إستقلال لبنان ..
من فرنسا، الأُم الحنون ..
- المُقَدِّمة :
لا تترك فرنسا مُنعطفا ً تاريخيا ً إلا وتكون كالأم الحنون تحتضِّن لبنان، إذا وقع في مطِّب يحتاج الى يدِّ العون، والمؤازرة ..
شخصيا ً لا أحمل الجنسية الفرنسية حتى أُماليء فرنسا، ولكن الحق يقال أن فرنسا بعد كل الأزمات اللبنانية وما أكثرها، كانت حكوماتها المتتالية تفتح البلاد على مصراعيها الى كل لبناني بغَّض النظَّر عن معتقدِّه الديني، ولهذا ترى بعض اللبنانيين وَهُم كُثُر يحملون الجنسية الفرنسية، ويقيمون فيها، ويتلقون العلم في مدارسها وجامعاتها، ويؤسسُّون شركات تجارية، ومكاتب هندسة، ومحاماة، والخ.
هذا على الصعيد الشخصي، أمَّا على مستوى الحكومتين اللبنانية والفرنسية، حدِّث ولا حرَّج عن المساعدات والهبات، والوقوف بجانب لبنان في المحافل الدولية، وفي الأزمات السياسية حتى مع البلاد العربية الاخرى ..
- لمحة تاريخية عن إستقلال لبنان عن فرنسا :
٢٢ تشرين الثاني ١٩٤٣ وهو اليوم الذي أُعلن فيه إستقلال لبنان، غير أنه لم يكتمل إلا بإنسحاب القوات الفرنسية من لبنان في
٣١ كانون الاول ١٩٤٦.
أما يوم ٢٢ تشرين الثاني هو تخليد لذكرى حكومة الإستقلال الوطنية التي ناضلَّت عشية إطلاق سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح من الإعتقال، في قلعة راشيا ..
- ثورة بشامون ..
منذ بداية الحرب العالمية الثانية، أطبقَّت سلطة الإنتداب الفرنسية سيطرتها على مراكز الدولة اللبنانية الحساسة، مما جعل الحكومة اللبنانية سنة ١٩٤٣ تتقدَّم إلى المفوضية الفرنسية مطالبة بتعديل الدستور بما ينسجم مع الأوضاع ..
وفي ٢١ أيلول من السنة نفسها اي ١٩٤٣
فاز بشارة الخوري بالانتخابات وأصبح رئيسا ً للجمهورية، وكلَّف رياض الصلح تشكيل الحكومة ..
أعلنَّت هذه الحكومة في بيانها الوزاري الاستقلال التام عن فرنسا، وحولَّت مشروع قانون تعديل الدستور إلى المجلس النيابي ..
أُعتبر هذا القرار الحكومي تحديا ً سافرا ً للمفوَّض السامي الفرنسي، مما جعله يأمر بتعليق الدستور، وأرسل ضباطا ً إلى رئيس الجمهورية فاعتقلوه مع رئيس وزرائه، وبعض الوزراء والزعماء الوطنيين مثل عادل عسيران، كميل شمعون، عبد الحميد كرامي وسليم تقلا وحجزوهم في قلعة راشيا ..
والحق يقال ..
أن وزير الدفاع الوطني الامير مجيد أرسلان، دعا كل من رئيس مجلس النواب صبري حمادة، والوزير حبيب أبو شهلا الى إجتماع في قرية من جبل لبنان هي بشامون، أغلبية سكانها من الموحدُّون الدروز، ومعقل مهم لهم، يمكن الدفاع عن المجتمعين فيما لو حصل لهم، كما حصل لرئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة من محاولة إعتقال ..
في بشامون تألفَّت حكومة مؤقتة، ورفع العلم اللبناني الذي تكون من ثلاث أقسام الأحمر، الأبيض وفي الوسط ضمن اللون الأبيض شجرة أرز خضراء ..
وقد أدى هذا النضال إلى استقلال لبنان بتاريخ
٢٢ تشرين الثاني من العام ١٩٤٣ والباقي من قصة الإستقلال بات معروفا ً ..
أما ما هو غير معروف عن بلدة بشامون، وإلاستقلال.
فإني سأذكره في هذه الْمُدوّنة ...
مِن المآثر السعيدة، التي ما زالت تُذَّكِرنا، بعيد الاستقلال، خِلاف الإستعراض العسكري، هذه البلدة التي إسمها بشامون التي إرتبط تاريخها بمعركة إستقلال لبنان، من رقبَّة الانتداب الفرنسي.
يتذَّكر شعب لبنان الاستقلال، عندما تُقفَّل الطرُّق المحيطة بالشارع الذي يُقام عليه سُرادِّق حيث يستعرض الجيش اللبناني وحداته العسكرية البريَّة، والجويَّة، والبحريَّة وباقي القطاعات، أمام الشخصيات الحكومية، والدبلوماسية، وهم بثيابهم الرسمية، التي كانت فيما مضى بالتوكسيدو الأسود.
وكانت بلدة بشامون، وما زالت تُعطى تكريما ً خجولا ً عن طريق زيارة مسؤول رفيع المستوى الى هذه البلدة، عشيَّة الذكرى.
شخصيا ً..
سأكتُّب، هذه المُدونّة عن بلدة بشامون، لان الذاكرة فيها أعمق، وباقية، في ضمير تُراثنا .. ألمُندثِّر ..
وسأترك، البحث عن مآثر، ونتائج الاستقلال على لبنان وشعبه، الذي رُمِي ٓ كحبَّات الآرُّز في شتى أصقاع الكون، وهاجر شبابه، وبناته زُرافات ووحدَانا ً طلبا ً للرزق الحلال، في غير بلدهم، وموطِّن أبائهم وأجدادهم.
كما فعل الآباء والاجداد هربا ً من عُهر، وظُلم أحقَّر الخلق، والخليقة المُتمثلين بالسلطنة العثمانية البائدة، لم يقو َّ الأبناء، إلا ان يحذوا حذوهُّم نحو بلاد ٍ .. تشرق فيها الحرية، وتغيب عنها المحسوبية.
بلدة بشامون ..
تقع في قضاء عاليه منطقة الشحَّار الغربي، جنوب شرق العاصمة بيروت وتبعد عنها 18 كلم.
كلمة بشامون ..
أصلها، بيت شامون ..
تأصيلها التاريخي، يعود الى السريانية، الآرامية.
كما ان البعض يُرجِّح إسم بلدة بشامون، يعود الى أشمون وهو إِلَه فينيقي، بُني له معبد ( بيت أشمون ) في هذه البقعة، حتى يتبرَّك
به سكان تلك المنطقة.
أما ذكرى إستقلال لبنان، تمثلَّت في منزل الشيخ حسين الحلبي، وهو المكان الذي إنتقل اليه وزراء حكومة الاستقلال الذين نجوَّا من الاعتقال في العام 1943 .
اصبح يطلق على هذا المنزل بيت الاستقلال ..
وما زال يوجد فيه أول علم لبناني ..
وكل إستقلال ..
لبنان، وشعبه بخير.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق