رسالة مِن إبن، ألى أُمّه ..
في العصر البابلي ..
بمناسبة، عيد الأُم ..
دائما ً ...
وعلى مر العصور كانت الأُم محَّط تقدير، وإحترام، وحُب، ووفاء.
وقد أبهرتنا الحضارات القديمة، كيف كانت الأُم يرتفع مقامها، الى درجة القداسَّة.
في هذه الْمُدوّنة ..
سأنشر رسالة تم العثور عليها خلال عمليات التنقيب الآثرية في العراق، وهي من إبن ... الى أُمَّه.
وكما هو معلوم، ان أرض العراق اليوم، كانت مهد الحضارات البشرية، وأهم هذه الحضارات قاطبة، الحضارة البابلية.
هذه الرسالة، مكتوبة بالخط المسماري على لوح حجري، وباللغة السومرية القديمة.
وقد إعتبر العلماء المختصون، الذين وجدوا هذه الرسالة ..
أنها عبارة عن رسالة موجهة، من إبن إلى أمه وقد أبعدته الغربة، عنها.
الابن الذي كتب الرسالة إسمه، لودينجيررا،
وبالحرف اللاتيني LOUDINGIRRA.
وتعتبر هذه الرسالة التي تعود إلى 4000 سنة انها أقدم رسالة موجهة للأم على مر التاريخ، وهي اليوم موجودة، في متحف اللوفر في باريس.
في الحقيقة، هي ... رسالة حب ...
لا مثيل لها، تستحقها كل الأمهات ...
وقد ترجم هذه الرسالة الى اللغة العربية الاستاذ الدكتور فايز مقدسي.
يبدأ الابن، مُوجها ً كلامه ..
الى، ساعي البريد ... ( إنتبه، كان هناك بريد مُنظَّم )
أو حامل، الرسائل الملكية ...
قائلا ً، له ..
أنت، يا حامل رسائل، الملك.
إحمل معك هذه الرسالة إلى مدينة نيبور ..
حيث تقطن أمي ...
وأمض ِ، فاقطع الطرق، فرحلتك طويلة ...
فإن وصلت المدينة ...
فإمض ِ إلى بيت، أُمِّي ...
ولا يهمك، أن تكون نائمة، أو مستيقظة ...
ولكن ...
وبما أنك لا تعرف، أمّي ...
فإليك، أوصافها كي تتعرّف عليها حين تلتقي بها ...
أُمِّي إسمها :
ست عشتار ...
إنها تشبه، الضياء الذي ينوِّر الأفق ...
وجميلة، كغزال شارد في الجبال ...
إنها، نجمة الصباح، التي تتوهّج وقت الضحى ...
مرجان، نادر ...
وزبرجد، ليس له مثيل ...
سُحرُها، لا يُقاوم ...
كأنها، كنوز الملك ...
أو، تمثال ٌ ...
نُحِت ٓ من لازورد ...
أُمِّي ...
تشبه، مطر السماء ...
والماء، الذي يسقي الحقول ...
هي ...
بستان، حافل بكل ما هو طيب ...
ويملأ ... الفرح ... أرجاءه ...
كأنها ...
ساقية، يجري ماؤها ليسقي ... العطشان ...
وشجرة، نخيل كلها... حلاوة ...
هي ...
أميرة، على الأميرات ...
وهي، نشيد أنغامه، غبطة، ورغد ...
فإذا ...
رأيت .. أمامك ...
إمرأة ... فيها هذه الأوصاف ...
والنور، يتألق على وجهها ....
فإعلم ..
أنها أُمِّي ...
فسلِّمها ...
هذه الرسالة ...
وقل، لها ...
إبنُك ... لودينيجررا ...
الذي تحبينه ُ ...
ويُحِبُّك ِ ...
يُقَبِّلُك ِ ...
ويُبلِغُك ِ ... السلام.
إنتهت اللوحة المسمارية البابلية.
لا كلام، يعلو هذا الكلام.
إنه، من الآلاف السنين.
إنه، كلام راق ٍ ...
إنه، بليغ ...
وإنه، رؤوم ...
وإنه معتّق، كما النبيذ، على مدى عصور من الحب.
هذا الابن، الذي صاغ هذه الرسالة التي فيها لألئ حنان، لا ينضب ولا ينتهي.
أصيلة هذه الرسالة، كما القلوب ... التي أولدتها ....
جاء إنسكابها، عاطفة ينبوع من مياه ... ودموع.
إلى، كل أُم.
في عيدها ..
لها ..
تحياتي.
فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا
في عيد الأُم لعام ٢٠١٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق