Pages

الأربعاء، 25 يوليو 2018

مداخلة الاستاذ رمزي المصري في حفل توقيع كتاب ( الموحدون الدروز عبر التاريخ )


تعريف بكتاب الموحدون الدروز عبر التاريخ للأستاذ فيصل المصري

 يا  الأحبة

وقفتي هذه ليست كغيرها من وقفاتي على منابر ، أو خلف مذياع، أو على شاشة تلفاز، على مر سنوات العمر.
 هذه وقفة مختلفة، وقفة لها منزلة خاصة عندي، لأنها تأتيني بدعوة من رابطة آل المصري، وجمعية سيدات آل المصري الخيرية، والأخ الصديق الأستاذ فيصل المصري، للتعريف بكتابه المدونات الفيصلية، الموحدون الدروز عبر التاريخ، وقفة بين عائلتي، أهلي، أقربائي، أصدقائي، بعد سنوات الغياب الطويلة.
فللرابطة والجمعية والأستاذ فيصل أجزل الشكر لإيلائي هذه الثقة التي أرجو أن أستحقها، والشكر أيضا للمربية السيدة أميره المصري على تقديمها الذي ارجو أن أستحقه أيضا، ولحضوركم الكريم الذي به أفخر وأعتز.
مسألتان سأتطرق إليهما قبل أن الج محراب المدونات الفيصلية الموحدون الدروز عبر التاريخ، لأنهما، المسألتان، مترابطتان ومتلازمتان بشكل مباشر بما في الكتاب المدونات، وتوطئتان للتعريف بالكتاب.
المسألة الأولى هي الأكثر حساسية. يصدر الكتاب في وقت تواجه فيه طائفة الموحدين الدروز تحديات كبيرة، ومرحلة صعبة ومتفجرة، ولا أجانب الحقيقة إذا قلت إنها مرحلة مصيرية ومفصلية في تاريخ الطائفة والأكثر خطورة، إذ هي تتعرض لحملة مسعورة غير مسبوقة من التشويه وحرف الحقائق والوقائع التاريخية، في محاولة مشبوهة لمحاصرتها وتحجيمها والغائها إن استطاعوا الى ذلك سبيلا، وهي المؤسسة لهذا الكيان. ولن أعود الى التاريخ القديم وما كتبه كثيرون لإظهار علاقة الموحدين الدروز بلبنان وتجذرهم بالأرض والدفاع عنها، بل سأشير الى مقال للصحافي والكاتب السياسي خيرالله خيرالله في جريدة العرب بتاريخ العشرين من حزيران الماضي بعنوان: الهجوم على وليد جنبلاط لا يحل مشكلة، كتب يقول:
تعني الإستفادة من تجارب الماضي القريب تفادي أي كلام كبير لا معنى له لا يأخذ في الإعتبار من يمثل من، ومن يمثل ماذا في لبنان ما دفع ولا يزال يدفع ثمنا كبيرا في حرب الجبل التي في    أساسها جهل من هم الدروز في لبنان، ودورهم كطائفة مؤسسة للكيان. ويقول: بعض التواضع يبدو ضروريا في هذه الأيام، يفرض التواضع عدم تجاهل أنه أعتدي على الدروز في أرضهم وفي بيوتهم في الأعوام 1982 و 1983 و1984 ، وإن أخطاء إرتكبت في حقهم. انتهى ما جاء في مقال الأستاذ خيرالله.
فبعض صبية اليوم، الطارئين على السياسة، ومتسلقي الكراسي النيابية و الوزارية، وقد ذهب بهم الحقد والتعصب الى حد نبش القبور، يشوهون التاريخ ويزورون وقائعه، ما يدفع بطريقة ممنهجة ومدروسة الى ذر بذور الفتنة وتصديع ما حققته وما تزال تحققه مصالحة الجبل التاريخية العام الفين بين البطريرك التاريخي مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وما حققته من طي صفحة الماضي بما فيها من مآس طالت الطائفتين المسيحية والدرزية على السواء ومعهما كل لبنان. ما أقوله ليس تعصبا مذهبيا أو دينيا، وإنما توصيف للواقع الحالي. وبعيدا عن السياسة ولكن قربا من التاريخ، الموحدون الدروز ليسوا شركاء في هذا الوطن، الوطن ليس شركة  كي يكون فيها شركاء من ثماني عشرة طائفة، الوطن انتماء ونحن أول المنتمين وأول البنائين وأول من وضع المدماك الأول وتتالت بعدها المداميك، الوطن ليس هوية وشعارات، الوطن فعل إيمان وعمل والموحدون الدروز، هم بناته وهم حماته، هم المدافعون عن حريته وسيادته وإستقلاله قولا وفعلا ، هم المتجذرون في أرضه، هم سماؤه، هم بحره، هم أرزه ، هم الوطن الإسمه لبنان، ونقطة على السطر. وما في الكتاب المدونات الفيصلية الموحدون الدروز عبر التاريخ إضاءة على ما كانوا عليه، وعلى ما هم عليه اليوم، وعلى ما سيكونون عليه في المقبل من السنوات والقرون.
يتهمون الموحدين الدروز بأنهم أهل حرب، تهمة إن صحت لا ننكرها، رجال الموحدين الدروز رجال حرب، ونساء الموحدين الدروز نساء حرب، إذا اعتدي عليهم. لم يكن الموحدون الدروز على مدى قرون تواجدهم بمبادرين إلى الإعتداء على أحد، كانو وما زالوا وسيبقون دعاة سلام ووئام، والنتائج يشهد لها التاريخ، مشرفة وصفحات بيضاء، لكنهم نسوا عن قصد وعن سابق تصور وتصميم  أن الموحدين الدروز كانوا ولا يزالون وسيبقون أهل حكمة ، وأهل أدب، وأهل فكر، وأهل فن، وأهل فلسفة، والموروث يشهد له التاريخ أيضا. وللتاريخ سأروي حادثتين حدثين كنت عليهما شاهدا للدلالة على ما اقول.
الأولى يوم حرر إقليم الخروب العام الفا وتسعمئة وخمسة وثمانين أثناء حرب الجبل جاءني أمين سر الإدارة المدنية حينذاك الدكتور ضاهر غندور، وكنا في المختارة نتجاور السكن  وقال لنصعد الى القصر نهنيء الرئيس وليد جنبلاط، دقائق وكنا مع الرئيس، أذكر جيدا أنه كان يذرع الغرفة ذهابا وإيابا، قدمنا التهنئة وقال الدكتور غندور إنه علم للتو أن البعض دخل دير المخلص وفي الدير مكتبة وكنوز من الأيقونات، على الفور نادى الرئيس وليد جنبلاط على اثنين من مرافقيه وطلب منهما التوجه دون تاخير الى دير المخلص ليأتيا بمئات الكتب والأيقونات. وهكذا كان. خبأت تلك المقتنيات النفيسة في بيت الدين. وبعد فترة أعيدت.
الثانية، وفي الثالث عشر من شهر آذار العام الفا  وتسعمئة وسبعة" وثمانين إفتتح الرئيس وليد جنبلاط المكتبة الوطنية في بعقلين بعد أن حول السراي العثمانية وسجنها الى مكتبة تضم اليوم آلاف الكتب والمطبوعات صارت بعهدة وزارة الثقافة، وكنت ذلك اليوم العاصف المثلج أنقل إلى إذاعة صوت الجبل وقائع حفل الإفتتاح.
واقعتان في زمن الحرب المشؤومة، أيام كانت حمم النار تنزل علينا، ونرد عليها، لم ننس قيم الحق والخير والجمال، لم ننس قيمة الحرف والكلمة والقلم، حافظنا على تراث مسيحي عريق، واغلقنا سجنا وافتتحنا مكتبة، وتلك ميزة لم يرق إليها غيرنا.

المسألة الثانية هي عنوان الكتاب: المدونات الفيصلية. عنوان يثير تساؤلات لحداثته.
المدونة تعبير جديد في القاموس والتداول الإعلامي والأدبي، وفي التخاطب والقراءة، مثلها أي المدونة، مثل تعابير ومصطلحات واتس آب، وفيس بوك  وتويتر، وانستاغرام، ولا ندري ما ينتظرنا، عالم جديد دخل أسلوب حياتنا من دون إستئذان، وغيّر الى حد كبير من نمط تفكيرنا، فالصحيفة تحولت الى رقمية، ولم يعد لرائحة الحبر والورق تلك الميزة في القراءة، ولم يعد حفيف صفحات الجريدة يشنف آذاننا ونحن نقلبها صفحة صفحة، صرنا في عصر الإنترنت، ومواقع التواصل الإجتماعي أخذت حيزا كبيرا من وقتنا، ومن أسلوب تعاطينا مع الأحداث ومقاربتنا لها، وأصبح الجميع ـ بطريقة أو بأخرى، كاتبا صحفيا، ومراسلا إذاعيا وتلفزيونيا، صارت المعلومة تصلنا مع البرق، وبنت اللحظة، دخلنا فضاء رحبا المدونة نافذة فيه.
المدونة موقع الكتروني مرن وسهل يكتب فيه مالكه أفكاره وما يراه متعلقا بها مع إمكانية تلقي تعليقات القراء. كما هي موقع آلكتروني يجمع عددا من التدوينات هي بمثابة مفكرة أو ساحة طرح شخصية، هي تطبيق من تطبيقات شبكة الإنترنت تكتب فيها التدوينات لنقل الأخبار أو التعبير عن الأفكار وهي تعمل من خلال نظام لإدارة المحتوى وهو في ابسط صوره عبارة عن صفحة وب على شبكة الإنترت تظهر عليها تدوينات مؤرخة ومرتبة ترتيبا زميا تصاعديا ينشر فيها عدد محدد يتحكم فيه ناشر المدونة.
حسنا فعل الأستاذ فيصل بأن عنون الكتاب: المدونات الفيصلية الموحدون الدروز عبر التاريخ، فقد لفت القاريء الى أن ما يحويه الكتاب مجموعة مدونات. وبرأيي المتواضع فان الكتاب لا يمكن إعتباره كتاب تاريخ عنيت تاريخ الموحدين الدروز، بل مجموعة تواريخ وكل عنوان يصح أن يكون عنوانا لكتاب. كثيرون كتبوا عن الموحدين الدروز في العقيدة التوحيدية، وفي تاريخ بني معروف، لكن ميزة هذا الكتاب  أن الكاتب جمع مدوناته التي نشرها على صفحته على محرك البحث غوغل في كتاب يلقي الضوء بسرعة لمتصفحه على فصول متفرقة عن الموحدين الدروز عبر التاريخ، إذ نحن نعيش عصر الإنترنت، في قرية كونية، قد لا يسمح الوقت لأن ننكب على قراءة كتاب مع ما في ذلك من متعة ومن اكتناز معرفة. قيل إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وبما أننا في سباق مع الوقت، نلهث وراء ثوانيه لا ساعاته ،فقد أدرك الأستاذ فيصل ذلك ودخل عالم المدونات ليعطينا في وقت قليل كنوزا كثيرة.
نحن اذن أمام كتاب يختلف عن مفهوم الكتاب الذي تعودناه، هو يجمع بين دفتيه مدونات كتبها الأستاذ فيصل المصري على فترات مختلفة، بين لبنان والولايات المتحدة الأمريكية، بلغ عدد قرائها بحسب محرك البحث غوغل أكثر من خمسمئة الف شخص.
وألج إلى المدونات الفيصلية، الموحدون الدروز عبر التاريخ، موضوع إجتماعنا هه الليلة. كما قلت هو كتاب بمفهوم جديد نقرأ في صفحاته الثلاثمئة وخمسة وستين  اثنتين وستين عنوانا، موضوعا، تناولت شخصيات ومحطات من وفي تاريخ طائفة الموحدين الدروز  إعتمد فيها المدون الكاتب على ما كتبه المؤرخون الثقة، وعلى مراجع عديدة أشار اليها في الكتاب، أخذت منه لا شك، جهدا مشكورا ووقتا ثمينا ، لتأتي وقائع ما كتب مثبتة بأسانيد لا لبس فيها.
هو إذا ليس كتاب تاريخ كما قد يتبادر الى الأذهان
لأن التاريخ هو أحداث الماضي، هو تأريخ، والتأريخ هو كتابة وتسجيل هذه الأحداث وتدوينها
  وهو ايضا ليس كتابا يبحث في عقيدة الدروز. كتب الأستاذ فيصل في تمهيد الصفحة’
مئة وثمانية: الموحدون الدروز ونواف غزالة / كتب يقول: شخصيا ومع أني مقيم خارج موطني أكثر سني عمري، إلا أن همي كان دائما البحث والتنقيب عن شخصية من الموحدين الدروز لأكتب عنها مدونة، للتذكير بمناقب أفراد هذه الجماعة، والجمع دون التفريق، تماشيا مع ما يجري في العالم السياسي والديني. ويتابع: وعلى جري عادتي إن كتبت عن موحد درزي يكون تركيزي على عمق عقيدته وإيمانه، وماذا فعل لإخوانه الموحدين، وكنت حريصا وسأبقى على عدم الخوض في العقيدة الدرزية، لأن لها أربابها، كئلك عدم ذكر الميول السياسية للشخصية التي أنا بصددها، على ما أكد الأستاذ فيصل، وأنا أؤكد المؤكد.
وإذا أردت سرد المحتويات لأخذت الكثير من وقتكم، ولكنها كا قلت تناولت شخصيات وعلماء وأعلاما وسياسيين ومواقف ومحطات ومواقع دينية، ومفاصل تاريخية كان لها تأثيرها الكبير في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، مناطق انتشار طائفة الموحدين الدروز، تبدأ بعد مقدمة الكاتب، مع الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، ونظرة المحدثين من مفكرين وكتاب عرب ومستشرقين جددا، لتنتهي بموضوع: كتابة التاريخ وأصول التاريخ من منظور إبن خلدون، وما بين هذين العنوانين، عناوين على سبيل المثال لا الحصر قبل أن يصبح الكتاب بين أيديكم:
# الموحدون الدؤوز ومعمعة الربيع العربي في بلاد الشام
#المرأة الدرزية وما أدراك ما المرأة الدرزية
# كمال جنبلاط المؤمن الموحد والفقيه المفوه
# سلطان باشا الأطرش
# ألأمير شكيب أرسلان
#بلدة بشامون والإستقلال
# صليما ألمتن الأعلى عاصمة الإمارة اللمعية
وغيرها الكثير المشوق من الموضوعات التي لإقتصارها على بضع صفحات افسحت في المجال حتى لتلامذة المدارس وطلاب الجامعات الحصول على معلومة بفترة قليلة من الدقائق، تكفي لتكون مدخلا الى مزيد من البحث والتدقيق والتعمق في الموضوع محل البحث والمعرفة.
يورد الأستاذ فيصل في معظم المدونات معلومة جديدة عن الشخصية التي يتناولها أو عن الحدث أو عن الموقع الديني، ما يضفي عليها أهمية كبيرة كون المعلومة تنشر للمرة الأولى، ويسهب في مسألة من المسائل، ويرد على افتراءات وتشويهات مقصودة وغير مقصودة، بعد تدقيق المعلومة من أكثر من مصدر وهنا أهمية ما بين أيدينا.

شكرا للأخ الصديق الأستاذ فيصل المصري على الجهد الذي بذله، ليضع بين أيدينا كتاب مدوناته، قراءتها ممتعة لأسلوبها العلمي السلس، ولموضوعاتها التي نشطت ذاكرتنا، واعادت ماضينا إلى حاضرنا ليبقى ماثلا في مستقبلنا، وكشفت الكثير عن الموحدين الدروز عبر التاريخ لمن كان يجهل هذا التاريخ...

أرجو الا اكون قد أطلت، وأثقلت عليكم، حسبي أن الكتاب يدفع الى الحديث  وأنا على يقين أنكم ستستمتعون بقراءة الموضوعات التي تحفز على المزيد من البحث والتدقيق.

ختاما: قال الخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب: إذا كان لي الخيار بأن أختار، لما كنت غير بائع ازهار، إن فاتني الربح، لا يفوتني العطر. الليلة لم يفتني الربح، ولا العطر فاتني، حضوركم عطّر المكان، شكرا لإصغائكم المميز.

رمزي المصري








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق