Pages

الأحد، 26 فبراير 2017

رُب َّ أخ ٍ .. لم تَلِده ُ .. أُمك ..

رُب َّ أخ ٍ لم تَلِده ... أُمَك ْ ..
وإن كان، بالدم بعيد ..
قال احد الحكماء ..

لا تثق، في شمس الشتاء ..
ولا في الدنيا، فأنها دار الفناء ..
ولكن ثق، في أخ لم تلده لك أمك ..
ولَكن .. ولدته .. لك .. الأيام ..

فإذا كان أجمل مافي الورد، الرحيق ..

فأن أجمل مافي الدنيا، الصديق. 

المقدمة : القصد من هذه الْمُدوّنة ..
أنها، شُعلة أمل في هذه الأيام المُكفهِّرة، وفي الليالي المُظلمة ..
حيث الروابط العائلية، قد وَهُنت ..
ومودَّة ذوي القُربي، قد ذبُلت ..
ولكني، أعتقد، وأرجو ان تعتقدوا معي  ..
أن هناك أخوة لنا، لم تلِدّهم أُمهاتنا ..
يتمنون الخير، والنصيحة المُثمرة ..
وهم بعيدون عن الحسد، والغيرة ..
علينا، فقط ان نبحث عنهم ..
لأنهم موجودون ..
طالما الخير موجود ..
سأروي لكم، قصتي ..
مع أخ لم تَلِده،  أُمِّي ..
وَمِنْ نِعَّم الله أن لي أُخوة أشقاء ..
أفتخر بهم، وأعتَّز ..
ولكن،  أن يزيدني الله بأخ ..
فإنه، من النِعَّم، والخيرات، والبركات ..
هذه الْمُدوّنة حقيقية حصلت، وما زالت تحصل معي حتى تاريخه. 
القصَّة ...
منذ أواسط سبعينات القرن الماضي ..
هاجرت، وتركت لبنان، وقريتي صليما .. وَلمَّا أزَّل. 
بعد وفاة والدي، يرحمه الله في أواخر ثمانيات القرن الماضي،  ترك لي من الارزاق ما زلت أنعم بها ..
مِن هذه الارزاق، دكان صغير ملاصق لباب كنيسة القرية ..
وصل الى والدي بالإرث عن والده،  يرحمهما الله ويسكنهما واسع رحماته. 
خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وبسبب قدمه تداعَّت جدران هذا الدكان ..
وينبغي، إصلاحه وتثبيت دعائمه، وسقفه وجدرانه ..
ولأنه ملاصق ل باب كنيسة القرية ..
إرتأيت، حفاظا ً على إرث أبي، وجدي، وتكريما ً لكنيسة القرية ..
أن أقوم بترميم هذا الدكان على أحسن وجه ..
وبما أنه ..
لكل امرء من دهرِّه، ما تعودَّا ..
فأنا تَعوَّدت، أن أكون مستشارا ً طيلة سنوات عملي الوظيفي. 
وبما أني لا أُقيم في قريتي ..
قصدت أحد أقاربي المُقيمين، لأخذ النصيحة، والإستشارة  ..
وسألته، أن يقترح اسم، أفضل، وأذكى مهندس في القرية، ومن عائلتي حتى يقوم بإصلاح ما خَربه الزمن في هذا الدكان. 
هذا الشخص القريب لي في النِّسَب، إسمه سعيد بهاء الدين المصري ..
إقترح أسم مهندس من العائلة، وبذات الوقت صديقه ..
لما سمعت إسم هذا المهندس ..
رفضته فورا ً، وبالمطلق ..
وطلبت الى قريبي، أن يقترح اسم مهندس أخر، ويُعلِّمني به غدا ً لأَنِّي سأغادر لبنان.   
باليوم الثاني، زرت قريبي، مُجدّدا لذات الغرض ..
وسألته، من هو الشخص الذي ستنصحني به .. 
فاجأني بالقول ..
إنه، هو ذاته الذي إقترحته بالامس ..
إنه، المهندس أنور كميل المصري ..
رفضت الاقتراح، وللمرة الثانية ..
وقلت له بالحرف الواحد ..
إنه المهندس الذي لا يبتسم لرغيف السخن ..
لا اريد التعاطي معه ..
ولن أُصلح الدكان ..
وسأسافر، حتى لو وقع الدكان أرضا ً ..
أجابني، قريبي بسخريته المحببَّة على قلبي ..
سافر مع السلامة ..
وليس عندي إسم غير، المهندس أنور كميل المصري ..
لم يكن أمامي، إلا الخضوع لنصيحة قريبي، لضيق الوقت ..
قلت له ..
حدِّد لي موعدا ً مستعجلا ً، مع المهندس إنور ..
حتى لا يطول الشرح ..
إجتمعنا، الثلاثة، في منزل قريبي ..
كان الاجتماع، باردا ً كشتاء القطب الشمالي ..
رسمت للمهندس، أفكاري ..
وإني سأسافر غدا ً ..
وطلبت اليه ان يتصرَّف، وكأن هذا الدكان، له ..
إتفقنا، على الخطوط العريضة ..
بعد أن أنجز المهندس إصلاح الدكان ..
تفاجأت، باحسن مما توقعت ..
ذوقا ً، وإخلاصا ً ونصيحة ..
كان، الدكان الصغير ..
صرحا ً لصداقة كبيرة ..
وبدأت أواصر الصداقة المتينة، بيني وبين المهندس أنور كميل المصري، تعلو مداميكها ..
حتى وصلت، الى سقف الصداقة ..
ومن ثم الى رِحاب الأخوَّة  ..
أصبحت لا أقطع خيطا ً .. 
إلا وأسال رأيه، وموافقته ..
وترعرعت بيننا الأخوَّة ..
الى، ان طلبت منه ..
أن يبني لي منزلا ً في قريتي، وانا غير موجود ..
قام، المهندس أنور كميل المصري ..
ببنائه أفضل، مما توقعت ..
وبأقل تكلفة، مما توخيت ..  
كنت، أزوره بين الفترة والأخرى ..
لأسدِّد الفواتير المتوجبة عليي ..
كان يدفع، ويسدَّد عني إن تأخرت ..
كان، الأهل والاصدقاء يسألوني ...
كم هي تكلفة هذا، وذاك، وذيك ..
كنت أقول لهم ..
لا أعرف تكلفة هذا، وذاك، وذيك ..
بل أعرف المجموع ..
كانت، تصلني إتصالات هاتفية، وحتى بالمواجهة ..
أن المهندس أنور كميل، ظلمك بالتكلفة ..
أن المهندس أنور كميل، غشَّك بتلك ..
كنت أسمع بأذني اليمنى، وأخرِّجها من اليسرى ..
مفاتيح بيتي، ودكاني، وممتلكاتي بحوزة الأخ انور كميل المصري ..
الان ..
وغدا ً ..
والى ما أبعد من غد ..
شاع، صيت صداقتي معه، بين الأهل ..
إن سألني احدهم، عن منزلي وممتلكاتي في قريتي، بيعا ً او إيجارا ً او ما شابه ..
أُحيلهم اليه ..
مؤخرا ً .. 
قال لي إبن عمتي المقيم معي في فلوريدا ..
أن اجمل هدية قدمتها له ..
هي، أني إقترحت عليه إسم المهندس أنور كميل المصري ..
إنه، الأخ ..
إنه، المهندس أنور كميل المصري ..
إنه، أخي ..
الذي لم تَلِده .. أُمِّي ..

فيصل المصري
أُورلاندو / فلوريدا 
٢٦ شباط ٢٠١٧





 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق