ليلى،
العفيفة وابن عمها البرّاق،
دراسة تاريخية.
من هي ليلى ؟؟
شاعرة، عربية، جاهلية، عاشت بالعام ٤٨٣ م اي ١٤٤، سنة قبل الهجرة، ونشأت في حجر ابيها.
هي، ليلى بنت لكيز بن مرّة بن أسد بن ربيعة، من بني تغلب، بن وائل احدى قبائل ربيعة بن نزار العربية.
أُشتهِرت في التراث العربي، باسم « ليلى العفيفة ».
كانت ليلى، أجمل بنات العرب في عصرها، وأفضلَّهن خصالا، في الخُلْق والاخلاق.
كانت، آية في الجمال، ودمِثِّة الأخلاق، وذاع صيتُها، بأنها تامة ألحُسْن ْ، كثيرة الأدب، ورزينة في، التحّدث.
تقدّم لخطبتها كثيرون من رِجالات العرب، واصحاب الحسب، والنسب، منهم، عمرو بن ذي صهبان، إبن احد ملوك اليمن، الذي كان يتردّد عليه والدها، فيُجزِل ُ عليه العطاء، ويُكرِمه بالهدايا ويُحسن وفادته، وضيافته.
تقدم عمرو بن ذي صهبان، لخطبة ليلى، وقَبِل والدها ان يٌزوّجها له.
ولكن، هذه الخطبة لم يتقّبلها البرّاق ابن عّم ليلى، فأتى الى ابيه وإخوته، وأمرهم بالرحيل الى البحرين، فارتحلو ونزلوا على بني حنيفة، لانه لم يَطِق ْ العيش، دونها.
وتقول الروايات ان ّ ليلى، رفضت، جميع من تقدّم لخطبتها، ومنهم عمرو هذا، لانها كانت لا ترغب أن تخرج من قومها.
وإذ نظرنا الى التراث العربي، نقرأ في شعرهم الجميل الفخر، والانتصارات، على ألاعداء، ودخلت تفاصيل معبِّرة وأبيات شعر، اطلقتها ليلى العفيفة أثناء الأحداث التي جرت لها.
وقد، جذبّت قصة ليلى العفيفة وأشعارها، خيال العديد من الفنانين الذين غنّوا قصائدها، ومنهم المطربة العربية اسمهان ( شقيقة الموسيقار فريد الاطرش ) التي غنَّت، ( ليت للبرّاق عينا ) عام 1938، من تلحين الفنان محمد القصبجي.
وجرى تصوير فيلم « أميرة الشرق » وهو يحكي قصة ليلى العفيفة.
من هو البرّاق ؟؟
البرّاق، هو، إبن عمِّها، والبرّاق بن روحان بن أسد بن بكر بن مرة، من بني جشم احد فروع قبيلة تغلب بن وائل من قبائل ربيعة بنو نزار.
كان، البرّاق، فارس ربيعة ورجلها المقدام، قال عنه المؤرخون « إليه انتهى عزّ ربيعة، وشرفها »، وكان ذلك قبل وائل كليب بن ربيعة المعروف ( بالزير سالم ).
تعلَّق، البرّاق ب ليلى ابنة عمِّه، وبادلته الحب واحبّته،
كانت العادة، المتّبعة، عند العرب في الجاهلية، ان يتّم تزويج البنت الى قبيلة ذي بأس، وشأن، وقوّة، وسطّوة، حتى تكون ملاذا ً آمنا ً لقبيلتها، في حال الشدائد، والمِحّن والحروب.
وقد وجد، والد ليلى ضالتّه هذه، بان يقوم بتزويج ابنته لأحد الملوك، ولكن ليلى، توّد لو أن اباها زوّجها بالبرّاق.
لم تعص ِ ليلى أمر أبيها، وصانت نفسها عن البرّاق، تعفّفا فلُقِبّت، بالعفيفة.
استاء البرّاق، من رفض عمه زواجه من ليلى، ورحل عن قومه، ونزل على بني حنيفة ( من قبائل بكر بن وائل ).
وأثناء غياب البرّاق عن قومه، ثارت أثناء ذلك حرب ضروس بين بني ربيعة ( قوم البرّاق ) وبين قبائل قُضاعة وطيء، وقُتِل الكثيرون من الفئتين، وتعاظمت الشرور، واتسّع الخلاف.
ساءت احوال بني ربيعة، ودارت الدوائر عليهم، والبرّاق معتزل عنهم برجاله لمنع عمه تزويجه بابنته ليلى.
فاجتمع إلى البرّاق، كليب بن ربيعة، وإخوه المهلهل بن ربيعة ، يستنّجدوه، فقالو له :
يا أباً النصر، قد طم َّ الخطب ولا قرار لنا عليه.
وانشده، كليب :
إليك أتينا مستجيرين للنصر
فشمّر وبادر للقتال أبا النصر
فأجابهم البرّاق متهكما ً :
وهل انا الا واحدا ً من ربيعة.
ثم ّ ردهم خائبين.
وقد بلغ الأعداء إمتناع البرّاق من القيام بقومه، فأرسلو يعدّونه بما شاء من الكرامة والسيادة فيهم، إن آزرهم على قتال ربيعة.
أخذت البرّاق الغيرة لذلك،
وزال ما كان في قلبه من حقد وضغينة على قومه.
وأجاب البرّاق بني طيئ :
لعمري، لست اترك آل قومي وارحل عن فنائي
او أسير بهم ذلي.
أمر البرّاق رجاله بالركوب، ونزِل عند خاطر قومه، وقبِل ان يُنجِدهم، بعد أن عقدّوا الرئاسة له.
فإمتثلوا لرأيه، وتفرقوا في احياء ربيعة،
واستصرخوا قبائلهم، فجزعت ربيعة لجزع البرّاق وأخذت اهبّتها للحرب، وتوافدت قبائلها من كل فج عميق.
سار البرّاق غازيا ً ديار قُضاعة وطيء، وكان معه كليب بن ربيعة، والمهلهل بن ربيعة، وأبو نويرة التغلبي، والحارث بنو عُبَّاد.
وأغار عليهم، وألحق بهم، شر هزيمة، وأطبق فرسان البرّاق من كل جانب فأكثروا فيهم القتل وانهزم الباقون.
تعدّدت المعارك، وأشتّد وطيس الغزو، وكسبت يداه بالغنائم واسترجع، جميع المواشي، والمسروقات التي كسبها الأعداء.
وانقادت للبرّاق قبائل العرب.
وفك َّ أسرى قومه.
واسترجع الظعائن ( النساء، او الزوجة التي تركب الهودج ) وكانت من جملتهن ليلى العفيفة.
واصطلحت القبائل وأقروا للبرّاق بالفضل والشرف الرفيع.
بعد الحرب ، أرسل عمرو بن ذي صهبان خطيب ليلى، الى والدها يستنجزه في امر تلبية وعده في امر ابنته.
فلم ير، والدها بدا ً من تلبية الطلب.
وكان قد وصل لمسامع، ابنا ً لكسرى، ملك العجَّم، سليل العائلة الساسانية، اخبارا ً وقصصا ً عن ليلى وجمالها،
فأراد أن يخطبها لنفسه.
وقال لحاشيته :
ما عسى ان نبلغ منها، وهي تفضِّل الموت على ان يغشاها أعجمي ؟؟
فقالوا له :
نُرغبها بالمال ومحاسن الطعام، والمشرب، والملبس.
أمر، أبن هذا الملك، ان يقوم حرّاسه، بنصب كمين، لقوم ليلى، في الطريق.
وقد تمَّكن منهم ونُقِلت ليلى إلى بلاد فارس.
فبقيت هناك أسيرة.
حاول ابن كسرى الزواج بها.
فامتنعت عن الزواج، وتعفّفّت، وتمَّنعت،
فلم، يزدّها الأمر إلا رفضا ً وإصرارا ً.
هدَّدها ابن ملك العجم.
وتوَّعدها، وخوّفها، بجميع العقوبات.
وعاملها باقسى انواع التعذيب، ليرى وجهها.
ولكنها أبتّ، وإمتنعت عليه وتعفّفّت.
ولم يزدّها الامر الا إصرارا ً.
قامت ليلى، وطلبت من ابن ملك كسرى.
أن يختار بين :
أن يقتلها،
أو يعيدها، لأبيها في بني ربيعة،
ولمّا، يئس منها، أسكنها في موضع، واجرى عليها الرزق، واكتفى برؤية قوامها بين حين وحين، ما هو ظاهر تحت ملابسها.
ولمّا ضيّق عليها الخناق، لتقتنع بالزواج منه، جعلت تستصرخ البرّاق وإخوتها، وتهّدد بني أنمار، وإياد، لأنهم وافقوا على سبيّها.
وأطلّقت الأشعار، وأنشدت الأبيات، تستّحث قومها على إنقاذها، وتستصرخ البرّاق، ان يُنقذها.
ومّما قالته ليلى وهي في الأسر هذه الأبيات الرائعة التي تمثل صرخةً أبيّة :
ليت للبرّاق ِ عيناً فترى
ما أقاسي من بلاء ٍ وعنا
يا كليباً ويا عُقيلا ً إخوتي
يا جُنيداً ساعدوني بالبكا
عُذّبت ْ أختكمُ يا ويـــلكمْ
بعذاب النُكر صبحاً ومسا
يكذب ُ الأعجم ما يَقْرُبُني
ومعي بعض حساسات ِ الحيا
قيّدوني غلّلوني وافعلوا
كُل ْ ما شِئتُم جميعاً من بلا
فأنا كارهة ٌ بُغــيـتكم
ومريرُ الموت عندي قدر حلا
أتدُلُّونَ علينا فارســــاً
يا بني أنمار يا أهل الخنا
يا إياد خسرت صفقتُكُم
ورُمي المُنظرُ من بَرد العمى
يا بني الأعماص ِ إما تقطعوا
لبني عدنان أسباب الرجا
فاصطباراً وعزاءً حسناً
كلُّ نصر بعد ضُرٍّ يُرتجى
قُل لعدنان فديّتم شَمِّروا
لبني الأعاجم ِ تشميرَ الوحى
واعقدوا الرايات في أقطارها
وأشهروا البيض وسيروا في الضحى
يا بني تغلب سيروا وإنصروا
وذروا الغفلة عنكم والكرى
واحذروا العار على أعقابِكم
وعليكم ما بقيتم في الورى
اللقاء، والنصر ...
سمع بعض الرعاة العرب القصيدة.
فأسرعوا الخطى يريدون ديار أهلها.
حتى، بلغوا البرّاق وأنشدوه على عجّل، صرخة ليلى.
وما إن أكمل احد الرعاة، شعر ليلى، حتى وضع البرّاق رجله في الركاب، واعتلى صهوة جواده.
وصاح لفرسان ربيعة فتبعوه.
واجتمعت، للبرّاق قبائل ربيعة بن نزار، وأحلافهم لحرب الفرس.
أنتصر البرّاق عليهم، واستنقذ ليلى ابنة عمه من الفرس.
وأعادها الى ديار بني ربيعة.
فأثنى عليه قومه ثناء ً جميلا ً.
واستحّق أن يفوز بها ليتكلل حبهما العفيف بالزواج.
تولى البرّاق رئاسة قومه بني تغلب زمناً طويلاً .
وصارت قبائل ربيعة بحسن تدبيره أوسع العرب خيراً.
وتوفي نحو عام 479 م
ولحقته زوجته ليلى العفيفة، بعد أربعة أعوام.
أعداد
فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا
كانون الثاني ٢٠١٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق