Pages

السبت، 18 فبراير 2017

سقوط الأندلس ...

سقوط الأندلس ....


ملوك الطوائف، في الأندلس. 
دراسة تاريخية. 
هذا الدراسة ..
لا، تتناول المآثر الفكرية للعرب في الأندلس. 
ولا، تتناول الأدب،  والشعر، بأقسامه  كالموشحات. 
ولا، العلوم الجغرافية. 
ولا، تشير الى أثر الحضارة العربية في الغرب. 
حيث، كانت أوروبا تعيش في  عهد الظلمات العلمية، والفكرية، والدينية، حيث، كان البلاط الملكي الإنكليزي،  يرسل اميراته الى الأندلس، ليتلقّين  أصول، الأرستقراطية من الأميرات العربيات. 
وكانت، باريس في ليلة ممطرة،  يعجز السكان من السير، بسبب الوحول والسيول. 
بينما كانت غرناطة، وطليّطلة، وغير مدينة أندلسية، مرصوفة طرقاتها، ومضاءة  شوارعها.  

لن أتناول في هذه الدراسة ..
علوم الفلك، والرياضيات، ولا الطب، او الفلسفة. 
 ولكن،  اريد ان أشير الى اني أخذت  معظم المعلومات من ابن خلدون ( ١٣٣٢ - ١٤٠٦ ) الذي دخل، وسكن غرناطة  وغيره من المؤرخين، الذين استفاضوا بالكتابة، عن الأندلس، وأخبار ملوكها ..
منهم :
الإدريسي.  
ابن عذارى.  
المقري.  
ابن خلكان، وغيرهم. 

كان للعرب، مآثر  جمّة  وعظيمة  في الأندلس، ولهذا السبب كان ضياعها بسبب  ملوك الطوائف، الذي  نحن بصدده  حدث ٌ تاريخي، لا يصدق، إذ قال بعض المؤرخين  ومنهم :

Lane - Poole , Moors in Spain
إن سقوط الأندلس ..
هو شذوذ عن القاعدة  التي تذهب الى ان المدنيَّة العربية،  ترسخ، وتعمّر  حينما تحل  أقدام  العرب، ما عدا اسبانيا.

وشذوذا ً عن القاعدة ..
سأبدأ بحثي  من اخر  يوم  كان به العرب في غرناطة،  وذلك في كانون الاول من العام ١٤٩١ عندما إشتَّد الحصار عليها  حيث  سقطت، في ٢ كانون الثاني من العام ١٤٩٢.

وقد ذكر هذا اليوم بالتفصيل، المؤرخ المقري إذ قال :
وبينما السلطان محمد الحادي  عشر ابو عبدالله  منصرف ٌ عن عاصمته غرناطة، حانت منه إلتفاته  أخيرة الى عاصمة ملكه  فتأوه،  وجرت عبراته، ودمعت عيناه ..
فنهّٓرته  أُمَّه، التي كانت مستشارته، وقالت :

 يحق لك ان تبكي كالنساء ..
ملكا ً لم تستطع ان تدافع عنه، كالرجال ..
ولا يزال الصخر الشاهق، الذي أطلّ عليه السلطان من قمته للمرة الاخيرة، يسمى :
( التموسسبرو دل مورو .. ) اي زفرة العربي الاخيرة. 
إستوّطن  هذا السلطان  بعد رحيله عن الأندلس، كما قال ( المقري ) فاس، وفيها توفي  سنة ١٥٣٣ مخلفاً  أولاداً، كانوا  عرضة  للعوز، والفقر، ويعدّون من  جملة الشحاذين. 
يراجع  في ذلك كتاب، النفح، للمقري  جزء ٢ ص ٨١٤ و ٨١٥. 
أذكر ذلك،  لان نهاية هذا السلطان، مُحزنة، وبذات الوقت عبرة،  لمن يعتبر ..

فقرة استطرادية :

هناك  قصة، عن  والدة  السلطان  محمد الحادي عشر ابو عبدالله، وكان  اسمها  فاطمة،  حيث  كانت  معه  وترافقه  كالظل،  لان  والده     أي زوجها  السلطان  الأبُّ أبي الحسن،  آثر جارية   نصرانية  عليها،  يقول، المقري  ان اسمها رومية،  فقامت بتحريض  ابنها، على زوجها ، لان، خلاقين الحسد، ومراجل الغيرة،  بدأت  تغلي  في قلب فاطمة،   وقد استطاع  الابن، ان  يخلع  أباه  واصبح  سيداً  لغرناطة. 

هذه الفقرة الاستطرادية، مهمة لمعرفة كيف كانت تدار دويلات، أمراء الطوائف ..

بعد سقوط الخلافة الأموية، المدّوي في الأندلس ، نشأ على أنقاضها  دول،  ودويلات،  كان الهّم  اليومي لهذه الدويلات  التنازع،  والتخاصم،  فيما بينها، وقد شهد النصف الاول من القرن الحادي عشر، اكثر من ٢٠ دويلة، او مدينة او مقاطعة،  تزّعمها أمراء، وسادة، عرفوا في التاريخ عند العرب :
ب ملوك الطوائف
ومنهم :
بنو جهّور .. في قرطبة. 
بنو عُبَّاد  .. في إشبيلية. 
ابن زيري .. في غرناطة. 
بني حمود .. في مالاقه. 
بني ذي النون .. في طليطله. 
بني هود .. المنذرية في سرقسطة. 
بني صمادح .. في المرية. 
بنو الافطس .. في بطليوس. 
بنو برزال .. في فرمونه. 

هذا غيض، من فيض الملوك، والأمراء. 

الان ، سأتناول بعض قصص وأخبار هؤلاء الملوك ، وكيف كانوا يديرون ممالكهم :
بنو عُبّٓاد :
يرجع نسبهم، الى ملوك الحيرة اللخّميين، وبرزت هذه الدويلة،  بمساع ٍ من احد أفرادها،  وكان  قاضيا في إشبيلية،  وقد إستعان برجل، يشبه الخليفة الأموي المخلوع  هشام الثاني،  ويقول  ابن خلدون، ان  هذا الخليفة قد اختفى،  كذلك أكد ابن الأثير، وابن الخطيب، هذه المعلومة التاريخية، ولكن  هذا القاضي  أبقى هذا الخليفة  المزعوم  واستمر بالحكم  الى ان مات القاضي،  وخلفه  ابنه  بوظيفة  حاجب للخليفة المزعوم، ثم  ما لبث  ان أعلن نفسه الحاكم المطلق، وسمى نفسه المعتضد،  وقد قال معظم   المؤرخين الذين ذكرتهم ( ان هذه الدويلة مهزلة المهازل )

إليكم قصة ثانية عن هذا ( الملك المعتضد ). 
كان شاعراً ،،، وكان  يطلب من  الشعراء ان يأتوه ليبارزهم في الشعر ، وكان كريما ً وله شعر فيه من الرّقة والجمال،  وفوق ذلك كان يحب النساء كثيراً، وقد توسّع في حريمه،  اذ كان له  ٨٠٠ امرأة  فارهة  الجمال. 

إليكم قصة اخرى،  
للمعتضد، ابنا ً خلف  أباه بالحكم،  اسمه  المعتّمد، قال عنه  ابن خلكان،  انه كان اكرم، ملوك الطوائف ، وارحبهم ساحة،  وقد  بزَّ  أباه  في  مضمار الأدب والشعر،  بحيث  لم يجتمع  بباب احد الملوك،  أعيان وجمهّرة، من الشعراء مثل ما كان يجتمع ببابه، وقيل انه أندّى وأكرم الملوك، قاطبة،  وأديبا ً من الطراز الرفيع ، وسريع الخاطر  وقوي  البديهة،  وكان لا يستوّزر  وزيراً  إلّا،  إذا كان أديبا ً، او شاعرا ً، وكان،  مهووسا ً بحفلات الإنس،  يحضرها  وهو متنّكر،  وقال عنه ( المقري ) ان احّب زوجاته اليه، جارية فاتنة الجمال، اسمها إعتماد. 
وهناك  قصة  طريفة  كيف  تعرّف اليها. وقد أُشتهرت، باسم إعتماد الرميّكية، وأصبحت ملكة، وولدت له أمراء، أذكياء، وكانت  رغباتها  تُطاع  وأهوائها، تكّلف الخزينة مالا وفيرا ً، مثلا  قالت  له،  بعد تساقط الثلج على قرطبه،  انها تُحّب  هذا المنظر،  على مدار السنه او أقله،  فأمر المعتمد، ان تُزرع أشجار اللوز على هضاب قرطبة،  لانها  تزهر  في اخر الشتاء،  فتظهر بيضاء كالثلج. 
وهناك قصة اخرى، عن الملكة إعتماد ألرميكّية،  وزوجها الملك المعتمد :

رأت ذات يوم ٍ، بعض النسّوة يمشينّ ، في الطين ( الوحل ) فاشتهت، ان تمشي مثلهن،  فأمر المعتمد ان تُسحق  الطيوب وتذّر،  في باحة القصر  ونُصِبّت الغرابيل ( جمع غربال ) وصبوا ماء الورد على الطيوب ، وعُجِنت بالأيدي،   وأصبحت  كالطين،  وسارّت الملكة، مع جواريها عليها، حافية القدمين  ..

وهناك قصص اخرى .. تُظهر سطوة النسوة، ومكائد الوزراء، وضعف الأمراء .. وشراء المناصب ، والرشوة،   وغير ذلك من فساد الادارة،  حتى أينعت هذه الدويلات، وحان قطافها  بعد ان توّحد الأمراء المسيحيون  وقضوا على  هذه الدويلات الواحدة، تلو الاخرى. 

اخيراً ً، انهي بحثي، كما بدأته  بإعادة  القول الذي ورد في
Moors in Soain
....أجّل، أُقصي العرب عن البلاد  وظهر محيّا اسبانيا النصرانية، ردحا من الزمن مشرقا كالبدر، ولكن بنور مستعار،  ثم  حلّ به الخسوف،  وعم ّ الظلام  وما زالت البلاد تتسكع، في تلك الظلمة منذ ذاك الحين .......الخ

إعداد
فيصل المصري
أُورلاندو  / فلوريدا 
١٩ شباط ٢٠١٧



 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق