض الفقهاء والمؤرخين العرب
كانت الحيرة تنتابني في كل مرة أكتب مُدونَّاتي
لأن السخط كان يرافقني، 
والتلفيق كان يؤلمني، 
والكذب المُمنهج تجاه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وأتباعه من الموحِّدين الدروز، كان يستفزني  ويُثير حميتي

تبين لي، أن ( بعض ) الحُثالة من الفقهاء والمؤرخين العرب أمعن، وإستساغ الكذب، في تدوين التاريخ  عن طريق التزوير والبهتان، وإخفاء الحقيقة

إستندت في مُدونَّاتي للرد على هؤلاء الفقهاء والمؤرخين العرب الى كل من :

- تقي الدين أحمد بن علي المقريزي في كتابه ( إتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين ). 

 - إبن خلدون في مقدمته الشهيرة
والى غيرهما، وقد أتيت على ذكرهم في مراجعي التي إستقيت منها الماء الزلال، والأخبار الصحيحة والدقيقة

هذا فيما يتعلق بالقدامى :
أما فيما يتعلق بالمفكرين والسياسيين العرب المعاصرين، فإني أذكر ما قاله خليل مردم بك، بالقرن الماضي في معرض ردِّه على الافتراءات التي طالت الموحِّدين الدروز :

( من الناس من جاوز مهيع البحث، الى تُرَّهات التلفيق فقنع بتدوين الاقاصيص، والتكاذيب مما تلوكه ألسنة العجائز والصبيان ومن طبقتهم، ومنهم من لجأ الى الفريَّة، فإختلق وإفترى ما شاء، كل ذلك، وبنو معروف معتصمون بالصمت، كأنهم يتأثمون من الإفصاح بشئ عن كنه مذهبهم. )

وقد إعتبر بعض المفكرين العرب والأجانب، أنه وبالرغم من هذه الاساءات لسيرة الحاكم بأمر الله وأتباعه،  لم يتقدم او ينبري أي فرد من الموحِّدين الدروز، سواء من المرجعيات الدينية، او المدنية للرد على الاكاذيب والافتراءات، كل هذا وأصحاب المذهب يتأبون الكشف عنه حفاظاً وإستتاراً ..

وقد ذكرت في كتابي أسماء بعض المفكرين العرب، الذين إستغربوا هذا السكوت المبهم، مثل :
 - الدكتور طه حسين
 - الأديب عباس محمود العقاد
 - وبعض أساتذة جامعتي القاهرة، والإسكندرية

أما فيما يتعلق بالبحاثَّة والمفكرون الدروز في معرض كتاباتهم، ومؤلفاتهم، وفِي ردهم على الفتاوى والدسائس التي حيكت ضد الموحِّدين الدروز، فإن معظمهم :

كانوا، يسكتون ولا يعلنوا
كانوا، يغِضُّون الطرْف ولا يجهروا
كانوا، يهادنون ولا يدافعوا
كانوا، يقرأون  ولا يردون

أما أنا ..
فلست من هذا الرعيل، أو من ذاك القبيل
إن مُدونَّاتي التي جمعتها في كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) نشرتها ( غوغلكمراجع، دون خوفٍ او وجلٍ مني، وأصبحت في متناول كل طالب معرفة
بالاضافة الى ذلك ..
لم أكن يوماً من أهل القرايا، أهمس سراً او أغمز خِفيةً في مجالس خاصة او مغلقة

بل كنت من أهل السرايا، بالإفصاح علناً وجهاراً.
أقول كلمتي، وأمشي

لذلك ..
لا يلومني لائم
أني كنت، قاسياً  في مُدونَّاتي وإستعملت تعابيراً قالها قبلي الفرزدَّق

وأني كنت، شرساً  كالأعشى في الدفاع عن العقيدة، والتاريخ، والأرض، والعرض

ولي في ذلك أمثلة، أُورد بعضها :

 -  فتاوى إبن تيميَّة في الدروز، وما أقسى إيلامها، وما أجبن السكوت عنها

 -  رأي الدكتور فيليب حتي من قرية شملان ( جبل لبنان ) في عقيدة الدروز، وقد عاش بينهم وكان من سدَّنة الدساسين، والمشوهين، والمزورين لعقيدة الدروز، حيث قال حرفياً :

 ( إن المقوِّم الدرزي الموضوع بعد زمن حمزة، وبهاء الدين بوقت طويل، يُعلم أن أرواح الملحدين والمرتدين ينتقلون او يتحولون بالتناسخ الى كلاب، وخنازير وأيضاً خدم )

بالاضافة الى إدعائه بأن الدروز يعبدون العجل

جاء الرد على هذا الكلام القبيح  ( كصاحبه ) :

 - من موحِّد درزي واحد، هو الدكتور صالح زهر الدين في كتابه ( تاريخ المسلمين الموحِّدين الدروز ) وقد نوَّهت في كتابي ( الموحِّدون الدروز عبر التاريخ ) وهنئته على جرأته، فيما غيره تمنَّع، وإمتنع، وغضَّ الطرْف

 - من المفكر المسيحي اللبناني ابراهيم الأسود في كتابه ذخائر لبنان، إذ قال :

( هذا الامر المشين القبيح الذميم، وإن عبادة العجل للدروز خطأ فاحش لأنهم يؤمنون بان الله اله واحد لا بداية له، ولا نهاية ). 

شخصياً ...
أسهبت ورديت على إبن تيميَّة، وفيليب حتي من على أعلى مرجعية توثيق في وقتنا الحاضر ( غوغل ) وقد قرأ مُدونَّاتي اكثر من نصف مليون قارئ، فيها من التعابير القاسية ما يُريح النفس الأبية،  ويُرجِّح كفة الميزان

هذا بالنسبة للإفتراءات، والاكاذيب، بحق الموحِّدين الدروز، وما أدراك بالنسبة لطمس وإخفاء دور الشخصيات التاريخية لابناء مذهب التوحيد

يكفي الإشارة الى حدثين تاريخيين جرى طمسهما وإخفائهما من الدساتير العربية، وهما :

 - الحدث التاريخي الأهم، والاول في تاريخ جبين العرب، هو قيام سلطان باشا الاطرش وكوكبة من الرجالات الاشاوس بتاريخ ٣٠ أيلول ١٩١٨مبرفع العلم العربي فوق دار الحكومة بدمشق، بعد إندحار السلطنة العثمانية الغاشمة، والبائدة الى الأبد

 - الحدث التاريخي المهم، والثاني ذلك الشعار الذي أطلقه سلطان باشا الاطرش يوم ٢٣ اب ١٩٢٥م
 ( الدين لله، والوطن للجميع ). 

أين نحن الان من هذين الحدثين

 - العالم ( الغربي ) يحتفل بيوم العلم، إلا ( العالم العربي ).

 - العالم ( العربيأغفل الدين لله، والوطن للجميع من دساتيره، بعد استقلال، كياناتهم، وإماراتهم، ودويلاتهم

 - العالم ( العربي ) يغرق في تقادم فصول الربيع  على سهوله، وبطاحه، وروابيه في  سوريا، والعراق، واليمن، وشمال افريقيا، ولا تستثني دولة عربية واحدة، حيث الكَّر، والفَّر، والإقبال،  والإدبار، من هجمات التكفير، والتزمُّت،  صارخين أهازيجاً، ومستصرخين  صيحات التكبير لله عزَّ وجَّل، من أجل التدمير، والتقتيل، والذبح، والسبي، والنهب.  

بينما العالم ( الغربي ) يُشاهد بإزدراء، وإحتقار إخوة الدين الواحد كيف يحرثون أرضهم دماراً وخراباً، بينما هم يسبرون غور الفضاء سابحين، سالمين، تكبيراً للعقل، والمنطق، والعلم، لا تدجيلاً، او نفاقاً، كصيحات التكبير لله سبحانه وتعالى

 لأن العرب، لو اخذوا بدساتيرهم شعار الدين لله، والوطن للجميع، كانت الشعوب العربية تربَّت ونشأت على هذه الفضيلة

وأخيرا ..
وبناءً للوعد الذي قطعته بالنسبة للوقت
فإني أنهي مُداخلتي بالقول :

إن التاريخ وكتابته عند العرب يتحكَّمه الواقع السياسي، والاجتماعي والاقتصادي
وأُضيف، ما قاله إبن خلدون في مقدمته :

إن المؤرخين العرب يتزلفون لذوي السلطان، ويأخذون الأخبار على علِّاتها دون التقصِّي

وأُنهي مُداخلتي مُتسائلاً ..

ونحن على أبواب القرن الواحد والعشرين :
ماذا تغير في عالمنا العربي الاسلامي، عما كان عليه السلف

النعرات المذهبية، ما زالت
الفتن الدينية، إستعرَّت
التزمُت الديني ما إنفَّك على غيِّه
التكفير بقي على وتيرته

وما يجري اليوم حولنا، هو خير دليل
والسلام عليكم


فيصل المصري
بعقلين، في ٢٧ تموز ٢٠١٨م




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق